غياب الرؤية الواضحة، والأدبيات السياسية، وتعمّد الانسحاب بشكل مفضوح من المستجدات، لدرجة يصعب معها فرزها تحت أي تصنيف توضع، لا هي حاكمة ولا هي حاضرة في المشهد، هو أبرز ما ميز موقف حزب المسار الاجتماعي، المشارك في الحكومة بممثل وحيد، من الأحداث السياسية التي تعيشها تونس. هذا وألغت زحمة الاحداث وجود حزب المسار الاجتماعي عن الساحة السياسية، حيث لم يقدم موقفا تجاه الانسحابات المتتالية من وثيقة قرطاج، التي هدد مرارا بمغادرتها، ولم يعلق على تخلي الاحزاب عن الحكومة، ما دفع متابعو الشأن السياسي للتساؤل ما إذا كان ذلك تكتيكا سياسيا في انتظار هدوء العاصفة، ام هو ضعف في أداء الحزب وفي مواقفه من القضايا الوطنية. وكان اخر بيان أصدره الحزب في 07 جانفي 2018، عبر فيه عن قلقه الشديد إزاء الزيادات الاخيرة التي أقرها قانون المالية لسنة 2018، وطالب بمراجعتها وبالضغط على مصاريف الإدارة والحد من نفقاتها والقضاء على الامتيازات العينية التي تثقل كاهل الميزانية العامة للدولة. ونبه "المسار" في بيان اصدره يوم الاحد إلى ما وصفه بخطورة التمادي في نفس السياسة التي لا تعتمد الإنصاف في تقاسم التضحيات بين مختلف الأصناف الاجتماعية والتي من شأنها أن تهدد السلم والأمن الاجتماعيين معتبرا أن إنقاذ المالية العمومية للدولة، وإن كان مسألة ذات أولوية، لا يجب أن يتم على حساب الفئات الكادحة والمفقرة ولا على حساب التقدم في إنجاز الإصلاحات الكبرى وخاصة الإصلاح الإداري الضروري لتوفير ظروف النجاعة في مقاومة الفساد والرشوة والمحسوبية وتطوير الحوكمة الرشيدة وآليات الشفافية والمراقبة. وطالب الحزب بمراجعة الزيادات التي تمس من مقوّمات العيش والصّحة الأساسية للمواطن وباتخاذ الإجراءات الحازمة والناجعة من أجل التصدّي للتهرّب الجبائي ووضع حدّ للاحتكار والتهريب الذي يطال بالخصوص المواد المدعّمة والتصدي لبارونات الاقتصاد الموازي الذي ينخر اقتصاد البلاد وبالضغط على مصاريف الإدارة والحد من نفقاتها والقضاء على الامتيازات العينية التي تثقل كاهل الميزانية العامة للدولة. ودعا المسار في ذات البيان إلى تشغيل كلّ محرّكات النمو من دفع الاستثمار العمومي والخاص والأجنبي وتطوير الإنتاج وتحسين الإنتاجية والرفع من التصدير وتوفير مناخ أعمال مشجّع والتخفيض من نسبة التضخّم ووضع حدّ لتفاقم المديونية ولانزلاق الدينار مقارنة بالعملات الأجنبية. هذا وشارك الحزب المحسوب على الحكومة والموقع على وثيقة قرطاج ، في ائتلاف مدني يضم أحد عشر حزبا بهدف الدخول في الانتخابات البلدية القادمة بقائمات ائتلافية في 48 دائرة انتخابية وهي الدوائر الراجعة بالنظر الى مركز الولاية وعددها 24 الى جانب تقديم قائمات ائتلافية في 24 دائرة بلدية اخرى بحساب دائرة عن كل ولاية . كما شملته موجة الاستقالات التي اجتاحت الاحزاب التونسية هذه الفترة، حيث علّق فوزي الشرفي عضو الأمانة الوطنية للحزب المكلّف بالعلاقات مع الأحزاب نشاطه داخل الحزب في رسالة وجهها الى الأمين العام، مشددا على أنه من الضروري لى بعد أكثر من سنة من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية تقييم الوضع . هذا ويتوقع مراقبون تسجيل تغيرات كثيرة قد تعتري المشهد السياسي في البلاد، مع سعي جل الأحزب لإعادة هيكلة نفسها والبحث عن موقع جديد بعد تراجع شعبيتها بسب التشققات التي عصفت باغلبها والانسحابات التي هددت استقرارها.