استفاقت تونس أوّل الأسبوع على فاجعة كبرى تتعلّق بتعرّض 42 طفلا من 12 ولاية للعنف المعنوي والمادي والجنسي في إحدى المدارس القرآنية بمدينة الرقاب التابعة لولاية سيدي بوزيد. الخبرُ اهتزّت له الأوساط المحليّة والدولية، فسارعتْ الأحزاب السياسية نحو إصدار بياناتها التنديدية تباعًا فيما قامت الحكومة بإقالة والي سيدي بوزيد ومعتمد مدينة الرقاب واتّجه البرلمان نحو استجواب وزارة المرأة حيث طالب عدد من النواب بضرورة تخصيص جلسة عامة في الغرض للحوار مع الحكومة وخلفياتها. جرائم بشعة عثرت وزارة الداخلية، الأحد 3 فيفري، بإحدى المدارس النّاشطة خارج الصيغ القانونية بولاية سيدس بوزيد على 42 طفلا تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاما و27 راشدا بين 18 و35 عاما، أغلبهم منقطعون عن الدراسة ويقيمون في ظروف متدنية. وأفادت تقارير الطبّ الشرعي تعرض طفلين للاغتصاب من أصل 5 أجريت لهم فحوص، فيما كشفت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر، روضة العبيدي أن 22 طفلا يعانون من مشاكل صحية متعددة تتراوح بين الأمراض المزمنة و القمل و الجرب و مرض القلب، مبيّنة أن الكثير منهم تعكرت صحتهم و تتطلب التدخل العاجل. مطالب بإقالة وزيرة المرأة وعلى وقع الأزمة الأخيرة التي اهتزت لها تونس، طالب سياسيون وحقوقيون بإقالة وزيرة المرأة والطفولة نزيهة العبيدي التي أرادت وبحسب مراقبين تغطية فشل مصالح وزارتها في حماية الطفولة بالتهجّم على الأطفال القصّر، حيث أكدت الوزيرة أن مجموعة كبيرة من أطفال المدرسة القرآنية بالرقاب رافضين لمدنية الدولة، وفق تعبيرها. وأفادت الوزيرة في تصريح إذاعي أن عدد من الأطفال يصرون على حفظ القرآن فقط، مبينة انهم مكنوهم من 40 مصحفا كما تم تخصيص واعظ ديني لهم، مؤكدة على ضرورة إيلاء العناية النفسية لهم. تبرير وزارة المرأة قصورها في مراقبة المدارس والروضات الموكولة لمصالحها لم يستسغه سياسيون الذين طالبوا بدورهم بإقالة الوزيرة التي فشلت في تسيير شؤون الوزارة، وفق رأي البعض. وطالب لنائب عن كتلة نداء تونس عبد العزيز القطي وزيرة المرأة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي بالاستقالة على اثر حادثة المدرسة القرآنية بالرقاب. وأشار عبد العزيز القطي إلىى غياب برنامج إصلاحي للتصدي لهذه الممارسات إضافة لعد وجود أي برنامج لإنقاذ تونس لدى وزيرة المرأة. وأشار النائب في إطار مداخلته بجلسة استماع بلجنة المرأة في البرلمان، إلى أن الوزيرة رغم مواصلة مهامها على رأس الوزارة إلا انها لم تعط أي برنامج لحماية الأطفال، حسب تعبيره. جلسة لمُساءلة الحكومة وعدّل مجلس نواب الشعب جدول أعماله أمس الأربعاء من أجل مناقشة قضية المدرسة القرآنية، حيث طالب النواب بمساءلة مسؤولي الحكومة الذين لهم صلة بالملفّ في مطلبٍ حمل توقيع 85 نائبا. ووجّه البرلمان الدعوة إلى وزير الداخلية، هشام الفوراتي، ووزيرة المرأة والطفولة، نزيهة العبيدي، ووزير الشؤون الدينية، أحمد عظوم. واعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية إبراهيم بن سعيد أن الإشكال ليس في وجود المدرسة في حدّ ذاتها وإنما في غياب الرقابة، فبعض المدارس قد تتحوّل لبؤرة من بؤر الإرهاب. وتحدّثت النائبة عن كتلة حركة النهضة هالة الحامي عن ضرورة تحديد طبيعة الفضاء الذي تم اكتشافه في الرقاب، إما أن يكون جمعيّة أم مدرسة، معتبرة أنه تمت المطالبة سابقا في عديد المناسبات بالرقابة على المدارس الخاصة وإغلاق المدارس التي لا تطبّق برنامج الدولة. كما أضافت أن أكثر المدارس الخاصة سواء كانت قرآنية او غيرها تتبجّح بعدم تطبيق برامج ومناهج الدولة، لكن الدولة تتحمّل مسؤوليتها في هذا المجال. وتغيّب عن الجلسة العامة وزير الداخلية الفوراتي ما أثار غضب النواب الذين اتهموه بالتنصل من المسؤولية وشددوا على لزوم حضور الوزير في جلسة أخرى لشرح ملابسات القضية وتقديم توضيحات. وتعرض أطفال مدرسة الرقاب الى الضرب المبرح وبعضهم تشققت قدماه واجبروا على ممارسة الأعمال المنزلية لحساب صاحب المدرسة كما مارسوا أعمالا شاقة فلاحية واستغلوا اقتصاديا في حين انتهك بعضهم جنسيا، وفق ما أفادت به روايات مُتطابقة. وتم إيواء هؤلاء الاطفال بمركز مختص لإيواء الأطفال بحمام الأنف من ولاية بن عروس، وتوفير الرعاية النفسية والصحية واللازمة بهم من طرف مختصين واطارات تربوية، وفق ما أفادت به وزارة المرأة والأسرة والطفولة.