ولاية تونس في المرتبة الأولى من حيث عدد حوادث المرور    انجاز مآوي ذات طوابق بتونس العاصمة: مشروع مكبل منذ عشر سنوات    عاجل/بداية من هذا التاريخ: شركة اللحوم تشرع في بيع أضاحي العيد بهذه الأسعار..    إحالة اللاعب أصيل النملي على لجنة التأديب والانضباط    في منتدى السي 0س 0س الغد …النادي وضع القدم الأولى على خارطة الطريق.    فظيع/ هلاك طفل غرقا في شاطئ قربة..    للحد من ظاهرة الغش في الامتحانات: وزارة التربية تمنع ارتداء الكوفية الفلسطينية    وزيرة التربية: لايمكن الحديث عن لوحات رقمية والمدارس تفتقر لمياه الشرب    اعلام برياح قوية مثيرة للرمال والاتربة بالجنوب ليل الأحد ويوم الإثنين    كوريا الشمالية تُهدي جارتها الجنوبية 600 بالون نفايات    حسان غنّاي رئيسا للمجلس الجهوي بصفاقس    قربة: وفاة تلميذ ال13 سنة غرقا    القصرين: 5 آلاف و991 مترشحا لمناظرة الباكالوريا دورة 2024    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    هذه الدولة تعتمد أول لقاح للسرطان في العالم    بعد زيارة الصين: رئيس الدولة يعود الى تونس..    متابعة للوضع الجوي بهذا اليوم…    خلال زيارته المكتبة الكبرى لشركة "هواوي": رئيس الجمهورية يهدي المكتبة مؤلفات تونسية (صور)    أخبار الأولمبي الباجي: مباراة بلا رهان وبن يونس يلعب ورقة الشبان    في الصّميم :خوفا على ناجي الجويني    أفضل الخطوط الجوية لسنة 2024    هزّة أرضية في المغرب    النادي الصفاقسي يطلق منتدى للتشاور مع احبائه ومسؤوليه السابقين    أحمدي نجاد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران    ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    أخبار المال والأعمال    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    العجز المسجل في الاموال الذاتية لشركة الفولاذ بلغ قرابة 339 مليون دينار خلال 2022..    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    أمطار الليلة بهذه المناطق..    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    وزارة الداخلية :بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي    وزارة المالية تعلن عن اطلاق منصة ''تاج''    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    قرعة التناوب على عضوية المجالس الجهوية والتداول على رئاسة المجالس المحلية و الجهوية بولاية صفاقس    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    حريق ضخم جنوب الجزائر    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخ رضا بوزريبة يؤكد على عدم جدوى الحلول الظرفية الترقيعية ويدعو إلى تعديل الاختيارات وتوفير تمويل يضمن توازن أنظمة التقاعد على المدى البعيد
في حوار شامل وصريح حول التقاعد: أجرى الحديث قيس الخلّوفي
نشر في الشعب يوم 27 - 11 - 2010

موضوع إصلاح أنظمة التقاعد في تونس ملأ الدنيا وشغل الناس ربّما لتزامنه أيضا مع الترفيع في سنّ افتتاح الحقّ في التقاعد في فرنسا واختلاف النقابات الفرنسية مع الحكومة حول هذا الأمر واطلاع الجمهور التونسي على مسيرات وحركات الاحتجاج التي خاضها العمّال. وفي تونس سعى الاعلام أيضا إلى تناول الموضوع فنشرت مقالات عديدة فيها الغثّ والسمين لكنّها لم تشف غليل القارئ والمستمع.
كما أنّ الاتحاد كشريك أساسي في التفاوض حول هذا الملف الحسّاس يعمل في ثلاثة اتجاهات: اتجاه دراسة المسألة من كلّ جوانبها انطلاقا من ثوابته ومبادئه الاجتماعية الأصيلة واتجاه التفاوض مع الحكومة كلّما توفّرت الارادة السياسية للمضي قدما في الحوار واتجاه ثالث يتمثّل في تنظيم أيّام اعلامية وندوات وتجمعات عمّالية لإتاحة الفرصة للقواعد العمّالية والنقابية للتعبير عن رأيها في الموضوع.
