أفاد القاضي بمحكمة التعقيب، حمادي الرحماني، بأنّ القاضي بشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق، قدّم خلال الجلسة التأديبية التي عقدها مجلس القضاء العدلي، يوم 24 جوان، جوابه ودفاعه عن جملة الاتهامات القانونية والسياسية والإعلامية المنسوبة إليه في تقرير التفقدية وفي الأسئلة الحينية الموجهة له من أعضاء مجلس التأديب. ونقل الرحماني في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك، مساء اليوم، أنّ مرافعات العكرمي استمرت لأكثر من أربع ساعات أكدت مصادر مختلفة أنها كانت تلخيصا لتقرير دفاع مفصل ومدقق في عشرات الصفحات. ووصف المصدر مرافعة العكرمي بأنّها "مثّلت محاكمة لمجلس القضاء العدلي نفسه وإدانة لتفقدية القضاة نفسها لافتعالهما الربط بين الملفين (ملف الطيب راشد وملف العكرمي) ثم تضخيمهما لملف بشير العكرمي لتسهل مقايضته بملف الطيب راشد". وأضاف الرحماني أنّ بشير العكرمي أجاب بمؤيداته عن كل اتهام وجه له وردّه، لأول مرة، عن ثماني سنوات من الاتهامات القانونية والسياسية والتلفزية. وكان لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قدت اليوم الأربعاء ندوة صحفية لعرض تقرير تفقدية وزارة العدل الذي ردّ عليه العكرمي. وذكرت اللجنة أنّ العكرمي مكّن 20 ألف "إرهابي" من الإفلات من العقاب، حسب المحامي رضا الرداوي. ولم تتطرق اللجنة إلى ملف القاضي الطيب راشد رئيس محكمة التعقيب، الذي تتعلق به شبهات فساد وثّقها تقرير لوكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي، إثر تحقيق قضائي أذن به. ويشار إلى أنّ تقرير تفقدية وزارة العدلي سرّي لكن وقع تسريبه إلى اللجنة المذكورة. وسيعلن مجلس القضاء العدلي غدا 1 جويلية عن قراره "التأديبي" في ملف بشير العكرمي، فيما وقع تأخير النظر في قضية الطيب راشد إلى يوم 16 جويلية لإعادة استدعائه، لآنّه لم يحضر جلسة 24 جوان. واعتبر القاضي حمادي الرحماني، أنّ عقد الندوة الصحفية للجنة بلعيد والبراهمي اليوم هو تحريض و"استباق للإدانة وخوف أن يكون مجلس التأديب قد جُرّد من حِيَل التواطؤ وحُرم من مُسوّغات الاتهام السهلة". وشدّد القاضي الرحماني على أنّه كان من الأجدر، لإنارة الرأي العام، بعد تسريب تقرير التفقدية، نشر فحوى جلسة الأسبوع الماضي للتأديب يوم 24 جوان وما تخللها من استجوابات وردود وتحريرات ومرافعات و"استنطاقات" مضادة واتهامات مقابلة بالتوظيف والتسطيح والاجتزاء، وكان الأولى أيضا نشر تقرير جواب بشير العكرمي نفسه، حتى يطّلع الناس بأنفسهم على كل جوانب القضية ويُكوّنوا بعقولهم الناضجة رأيا أوليا متوازنا بلا توجيه ولا إملاء، حسب الرحماني. وبدورها دعت جمعية القضاة التونسيين مجلس القضاء العدلي إلى تمكين الرأي العام القضائي وغير القضائي من الاطلاع على مآلات الجلسات التأديبية الخاصة بالقاضيين بشير العكرمي والطيب راشد، والقرارات المتخذة بها وموجبات تلك القرارات وإصدار تقرير شرح في ذلك وبذل جهد إعلامي للتفسير والتوضيح. وكانت الجمعية ندّدت مساء اليوم بما وصفته ب"الحجم الكبير من المغالطات والافتراءات" التي طالتها وبالاتهامات التي وُجهت لرئيس الجمعية "والتي ترتقي لجرائم القذف في تضليل كبير ومقصود للرأي العام"، خلال الندوة الصحفي للجنة بلعيد والبراهمي اليوم الأربعاء. وذلك ردّا على أحد أعضاء هيئة الدفاع الذي نسب لجمعية القضاة ورئيسها "التغطية على وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية بتونس وعلى أبحاث تفقدية القضاة الخاصة به". وإلى جانب ذلك قال المحامي سمير بن عمر، في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك، مساء اليوم، إنّ الندوة الصحفية المذكورة تضمنت مغالطات وافتراءات من الحجم الكبير. واعتبر أنّ هيئة الدفاع المذكورة "أصبحت ألعوبة بيد ساكني قرطاج يبتزون بها النهضة عند احتداد الخلافات بينهم". ودعا بن عمر المجلس الأعلى للقضاء إلى الخروج عن واجب التحفظ واطلاع الرأي العام وفي كنف الشفافية على كل جوانب ملفي البشير العكرمي و الطيب راشد بما في ذلك ردودهما على التهم الموجهة إليهما والقرار النهائي لمجلس التأديب بجميع حيثياته، وذلك حتى تنتهي المزايدة الرخيصة بهذه الملفات، وفق تعبير سمير بن عمر. يشار إلى أنّ المحكمة الإدارية كانت قد قضت في وقت سابق ببطلان قرار نقلة وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي إلى إدارة الشؤون الجزائية. ومن جانب آخر رفضت المحكمة نفسها دعوى الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد ضد قرار رفع الحصانة عنه.