التلوث.. الاكتظاظ المروري.. غياب المساحات الخضراء.. قلة الحركة وكثرة استعمال وسائل النقل.. الضغط النفسي نتيجة نسق الحياة المتسارع.. كثرة حوادث المرور وغيرها من الحوادث العرضية الأخرى.. مظاهر يعيشها سكان المدن أكثر من سكان الأرياف.. وتخلّف لديهم تأثيرات صحيّة سلبية متعدّدة وخاصة ما يوصف ب«أمراض العصر» مثل السكري والسمنة وأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم وأمراض التنفس والأمراض الغذائية والجلدية والعصبية وغيرها.. وتزداد خطورة هذه الأمراض على المجتمعات بالتوازي مع توسّع المناطق الحضرية وهروب الناس من الأرياف نحو المدن حيث تتمركز أغلب المصالح الادارية والاجتماعية والاقتصادية وحيث مواطن الشغل، وتشير الاحصائيات في هذا الاطار الى أن نصف سكان العالم يقطنون اليوم المدن، بعد أن كانوا لا يمثل قبل سنوات إلاّ نسبة قليلة.. وبالنظر الى أهمية هذه الحقائق، اختارت منظمة الصحة العالمية هذه السنة شعار «التوسع الحضري والصحة»، للاحتفال باليوم العالمي للصحة غدا الاربعاء 7 أفريل والذي تحتفل به تونس الى جانب بقية دول العالم. 65٪ تبلغ نسبة التحضر في تونس 65٪ أي أن ثلثي السكان تقريبا يقطنون في المدن والأحياء الحضرية فيما يقطن الثلث المتبقي في الأرياف.. ورغم أن هذه النسبة تحتسب عادة كمؤشر لارتفاع مستوى المعيشة في الدول، إذ ساهمت مثلا في تصنيف تونس مؤخرا من قبل المجلة الدولية «أنترناشونال ليفينغ» في المرتبة الأولى عربيا من حيث جودة الحياة، الى جانب مؤشرات أخرى، إلاّ أنّ المعنيين بالشأن الصحي عالميا ومحليا ينظرون الى هذا المعطى بشكل مغاير.. حيث يعتبرون أن ارتفاع نسبة التحضر بمثابة الاشارة المنبّهة لارتفاع عدد المصابين بأمراض العصر السابق ذكرها، وهو ما يفرض على الدول المعنية اتخاذ التدابير والاجراءات الوقائية الضرورية للحدّ من ذلك على غرار التخفيف من حدّة الاكتظاظ بنوعيه السكاني والمروري، وخلق أكثر ما يمكن من مساحات خضراء وترفيهية وتعميم أسباب الراحة في النقل العمومي والضغط على تكاليف المعيشة وخلق مواطن الشغل والترفيع من عدد المؤسسات الادارية والخدماتية والتجارية لتسهيل قضاء حوائج المواطنين بعيدا عن كل أشكال الضغوطات والتعطيلات والقضاء على أسباب التلوث البيئي والهوائي خاصة في المدن الكبرى مثل العاصمة وصفاقس وسوسة وبنزرت وقفصة وقابس والمهدية والوطن القبلي والمنستير.. برنامج وضعت وزارة الصحة العمومية برنامجا للاحتفال باليوم العالمي للصحة في كامل أنحاء الجمهورية عبر عدّة أنشطة صحية ورياضية وتحسيسيّة من غرة أفريل الى العاشر منه وذلك بحضور خبراء من تونس ومن منظمة الصحة العالمية ومختصين في الهندسة المعمارية وبمشاركة كافة الوزارات وعدد من المنظمات والجمعيات والهياكل الادارية المعنية.. كما تنظم إدارة حفظ صحة الوسط وحماية المحيط ندوة وطنية حول الموضوع بالمركز الثقافي بالمنزه السادس غدا الاربعاء يتضمن مداخلات لمختصين في الصحة والهندسة المعمارية ومعرضا وثائقيا.