لمعرفة كلّ التفاصيل حول هذا الملف وتوضيح تصور الاتحاد وليس هذه المرّة الأولى اختارت الشعب أن تتوجّه إلى المنبع الأصلي، إلى الأخ رضا بوزريبة الأمين العام المساعد المسؤول عن التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية منذ سنوات عديدة أكسبته تجربة وخبرة ثمينة ومعرفة بأدّق تفاصيل الضمان الاجتماعي عامة وملف الساعة يعني التقاعد بصفة خاصّة، لعلّنا بذلك ننير القارئ والرأي العام ونساهم في وضع حدّ لكلّ التأويلات والأخطاء المقصودة والبريئة في تناول الموضوع. والأخ بوزريبة علاوة على ذلك هو رئيس اللجنة النقابية لدراسة الملف وضمن وفد التفاوض المتركّب من أربعة إخوة من المكتب التنفيذي الوطني وناشط ميداني يقدم المداخلات ويترأس الندوات والتجمعات العمّالية. لأجل كلّ هذا أردنا هذا الحديث وحسب إرادته نفسها أن يكون حديث الصراحة لا المجاملة وحديث التعمّق لا السطحية.
الشعب: تؤكد الحكومة وخبراؤها من خلال الدراسة الاستشرافية التي اتصل بها الاتحاد خلال هذا العام وفي كلّ المنابر أنّ أزمة أنظمة التقاعد خانقة واستعجالية وبالتالي لابدّ من اتخاذ اجراءات عاجلة وتطبيقها في أقرب وقت. فهل يشاطر الاتحاد هذا الرأي وهذا الاستعجال للأمر؟
بوزريبة: أوّلا وقبل كلّ شيء أريد أن أوضّح لقرّاء »الشعب« والرأي العام أنّ موضوع الضمان الاجتماعي ككلّ والتقاعد بصفة خاصّة على غاية من الحساسية إذ هو من اختياراتنا الاجتماعية الأساسيّة والتي ساهمت بقدر كبير في التوازن والتماسك الاجتماعيين وفي الاستقرار الذي تنعم به بلادنا. انطلاقا من هذا الاحساس الوطني العميق أكّد سيادة رئيس الدولة على ضرورة الوفاق حول ملف التقاعد والمحافظة على مكاسب الشغالين في اطار تحقيق التوازنات المالية للأنظمة وديمومتها وانطلاقا من نفس الإحساس ومن مبادئنا وثوابتنا الأصيلة في العدالة الاجتماعية والمحافظة على تماسك نسيجنا الاجتماعي، نؤكد أنّ الموضوع لا يحتمل المعالجة الشعاراتية ولا المزايدات ولا محاولات الضغط على المنظمة من خلال نشر المعلومات الخاطئة والسعي إلى الإثارة والسبق الاعلامي. فكلّ ذلك لا طائل من ورائه وليس بامكانه أن يغيّر من تصور الاتحاد الواقعي والموضوعي والعادل في نفس الوقت.
عفوا على هذه المقدّمة التي أراها ضرورية والآن أعود إلى سؤالكم وأبدأ بما هو ايجابي بيننا وبين الحكومة. فنحن متفقون على المحافظة على النظام التوزيعي أي على التضامن والتكافل بين مختلف أجيال وأصناف الأجراء في الضمان الاجتماعي ولا سبيل إلى اتباع أيّ شكل من أشكال الرسملة وهي أن يكون العامل مدخّرا بمفرده ولا علاقة له بالآخرين تماما كالحساب الجاري في البنك فإذا »خسر« أو »ربح« فلنفسه.
نحن متفقون أيضا على وجود أزمة خانقة على مستوى التوازنات المالية لأنظمة التقاعد وخاصّة في النظام العام بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. مع العلم وحتّى لا نخفي أيّ شيء على القرّاء والرأي العام فقد تكفّلت الحكومة منذ سنة 2002 بكلّ عجز يسجّل في الأنظمة الخاصة التي يديرها الصندوق وهي أنظمة أعضاء الحكومة والولاة ونوّاب البرلمان نقول هذا لنبيّن أنّ المساهمة الوحيدة للدولة كدولة وليس كمؤجّر في الضمان الاجتماعي لاتوجد الاّ في هذه الأنظمة الخاصّة وهذا الأمر له معنى كبير قد نعود إليه لاحقا.
هذا ما نحن متفقون عليه لكن ما نحن غير متفقان عليه أكثر بكثير ويتمثّل في:
أنّ الحكومة ومن خلال التمشّي الذي تتبعه في الموضوع كأنّها تريد أن تقول أنّ الأزمة »وليدة الساعة«!! وبالتالي تستعجل الأمر وتقدم مقترحات وأكثر من ذلك تضبط تاريخا قريبا لبداية تطبيقها سنة 2011 (هكذا!).
