طالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني، رئيس الجمهوريّة، ب"الاعتذار العلني عن الاعتداءات الجسيمة التي طالت المتظاهرين يوم 14 جانفي 2022 وبمحاسبة كل المعتدين الذين انتهكوا حقوق الأشخاص في التظاهر والتنقل والاحتجاج". كما طالبت هذه المنظمات الحقوقية، خلال ندوة صحفية انعقدت اليوم الثلاثاء بمقرّ النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، بالإفراج عمّن تبقّى من الموقوفين، مؤكّدين أنّ هؤلاء مارسوا حقهم الدستوري والمواطنين في التظاهر و لا سبيل للعودة بتونس إلى مربّع الاستبداد. وتحدّث نقيب الصحافيين، ياسين الجلاصي، عن الاعتداءات والانتهاكات والإيقافات التي طالت المتظاهرين، يوم 14 جانفي الجاري، وما صاحبها من "استعمال لقنابل الصوت ومحاولات لتفريق المحتجين بالدراجات النارية"، مضيفا أنّ هذه الانتهاكات طالت كذلك الصحفيين والمصوّرين. وقال إنّ ما حدث "لم يكن مجرّد تدخّل أمني عنيف، بل كان قرارا سياسيا، لحرمان المواطنين من حقهم في التظاهر، بالاعتداء عليهم بالعنف في كل أماكن الاحتجاج مع غلق شارع الحبيب بورقيبة، مثلما حدث في العام الماضي، ممّا يؤكّد تواصل العقلية البوليسية ذاتها التي تحكم الدولة التي تحلّ مشاكلها السياسية والأزمات بقوة البوليس". ووصف الجلاصي تطرّق رئيس الجمهورية إلى المظاهرات، دون الحديث عن الاعتداءات والانتهاكات الجسيمة، ب"الخطير" وهو الذي "وقف إلى جانب المتظاهرين ضدّ القمع البوليسي في 2021، معتبرا أنّ الرئيس "بات اليوم يستعمل البوليس ولا يندد بعنفه". وذكر الجلاصي أن المنظمات المجتمعة اليوم، تطالب الرئيس بالاعتذار العلني وباحترام تعهداته التي أطلقها وما يزال، في علاقة بضمانه للحقوق والحريات كما تدعو إلى محاسبة المعتدين والافراج عمّا تبقى من الموقوفين والذين من بينهم شقيق شهيد الثورة عبد الرؤوف بوكدوس، مؤكّدا أنّ المنظمات والجمعيات الحقوقية ستظل تدافع عن الحقوق والحريات، مهما كانت السلطة الحاكمة. وبعد أن انتقد "عودة سطوة النقابات الأمنية وتحريضها على المواطنين والصحفيين وتبرير الانتهاكات البوليسية"، اعتبر النقيب أنّ الحريات "في خطر دائم" وأن المكانة التي كانت تتميز بها تونس في مجال الديمقراطية والحرية "باتت مهددة"، خاصة وأن السلطة السياسية "لا تفعل أي شيء إزاء ذلك"، حسب تقديره. بدوره اعتبر علاء الطالبي، عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن ما حصل يوم 14 جانفي 2022 "حلقة جديدة من حلقات العنف البوليسي الذي عهده الموطنون بعد الثورة في عدّة مناسبات وندّدت به الجمعيات الحقوقية". ولاحظ أن الجمعيات والمنظمات الحقوقية المجتمعة اليوم، "ليست على استعداد للعودة إلى الوراء والتفريط في حرية التظاهر وحقوق المواطنين وحرياتهم التي تعدّ من مكتسبات الثورة". كما طالب رئيس الجمهورية، بالاعتذار، "لوجود مسؤولية سياسية يتحملها كرئيس للدولة وكذلك بالتحقيق الفوري في الاعتداءات الحاصلة يوم 14 جانفي" وبأن يقوم القضاء بدوره وكذلك بأن تفتح وزارة الداخلية تحقيقا في الانتهاكات، "وليس ترك المسألة للنقابات الأمنية". وقال خيام الشملي، عن منظمة "محامون بلا حدود" إنّ وضعية الحقوق والحريات، ما بعد 25 جويلية 2021، "مقلقة"، مذكّرا في هذا الجانب ب "المحاكمات العسكرية للمدنيين والتضييق على المعارضين وتخوينهم من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية". وأضاف أن هذه المسائل تجعل ما حصل يوم 14 جانفي 2022 "ليس مثيرا للاستغراب"، منتقدا أن "يعمل رئيس الجمهورية الذي ساند المتظاهرين السنة الماضية ودعاهم إلى التظاهر والاحتجاج (فترة حكومة المشيشي) على ضرب المتظاهرين اليوم". (وات)