تبذل أجهزة الاستخبارات الأردنية والأمريكية المزيد من الجهد لمعرفة حقيقة العميل الأردني المزدوج همام خليل البلوي، المعروف بأبي دجانة الخراساني، والذي يعتقد بأنه نفذ عملية «خوست» الانتحارية التي قتلت سبعة من عملاء وكالة المخابرات الأمريكية (سي آي إيه). وفي وقت تقول فيه عائلة البلوي انها متفاجئة بما يقال عن ابنها، وانه لم يكن ميالا للتطرف، تظهر كتابات الرجل أنه كان يمر بأوضاع نفسية مختلطة، في الآونة الأخيرة، حسبما كتب في آخر رسالة له، نشرتها مواقع الكترونية مؤيدة للجماعات المسلحة. يقول البلوي، مستخدما اسم الخراساني في توقيع مشاركاته «لم أعد استطيع الكتابة، ولدي رغبة بأن أُحال الى التقاعد المُبكر، لقد أفلستُ.. ذبلتُ.. تعبت.. مللت.. كأنني أعاني من عمش فكري وتشوش عاطفي». ويضيف «أشعر بأن كلماتي أصبحت باهتة ومنتهية الصَّلاحية، تحتضر بين يديّ كاتبها، وأشعر أني أصبحت كهلاً طاعنا في السن.. تتسع الفجوة بين ما أحلم به وبين ما أنا عليه حقاً، وتتحول كل قصائد المديح الى رثاء، وكل نار تحرق قلبي حبا للجهاد الى رماد». وتتفق كتابات الرجل مع ما قالته عنه أمه التي تدعى شنارة فاضل البلوي، التي أخبرت شبكة «سي أن أن» الأمريكية بأن ابنها كان منعزلا منذ نعومة أظفاره، وبأنه كان يريد أن يصبح طبيب أطفال، حتى أنه أراد السفر الى أمريكا للدراسة هناك، لكنه كان يمنّي النفس بتنفيذ عملية استشهادية. ويظهر أن البلوي كان خائفا من أن لا تسنح له الفرصة في تنفيذ «عملية جهادية،» يموت فيها «شهيدا،» اذ يقول «هذا كابوس يؤرقني، ويتلف أعْصابي، أخاف من أن يشفق عليّ يوم القيامة وأنا أقف أمام جبال الذنوب، بينما هم (المجاهدون) يتقلبون بين غرف الجنان في نعيم مقيم». وفي كتاباته تبدو أحداث قطاع غزة حاضرة، اذ يقول الرجل «ما تمنيت من قبل أن أكون في غزة، ولكن اليوم أتمنى هذا.. لأكون قنبلة هاون يضعها الموحدون في مدفعهم ثم يكبرون علي». ويضيف «كأني أشتم عبق الجنة تهب رياحها من صوب غزة هاشم، وكأن السماء قد فتحت أبوابها على مصراعيها استقبالا لأهل الله وخاصته في أرض الرباط، ففي أرض الاسراء والمعراج، هناك أرواح مقبولة تسري الى ربها وأخرى تعرج». أما الحرب على «طالبان» والتشدد في باكستان، فكانت حاضرة هي الأخرى بقوة في رسائل البلوي، اذ كتب رسالة طويلة حول حادثة مقتل رجل الدين الباكستاني عبد الرزاق غازي وعدد من طلابه في عملية عسكرية باكستانية عام 2007 فيما عرف بحادثة «المسجد الأحمر». يقول البلوي في رسالته «كم تحسرت أنني لم أكن هناك لحظة المذبحة (بالمسجد)، ليكون صدري ترسا يقي المسلمات رصاصة خرجت من بندقية مرتد مجرم، لو دفعت حياتي ثمنا لتأخير مقتل احدى أخواتي هناك لمدة ثانية واحدة فقط، لو كان جسدي سيفعل ذلك، لتمنيت أنه تمزق دون أخواتي». وتابع «ليتني كنت هناك، جريحا يسيل الدم على يدي ووجهي حتى أجد طعمه في فمي، أموت نزفاً تحت راية عبد الرشيد غازي، ليتني كنت في ذلك المسجد، أجلس في عتمته التي لا يضيئها الا وهج القنابل، مستعصما بركني لا أتركه الا صريعاً». وكان شقيق البلوي أبلغ ان شقيقه «كان يرزح تحت ضغوط،» وانه كان «مختلفا عن طبيعته،» بينما قال والده إن شخصا أفغانيا يتحدث لغة عربية ركيكة اتصل به من أفغانستان وأخبره أن «ابنه قضى في عملية انتحارية بطلا بعد أن قتل عملاء ال«سي آي ايه». أما زوجته دفني بيرق وهي تركية الأصل، فأبدت فخرها بما أقدم عليه زوجها، وقالت إنها تشك في أن يكون عميلا للمخابرات الأمريكية. وأضافت بيرق التي تعيش حاليا في اسطنبول انها علمت بعملية خوست من صديق لزوجها مقيم في الأردن.