انّ الاتحاد لايمكن له أبدا أن يكون »شاهد زور« في أيّ ملف من الملفات التي يتناولها بالدرس والنضال، وبالتالي يؤكد أنّ أزمة أنظمة التقاعد عميقة وقديمة تعود إلى سنة 1993 في القطاع العمومي خاصة وهي أزمة هيكلية أيضا لعديد الأنظمة التي يتصرّف فيها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. فهل من المنطقي والمعقول أن نترك الأزمة تستفحل بهذا الشكل للقول في النهاية أنّ هناك حالة استعجالية وهاهي الحلول »السحرية«؟
إنّ هذا الكلام والتمشّي مردود على أصحابه لأنّ الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال منشوراته وبياناته ولوائح هياكله المسيّرة والمقالات العديدة المنشورة على صفحات »الشعب« مافتئ ينبّه إلى خطورة مسار الأنظمة ويدعو إلى حوار شامل وعميق حول مراجعة الضمان الاجتماعي في تونس بكلّ خدماته وفروعه وقوانينه. هذا النداء يعود إلى بداية التسعينات. فلا فائدة ولا طائل من وراء محاولة وضعنا الآن أمام الأمر المقضي.
الشعب: هل بقيت الحكومة »مكتوفة الأيدي« أمام هذا الوضع منذ التسعينات؟
بوزريبة: طبعا لا، ولا يمكنها أن تظلّ كما قلت »مكتوفة الأيدي« باعتبارها الضامن لكلّ نظام اجتماعي ومالي قائم بالبلاد.
فقد أقدمت انطلاقا من سنة 1994 على إقرار زيادات متتالية في المساهمات بعنوان التقاعد في النظام العام الذي يديره الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية كما يلي:
زيادة تدريجية ب 2،2٪ سنة 1994 (2،1٪ على كاهل المؤجر و1٪ على كاهل الأجير).
زيادة تدريجية ب 5،2٪ سنة 2002 (5،1٪ على كاهل المؤجر و1٪ على كاهل الأجير).
زيادرة تدريجية ب 3٪ سنة 2007 (8،1٪ على كاهل المؤجر و2،1٪ على كاهل الأجير).
بحيث يكون مجموع هذه الزيادات الثلاث 7،7٪ (5،4٪ على كاهل المؤجر و2،3٪ على كاهل الأجير).
ليس هذا فقط فقد أقرّت الحكومة أيضا مراجعة شرطي الإحالة على التقاعد لتوفّر الأقدمية والسنّ (35 سنة للأقدمية و55 عام للسنّ) بالترفيع في كلّ منهما بسنتين أي أصبحا 37 و57 وكذلك تحديد الجراية القصوى الممنوحة للبنت العزباء ب 50٪ في كلّ الحالات وأن تكون زمن الوفاة في وضعية من ليس له مورد رزق ولم تجب نفقتها على زوجها.
إجراء ثالث اتخذته الحكومة وله أهميته من حيث تحميل المنتفعين بجرايات مساهمات على الزيادة في الجرايات تحتسب على أساس الزيادة في أجور النشطين أي 5،8٪ على كاهل المنتفع بجراية و2،11٪ على كاهل المؤجر لكن مساهمة هذا الأخير تتوقّف بعد 36 شهرا لتحمل بعدها كلّ المساهمة أي 7،19٪ على كاهل المنتفع بجراية طيلة مدّة صرفها.
أمّا بالنسبة لنظام التقاعد للأجراء غير الفلاحيين الذي يديره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقد تمّ الترفيع في موارده ب 5،3٪ سنة 1994 وب 1٪ سنة 2003 كما تمّ الترفيع في السنوات المعتمدة لاحتساب جراية التقاعد الى 10 سنوات محيّنة منذ 1996 كما تمّ الترفيع في سنّ الإحالة على التقاعد بطلب العون من 50 إلى 55 سنة وتوحيد نظامي غير الأجراء (أي العاملين لحسابهم الخاص) في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي وذلك لدعم التوازن المالي للنظام الجديد.
الشعب: طيّب، ماذا كانت نتيجة كلّ هذه الاجراءات؟
بوزريبة: لقد كانت النتيجة »هزيلة« بحيث ساهمت كلّ هذه الاجراءات تقريبا في تقليص عجز النظامين الأساسيين للتقاعد في القطاعين العمومي والخاص لا غير ولم تحقّق أبدا التوازن المنشود.
