على اثر كشف المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة للوثيقة التحذيرية الصادرة عن جهاز الاستخبارات الامريكية سي أي أي في ما يخص اغتيال الشهيد محمد البراهمي أصدر المرصد التونسي لاستقلال القضاء بيانا توضيحيا استعرض من خلاله الحيثيات التي رافقت الكشف عن هذه الوثيقة كما قدم عبر البيان مجموعة من المعطيات الخاصة بهذه القضية وفي مايلي نص هذه المعطيات: يعرض المرصد التونسي لاستقلال القضاء استنادا إلى معلومات مباشرة بالمحكمة الابتدائية بتونس المعطيات الخاصة بالإجراءات القضائية المرتبطة بمآل الوثيقة "التحذيرية" المذكورة وخصوصا ما لوحظ من تراخي الجهات المعنية إضافة إلى الأعمال القضائية التي تم انجازها بهذا الشأن. أولا: عدم تعاون وزارة الداخلية وعدم مبادرة الجهات المعنية: يلاحظ ان الوثيقة "التحذيرية" التي أعلن عن وجودها وسبق نشرها بوسائل الإعلام لم يتم تقديمها الى السلطات القضائية في نسختها الأصلية من قبل الاطراف المعنية بها. 1) من جهة وزارة الداخلية: * تبين ان وزارة الداخلية لم تقدم لقاضي التحقيق المتعهد الوثيقة الاصلية لرسالة التحذير الصادرة عن وكالة الاستخبارات الامريكية والمحررة باللغة الانجليزية، ولا تزال الوزارة ممتنعة الى الآن عن تقديم أية وثيقة تخص الموضوع المذكور بما في ذلك نتائج البحث الداخلي بواسطة التفقدية التي قامت بتسريبها بعض الجهات الأمنية إلى الصحافة. * يتضح ان موقف وزارة الداخلية لا يستند الى تبريرات مشروعة خصوصا وقد ثبت ان قاضي التحقيق المتعهد بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي قد كاتب بصفة رسمية وزير الداخلية منذ ما يزيد عن اسبوعين من الآن وقام بتذكيره بمراسلة ثانية وذلك قصد الادلاء بالوثيقة المذكورة وغيرها من المعطيات المرتبطة بها الا ان وزير الداخلية لم يجب الجهة القضائية ولم يقم ببيان الموانع التي تحول دون ذلك. * من الواضح ان موقف وزارة الداخلية يؤكد عدم تعاونها مع الجهة القضائية خلافا لما صرحت به في 13 سبتمبر 2013 بشأن استعدادها الكامل بوضع كل المعطيات على ذمة القضاء متى طلب منها ذلك. 2) من جهة المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة: * يلاحظ انه لم يتيسر سماع السيد الطيب العقيلي عضو المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة بصفته شاهدا الا بعد أسبوعين من عقده الندوة الصحفية المشار إليها وذلك لعدم حضوره لدى قاضي التحقيق المتعهد بصفة تلقائية وعدم معرفة عنوانه حتى يتم استدعائه على اثر تصريحاته الإعلامية. * قدم السيد الطيب العقيلي لقاضي التحقيق المتعهد جملة من المعطيات الخاصة بالوثيقة وذلك بمناسبة سماعه بتاريخ 27 سبتمبر 2013 بعد تبليغه الاستدعاء بواسطة الغير. ثانيا: مباشرة الأعمال القضائية المتصلة بالوثيقة "التحذيرية": من الملاحظ ان النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لم تأذن بفتح تحقيق مستقل في الوثيقة "التحذيرية" خلافا لما صرح به وزير الداخلية وذلك بسبب ارتباط الوثيقة بالقضية المنشورة لدى مكتب التحقيق عدد 12 كما أن أعمال التحقيق لم تتوقف رغم امتناع وزارة الداخلية عن الجواب لمبادرة قاضي التحقيق باجراء الأعمال الاستقصائية المتعلقة بالموضوع. 2) من جهة النيابة العمومية: * تلقت النيابة العمومية في موضوع الوثيقة "التحذيرية" شكايتين ضد رئيس الحكومة ووزير الداخلية وبعض القيادات الامنية بتاريخ 18 سبتمبر 2013 الأولى صادرة عن ورثة الشهيد محمد البراهمي والثانية عن عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي (راجع البلاغ الصادر عن النواب المنسحبين بتاريخ 12 سبتمبر 2013 – صحيفة الشروق بتاريخ 19 سبتمبر 2013). * اعتبرت النيابة العمومية أن الشكايتين المذكورتين مرتبطتان مباشرة بالقضية التحقيقية المتعلقة باغتيال الشهيد محمد البراهمي وتولت احالتهما مع المؤيدات المرفقة بهما على قاضي التحقيق المتعهد. 3) من جهة قاضي التحقيق: * يستهدف التحقيق في اطار البحث المجرى في قضية الاغتيال الاستناد إلى الوثيقة "التحذيرية" من جانبين: أولا كدليل من جملة الأدلة المتعلقة بالقضية بقصد تحديد الطرف الذي قام بعملية الاغتيال بالنظر الى ما تم من أبحاث سابقة وثانيا كعنصر إثبات للوقوف على حقيقة التقصير أو القصد أو سوء النية أو التواطؤ وتقدير مدى مساهمة ذلك في الاغتيال أو المشاركة فيه. * تمت مباشرة التحقيق في الوقائع المرتبطة بالوثيقة اعتمادا على ثبوت وجودها حسب النسخة المتداولة المستند اليها في الشكايتين الجزائيتين المشار إليهما إضافة الى التسليم بذلك طبق التصريحات المتظافرة للمسؤولين بوزارة الداخلية، غير أن ذلك لا يغني عن تقديم النسخة الأصلية للوثيقة المذكورة. * تولى قاضي التحقيق المتعهد إضافة إلى مكاتبة وزير الداخلية في مناسبتين وتلقي شهادة السيد الطيب العقيلي سماع عدد من المسؤولين الامنيين التابعين للإدارات المعنية بتداول الوثيقة من بينهم مدير التعاون الدولي لإدارة الأمن الخارجي الراجعة بالنظر للإدارة العامة للمصالح المختصة الذي تم سماعه بتاريخ 2 أكتوبر 2013. ثالثا: التوصيات: إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء في ضوء المعطيات المذكورة: * يدعو السلطة التنفيذية ممثلة في رئاسة الحكومة ووزير الداخلية إلى إعطاء الإذن للمصالح الراجعة لهما بالنظر بالتعاون مع الجهات القضائية وخصوصا تمكين قاضي التحقيق من جميع المعطيات المتعلقة بالموضوع. * يتوجه إلى جميع الأطراف المعنية بقضية الاغتيال إلى مراعاة سرية التحقيق وإعطاء الأولوية للحقيقة القضائية والحرص على التعاون مع القاضي المتعهد في إطار ما خوله القانون والمبادرة دون تأخير بمد الجهة القضائية بعناصر الإثبات المتصلة بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي.