لم يعد الترشّح لنيل مقعد في البرلمان مقتصرا على العمل السياسي وعلى تنفيذ برامج ورؤى يؤمن بها النائب بل أصبح هدف الترشح مشبوها لدى الرأي العام بكونه يكتسي أهدافا أخرى، لدى بعض الشخصيات المشتبه في تورطها في قضايا تهريب وفساد، لنيل الحصانة البرلمانية للتفصي من العقاب. هذا الملف أثار حفيظة التونسيين خاصة بعد رفض البرلمان في الفترة النيابية الفارطة رفع الحصانة عن بعض النواب المتهمين بالضلوع في قضايا فساد. وتبعا لذلك قرر مواطنون إنشاء فريق على مواقع التواصل الاجتماعي “الشعب يريد إلغاء الحصانة على البرلمانيين” لحشد أكبر عدد ممكن من التونسيين الرافضين للحصانة البرلمانية ودفع النواب للتخلي عنها. وقد بادر النائبان مروان فلفال وعياشي زمال بالإعلان عن تخليهما عن الحصانة البرلمانية، وهي حركة نالت استحسان العديد من المواطنين المتابعين للشأن البرلماني التونسي. وأكد النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي أن الحصانة منصوص عليها بالدستور ويتمتع بها النواب والقضاة ورئيس الدولة وفي بعض القوانين الأخرى يتمتع بها أعضاء الهيئات الدستورية وأعضاء المحكمة الدستورية. وأضاف الشواشي في تصريح لموقع “الشاهد” أن الحصانة وظيفية يتمتع بها النائب للقيام بمهمته كنائب شعب وتحصّنه من الادعاءات الباطلة ومن تصفية الحسابات ومن التهم الموجهة ضده، كما أنها تمكّنه من القيام بعمله خاصة عندما يكون في صف المعارضة. وأوضح المتحدث أن النائب في المعارضة يوجّه انتقادات تكون أحيانا حادة للأطراف والأحزاب الحاكمة وإذا تم رفع الحصانة عنه سيكون عرضة للتحقيق بصفة يومية في مراكز الشرطة ولدى محاكم التحقيق، مشددا على أن النواب لا يبحثون عن حصانة خارج أسوار البرلمان وخارج مواطن القيام بمهامهم. كما أوضح أن النائب لا يتمتع بالحصانة في قضايا السرقة والاعتداء بالعنف والتحيل وغيرها وفي قضايا مماثلة يتم رفع الحصانة عنه بطلب من القضاء وبتنفيذ من البرلمان على اعتبارها ليست آلية ليتمسك بها. وأفاد غازي الشواشي بأن ما وقع في المدة النيابية السابقة عندما كانت الأغلبية لدى حركة النهضة وحزب نداء رفضت كل مطالب رفع الحصانة على بعض النواب في قضايا فساد لكن حاليا البرلمان لم يعد فيه النداء مهيمنا، ولا وجود لطلبات رفع حصانة عن نواب النهضة، وبالتالي أي طلب رفع حصانة لتهمة موجهة لنائب لا علاقة لها بالوظيفة التي يشغلها سترفع عنه. كما اعرب الشواشي عن استغرابه من مطالب رفع الحصانة عن النواب الذين اختارهم الشعب عبر الصندوق وتركها للقضاة ولأعضاء الهيئات واعضاء المحكمة الدستورية الذين لم ينتخبهم الشعب مؤكدا على ان الحصانة موجودة ي كل الدول الديمقراطية في العالم. وختم غازي الشواشي بالتأكيد أنه لن يتمسك بالحصانة في أي قضية لا علاقة لها بعمله كنائب، وأنه لإلغاء الحصانة لا بد من تعديل الدستور وتعديله يستوجب إرساء المحكمة الدستورية .