نظمت صباح أمس هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية لقاء حواريا بمقر اتحاد الأعراف بالعاصمة حول معايير المحاسبة والتدقيق للمالية الإسلامية بحضور سليم بسباس، الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالملف الاقتصادي ونبيل عبد اللطيف رئيس المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين والدكتور خالد الفقيه الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية اضافة الى عز الدين خوجة رئيس مدير عام بنك الزيتونة ومجموعة هامة من الخبراء المحاسبين. وقال سليم بسباس لدى افتتاحه للملتقى أن تونس في حاجة الى بناء أنموذج جديد ومنوال مبتكر للتنمية نظرا لما تواجهه من تحديات اقتصادية واجتماعية خلال هذه المرحلة الانتقالية على حدّ قوله. وأضاف: «من الضروري اليوم بناء المنوال القادر على استخدام كل الموارد الانتاجية المتاحة، تساهم في بلورته جميع الأطراف المعنية من أجل تحقيق التنمية المستدامة والعادلة». وأشار بسباس الى أن مسألة رفع التحديات تتطلب تظافر عدة عوامل من بينها تثبيت مقومات الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد وإرساء تنمية جهوية متوازنة ودعم دور الجهاز النقدي والمالي في تمويل الاقتصاد الوطني مشددا على أهمية توسيع دائرة مصادر التمويل وتنويعها وعلى تيسير النفاذ اليها وتحسين نجاعة القطاع المالي ما من شأنه أن يحفز المبادرة الخاصة والاستثمار. وذكر سليم بسباس أن منتجات الصناعة المالية الإسلامية تعد من أهم العوامل المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد وأنها تمثل حلولا تمويلية اضافية، على حدّ قوله، وتابع قائلا: «تشكل المسألة القانونية والتشريعية، الهاجس الرئيسي الذي يحتاج الى معالجة منهجية سليمة وصائبة في مجال المالية الإسلامية، ووجب رسم الإطار الملائم الذي يساعد على اندماج المنتجات المالية الإسلامية من خلال الحسم بين مختلف الخيارات والتجارب والتطبيقات الموجودة على الساحة الدولية». وتحدث سليم بسباس عن توجه تونس نحو الانفتاح على أدوات الصناعة المالية الإسلامية التي تستقطب اهتماما اقليميا ودوليا واسعا على حدّ قوله، مؤكدا أن اللجنة الوطنية لتطوير المالية الإسلامية المحدثة صلب وزارة المالية أنهت أعمالها وأنها قد خلصت الى اقتراح الإطار القانوني الشامل للمالية الإسلامية. وعن مسألة معايير المحاسبة والشرعية، شدّد مستشار الحكومة على ضرورة توفر مؤشر مرجعي مشترك للصناعات المالية والمصرفية الإسلامية يساعد على صيانة السوق وتحديد السمات المميزة لهذه الصناعة من حيث الأساس الفكري، وأضاف قائلا: «تقدم المعايير الإسلامية الأدوات اللازمة لتلبية متطلبات المعاملات الإسلامية المالية، كما تقدم هذه المعايير موجبات الثقة لمستخدمي القوائم المالية وتوفر أسس التجانس في التقارير المالية». منظومة في تطور من جهته، أكد نبيل عبد اللطيف رئيس المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية أن منظومة المؤسسات المالية الإسلامية عرفت تطورا ملحوظا خلال العشرية الأخيرة، وشدد في الآن ذاته على ضرورة ارساء آليات وطرق عمل تضمن نجاح المنظومة ونجاعة القطاع المالي على حدّ قوله. ومن الآليات الواجب العمل بها، تحدث نبيل عبد اللطيف عن ضرورة احداث نصوص تشريعية ملائمة في مستوى مجلة النزاعات والعقود وتركيز وتفعيل دور الرقابة واعتماد معايير تستجيب للإطار التشريعي التونسي، مشيرا الى دور الخبراء المحاسبين في هذا المجال. هي منظومة متكاملة أما عز الدين خوجة رئيس مدير عام بنك الزيتونة فقد أشار الى تفاعل الشعوب العربية واقبالها للتعامل مع البنوك الاسلامية منذ سنة 1975 تاريخ تأسيس أول بنك إسلامي في العالم العربي على حدّ قوله. وأضاف قائلا: «هذه البنوك بدأت كتجارب منفردة والولادة كانت يتيمة في 1975، أما اليوم فقد أجمعت كلّ المؤسسات الاسلامية المالية على أنها ليست مجرد تجارب وإنما هي منظومة ومشروع متكامل ووجب أن نؤكد للعالم أننا لسنا بصدد القيام بتجارب متناثرة بل لنا خصائصنا ومعاييرنا». وحول القيمة العلمية للمعايير بين عز الدين خوجة أنها مهمة وضرورية ومصدر أساسي لكل المتعاملين مع البنوك الاسلامية، مشيرا الى أنها الكفيلة بحماية عامل البنك من الفتاوى. كما تحدث رئيس مدير عام البنك عن المعرض الذي سيلتئم خلال الأيام القادمة بمصرف الزيتونة والذي سيتواصل على مدى 5 أيام. مداخلات وحلقات نقاش وتخلّلت اللقاء مجموعة من المداخلات، منها ما يعنى ببرامج ونشاطات هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية وعلاقاتها بهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية وقد تولى عرضها الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية السيد خالد الفقيه، كما تولى محمد ناجي الهرقلي تقديم دراسة حول تقدم أشغال اعتماد الاطار القانوني لمنظومة المالية الإسلامية في تونس. كما كان اللقاء فرصة كذلك لتبادل الآراء وفتح أبواب النقاش ومقارنة المعايير العالمية ومعايير المحاسبة الإسلامية والبحث في معايير التدقيق الشرعي وعلاقتها بالمعايير الدولية.