لن أمجد الشهداء ولن أثني على محمد البوعزيزي أو غيره ممن ضحوا بحياتهم في سبيل شخصهم أو في سبيل غيرهم أو في سبيل المجموعة للمطالبة بالحرية والعيش الكريم والديمقراطية، ما دامت النتيجة الدستورية لما بات يعرف «بثورة الياسمين» أو ما شئت سمها من ثورة، هي نتيجة انقلاب صرف لا قدر الله. فلا مجلس تأسيسي تأسس ولا إعلان حقوق تحقق ولا مجلسين نيابيين فقدا كليا مشروعيتهما الزائفة إنحلا ولا دستور كان قد فصل على مقاس السلطة التنفيذية ورئيسها علق ولا شعب كريم يرنو الى عيش كريم استفتي،ولكن فقط انصب جام الشغل الشاغل لحكومة ظاهرة على إنشاء لجان لا مشروعية لها ومدحوض في نزاهتها وعلى التحضير لانتخابات رئاسية جديدة وكأن أمرا لم يكن. «دستور جديد لتونس الجديدة» هذا هو نداؤنا ومطلبنا ولن نحيد عنه ما دام الشعب قد: أسقط مشروعية السلطة التنفيذية برمتها إذ تبين له خيانتها أسقط السلطة التشريعية برمتها بعد أن اتضح له أن مشروعيتها زائفة استمدتها من صناديق اقتراع نهب منها الحزب الحاكم زورا وبهتانا كل الأصوات المودعة فيها. أسقط شرعية السلطة القضائية التي كانت تستمدها من السلطة التنفيذية ورئيسها الذي كان يعتلي سدة القضاء كرئيس للمجلس الأعلى للقضاء والذي استقطب الى زوره ولا وطنيته جزءا كبيرا ممن كان من الأجدر أن يؤدوا اليمين بالحفاظ على اللا استقلاليته ولكن أقسموا«بعدم إفشاء سر المفاوضات» فكانوا تبعا واجتنبوا الحياد. «دستور جديد لتونس الجديدة» أضمه الى صوت من أشهد لهم بالنزاهة والوطنية والكفاءة، صوت أولائك الذين منذ أن فر من إئتمن على البلاد الى السعودية وخذل شعبه، أعادوا الوضع الدستوري الى إطاره الحقيقي وعاينوا حالة شغور نهائي ولا مجرد تعذر وقتي، كما حاولت حكومة الظل إيهامنا به في أول الأمر، هذا الذائد عن حمى وطنه وأقصد بذلك العميد الصادق بلعيد، اعتلى منبر الجزيرة منذ الرابع عشر من جانفي وأنبرى يذود عن وضع دستوري منطقي ليعيد تأطير وتكييف الدستور كما ينبغي بعد أن زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. أضم صوتي لهذا الفذ الذي كتب على أعمدة الصباح في 6 فيفري 2011 بمعية أستاذ آخر لا يقل شرفا عنه، الأستاذ الكريم الحبيب العيادي فسطر خارطة طريق لاسمرارية الدولة التونسية في كنف الديمقراطية وأطالب من جديد ب: «دستور جديد لتونس الجديدة» وبإعلان وطني للحقوق والحريات على غرار ميثاق الحقوق والحريات الفرنسي الذي كان نتاجا طبيعيا للثورة الفرنسية، مطلبين لا محيد عنهما إذا أردنا أن نرتب آثارا دستورية منطقية لثورة شعب، لا آثار لا دستورية لانقلاب دولة أو انقلاب جيش. «Putsch militaire ou coup d 'état» « دستور جديد لتونس الجديدة» سينبثق ما دام أراد الشعب ذلك الآن أو غدا ولا بد أن يكون إعلان الحقوق والحريات الذي سيعرض على الشعب للإستفتاء نصا دستوريا وتوطئته تكون جزءا لا يتجزء من الدستور الجديد خمس مطالب ملحة لابد من لفت أنظار الشعب التونسي اليها وتوعيته بفحواها ليطالب بها: 1 نعم لتنقيح قانون الانتخابات بغرض انتخاب مجلس تأسيسي جديد على قاعدة النسبية الانتخابية. 2 نعم لحل المجلسين التشريعيين جملة عن طريق لائحة حل أو تفصيلا عن طريق إلزام أعضائه فاقدي المشروعية باستقالات فردية يعاين على إثرها شغور الوظيفة التشريعية . 3 لا لمراسيم خطيرة استنادا على الفصل 28 من الدستور البائد والتي ترنو السلطة التنفيذية المؤقتة اليوم انتهازها دون وجه حق، ذلك أنها تخص رئيس الدولة المنتخب في الحالات العادية لا رئيس الدولة المؤقت المعين وغير المنتخب في حالة إستثنائية كالتي نعيشها اليوم فينبري بذلك هذا الأخير يشرع في ميادين هي حكر على الميدان الخاص للقانون. «Domaine réservé de la loi» ليلتف على شرعية برلمانية هي في أصلها غير مشروعة وليستأثر بذلك في الآن نفسه بالسلطتين التنفيذية والتشريعية ويضرب عرض الحائط المبدأ الدستوري المقدس، مبدأ تفريق السلط. 4 نعم لقيام المجلس التأسيسي بتعليق العمل بالدستور الوقتي الساقط شرعيا ومشروعيا. 5 نعم لقيام المجلس التأسيسي كسلطة دستورية أصلية بتعيين رئيس مؤقت للبلاد وبتعيين حكومة مؤقتة لتصريف شؤون الدولة تحت الرقابة الدستورية الأصلية للمجلس التأسيسي. إن كانت هنالك دستورية قائمة في البلاد اليوم فإنها لا ترجع البتة للدستور الحالي «الساقط» قانونا caduc ولكن فقط لهذا المجلس التأسيسي الذي له سلطة تأسيسية ودستورية أصلية يستمدها مباشرة من الشعب.«دستور جديد لتونس الجديدة» هذا هو مطلبنا لاغير، ذلك أن الديمقراطية كالحرية تكتسب ولا تمنح.