أنور البصلي عرضت يوم 18جوان 2021 بفضاء مسرح الجهات بمدينة الثقافة، مسرحية بعنوان "كابوس انشتاين" من تأليف الكاتب التونسي المقيم بألمانيا كمال العيادي الكينغ، وإخراج الفنان أنور الشعافي. فماذا في هذا العمل، من إضافة إلى ما تعودنا متابعته من الفن الرابع في تونس؟ وهل يحمل هذا العمل جذور الاختلاف الممكن في المسرح التونسي؟ وهل يمكن لنا القول إن مشروعا آخر للمسرح في تونس ممكنا؟ فصحى مقنعة أولى الملاحظات، التي نخرج، بها إثر مشاهدة هذا العمل، تتمثل في التخلي عن حكم مسبق ومقيد، طالما لازم المسرح التونسي يتمثل في القطيعة بينه وبين لغة الضاد واعتبار أن العربية، قاصرة عن تحقيق تواصل جمالي وأنها لغة القسم أو النشرة الإخبارية في القنوات الرسمية . هذا الحكم المسبق العبثي ينهار عندما تجد أن حوار المسرحية مكتوب بلغة عربية متقنة، وأنها ليست حاجزا أمام فرجة مسرحية مقنعة. نص الكينغ يراوح بين العالم السيبرنيطيقي، أي العالم الافتراضي، والصحراء العربية بنزاعات مشاريع الخيام، والفايسبوك، بما. يحمله من عبارات انترناتية، إن صح التعبير، في فضاء من المفاعلات وكوميديا مختلفة. واستطاع كمال العيادي بلغة رشيقة أن يقنعنا بأجواء حياة علمية تنتقل بين كاليفورنيا وبين خيام المضارب العربية في لعبة مقنعة ومشوقة. انشتاين ومارلين مونرو من جهة، وعلقمة والغضنفر، من جهة أخرى،، كلهم ينتمون إلى انسانية العولمة والمواطن المتعولم.. إنهم ضحايا التقدم العلمي. أصبحت العلوم لهوا باطلا، كما يقول روباى بلانشي، إنها لهو،،، حروب عربية تقام بين قبائل الأعراب بسبب لعبة فري فاير.. أرواح تسقط عبثيا.. فكيف أخرجت الفكرة والحكاية في اللعب الدرامي؟ إتقان توجيه الممثلين بين موسيقى أفلام مارلين مونرو وما حققه العم الهوليودي سام من خلال الفرحة ولعبة الجسد في عريه وتبضعه، استطاع الفنان الشعافي أن يضعنا أمام مسرح فقير، إلا من كفاءة ممثلين يتقنون لعبتهم. في هذا العمل كمّ إيقاعيّ خفيف، وإضاءة وظيفية، أقنعت بهضم قضايا صعبة، تتعلق بمصير الإنسان، وإشكاليات الزمن والتنقل ومعادلة النسبية،، دون أن تتحول إلى لعبة وعظ أو توجيه. واستطاع التفاعل الفنّي أن يفتح أمامنا مشروعا مسرحيا مميزا فنّيا، ومشروعا للتفكير في المصير، إذ تنبّه هذه المسرحية إلى أن التفكير في مصير العلم ومصير الإنسان هي القضية التي يجب أن تفتح بشأنها الحوارات في الفضاء العام، ولا يقتصر هذا الأمر على خشبية المسرح. "كابوس أينشتاين" إنتاج: مسرح الأوبرا- تونس. إخراج: أنور الشعافي. نص: كمال عيادي الكينغ. كوريغرافيا: ثريا بوغانمي. أداء: بشير الغرياني- علي بن سعيد- ياسين الفطناسي- المنصف العجنقي- لطفي الناجح- آمال لعويني- كمال زهيو- آدم الجبالي- أسامة الشيخاوي.