بداية من اليوم : إنطلاق تحيين السجل الإنتخابي للتونسيين المقيمين بالخارج    يهم التونسيين : اجراءات جديدة قد ترى النور تتعلق البنوك وغلق الحسابات    كلفته 89 مليون دينار: اليوم انطلاق العد القبلي للتعداد العام للسكان والسكنى    غضب وحيرة في جبل الجلود ...أبناؤنا لم يصلوا إيطاليا منذ أسبوعين!    في الذكرى ال 66 لاستشهاد بطل الجهاد والاجتهاد...مصباح الجربوع... حيّ في القلوب    %70 معاملات في السوق الموازية.. قانون جديد لتنظيم التجارة الالكترونية    سمير ماجول : ''القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد''    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة رئيس ايران تنبأت به الفلكية ليلى عبد اللطيف قبل شهرين..وهذا ما قالته..!!    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    اليوم: رياح قوية بعد الظهر قد تصل سرعتها إلى 90 كم في الساعة    اليوم: درجات الحرارة لن تتغيّر    عصابة الاستيلاء على الأراضي الاشتراكية بقبلي .. تعود من جديد والنيابة العمومية تضرب بقوة    المحمدية- بنعروس: الإحتفاظ ب4 أشخاص وحجز كمية من الأقراص المخدرة    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    كاس تونس لكرة اليد - الترجي الرياضي والنادي الافريقي في النهائي    البرلمان : يوم دراسي حول انضمام تونس إلى بروتوكول اتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة    في رحلة "الموت" .. السيراليوني "حاجي" مهاجر كألف وألف في البحر (بورتريه)    مجلس صيانة الدستور في إيران يعلن عن إجراءات جديدة عقب مصرع رئيسي    أريانة : انطلاق بناء قاعتي تدريس ومدرج بمدرسة النصر1 بتمويل من "فاعل خير"    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    المنستير: الدورة الثانية لمهرجان القريدفة، تأصيل للتراث المحلي لبني حسان    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    أول دولة عربية تعزي بالرئيس الإيراني    من هو المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني؟    "دبور الجحيم"..ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران؟    أولا وأخيرا .. «صف الياجور»    تعاون مرتقب في التحوّل التكنولوجي للطقس    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    جندوبة: تحت شعار "طفل ومتحف" أطفالنا بين روائع مدينة شمتو    الزارات -قابس: وفاة طفل غرقا بشاطئ المعمورة    تراجع توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب مقابل ارتفاع في الاستهلاك العالمي    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    بعد "دخلة" جماهير الترجي…الهيئة العامة لاستاد القاهرة تفرض قرارات صارمة على مشجعي الأهلي و الزمالك في إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية و كأس الكاف    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    محلل مالي : البنوك اصبحت تفرض شروطا صعبة في اسناد مختلف أنواع القروض    أخبار الأولمبي الباجي: أمان في البطولة وطموحات عريضة في الكأس    روعة التليلي تحصد الذهب في اليابان    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شكري بلعيد» ل «لتونسية»: «اكبس» أحد عناوين الثورة المضادة


جبهتنا ستخوض الانتخابات
القائمة السوداء، مناورة لتركيع الاعلاميين
لا ينبغي ان يشتري الفاسدون نظافتهم بتاريخ المساجين السياسيين
مصدر القرار بالبلاد في «مونبليزير» وليس في قرطاج أو باردو أو القصبة
انتخب مؤخرا امينا عاما لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد ،تصريحاته كان لها الاثر المتباين في الساحة السياسية ،يساري الانتماء ،من انصار الطبقة الكادحة والمنادين بتحقيق أهداف الثورة ،حقوقي وثوري ،هذا تقديم مقتضب للمحامي شكري بلعيد الذي التقته «التونسية» في الحوار التالي:
ماذا أثمر المؤتمر التأسيسي الموحد للتيار الديمقراطي ؟وماهي آفاقه؟
من ثمار المؤتمر أولا توحيد الجزء الرئيسي من عموم التيار الوطني الديمقراطي في حزب سياسي بمؤسسات واضحة جلية وبمرجعية فكرية وببرنامج سياسي وبخطط عمل وبروح جديدة منطلقة نحوالمزيد من الوحدة ومزيد من الانفتاح تحقيقا لأهداف الثورة وانحيازا للشعب الكادح.
