وُلدت أغلب الأحزاب في تونس على هامش الحياة السياسية، حتّمتها مصالح شخصية، انتخابية بحتة، فكانت برامجها عبارة عن شعارات وتأليفات لغوية لا تمت للواقع السياسي بصلة، وما أن ظهرت حتى انعدمت قواعدها الجماهيرية وانتهى امتدادها السياسي بسبب الممارسات العشوائية لزعمائها، ونزعة التفرد بالرأي التي تتملكهم. فحزب المستقل الذي يترأسه الطاهر بن حسين، بالرغم من أنه لم يمضي على تأسيسه بضعة أشهر ، إلا أنه يمرّ بموجة عاصفة من الاستقالات، وصل عددها المائة استقالة وهو ما قد يعجل بانتهائه، قبل أن يخوض أي تجربة انتخابية. وقد شملت الاستقالات أهم القيادات الجهوية والمحلية، بعد استقالة كل من عبد العزيز المزوغي ورفيق الشلي والتي تلتها استقالة تسع أعضاء من المكتب التنفيذي ليدخل حزب المستقبل القائمة الطويلة للأحزاب التي تشكو أزمة تسيير نظرا لعدم احترام الحد الأدنى من الديمقراطية داخلها ولانفراد المسؤول الأول بالقرار . من جهته، أكد عضو المكتب تنفيذي للحزب المستقيل جمال الوسلاتي في تصريح ل"الشاهد"، بلوغ الاستقالات حدود المائة استقالة، مؤكدا أنها لنفس الاسباب التي استقال لأجلها الاعضاء التسعة سابقا والمتمثلة في تفرد الطاهر بن حسين بالرأي. وأكد الوسلاتي أن الحزب لم يكن مستعدا للانتخابات البلدية لذلك خير الدخول مع بقية الاحزاب في ما يسمى بالائتلاف المدني، لافتا الى أنه لن يترشح بقائمات حزبية، وأن كل أحزاب الائتلاف تعاني من نفس الاشكال أي عدم القدرة على الترشح بقائمات حزبية في كل الدوائر. وكان 9 اعضاء قد قدموا في فيفري الحالي استقالتهم من المكتب التنفيذي للحزب على خلفية المحسوبية و الولاءات و المال الفاسد التي تدور بين رحايا الحزب الذي تحول، كما أرجعوا أسباب الاستقالة الى القرارات الأحادية التي انحصرت في دائرة ضيقة أشبه بالسرية تتخذ في جلسات خاصة خارج أطر الحزب وهياكله بمعية ثلة من الأصدقاء المقربين من الأمين العام الطاهر بن حسين. و أصدر المستقيلون من الحزب بيانا شديد اللهجة يتهمون فيه الطاهر بالحسين بالنفاق و التفرد بالرأي و بالتكبر، مؤكدين ان ما سوقه بن حسين من اتّباع تمشي ديمقراطي وتشاركي في تسيير الحزب لم يكن سوى سراب وكلام منمق معد للاستهلاك الإعلامي دون سواه و في تعقيبه على الموضوع أفاد رئيس حزب المستقبل الطاهر بن حسين في تصريح لموقع تونس الرقمية، بأن استقالة 9 أعضاء من المكتب التنفيذي للحزب كانت نتيجة التغيير الذي شهده النظام الداخلي للحزب. وأشار بن حسين إلى أنّ الأعضاء المستقيلين صادقوا على النظام الداخلي الذي ينصّ على أنّ عضوية المكتب التنفيذي لا تُمنح إلا لرؤساء الفروع، لكنّهم عارضوا تطبيق هذا القانون من خلال رفضهم التخلّي عن مناصبهم في المكتب التنفيذي رغم عدم توفّر الشرط المطلوب فيهم.. ويشير مراقبون الى أن النشاط الحزبي في تونس بقي منغلقا على نفسه ويرزح تحت وطأة مشاكله الداخلية ويبحث الفاعلون فيه عن المصالح الضيقة والمنافع الشخصية، ويُعتبر تغييب قواعده من القرارات التي تتخذها مركزيته، أبرز نقاط ضعفه، واهم أسباب الوهن السياسي الذي تعيشه أغلب الأحزاب. يشار الى ان أغلب الاحزاب في تونس باستثناء حزبين أو ثلاث، فقدت الكثير من قواعدها الشعبية وأضاعت بوصلتها باعتبارها محورا رئيسيا في خلق التوازن بالمشهد السياسي، وانعكس ضعف أدائها على تعاطي عموم التونسيين معها، باعتبار أن قواعدها في الجهات الاكثر اهتماما بمشاغل المواطنين بعيدا عن المركز والمصالح الحزبية. هذا واتهم رئيس الحزب الطاهر بن حسين بممارسة الشعبوية بعد انخراطه في حملة جديدة لبيع زيت الزيتون من اجل تمويل حزبه. يأتي ذلك بعد أن أطلق سنة 2013، حملة لبيع "المعدنوس" من أجل انقاذ قناة "الحوار التونسي" التي كانت على ملكه انذاك، و قد بلغ فيها سعر الحزمة الواحدة من المعدنوس ب 20 دينار.