أعادت وسائل الإعلام في دولة الاحتلال فتح ملف اخفاقات مؤسساتها العسكرية والاستخباراتية والذكريات «المؤلمة» التي مازالت تعصف «بكافة كيانات المجتمع الاسرائيلي» إثر هزيمة جيش الاحتلال في حربه ضد مصر وسوريا في أكتوبر عام 1973. وقال عاموس جلبوع رئيس قسم الابحاث الاسبق في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية في مقال نشره في صحيفة «معاريف» العبريّة إن الاحتفال بيوم «عيد الغفران» الذي يعتبر يوما مقدسا لدى اليهود «ارتبط في ذاكرة الاسرائيليين بحرب أكتوبر 1973... ويذكرهم دائما بفشل الاستخبارات الاسرائيلية». عيد الهزيمة الاسرائيلية؟! وأوضح جلبوع أن «الفشل في الحرب في يوم الغفران أوسع وأعمق من فشل الاستخبارات فقط... كان فشلا مطلقا لكل الأجهزة الحكومية في اسرائيل ولغالبية النخب في المجتمع الاسرائيلي» على حد قوله. وتابع المتحدث أنه من أهم عوامل الاخفاق اعتقاد المؤسسة الأمينة والسياسية بأن الرئيس المصري الراحل أنور السادات لن يجرو على شن الحرب لأنه يخشى من قوة جيش الاحتلال «ولذلك سيرتدع عن خوض الحرب». واختتم المقال الذي حلّل أسباب الهزيمة الاسرائيلية بالقول «إن قياداتنا لم تؤمن بأنها يمكن أن تخطئ ولم يخطر في بال الجمهور الاسرائيلي ان قياداتنا قد تخطئ يوما...». وحول الأهمية التي يوليها الاسرائيليون لهزيمة أكتوبر 1973 قال الكاتب عاموس ريغيف في صحيفة «يسرائيل اليوم» العبرية، إن الهزيمة أودت بحياة أكثر من 2600 اسرائيلي وأن «كل فرد من الاسرائيليين كاد أن يفقد صديقا أو أخا أو قريبا أو معرفة بعد أن ضرب الموت كل شارع وحي ومدينة في اسرائيل». ويقول الكاتب ان الحرب «غيرت تصور الاسرائيليين عن أنفسهم ودولتهم ومستقبلهم لأنها بينت أن الطرف المقابل يستطيع أن يخسر مرّة بعد أخرى وأن يحاول مرة أخرى... أما نحن فلا نستطيع أن نسمح لأنفسنا ولو بهزيمة واحدة... لأن أول هزيمة لنا ستكون الاخيرة» على حد تعبيره. الصدمة تكشف الاختلاف! وعلى صعيد متصل تحدّثت بعض المقالات عن الصدمة التي أصابت كل «المجتمع الاسرائيلي» وآثارها التي لم تمحوها السنوات ال 36 الموالية لها. وقال كبير المعلقين الاستراتيجيين بصحيفة «معاريف» عوفر شيلح إنه «منذ انتهت الحروب تحول الجيش الى انعكاس دقيق للمجتمع الاسرائيلي المتصارع والمميت». وأوضح أنه «بعد أن انتهت الحروب الجسورة التي كانت تجمع المجتمع على هدف واحد، تولدت داخله خلافات سياسية وصراعات بين طوائفه المختلفة فتحول المجتمع نفسه الى ساحة معركة» على حد تعبيره. وعن صدمة الجندي الاسرائيلي في تلك المواجهة نقل موقع «والاه» العبري عن أحد الجنود الصهاينة ذكرياته «المؤلمة» عن الحرب حيث قال «لقد شاركت في معركة المزرعة الصينية وأصبت بصدمة نفسية من هول ما رأيت في الحرب مع المصريين... لقد أثرت على حياتي الشخصية والعائلية تماما». وأضاف قائلا «لازلت حتى يومنا هذا وبعد مرور 36 عاما استحضر ذكرياتي المؤلمة مع الحرب فقد سقط منا الكثيرون ما بين قتيل وجريح». وتابع الجندي قائلا إنه بعد تلك الصدمة طالب وزارة الحرب باجتماعه بمصابي الحرب وأنه توجه الى المحكمة عند رفضها لطلبه «لكي لا أعود للجيش».