وبلغة الأرقام (المعذرة للقرّاء على كثرة الأرقام والنسب فقد تكون مملّة لكنّها ضرورية لتوضيح الأمور ومعرفة الحقيقة في غالب الأحيان) فإنّ العجز قد بلغ بالنسبة للنظام العام للتقاعد في القطاع العمومي 2،58 مليون دينار سنة 2007 وبلغ بالنسبة لنظام التقاعد للأجراء غير الفلاحيين في القطاع الخاص 6،112 مليون دينار في نفس السنة.
الأخطر والمفزع في هذا الأمر هو نسق العجز في النظام العام بالقطاع العمومي فقد مرّ من 1،3 مليون دينار سنة 2000 إلى 2،58 مليون دينار سنة 2007 أي أنّه تضاعف 7،18 مرّة في ظرف ثماني سنوات كما أنّ نظام التقاعد للأجراء غير الفلاحيين قد مرّ من فائض ب 1،55 مليون دينار سنة 2000 إلى عجز ب 4،23 مليون دينار سنة 2004 ثمّ إلى عجز ب 6،112 مليون دينار سنة 2007 أي مررنا من نتيجة ايجابية في سنة 2000 إلى نتيجة سلبية سنة 2007 أمّا نسق تطوّر العجز من سنة 2004 فقد تضاعف 8،4 مرّة في ظرف أربع سنوات.
الشعب: اذن والحالة تلك كيف أمكن للصناديق الايفاء بإلتزاماتها وصرف الجرايات إلى أصحابها طيلة هذه المدّة؟
بوزريبة: سؤال هام جدّا والاجابة عليه تبيّن مدى الخطورة الكبيرة التي تتهدّد ديمومة أنظمة التقاعد في المستقبل.
فقد أمكن للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية امتصاص العجز وصرف الجرايات إلى أصحابها بفضل الاحتياطات المالية (وهو المال المتبقّي بعد صرف الجرايات وطرح المصاريف الإدارية طيلة سنوات ماضية) والتي هي محقونة في الظروف العادية في السوق المالية والاقتصاد التونسي وتدرّ عائدات مالية على نظام التقاعد إلاّ أنّ الأولوية المطلقة وقت الشدّة لمعاش الناس. هذا الاحتياطي بلغ سنة 2007 ما قدره 246 مليون دينار وهو ما يمثّل شهرين من الجرايات فحسب في حين أنّ مقاييس مكتب العمل الدولي تتحدّث عن 36 شهرا من الجرايات ليكون أيّ نظام للتقاعد في مأمن والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا عسانا نفعل بعد نفاذ الاحتياطي المالي؟
في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أمكن صرف الجرايات في نظام الأجراء غير الفلاحيين بفضل الاحتياطات المالية أيضا والتي بلغت 5،1871 مليون دينار سنة 2007 وهو ما يمثّل 27 شهرا من الجرايات إلاّ أنّ الدراسة التي أنجزها الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 2005 حول »صناديق الضمان الاجتماعي في تونس: الواقع والآفاق« توقعت أن يلتهم الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية مجمل مدخراته في أفق 2015 وأن يلتهم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدخراته في أفق 2014.
الشعب: إذا كانت الزيادات المتكرّرة في المساهمات لم تحلّ المشكل والصناديق سوف تلتهم مدخراتها قريبا. فهل تمثّل الزيادة في المساهمات مرّة أخرى والترفيع في سنّ التقاعد كما تقترح الحكومة ذلك حلاّ لأزمة التقاعد في تونس؟
بوزريبة: الزيادات في المساهمات لم تمثّل حلاّ في السنوات الأخيرة ولن تكون حلاّ الآن. أمّا الترفيع في سنّ التقاعد فله انعكاس مالي أيضا بحيث أنّ الصندوق سوف يحتفظ بجرايات من سيحالون على التقاعد في سنة معيّنة لمدّة ستّة أشهر ثمّ ستة أشهر للسنة الموالية وهكذا دواليك إلى بلوغ سنتين في الترفيع.
وإذا ما عدنا إلى الوثيقة الرسمية نفسها نجد أنّ الزيادة في المساهمات ب 5٪ في القطاع العمومي وسنتين في سنّ التقاعد سوف يكون لهما انعكاس ايجابي إلى حدود سنة 2016 لا غير وفي القطاع الخاص سوف يكون للزيادة في المساهمات ب 3٪ وسنتين في سنّ التقاعد أيضا انعكاس ايجابي إلى حدود سنة 2019.
