نابل: برمجة بذر حوالي 70 ألف هكتار في قطاع الزراعات الكبرى خلال موسم 2024-2025    قبلي: انطلاق حملة نظافة موسعة في دوز استعدادا للموسم السياحي والثقافي    معرض تشكيلي بقصر برج البكوش في أريانة من 11 إلى 18 أكتوبر    مذنّب يقترب من الأرض السبت المقبل    خلال أسبوع فقط: حجز بضائع ومبالغ مالية مهرّبة قيمتها أكثر من مليار    هل أخطأت وزارة التربية في روزنامة إمتحان الباكلوريا؟    ضخ 167 الف لترا من زيت الزيتون المدعّم في هذه الولاية    برنامج مباريات الجولة الخامسة في الرابطة المحترفة الأولى    رجّة أرضيّة جنوب غرب وادي مليز من ولاية جندوبة    تراجع الاستثمارات الفلاحية الخاصة المصادق عليها بنحو 28 بالمائة    تراجع عدد الكفاءات التونسية المنتدبة بالخارج في إطار التعاون الفني    التقرير الرقمي للحركات الاحتجاجية وحالات العنف والانتحار لشهر سبتمبر 2024    وزير النقل يؤدي زيارة غير معلنة إلى ورشة صيانة عربات المترو الخفيف    اتحاد الفلاحة يطالب الحكومة بدعم زيت الزيتون    افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمركز التكوين المهني الفلاحي بسيدي بوزيد    الكشف عن الحالة الصحية للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز    وفاة شاب عشريني غرقا في قنال غير مسيّج بهذه الجهة    إتحاد العاصمة الجزائري يطعن في عقوبة الكاف    وزير الخارجية يلتقي سفيرسلطنة عُمان بتونس    توزر تحيي الذكرى التسعين لوفاة الشاعر أبي القاسم الشابي    كأس أمم إفريقيا: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة المنتخب الوطني ونظيره جزر القمر    شان 2025: المنتخب الوطني يتأهل مباشرة إلى المرحلة النهائية    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل للكمياء    وفاة قائد طائرة أثناء رحلة جوية كان يقودها باتجاه إسطنبول    عاجل - الإصابة تحرم ديلان برون من مواصلة التربص مع المنتخب الوطني    هام/ الشروع في عملية تزويد السوق بهاتين المادتين..    النسخة الخامسة من لقاء "ماكلتي تونسية" يوم 19 أكتوبر 2024 تخصّص لرمان قابس    الغاء الاضراب المقرر اليوم في حضيرة OMV بحقل نوارة    وفاة بطلة روسية .. بسبب لدغة حشرة    مصر: تقديرات بتراجع مؤشر التضخم    وزير الصحّة يشدد على ضرورة تسخير جميع الإمكانيات المتاحة لمكافحة الحشرات الناقلة للأمراض    عاجل - المكنين : خيانة زوجية تكشف شبكة مخدرات و عشيقة متورطة    سامي الشافعي يحصد جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان ماربيلا السينمائي في إسبانيا    الإبقاء على وائل نوار وزوجته ولؤي الخماسي بحالة سراح    مصابون بأكثر من عملية طعن في تل أبيب    حادث مرور في بن عروس يسفرعن 6 اصابات    تسجيل كميات من الامطار خلال الاربع وعشرين ساعة الماضية    الصحة اللبنانية: استشهاد 2119 لبنانيا وإصابة 10.019 شخصا منذ بدء الهجوم على لبنان    مفزع/حوادث: 10 قتلى خلال 24 ساعة..    بطولة إيطاليا: معاقبة مدافع ميلان هيرنانديز بمباراتين    الشائعات حول صحة الرئيس بيا: الحكومة الكاميرونية ترد وتنفي بقوة    بورصة تونس تشارك في الأسبوع العالمي للمستثمر    رئيس الامارات : '' أهنئ قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية بانتخابه لولاية رئاسية ثانية''    ظافر العابدين يبدأ في تصوير فيلمه الجديد و يكشف العلاقة التي تربطه بهند صبري    التوقعات الجوية لهذا اليوم..