تتسع جبهة رفض سياسات قيس سعيد الذي فتح حربا على قطاعات واسعة، دون استثناء من سياسيين وإعلاميين وقضاة. وانتقل قيس سعيد من مرحلة شيطنة القضاة في خطاباته إلى الضغط عليه عبر حرمان المجلس الأعلى للقضاء من المنح والامتيازات، في وقت زادت فيه التحذيرات من محاولة استيلاء قيس سعيد على السلطة وتنصيب نفس "الحاكم بأمره". وأثار مرسوم أصدره قيس سعيد، يتعلق بإلغاء منح وامتيازات أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في البلاد، جدلا شعبيا وسياسيا، بعد إجراء مماثل قام به ضد أعضاء البرلمان، إثر استيلائه على جميع السلطات يوم 25 جويلية الماضي. وانتقدت الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين روضة القرافي، أمس الخميس المرسوم الرئاسي. واعتبرت، خلال حضورها في قناة "التاسعة" أن هذا المرسوم الرئاسي يمثل عقوبة ومخالف للدستور، وفق تعبيرها. واعتبرت القرافي أن خطاب سعيّد حول المجلس الأعلى للقضاء "خطير"، مشيرة إلى أن ذلك يٌعد تدخلا مباشرا للقضاء. وأضافت أن قرار إلغاء المنح والامتيازات للقضاة كان متوقعا. ودعت قيس سعيّد إلى التوقف عن خطاب التدخل في القضايا الجارية، قائلة "خطاب التدخل في القضايا يجب أن يتوقف". واعتبرت القرافي، قيس سعيد مُصرّا على التدخل في القضاء، مشيرة إلى أن الضغط على القضاء يدفعه للارتباك وارتكاب أخطاء. وقالت: "رئيس الجمهورية يخرج كل يوم ويقول فلان مذنب وفلان يستحق الحبس، لِمَ لا نلغي القضاء تماما ونتركه يحكم؟." وأكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر أن "أعضاء المجلس سيواصلون القيام بمهامهم بقطع النظر عن المرسوم الرئاسي الذي ختمه رئيس الجمهورية مساء الأربعاء والقاضي بوضع حد لامتيازات ومنح أعضاء المجلس". وقال بوزاخر في تصريح إعلامي "نأمل ألا يكون هذا الأمر الرئاسي وسيلة للضغط على المجلس الأعلى للقضاء"، مؤكدا أن "المجلس يتمتع بتسيير ذاتي طبق أحكام الدستور". وبيّن أن الجلسة العامة في حالة انعقاد وستُقدم رأيها في المرسوم، مشددا على أنه "لا يمكن المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية". وقالت القاضية رشيدة الجلاصي "حين ترشحت سنة 2016 لعضوية المجلس لم أفعل ذلك من أجل المنحة التي لم يدر بخلدي أبدا أنها ستتجاوز 800 دينار على أقصى تقدير، جميع أصدقائي يعلمون أنني كنت من أشد المعارضين مع عدد آخر لا بأس به لمبلغ هذه المنحة، وبالتالي سأواصل القيام بواجبي ما دام المجلس موجودا. لا شك أن قانون المجلس الأعلى للقضاة والقضاء عموما يشكو من العديد من الهنات التي يصل بعضها إلى حد المعوقات، لكن الإصلاح لا يكون أبدا بالتجييش والترذيل". واعتبر القاضي عفيف الجعيدي أنّ مرسوم قيس سعيد يراد منه أن يكون "أداة قد تفيد في تخفيف حماسة أعضاء المجلس خصوصا منهم. الجامعيين والمحامين وأصحاب المهن الحرة. وبالتالي تصل لحل المجلس بشكل صامت لا يلفت الانتباه وهي وصفة جرّبت لمجلس النواب ونجحت". وأضاف: "رسالة مشفرة لمن يسميهم الرئيس القضاة الشرفاء فيها بيان لقوة الحاكم بمرسومه وإعلام بقرب استيلائه على القضاء علّهم يسارعون إلى طلب تعليماته. ولا يجدّدون خطيئة مجلس قال له يوما لا فاستحقّ العقاب". وأمس الخميس، عاد قيس سعيد لانتقاد عمل القضاء خلال لقائه بوزير الداخلية توفيق شرف الدين، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح إرهابيين اثنين بعد عمل شاق قامت به قوات الأمن، حسب قوله. وشدد على أن الأمر لا يجب أن يستمر على هذا النحو، وفق تعبيره.