وهذا يعني أنّ الحكومة سوف تعود سنة 2016 إلى اقتراح زيادة جديدة في المساهمات وترفيع جديد في سنّ التقاعد وربّما مراجعة نسبة الجراية في القطاعين العمومي والخاص بدعوى أنّ أنظمة التقاعد لدينا »سخيّة« جدّا!!
إذا الدراسة التي قدمتها لنا الحكومة تستشرف وضع أنظمة التقاعد إلى أفق 2030 والمقترحات المقدمة تؤجل المشكل إلى بضعة سنوات لتعود الأزمة من جديد وكأشدّ من قبل.
اضافة إلى هذا فإنّ الزيادات المتتالية في المساهمات تضرّ بالمقدرة الشرائية للأجراء وتلتهم نسبة هامة من الزيادات التي حصلوا عليها أثناء المفاوضات الاجتماعية. كما أنّها تضرّ بالمؤسسات خاصّة في القطاع الخاص بحيث تؤثر على قدرتها التنافسية والتشغيلية وتفاقم من صعوباتها، وأمر المؤسسات يهمّنا في الاتحاد تماما كما يهمّنا وضع العامل إذ لا مصلحة لأحد في إفلاسها أو غلقها ولا في تفاقم ديونها لفائدة الضمان الاجتماعي كما هو الحال الآن.
أمّا بالنسبة للترفيع في سنّ التقاعد فلا يمكن أن يكون بشكل عام وإجباري للترفيع لكلّ المضمونين ولابدّ من ترك حريّة الاختيار لمن أنجز ثلاثين سنة من العمل والمساهمات أن يختار بين المواصلة أو الخروج إلى التقاعد إذ لابدّ من أخذ مدّة العمل بعين الاعتبار وسوف تكون النتائج حسب اعتقادي ايجابية اذا ما تركنا حريّة الاختيار. هذا طبعا اذا توصلنا إلى مناقشة هذا الأمر.
الشعب: تحدّثت فيما سبق عن امكانية مراجعة نسبة الجراية وعن »سخاء« أنظمة التقاعد في بلادنا حسب بعض الجهات، هل من تفسير وتحليل أكثر لقرائنا؟
بوزريبة: النسبة القصوى للجراية في القطاع العمومي هي 90٪ من الأجر المرجعي الذي هو معدّل أجور السنة الأخيرة ومبلغ الجراية غير مسقف أمّا في القطاع الخاص (نظام الأجراء غير الفلاحيين) فإنّ النسبة القصوى للجراية هي 80٪ من الأجر المرجعي الذي هو معدّل أجور العشر سنوات الأخيرة محيّنة ومبلغ الجراية هنا مسقف ب 6 مرّات الأجر الأدنى الصناعي وهناك نظام تكميلي اختياري للاطارات الذين تتجاوز أجورهم السقف المذكور. هذا بصفة عامّة دون الدخول في كيفية احتساب سنوات المساهمات ومراجعة الجرايات... الخ. أمّا فيما يتعلّق بما يطلق عليه »سخاء« أنظمة التقاعد في تونس والذي تقدمها بعض الأطراف »كحجّة«قويّة تبرّر مراجعة نسبة الجراية دعنا نقول بصراحة ودون مواربة أنّ هؤلاء يخفون الحقيقة المرّة حول واقع الجرايات في تونس ولا يريدون الغوص في أعماق وثنايا الموضوع. »السخاء« المطلق من هنا وهناك ظاهري لا غير كالسراب في الصحراء القاحلة.
الحقيقة هي أنّ معدّل الجرايات في النظام العام بالقطاع العمومي لا يتجاوز ثلاث مرّات الأجر الأدنى في حين لا يتجاوز مرّة ونصف الأجر الأدنى في نظام الأجراء غير الفلاحيين في القطاع الخاص.
الوجه الآخر للحقيقة هو أنّ المتقاعدين أو المنتفعين بجرايات عامّة لم يعودوا في غالبيتهم يعيشون بمفردهم مع قرين بل أصبحوا يعيلون شبابا يحمل شهادات جامعية وعاطل عن العمل لمدّة قد تطول أو تقصر كما أنّ الالتزامات المالية في السكن والنقل واللباس وغيرها لا تتوقّف مع التقاعد، ولا نتحدّث عن الترفيه فهذا ترف بعيد المنال للعديد من المتقاعدين.
