على الرّغم من التغيرات التي شهدتها الساحة السياسية في تونس ، بيد أن الجبهة الشعبية لم تغيّر من خطابها "الضدّي" و"المعارض" لكلّ ما يأتي من منبر الحكم سواء أكان على حقّ أو على باطل، وكأنها تأسست لا لغاية إلّا لقول "لا". منذ انبعاثها قبل ستّ سنوات، ارتبط شعار "نحن ضدّ" بالجبهة الشعبية لإصرارها في كلّ المحطات المصيرية ،أو حتى منها البسيطة، التي تمرّ بها البلاد بالوقوف عكس الجميع حتى وإن بان جليّا وواضحا للعيان خطأ اختيارها، مما أضحت تلقّب ب"المعارضة الهدّامة"، باعتبارها تعترض دون تقديم أي بدائل واقعية لحلحلة أزمات البلاد. و باتت الجبهة تقوم بحملات "ماراطونية" بشكل شبه يومي -سواء بالتصريحات أو البيانات- لشيطنة الائتلاف الحاكم وللتأثير على الرأي العام واستمالة التونسيين الى صفها من خلال اعتماد الخطابات الشعبوية الرنانة. ولم يفوت الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية اتهام الاتحاد العام التونسي للشغل لحكومة الوحدة الوطنية بكافة مسؤولية ما يحدث في البلاد ووصفها ب"أسوأ حكومة عرفتها تونس منذ الثورة" ، ليشدد على أنه كان من الأرجح إجراء انتخابات مبكرة كما سبق أن دعت إليه الجبهة الشعبية طارحة نفسها البديل من أجل إنقاذ البلاد. و أكد الهمامي، في ندوة بصفاقس اليوم السبت 7 أفريل 2018 ، أنّ وثيقة قرطاج 2 هي محاولة لاحتواء الأزمة المستفحلة اقتصاديا واجتماعيا في البلاد ولتمرير حزمة جديدة من الإجراءات الموجعة وفق تقديره. وقال الهمامي إنّه كان من المفروض تنظيم انتخابات سابقة لأوانها قبل سنة ونصف معتبرا أنّ منظومة الحكم فاشلة برئاستها وبأغلبيتها البرلمانية وبحكومتها، وفق ما اوردته موزاييك. يشار إلى أن حمة الهمامي ما انفك يوجه أصابع الاتهام الى الحكومات المتعاقبة بأنها المسؤولة على الفشل مؤكدا في حوار سابق مع صحيفة العرب اللندنية، إن "كل الحكومات المُتعاقبة انتهجت نفس الخطاب في محاولة لإقحام المعارضة في فشلها" وكعادته ، ألقى الهمامي المسؤولية على كل من النهضة والنداء معتبرا أنّهما أغرقا تونس في بحر من الوعود الزائفة خلال الحملات الانتخابية"، مضيفا "من يتحمّل نتيجة الفشل من يحكم أم من يُعارض؟". وأضاف الهمامي "لا يمكن مُحاسبة الجبهة الشعبية على ما يحدث في البلاد من تأزّم وفشل في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية وهي خارج منظومة الحكم. ورغم ذلك كنا قد نبّهنا في أكثر مرة من خطورة السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الائتلاف الحاكم وقدمنا عدة مقترحات عملية، فالجبهة ستنفّذ برامجها حين تكون في الحكم". واعتبر أنّه من الصعب التقاء الجبهة الشعبية مع من يحكم تونس اليوم على اعتبار أن هناك اختلافات عميقة في كل شيء وخاصة في منوال التنمية الذي "لم يتغيّر وكرّس نفس توجّهات بن علي بسبب إنفراد ائتلاف يميني بالسلطة". وفي سياق متصل، دعا حمة الهمامي المسؤولين بمصارحة الشعب بأنّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد زادت في التردّي بسبب اقتصار خيارات الحكومة على تنفيذ إملاءات صندوق النّقد الدولي. و أكد حمة الهمامي في حوار مع العربي الجديد أن "الحكومات منذ 2011 تُراكم الفشل تلو الفشل، وتُراكم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وهي التي أوصلت تونس إلى حافة الإفلاس"، مجددا الدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لموعدها والعودة إلى الناخبين والناخبات، معتبرا أن ذلك يزعج رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة و"نداء تونس" وحتى "النهضة". هذا ولفت في السياق ذاته الى أن "الجبهة الشعبية" تطرح نفسها بديلاً سياسياً، معتبرا ان كل التطورات الحاصلة في الواقع أكدت صحة مواقف الجبهة، موضحا " قلنا منذ 2014 إن هذه المنظومة ستفشل لأنها من الماضي، وإن هذا الائتلاف ليس هو المطلوب لما بعد الثورة، فأي حكم لا يحل مشاكل العمل والفقر والتهميش والصحة والتعليم والمشاكل المتعلقة بحياة الناس، لا يُعتبر ائتلاف المرحلة."، وفق تعبيره. هذا وأكد الهمامي أن "الجبهة الشعبية" لديها برنامج وتطرح نفسها أمام الشعب كبديل، وتكريس برنامج الجبهة في كل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية من شأنه أن يُخرج تونس من عنق الزجاجة.