ومن ثماره ايضا أننا قدرنا على تثبيت مستوى عال من ادارة الاختلاف والتنوع داخلنا بما حفظ وحدتنا وعززها. كذلك كان محطة فارقة في الانصهار والقطع مع الانتماءات القديمة بروح توافقية وحدوية نقدر انها طريقنا اليوم وغدا لمواصلة المسيرة النضالية .
تحدثتم عن الاختلاف والتنوع والقطع مع الانتماءات القديمة ..هل لك أن توضح ذلك؟
لا يخفى على أحد أن المؤتمر التأسيسي الموحد شمل تجارب مختلفة وأجيالا مختلفة وتنظيمات انتمت الى عموم التيار الوطني الديمقراطي وتكرس داخلها شعور بالانتماء لكياناتها الضيقة وولائها لتجارب حلقية ،فهنالك رواسب عديدة من الفئوية والتقوقع كان لا بد من مواجهتها والتغلب عليها ،خاصة أننا ازاء مرحلة صعبة تتطلب وحدة أكبر، فوحدة التيار الوطني الديمقراطي في الحزب الوطني الديمقراطي الموحد (وهي مهمة متواصلة)هي مقدمة ولبنة أساسية لبناء جبهة شعبية واسعة تكون أداة وبرنامجا وقيادة تتقدم للشعب كبديل يفتح أفقا جديدا لتونس أخرى ممكنة ،تونس الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .
هل في هذا التوحد بداية لتحقيق وحدة كافة قوى اليسار؟
كل حزب وكل جبهة جادة إلا وتهدف الى الوصول الى السلطة وممارسة الحكم من أجل تطبيق برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لذلك ومنذ النقاشات الأولى صلب مكونات الجبهة الشعبية أوضحنا هذه المسألة ،فنحن نريد جبهة سياسية لا تقف عند الاحتجاج فقط بل تطرح برنامجا للحكم لذلك كانت الجبهة الشعبية جبهة سياسية للتعبئة والتأطير والنضال ولكنها أيضا جبهة لخوض الانتخابات العامة وفي كل المستويات من أجل الفوز تحقيقا للبرنامج وانجازا لأهداف الثورة. وهي جبهة تتكون من 12 حزبا ومئات من الكوادر المستقلة ويمكن حوصلتها في ثلاثة مكونات كبرى: المكون اليساري الاشتراكي والمكوّن اليساري العروبي القومي والمكون الديمقراطي الاجتماعي ،كما أن هذه الجبهة منفتحة على كل القوى السياسية وعلى كل مكونات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والنخب في العاصمة والجهات والمهجر التي تلتقي على برنامج الحد الادنى .
فكما ترون هي جبهة بديلة تطمح للسلطة والحكم من أجل تنفيذ برنامج وانجاز مهام وتحقيق أهداف وهي ديناميكية شعبية مفتوحة لن تكون تجميعا للأحزاب فقط بل نريدها تجميعا لقوى الخير والتقدم والحرية في كل الأوساط وهو ما سيعبر عنه المؤتمر الوطني لهذه الجبهة خاصة في مستواها التنظيمي. فلها هيكلة على المستوى الوطني المركزي وفي كل ولاية وكل معتمدية وفي كل المهاجر.
وهذا المؤتمر الذي سيعقد قريبا سيعرض تصورات الجبهة وبرامجها وخياراتها وسيعلن قياداتها وهيكلتها ،اذن فالجبهة خيار استراتيجي بالنسبة للقوى التقدمية وجب دعمها وتوسيعها والمضي فيها مهما كانت التضحيات والتنازلات .
كنتم قد دعوتم الى تكوين جبهة يسارية توحد كافة اليساريين شرط عدم الارتباط بالأجنبي ،ما تعليقكم على ذلك؟
نحن دعونا لبناء تحالف واسع على قاعدة اهداف الثورة ومن اولى اولوياتها النضال من أجل السيادة الوطنية لذلك لا يمكن بحال من الاحوال أن نتحالف مع من يرهن قراره لقوى الهيمنة والتسلط الامبريالي الصهيوني ،فنحن كنا دائما وأبدا نناضل من أجل تحقيق التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي وهو ما يجعلنا حذرين تجاه من يتلقى تمويلات من الخارج ومن يرتبط بأنظمة ودول ومراكز نفوذ معادية للأمم والشعوب ،لذلك فالجبهة الشعبية أساسها الولاء للوطن والانحياز للشعب.