إذا ماهي هذه الجراية التي يريدون التنقيص من نسبتها؟ هل نريد بذلك خلق شريحة جديدة من الفقراء في تونس هم المتقاعدون؟
ألا يدفعهم ذلك إلى مزاحمة الشباب في البحث عن الشغل؟ وكم هي كبيرة رغبة عديد الأعراف في تشغيل المتقاعدين لعدم وجود أعباء اجتماعية تدفع ولا تصريح لدى الضمان الاجتماعي ولا أيّ شيء آخر عدا المقابل المالي الذي عادة ما يكون زهيدا.
لأجل ذلك أؤكد أنّ الاتحاد يرفض مناقشة هذا الموضوع أصلا وكذلك المسّ من الحقوق المكتسبة لكافة الأجراء.
الشعب: قلت أنّ الاتحاد دعا الحكومة منذ التسعينات إلى حوار وتفاوض حول مراجعة شاملة للضمان الاجتماعي في تونس. فلماذا لم تستجب الحكومة لهذه الدعوة وتركت الأمر يستفحل لمدّة عشرين سنة تقريبا؟
بوزريبة: لماذا لم تستجب الحكومة لدعوة الاتحاد؟ سؤال محيّر حقّا ولا يستطيع أن يجيبنا عنه إلاّ الحكومة نفسها.
أمّا لماذا تركت الأمر يستفحل لمدّة تقارب العشرين سنة؟ فقد يكون الأمر غير ما نقول في ذهن المسؤولين بحيث أنّهم ربّما كانوا يعتقدون أنّ الزيادات في المساهمات هي الحلّ لأزمة التقاعد وربّما لم يكونوا شاعرين بعمق الأزمة ومسارها التصاعدي حتما. ويرى البعض أنّ الحكومة لا تريد فتح ملفين هامين في نفس الوقت أي ملف إصلاح نظام التأمين على المرض وملف إصلاح أنظمة التقاعد.
إلاّ أنّه في اعتقادي ارتكبت الحكومة خطأين منجيين: الأوّل هو فتح ملف التأمين على المرض قبل التقاعد والحال أنّ التوازنات المالية للتغطية الصحية في الصندوقين لم تكن مختلة في التسعينات ولاهي مرشّحة لانخرام خطير في المستقبل القريب في حين أنّ أنظمة التقاعد تستحوذ على الجزء الأكبر من موارد الصندوقين وبدأت بوادر أزمتها المالية مبكّرا منذ بداية التسعينات خاصّة في القطاع العمومي إذا لو عكست لأصابت!
الخطأ المنهجي الثاني حسب اعتقادي هو توخّي طريق واحد في محاولة تدارك العجز وهو الزيادة المتكرّرة في المساهمات وتبيّن في النهاية بأنّه طريق مسدود واستبعدت الحكومة طيلة هذه المدّة (20 سنة تقريبا) اتباع طريق آخر قد يوفّر جزءا هامّا من الحلّ وهو تنويع مصادر التمويل، بعد البحث في الأسباب العميقة والمزمنة الخارجة عن إرادة الصناديق ذاتها ولا يتحمّل العمّال فيها أيّة مسؤولية. هذان الخطآن أوصلانا إلى ما نحن فيه الأن من أزمة خانقة وخطيرة.
الشعب: أشرت إلى أسباب عميقة ومزمنة للأزمة لا مسؤولية للصناديق والعمّال فيها، ماهي؟
بوزريبة: الأسباب المسكوت عنها في الدراسة الاستشرافية للحكومة هي تلك التي تناولتها دراسة الاتحاد حول »صناديق الضمان الاجتماعي في تونس: الواقع والآفاق« الصادرة سنة 2005 وتتمثّل أساسا في:
إقدام الدولة منذ أواسط الثمانينات على تطبيق سياسة ليبرالية وبرنامج إصلاح هيكلي أدّيا إلى خصخصة عدد كبير من المؤسسات العمومية وإحالة آلاف من عمّالها على التقاعد المبكّر.
تراجع قدرة الاقتصاد الوطني على إحداث مواطن شغل وانتشار البطالة وتفاقمها خاصّة في أوساط الشباب حاملي الشهادات الجامعية.
ظهور نوع جديد من البطالة نتيجة الخصخصة والمنافسة غير المتكافئة التي فرضت على أعداد كبيرة من مؤسسات القطاع الخاصّ نتيجة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، هذا النوع الجديد هو بطالة العمّال من ذوي الإلتزامات العائلية والاجتماعية.
