نالت قضايا الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما بالغا في السنوات الأخيرة من النواحي القانونية والعلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، نتيجة الاقتناع المتزايد من المجتمع الدولي بأن هذه الفئات كغيرها من أفراد المجتمع، لها الحق في الحياة وفي النمو، ويرتبط الاهتمام بهذه الفئات من ناحية أخرى، بتغير النظرة المجتمعية إليها والتحول من اعتبارها عالة اقتصادية على مجتمعاتها، إلى النظر إليها باعتبارها جزءا من الثروة البشرية ومساعدتها على الاندماج في محيطها والمساهمة في عملية التنمية المستدامة. ان الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، وبحسب ما أكدته الدراسات النفسية والاجتماعية، تحتاج طوال حياتها إلى خدمات خاصة لكي تنمو وتتعلم فيما يتوافق مع متطلبات الحياة اليومية أو الوظيفية أو المهنية، ولكي تتمكن كذلك هذه الفئات من المشاركة في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمجتمعاتها. ومنذ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، حقق العالم تقدما كبيرا في زيادة الوعي بحقوق الإنسان، ومن ضمنها حقوق الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال وضع الاطار القانوني المناسب لها، وإقامة المؤسسات المتخصصة لتوفير الحماية لها وتحقيق الانصاف والعدالة لمختلفة شرائحها. واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عددا من الاتفاقيات والإعلانات الدولية لحماية حقوق الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، نذكر ما يتعلق منها بحماية حقوق كل من العمال المهاجرين، واللاجئين، وكبار السن، والمتخلفين عقليا، والمعوقين، والمعتقلين أو المسجونين. وتفعيلا لتوجهات الايسيسكو الداعية إلى تعزيز الشراكة والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في الدول الأعضاء والجمعيات الاجتماعية الخيرية وإلى التفاعل الايجابي البناء مع الجهود الوطنية في مجال دمج الفئات ذات الاحتياجات الخاصة في حركة التشغيل وبناء التنمية المستدامة، وخاصة منها فئة المعوقين، وأخذا بالاعتبار انشغال المجتمع الدولي بموضوع حقوق هذه الفئات على وجه التحديد، ووعيا بأهمية دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم جهود الحكومات والمنظمات الدولية والاقليمية المهتمة بهذه الفئات وإثراء للمكتسبات والانجازات التي تحققت في هذا المجال سواء من قبل الايسيسكو في أنشطتها الاقليمية والدولية أو من قبل حكومة الجمهورية التونسية في خططها وبرامجها ومشاريعها الوطنية ذات الصلة، وبناء على ما تضمنه إعلان تونس حول مجتمع المعلومات للأشخاص المعوقين (المنتدى العالمي الثاني حول الإعاقة، القمة العالمية حول مجتمع المعلومات 18 نوفمبر 2005) من تشديد على ضرورة تكثيف الجهود بين جميع الجهات ذات الصلة، وطنيا وإقليميا ودوليا لارساء مجتمع حقيقي للمعلومات يشمل فئة المعوقين في جميع مستوياته، وبخاصة في مستوى الخدمات الاتصالية والمعلوماتية، واستلهاما من خطط عمل الايسيسكو وما تضمنته من عناية خاصة بالفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، ومما سنته الجمهورية التونسية من قوانين ذات صلة بالموضوع، وخاصة القانون التوجيهي عدد 83 لسنة 2005 (تاريخ 15 أوت 2005) والمتعلق بالنهوض بالأشخاص المعاقون وحمايتهم وتطوير مقاربات تأهيلهم ودمجهم اجتماعيا. وبناء على موافقة كريمة من سيادة رئيس الجمهورية التونسية، وبمناسبة الاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009، تعقد المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ايسيسكو بالاشتراك مع جمعية «بسمة» للنهوض بتشغيل المعوقين في رحاب الجمهورية التونسية، وتحت الرعاية السامية لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي، مؤتمرا دوليا حول الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة بعنوان: «معا، من أجل النهوض بتشغيل الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة ورعايتها»، وذلك تزامنا مع احتفال المجتمع الدولي باليوم العالمي للمعوقين.