كنتم اخترتم «تحقيق أهداف الثورة والانتصار للشعب الكادح» شعارا لمؤتمركم، هل في ذلك اعتراف ضمني بأنه هناك محاولات للالتفاف على أهداف الثورة واختيار اليسار بديلا لتحقيقها؟
ان شعار مؤتمرنا جاء نتيجة لقراءة الوضع القائم المذكور أعلاه وهوواقع تحتل فيه الحكومة القائمة رأس حربة قوى الالتفاف على الثورة حيث عملت على استبعاد كل المطالب التي رفعتها الثورة وواصلت نفس السياسات والخيارات الاستراتيجية والجوهرية للنظام السابق. ان الأهداف والمطالب والمهام التي رفعها الشعب لم تنجز ولم يتحقق منها شيء بما يجعلها مطروحة الان بإلحاح كبير على جدول أعمال القوى الثورية وعموم القوى التقدمية .
طرحت مسألة اللائحة الدينية لأول مرة في صياغة اللوائح التي تناولها المؤتمر... لماذا؟
طرحت هذه اللائحة لاعتبارين ،اولهما ان الاسلام شكل ويشكل مقوما مركزيا في هوية شعبنا وعنصرا أساسيا في ثقافته الجامعة كما شكل في السنوات الاخيرة محور صراع بين قوى وأحزاب وأنظمة تسعى لتوظيف الدين واستغلاله لتسويق سياساتها الرجعية وارتباطها بالامبريالية حيث لاحظنا الفتاوي التي بررت العدوان على العراق وأجازت الارهاب والتفجير والقتل.
ثانيا بروز أحزاب سياسية في تونس صلب الحكم وخارجه عملت على احتكار التحدث باسم الاسلام ورفض الآخر والسيطرة على دُور العبادة وممارسة العنف داخلها ومحاولة تقسيم تونس على أسس طائفية وسعيهم لفرض نمط عيش وتدين وسلوك ولباس وتعبد باستعمال الاكراه والعنف واتخذ ذلك ابعادا خطيرة بتشكيل مجاميع شبه نظامية وميليشيات على أساسه.
لهذا كان لا بد من طرح مسألة الدين بشكل واضح خاصة ان تونس شكلت على امتداد تاريخها بلد التعايش والتسامح والاندماج الوطني بعيدا عن الطائفية والعرقية وكل أشكال التمييز العنصري ،وشكلت كذلك دولة مدنية أساسها منظومة قانونية وضعية احترمت فيها دور العبادة وحفظت فيها الشعائر الدينية. لذلك قام حزبنا بصياغة لائحة تقدم اجابة ومقترحات تتعلق بهذه المسألة في اطار اقرار حرية المعتقد والمنظومة الكونية لحقوق الانسان ودولة المواطنة والمساواة.
في خطابكم خلال المؤتمر ،قلتم ان هناك توظيفا صارخا للقضاء،كيف ذلك؟
ما لاحظناه مؤخرا هوتدخل صارخ في شؤون القضاء وتوظيفه بشكل غير مسبوق وقد تجلّى ذلك في مستويين،الأول مبدئي هيكلي حيث تلكأت حكومة الالتفاف على الثورة في حسم مسألة الهيئة القضائية المؤقتة المستقلة وعليه واصلت العمل بنفس آليات وزارة عدل البشير التكاري سواء في حالة النُقل اواسناد الخطط أو تطهير القضاء او محاسبة القضاة ،حيث اعتمدت هذه الحكومة على الية الاعفاء التي تتناقض مع أبسط مقومات المواطنة والمساواة فوقع اعفاء قضاة دون احالتهم على مجالس التأديب أوعلى الجهات القضائية المختصة وهو مظهر متخلف غير مسبوق وآلية اعتمدت من طرف الحكومة للضغط على القضاة وتخويفهم في حالة عدم انضباطهم او اصدارهم لأحكام أو قرارات قضائية لا تعجب الحكومة وحزبها وكما قال القاضي الفاضل أحمد الرحموني» فاقد الشيء لا يعطيه».
