علمت «الشروق» أن الوزير الأول كان عقد جلسة عمل ضمت عددا من الوزراء وذلك للنظر في مشروع القانون الخاص بالتعاونيات والذي من المنتظر ان يعوّض قانون 1954 المعمول به الى حد الآن. وتشير المعلومات ان عدد التونسيين المنخرطين في التعاونيات القائمة حاليا يقارب ربع المليون تونسي وذلك دون احتساب تعاونية الحوادث المدرسية والجامعية التي يفوق عدد منخرطيها المليونين. وفي انتظار الانتهاء من صياغة مشروع قانون التعاونيات الجديد في تونس فإن القراءة الاولى تحتّم ضرورة التشريك المباشر في التفكير وصياغة فصول القانون للقائمين والمتطوعين حاليا في التعاونيات والناشطين ميدانيا في هياكلها وفروعها وعدم الاقتصار على اقتراحات «التكنوقراط» وذلك باعتبار خصوصية العمل التعاوني والجمعياتي. واذا كان القانون الجديد سيحمل حتما الكثير من الايجابيات فإنه من الضروري عدم الاتجاه نحو جعل التعاونية هيكلا إداريا وذلك لخصوصيتها واعتمادها على المتطوعين وحاجتها لأصحاب المبادرات. فقد ظلت التعاونيات في تونس عاجزة عن التطور وعن الاقلاع وتحقيق الأهداف، ففي الوقت الذي صارت فيه التعاونيات في دول كثيرة تلعب أدوارا مهمة وكبيرة على الصعيد الاجتماعي حتى أنها في عدد من الدول الاوروبية خلقت ملايين فرص العمل فإنها في تونس ظلت مكبلة بقانون 1954 وظلت هياكل تحتاج الى التأقلم مع حركية المجتمع. فالتعاونيات تعتبر من أرقى أشكال العمل الاجتماعي وهي بالضرورة قادرة على استقطاب ملايين المنخرطين والمساهمة في ترسيخ آليات العمل التضامني. والتعاونيات في تونس اليوم مطالبة بأن تتحمل مسؤولية النظام التكميلي للتأمين على المرض والنظام التكميلي للتقاعد وهو ما يحتاج الى ان يساهم القانون الجديد في تفعيلها وتحريكها لا في تكبيلها وتحويلها الى هيكل اداري يفقدها روحها ويقتل فيها روح التطوع القائمة عليها. فتونس تحتاج اليوم الى بعث مئات التعاونيات الجديدة في كل القطاعات وفي كل المؤسسات وذلك لضمان تمتيع كل شرائح التونسيين بالخدمات الاجتماعية والترفيهية التي تقدمها. إن القانون الجديد للتعاونيات في تونس يجب ان يكون نابعا من روح العمل التعاوني ومن تقاليده ومن تطور آلياته وهو تطور سجل بشكل ملحوظ في الكثير من بلدان العالم لذلك نحتاج اليوم الى النظر والتمعن في ذلك الاتجاه وتطوير نقاط القوة التي اكتسبتها وتلافي نقاط الضعف. لقد نجحت التعاونيات في البلدان المتقدمة خاصة في لعب أدوار هامة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي ولكن في تونس لا تزال التشريعات تكبّل نشاطها. إن من أهم النقاط الآن أمام المشرّعين ضرورة الاستماع بالشكل المطلوب للقائمين على التعاونيات في تونس وخاصة للتعاونيات الناجحة والذين لهم دراية بتقاليد العمل التعاوني في العالم وعارفين بخفايا الاشكاليات التي تعاني منها التعاونيات الآن.