تظاهر صباح أول أمس مئات من المحامين والقضاة في شارع باب بنات حيث قصر العدالة وعدد من الوزارات، وقرّر المتظاهرون التوجّه الى وزارة العدل احتجاجا على بقاء أحد المقرّبين من عائلة نظام بن علي ممسكا بمهمّة خطيرة وهامة طالما استعملها للضغط على القضاة الشرفاء والمناضلين، لنقلهم تعسفيا ومعاقبتهم دون وجه قانوني وهو المشرف وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية. وبمجرّد اقتراب المحامين والقضاة من حدود وزارة التربية المجاور مبناها لوزارة العدل أطلق الجنود وابلا من الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين، الاّ أنّ المحامين والقضاة تمسكوا بمطالبهم. يذكر أنها المرّة الأولى في تاريخ تونس المعاصر التي يخرج فيها المحامون والقضاة في مظاهرة مشتركة في الشارع. وحدة القضاة والمحامين من أجل العدالة اجتمع يوم الاربعاء الماضي أعضاء المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسييين برئاسة السيّد أحمد الرحموني، بأعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بمكتب الجمعية بقصر العدالة بتونس وتدارس الطرفان التطوّرات الأخيرة وما نتج عنها من وضع جديد ناتج عن انتفاضة الشعب، وأصدرا لأوّل مرّة بيانا مشتركا نبّها فيه من خطورة الانسياق وراء ما يسمّى بمنطق العدالة الفردية كما دعيا في البيان إلى احترام الهيئات القضائية وضمان حقوق الدفاع وذلك للحفاظ «على السير العادي للعدالة بعيدا عن كل أشكال الوصاية». وختم البيان بالتأكيد «على ضرورة التزام القضاة والمحامين بصفة مطلقة باحترام القانون في جميع الأحوال عادية كانت ام استثنائية والتنسيق في فض الإشكالات الطارئة بين الطرفين عن طريق الهيكلين الممثلين». قضاة من رموز نظام بن علي، خارج المحاكم قالت مصادر قضائية ل«الشروق»، إنّه تم يوم أول أمس اتخاذ قرار بتجميد ثمانية قضاة من المعروفين بولائهم التام لأجهزة الأمن وكانوا أدوات لقمع خصوم بن علي وتصفيتهم قضائيّا، وتمّ إنهاء مهامهم برئاسة أو عضوية بعض الدوائر القضائيّة، وتقرّر إيفادهم إلى مركز الدراسات القانونية، التابع لوزارة العدل وحقوق الإنسان، كما علمنا أنّ عددا من القضاة والباحثين بالمركز رفضوا استقبال زملائهم الجدد، لعدم احترامهم استقلالية القضاء، وانخراطهم في تصفية خصوم نظام بن علي. متمعشون من المال العام عبّر عدد هام من المحامين عن رفضهم لممارسات بعض من زملائهم الذين كانوا محسوبين على الحزب الحاكم ولعبوا دورا خطيرا في «تجويع» العديد من المحامين خاصة الشبان منهم، وقالوا إنّهم كانوا يحتكرون ملفات القضايا التي تكون فيها المؤسسات العمومية طرفا، وكانوا يتمعّشون من حالة الفساد، وعبّر عدد منهم على عدم رضاه عن تصرّفات بعض أعضاء جمعية المحامين الشبان.