بخلاف ما تضمنه البرنامج الرئاسي لرفع التحديات من اجراءات لدفع التشغيل واحداث مواطن الشغل، فإن الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر الحالي شهدت اهتماما رئاسيا متجددا بهذا الملف برزت من خلال لقاءاته بالوزير الاول وبالولاة، وأيضا من خلال الاذن باحداث صندوق التشغيل وتحديد برامجه القادمة وشروط الانتفاع به. ويعكس هذا الاهتمام الرئاسي لملف التشغيل وجعله في أولوية الاولويات الوطنية الرغبة في التقليص من اعداد العاطلين والتخفيض من نسبة البطالة بما يضمن لكل العائلات دخلا قارا يمكنها من مجابهة ضرورات الحياة ويبعد عنها الفاقة والاحتياج التي تمثل عدوا رئيسيا للاستقرار والأمان. ولا شك أن صندوق التشغيل المرتقب سيمثل آلية مضمونة للنهوض بالتشغيل وتطوير احداث مواطن الشغل يرفد بقية الآليات والبرامج التي تم احداثها سابقا والتي استهلكت استثمارات عملاقة وفّرتها الدولة لكنها لم تحقق الأهداف المنتظرة، وبدا وكأن أصحاب المؤسسات استفادوا من «الكرم» العمومي اكثر من طالبي الشغل الذين تبقى استفادتهم ظرفية لا تفوق السنة الواحدة في الغالب يعودون بعدها الى البطالة واللهث وراء شغل جديد. ويتأتى الأمل في صندوق التشغيل الجديد من أنه يستهدف بدرجة أولى أصحاب الشهادات العليا من أبناء العائلات المعوزة أوالذين طالت بطالتهم والذين يمثلون نسبة هامة من اعداد العاطلين والذين أصبحوا مهددين بالاحباط وفقدان الأمل. والأكيد أن هؤلاء الشبان العاطلين عن العمل بحاجة الى من يستمع إليهم ويخفف عنهم ما يحسّون به ويوجههم الى أفضل المسالك والآليات التي يمكن أن توفر لهم موطن الرزق وتضمن الدخل القار وامكانات الرفاه. وزير التشغيل التقط هذه الفرصة من خلال زيارته لمكتب تشغيل الاطارات والتقائه بعدد من روّاده و«حرفائه» واعلانه عن تخصيص يوم في الأسبوع لاستقبال العاطلين عن العمل ودراسة وضعياتهم والاستماع الى آرائهم حول النهوض بالتشغيل. هذا المجهود الذي يعدّ رجع صدى قويا لخطاب رئيس الدولة في مجلس الوزراء الاخير قد يمثل توجها جديدا لحلّ هذه المعضلة أو التخفيف منها وهي تستدعي انخراطا مماثلا من أصحاب المؤسسات وبقية مكوّنات المجتمع المدني.