هكذا ستكون درجات الحرارة..    بايدن محذرا: إخلاء سكان فلوريدا ''مسألة حياة أو موت'' مع اقتراب إعصار ميلتون    أطباء: ملح الطعام يؤثر سلبا في المفاصل    متظاهرون اسرائيليون يغلقون الطريق لمكتب نتنياهو وهذه مطالبهم    "المقاومة الإسلامية بالعراق" تهاجم "4 أهداف حيوية" في إسرائيل بالمسيرات    أبو عبيدة بن الجراح "أمين الأمة"    تجمع على الركح ريم الزريبي وكوثر الباردي ..مسرحية «للّاهم» تسلط الضوء على المرأة الكادحة    ثلاثة أفلام تونسية ضمن الدورة 46 من مهرجان مونبلييه السينمائي للبحر المتوسط    7 كسوفات كلية للشمس ستشهدها الأرض على مدار العقد المقبل    أولا وأخيرا .. لا وعظ ولا إرشاد    وزارة الصحة تحذّر من الاستعمال المفرط للشاشات الالكترونية لدى الأطفال    تونس توصي بمجابهة الاستعمال المفرط للشاشات الالكترونية لدى الأطفال    عاجل/ لجنة مجابهة الكوارث تتدخّل لشفط مياه الأمطار من المنازل بهذه الولاية..    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مرور 120 يوما من اعتصامهم المفتوح: أصحاب الشهائد العليا يستغيثون: كرامتنا فوق كلّ اعتبار وكفانا من الخطابات «النوفمبرية»
نشر في الشروق يوم 23 - 06 - 2011

حشايا بالية رصّفت بنظام تحت لحاف خيمة صغيرة لا تظنها تسع لأكثر من شخصين... بقايا سجائر تناثرت هنا وهناك أمام بهو الخيمة ووسط سورها البلاستيكي الأزرق الذي حوّله المعتصمون الذين تجاوز اعتصامهم ال120 يوما الى فضاء للشعارات التي تلخص مأساتهم... بقايا أخشاب متفحمّة حسبناها لغاية التدفئة رغم حرارة الطقس لنكتشف أنها محاولة انتحار لواحد من هؤلاء المعتصمين من أصحاب الشهائد العليا الذي لعب الزمان بهم وقست عليهم الظروف ولم يجدوا من حلّ سوى الاعتصام أمام وزارة التربية علّهم يظفرون بلفتة كريمة من أصحاب القرار... ولكن ما من مجيب عن استغاثاتهم المتواصلة ومحاولاتهم المتكرّرة في مقابلة السيد وزير التربية حتى باتوا يمنعون من مجرّد الاتصال بمكتب الضبط بالوزارة على حدّ تعبيرهم وهو ما حزّ في نفوسهم وجعلهم يحسّون بالغربة في بلدهم تونس...
ورغم ذلك هم مواصلون الاعتصام حتى النهاية التي يجهلون موعدها، ينتظرون حلولا ولو بسيطة تخفف من معاناتهم خاصة وأن جميعهم يعاني ظروفا مادية صعبة للغاية وزادتها الظروف الصحية المتدهورة لبعضهم ممّن أصيب بأمراض خبيثة مثل التليف الكبدي والحساسية المزمنة والأعصاب وغيرها...
حاولنا التحدث إليهم فتملكهم الصمت في البداية ثم فوّضوا الكلمة لأحدهم الذي امتنع عن ذكر إسمه لأسباب أراد الاحتفاظ بها لنفسه قائلا أن الثورة قامت من أجل الكرامة التي هي بوابة الديمقراطية والحرية والمساواة والتي لا وجود لها على أرض الواقع إذ أننا مازلنا نعيش على وقع خطابات «نوفمبرية» وأضاف محدّثنا بعد أن أشعل سيجارته قائلا: «نحن لم نطلب لجوءا سياسيا فلنا بطاقات تعريف وطنية تثبت انتماءنا، بيد أننا نعيش الاغتراب وإن كنا مجرد أسماء في دفاتر الحالة المدنية فنحن نطلب اللجوء السياسي أو الترحيل الى بلد يعترف لنا بحق المواطنة». يطلق زفرة ثم يواصل: «لسنا بأصحاب شهائد عليا فقط، بل نحن مدربون على الموت في سبيل الدفاع عن حوزة الوطن ونحن مؤهلون لجميع الميادين استشارية كانت أو استراتيجية أو قتالية، نحن لا ننتمي الى أي حزب لأن الشعب هو حزبنا الوحيد».