تفشّي واستفحال أشكال هجينة وهشّة من التشغيل كالمناولة والسمسرة باليد العاملة والعقود لمدّة معيّنة والعمل بالقطعة... الخ، وهو ما أثّر بشكل كبير على موارد الصناديق بفعل عدم انتظام المساهمات وضعف مبالغها.
تراكم الديون المتخلدة بذمّة الدولة والأعراف وبعض أنظمة المنخرطين لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي وقد تفاقمت هذه الديون بشكل خطير في القطاع الخاص.
تصرف غير رشيد في احتياطات الأنظمة من حيث التوظيفات والاستثمارات غير المجدية اقتصاديا وهو ما حرم الصندوقين وخاصّة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من عائدات مالية هامّة.
تحميل الضمان الاجتماعي مهام ومشمولات تدخل في الحقيقة في نطاق التضامن الاجتماعي ومن المفروض أن تكون من مسؤوليات الدولة وواجباتها تجاه المجتمع.
هذه الأسباب وغيرها ساهمت بدرجة كبيرة في اختلال التوازنات المالية للضمان الاجتماعي ككلّ ولأنظمة التقاعد بصفة خاصّة، وقد ذكرنا بها منذ سنوات طويلة وأكدناها في دراستنا المذكورة سابقا. وقد دعونا الحكومة ممثّلة في وزارة الشؤون الاجتماعية منذ بدء المفاوضات إلى البحث في هذه الأسباب وتحديد حجم ومدى تدخلها في الأزمة المالية الراهنة. ولما لا تعديل بعض الاختيارات ذات الآثار السلبية أو تحمّل الدولة فاتورة النتائج السلبية في صورة الاستمرار في نفس الخيارات.
لنأخذ مثالا عن رأينا هذا. فإذا كانت الدولة لا تستطيع أو لا تريد أن تتخلّى عن برنامج خصخصة ما تبقى من مؤسسات عمومية (مع العلم وأنّ موقف الاتحاد واضح من هذه الخصخصة وهو الرفض التام لها) عليها في هذه الحالة ان تتحمّل كلّ تبعات ذلك ولا تحمّل الصناديق والعمّال فاتورة هذه السياسة. كذلك على الدولة أن تجرّم السمسرة باليد والمناولة وأن تقرّ بمبدأ عامل قارّة لكلّ موطن عمل قارّ.
إذا البحث في الأسباب الغاية منه هو اتخاذ اجراءات وقرارات تعدّل المسار أو توكل المسؤولية لمن كان سببا في تلك الاختيارات ذات الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية.
الشعب: هل صحيح أنّ الاتحاد »قاطع« التفاوض حول ملف التقاعد كما يدّعي البعض وكما نشر في إحدى الصحف أخيرا؟
بوزريبة: إنّنا نقوم بعمل كبير ونبذل قصارى جهدنا في نطاق اللجنة النقابية المكلّفة بالملف وعلى مستوى اللجنة التي اختارتها الهيئة الادارية للإتحاد وقد أعددنا بعد وثائق حول التغطية الاجتماعية عامّة والتقاعد خاصّة ستعرض على المجلس الوطني القادم للاتحاد وهو ثاني سلطة بعد المؤتمر في الاتحاد وسوف يتّخذ القرارات التي يراها صالحة وضرورية للدفاع عن حقوق العمّال في هذا المجال.
نقوم أيضا بالاشراف على الأيّام الإعلامية مع قطاعاتنا ونقاباتنا كما نشرف على الندوات والتجمعات العمّالية. هذا إلى جانب التصرّف في المشاكل الطارئة الفردية أو الجماعية والتي تتطلّب منّا تدخلا لفضّها مع الصناديق.
لكنّ للأسف الشديد هناك من »يشكّك« أو »يزايد« أو يحاول »الضغط« من الداخل ومن الخارج بإعطاء معلومات خاطئة حول مواقف الاتحاد واهتمامه بهذا الملف وقد بلغ الأمر بإحدى الصحف اعتبار الهيئة الادارية قد وافقت على الترفيع في سنّ التقاعد ثمّ تراجعت في حين أنّ لائحة الهيئة الادارية الوطنية موجودة وفي متناول كلّ الصحافيين وغير الصحافيين، وقد نشرت حرفيا في »الشعب« وملخصة في بعض الصحف الأخرى ولا تتضمّن أيّة إشارة مباشرة أو غير مباشرة لهذه »الموافقة« المزعومة.
