مثل خبر تحصّل رئاسة الجمهورية على ألف جرعة من اللّقاح المضاد لفيروس كورونا كهبة من دولة الامارات، منذ شهر نوفمبر 2020، صدمة لدى التونسيين، خاصة مع تكتّم الرئاسة على الموضوع وعدم الاعلان عنه إلا عندما تم التداول في شأنه على مواقع التواصل الاجتماعي. نائبان يكشفان الموضوع
انطلق الجدل مع نشر النائب عن الكتلة الدييمقراطية (حركة الشعب) بدر الدين القمودي تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، أوّل أمس الأحد على الساعة (11:14)، ذكر فيها أن "لقاح الكورونا وصل منذ مدة من دولة خليجية، وأن المعلومة شبه مؤكدة وتم توزيع اللّقاح على كبار المسؤولين والسياسيين وقيادات أمنية ..".
دقائق بعد تدوينة القمودي، ينشر النائب ياسين العياري تدوينة في نفس الليلة الساعة (23:54)، قال فيها: "الأمر لم يعد سرا إذا: نعم، دخلت تلاقيح كوفيد لتونس".
وأضاف العياري: "أن سفير الإمارات في تونس أعلم ديبلوماسيين تونسيين أن بلاده قدمت هدية لرئاسة الجمهورية، 1000 جرعة من تلقيح الكوفيد.. علمت بالأمر عن طريقهم منذ أيام".
الجمهورية تؤكد.. ورئاسة الحكومة تنفي واحتدم الجدل اثر هاتين التدوينتين وسط صمت رئاسة الجمهورية التي توخت الصمت إلى أن نشرت بلاغا في حدود الساعة (11:22) من يوم الأمس 1 مارس، أكدت فيه "تلقيها 500 تلقيح مضاد لفيروس كورونا، بمبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وشددت على أنه لم يقع تطعيم أيّ كان لا من رئاسة الجمهورية ولا من غيرها من الإدارات بهذا التلقيح، وذلك في انتظار مزيد التثبت من نجاعته، وترتيب أولويات الاستفادة منه.
من جانبها نشرت رئاسة الحكومة ليلة الأمس بلاغا نفت من خلاله علمها بوصول هذه التلاقيح ولا بمصدرها ولا بمدى توفّرها على الشروط الصحية والقانونية الضرورية، ولا بمآلها، مضيفة أنّ رئيس الحكومة هشام مشيشي أذن بفتح تحقيق فوري حول ملابسات دخول هذه التلاقيح وكيفية التصرّف فيها وتوزيعها.
وأكدت أن إدارة عملية التلقيح تبقى من مسؤولية اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا، في إطار الإستراتيجية الوطنية التي تمّ إرساؤها للغرض، والتي حدّدت الفئات المعنية بالتلقيح بصفة أولوية.
اللّجنة العلمية لا علم لها
الناطقة الرسمية باسم وزارة الصحة وعضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، نصاف بن علية نفت علمها بوصول جرعات تلاقيح كورونا إلى تونس، من جانبه أوضح رئيس لجنة قيادة حملة التلقيح الهاشمي الوزير بالبرلمان أمس، أن العديد من الأدوية والتلاقيح تدخل إلى تونس لكن لا تمر بالضرورة عبر إدارة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة.
من جهته أفاد المدير العام للصحة محمد بن صالح، أن العديد من السفارات طلبت الحصول على تراخيص لجلب تلاقيح لأعوانها، مبينا أن وزارة الصحة قد مكنت 3 سفارات من هذه التراخيص على أن يتم اجراء التلاقيح داخل السفارات المعنية.
الديوانة تنفي وقد راجت وثيقة على الفيسبوك يعتقد أنها متعلقة بالتلاقيح القادمة من الامارات وأن الشحنة التي تلقتها رئاسة الجمهورية مرّت عبر الديوانة، وبالتالي لا يمكن أن تكون رئاسة الحكومة على غير علم بها، وهو ما نفاه الناطق الرسمي باسم الديوانة التونسية هيثم زناد الذي أفاد بأن الديوانة ليس لها علم بالجرعات التي تم إهداؤها للرئاسة.
وكان النائب ياسين العياري قد رجّح أن الوثيقة المتداولة تخص التلاقيح لموظفي السفارة الاماراتية، مستشهدا بالمعطيات التي أدلت بها اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا أمام لجنة التونسيين بالخارج بالبرلمان أمس، مفادها أنها منحت تراخيص لسفارات، تقدمت بطلبات لتلقيح موظفيها وديبلوماسييها.
واعتبر العياري، أن المحيطين برئيس الجمهورية تعمدوا تسريب الوثيقة المذكورة فقط لتكذيب رئاسة الحكومة التي قالت إنه لا علم لها بتسلم رئاسة الجمهورية لجرعات من لقاح كورونا، متهما إياهم "بالكذب ومغالطة الرأي العام والدفع بالرئيس للخطأ والتخبط والاضرار به وبمصداقيته كثيرا".
قيس سعيد.. كذب وبهتان
خرج رئيس الجمهورية قيس سعيد عن صمته، وقال في لقائه برئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، أمس أن هناك من يريد بث الاشاعات لإلهاء الشعب عن القضايا الحقيقية، قائلا: "قيل إن رئاسة الجمهورية تلقت جرعات من لقاح فيروس كورونا وهناك من تلقى اللقاح وهذا كذب ممّن يحترفون الكذب.. ويجب أن تكون لدينا لقاحات ضدّ الكذب والافتراء.. ومسألة التلقيح لا يتولاّها إلاّ الاطباء والمختصون فقط.
وفي انتظار توضيح وزارة الدفاع الوطني بخصوص مآل اللقاحات التي ذكرت رئاسة الجمهورية أنها منحتها إلى ادارة الصحة العسكرية، يزيد ارتفاع منسوب عدم الثقة في كل مؤسسات الدولة لدى التونسيين مطالبين بمعرفة الحقيقة وبمزيد من الشفافية، وبمعرفة مصير هذه التلاقيح وهل هناك من تمتع بها ولماذا لم تعلن عنها رئاسة الجمهورية منذ وصولها إلى تونس..؟.