وطالب بضرورة القطع مع الأنانية والمطالب الشخصية وضرورة تظافر الجهود لتحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني بعيدا عن سياسة «الأكتاف» و«المحاباة» التي مازالت موجودة على حدّ تعبيره وتمكينهم من فرص تشغيل تحفظ كرامتهم وتساعدهم على تحمّل مسؤولياتهم العائلية.
تجاهل
أمّا عواطف والمتحصلة على شهادة الأستاذية في الشريعة الاسلامية فقد أكدت أن اعتصامهم جوبه بالتجاهل والتهميش والقمع من قبل وزارة التربية مشيرة الى أن كافة المعتصمين جمع بينهم الفقر المدقع لعائلاتهم خاصة أن بعضهم له ثلاث أو أربعة أشقاء من أصحاب الشهائد العليا وجميعهم عاطلون عن العمل.
وأضافت عواطف أن وزير التربية أعلن في احدى الوسائل الاعلامية أن كل من يشكك في العدد المسند إليه من حقه التقدم بمطلب لاعادة الاصلاح إلاّ أن ذلك لم يطبق على أرض الواقع إذ تمّ منعها من ذلك وأبدت تذمّرها من بعض الممارسات الصادرة عن بعض الموظفين بالوزارة الذين يعملون على تقزيمهم والحط من شأنهم.
معتصمة أخرى كانت جالسة قرفصاء تساءلت عن سبب تهميشهم رغم الظروف المريرة التي تميز حياتهم قائلة: «غيري من الفتيات الآتي يعشن البذخ لا تتحمل البقاء في هذه الخيمة نصف ساعة فقط... لم أطلب المستحيل ولم أطلب العمل في مجال اختصاصي وإنّما أطلب عملا بسيطا يوفر لي كرامتي ويحقق لي طموحاتي البسيطة وخاصة معالجة والدتي». وختمت حديثها بنبرة حادة: «الثورة قامت على الكرامة ولا كرامة دون عمل».
أوضاع مزرية
أمّا عبد الرزاق والمعطل عن العمل منذ 8 سنوات بعد تحصله على شهادة الأستاذية في العلوم الطبيعية فقد أوضح أن ما زاد في اصرارهم على البقاء طيلة 120 يوما من الاعتصام هو موافقة تونس على المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي ينصّ على حق كل فرد في العمل وحمايته من البطالة ولعلّ البقاء طول هذه المدة هو دليل على الحالة الاجتماعية المزرية جدّا لكلّ واحد منا الذي لا يعدّ صاحب الشهادة العليا الوحيد في عائلته ومع ذلك فكلهم معطلون وهو ما يتنافى مع ما وعد به الوزير.
وتوجه عد الرزاق ببيت شعري من تأليفه الخاص الى الحكومة الانتقالية قائلا: «لا تجعلوا من أشرقة الشمس تغيب... ولا تجعلوا من حبّنا للثورة يخيب». وأشار عبد الرزاق الى «صنم» من صنع المعتصمين يحمل شكل شاب مشنوق وقال: «هذا هو مصير أغلب الشباب المتحصل على شهادة الأستاذية».
هممنا بمغادرة المكان وكلّنا حسرة عن شباب تونس وما آل إليه فاعترضنا الشاب ياسين الذي حاول ليلة أول أمس الانتحار حرقا لولا تدخل أعوان الجيش الوطني وبعض زملائه حاولنا التهدئة من روعه وإقناعه بأن الانتحار ليس هو الحلّ فطأطأ رأسه وارتسمت على شفتيه نصف ابتسامة وقال: «اعلم ذلك ولكن أنا ميّت حي... أردت أن أضع حدّا لهذه المأساة».
بهذه الكلمات اليائسة ودّعنا معتصمي أصحاب الشهائد العليا وكلنا أمل في ايجاد الحلول الممكنة من قبل سلطة الاشراف لهؤلاء ومراعاة ظروفهم الصعبة وتمكينهم في بصيص أمل يعيد لهم الثقة في الحياة وفي الوجود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.