الاتحاد أيضا لم ولن يقاطع التفاوض باعتباره منظمة تؤمن بالحوار الاجتماعي البنّاء والمسؤول. كلّ مافي الأمر هو أنّنا عرضنا وجهة نظرنا في أوّل وثاني وثالث اجتماع فيما يتعلّق بالتمشّي المنطقي والعلمي لمعالجة أزمة أنظمة التقاعد حسب تصورنا:
البحث في الأسباب العميقة والمزمنة التي ذكرناها أهمّها فيما سبق وتحديد مدى تدخلها في الأزمة القائمة.
البحث في الأسباب الهيكلية لكلّ نظام على حدّة وكيفية تحقيق توازناته المالية.
تقييم سياسة التوظيفات والاستثمارات لاحتياطات الأنظمة بهدف تحقيق المردودية والجدوى الاقتصادية.
بعد ذلك يكون البحث في الحلول التي سوف تسهّل المراحل السابقة إنجازها.
لكن يبدو أنّ الوزارة مصرّة على حصر التفاوض في المقترحات التي تقدّمت بها فيما يتعلّق بالترفيع في سنّ التقاعد والزيادة في المساهمات واستعجال الأمر بغاية بداية التطبيق في أقرب وقت. فإذا لم يكن هناك استعداد للتفاوض بالبحث في مختلف المقترحات المتعلّقة بمحتوى التفاوض وشكله ورزنامته لا فائدة إذا من شرب القهوة وسماع الشيء المعتاد.
العبارة الأصحّ التي يمكن استعمالها في هذه الحالة هي توقّف المفاوضات وليس مقاطعة أو أيّ شيء من هذا القبيل.
الشعب: على ضوء التشخيص والتحليل الذي قدّمته ماهو تصوّر ومقترحات الاتحاد لمعالجة الأزمة التي تتخبّط فيها أنظمة التقاعد؟
بوزريبة: يقوم تصوّر الاتحاد ومقترحاته على مستويين:
مستوى عاجل ويتمثّل في توفير تمويل لأنظمة التقاعد بالإعتماد على مصادر أخرى من الضريبة المباشرة أو غير المباشرة (دون الدخول في التفاصيل) وعدم الاقتصار على التمويل التقليدي الذي يتمثّل في مساهمة الأجراء والمؤجرين فقط لأنّ هذا النوع من التمويل بلغ مستويات مرتفعة أصبحت تضرّ بالمقدرة الشرائية للأجراء وبالوضع الاقتصادي والمالي للمؤسسات كما بيّنا فيما سبق.
وهذا التوجّه اعتمدته عديد الدول الأخرى مثل فرنسا ومن شأنه أن يوفّر موارد مالية هامّة وقارّة تحقّق التوازن على المدى القريب والبعيد.
مستوى آجل ويتمثّل في ضرورة بل وجوب تعديل بعض الخيارات الاجتماعية المتعلّقة بالتشغيل والقضاء على هشاشة الشغل وعدم الاستقرار والسمسرة باليد العاملة وفرض احترام تأجير لا يقلّ عن الأجر الأدنى في كلّ الحالات وتطبيق مبدأ عامل قارّ في كلّ موطن عمل قارّ وكذلك وضع برنامج واضح وصارم لاستخلاص ديون الضمان الاجتماعي وترشيد التصرّف فيما يتعلّق بالتوظيفات والاستثمارات للإحتياطات المالية للأنظمة وغيرها من الإجراءات المتحتّمة إذا كانت هناك ارادة حقيقية في ايجاد حلول دائمة تحقّق التوازن المالي وديمومة الأنظمة على المدى البعيد.
إنّ هذا التمشّي كفيل بحلّ الأزمة الراهنة والمستقبليّة لأنظمة التقاعد مع التأكيد على أنّ الحوار والتفاوض حول التمويل يجب أن لا يقتصر على التقاعد فحسب بل لابدّ وأن يشمل كلّ الخدمات التي يسديها الضمان الاجتماعي لمنخرطيه وخاصّة التأمين على المرض الذي أكّدنا خلال المفاوضات أنّه سيسقط في عجز في توازناته منذ السنوات الأولى وهو ما حدث فعلا (وهذا موضوع آخر قد نعود إليه في مستقبل قريب).
إذا نأمل أن تتخلّى الحكومة عن الحلول الظرفية والترقيعية التي جرّبت في الماضي القريب ولم تجد نفعا وأن نتوصّل من خلال تفاوض صريح وعميق إلى إقرار إجراءات وحلول دائمة تحافظ على هذا الصرح القويّ والركيزة الأساسية في التوازن والتماسك الاجتماعي والاستقرار في بلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.