أما على المستوى الثاني فإننا نلمس التدخل في المحاكمات التي انتشرت كالنار في الهشيم ضد أبناء الشعب من المعطلين أوالذين يطالبون بحقهم في شربة ماء أوالذين يطالبون بحماية الحق النقابي أوغيرهم من النشطاء، فأصبح الاعتصام السلمي جريمة لدى الحكومة تحت عنوان «تعطيل حرية العمل» وهي التهم نفسها التي اعتمدها نظام بن علي في محاكمات الحوض المنجمي ...في مقابل ذلك يتم اطلاق سراح كل العناصر السلفية التي مارست الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة والاعتداء على الحريات في وضح النهار وتحت أعين الكاميراوات بما شكل فضيحة لصورة تونس في العالم وقدمت بلادنا وكأنها كهف ظلامي من كهوف افغانستان ،هؤلاء هم فوق القانون وخارج أي عقاب ،فهم «أبناؤنا» كما قال السيد راشد الغنوشي وهو ما يؤشر على أن هذه الحكومة تؤسس بصمتها المتواطئ مقدمات خطيرة للفوضى والعنف وهي وحدها مسؤولة عنه ،فالعنف لا يخدم إلا قوى الثورة المضادة .
قلتم سابقا إنّ المنوال التنموي يعمق التهميش خدمة لرأس المال الأجنبي، هل لك ان توضح ذلك؟
اليوم بعد ان تبنت حكومة «النهضة» كامل برنامج الميزانية العامة الذي أعدته حكومة الباجي قائد السبسي وزادت الميزانية التكميلية ،أكدت على تواصل نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية لحكومة بن علي ،حيث نلاحظ توجه الاستثمار لنفس القطاعات الهشة وتغييب القطاعات المنتجة ذات القيمة المضافة العالية والتشغيل الفعال ومواصلة نفس السياسة الجبائية للنظام السابق وهي سياسة غير عادلة ومواصلة نفس الارتباطات الاقتصادية وتوجيه حركة الاقتصاد نحو التصدير وعدم توجيهه للداخل استهلاكا ومراكمة. والأخطر من كل ذلك السعي المحموم لبيع القطاعات الاستراتيجية في شتى المجالات للشركات الاجنبية ولجماعات الريع النفطي حامية جماعات الاخوان المسلمين ومظلتهم المالية وصل حد بيع الأراضي الفلاحية للأجانب وهو مظهر من مظاهر الاستعمار التي قطعت معه أغلب الشعوب. ولقد كفتنا الحكومة مؤونة محاججتها فخرج علينا وزراؤها يتباهون بتقارير صندوق النقد الدولي بنفس العبارات التي كان يتباهى بها وزراء حكومة بن علي ،فكلا الطرفين عمل على ان يكون تلميذا نجيبا لصندوق النقد الدولي ،للمؤسسات المالية الدولية ،أداة قوى الهيمنة العالمية للسيطرة على مقدرات الشعوب.
كيف يرى شكري بلعيد الساحة السياسية اليوم؟
الساحة السياسية اليوم بصدد التهيكل ولم تستكمل مكوناتها بعد حيث نلاحظ انحصارا كبيرا لحزب الحكومة (حركة النهضة) وتصاعد الرفض الشعبي لسياسة حكومتها خاصة في ولايات الداخل والمناطق المحرومة –خزان الثورة ومنطلقها-، ترادف ذلك مع نهوض واسع صلب النخب ضد خياراتها الرجعية التي استهدفت المكاسب والحريات العامة والفردية ،إلا أن هذا الطرف يظل قوة أساسية في المشهد السياسي أصاب بلعنته كل من تحالف معه أواقترب منه وامحاء وانقسام «المؤتمر من أجل الجمهورية» ووهن وانعدام وزن حزب «التكتل» في مقابل ذلك هناك مساع لتجميع القوى الليبرالية في جبهة سياسية مازالت متعثرة في ذات اللحظة وهناك خطوات جدية قطعت من طرف القوى الثورية والوطنية والتقدمية لبناء الجبهة الشعبية بما يسهل اخراج هذه القوى التي كانت سباقة في الانخراط في المسار الثوري ولعبت دورا أساسيا في اسقاط الدكتاتورية واخراجها من تشتتها وانقسامها في سبيل وحدتها وتعبئة قدراتها البشرية والمادية بما يؤهلها لان تكون الرقم الصعب في المعادلة السياسية القادمة.
هذا في ما يتعلق بعناصر أساسية من الخارطة لكن الوضع السياسي يتسم بمأزق مفتوح تعيشه المرحلة الانتقالية ،حيث نلاحظ مواصلة نفس الارتباطات التي كانت في حكومة بن علي الدولية ونفس منوال التنمية مع هذه الحكومة.
كذلك نلاحظ تصاعد التوترات الاجتماعية خاصة امام عدم وفاء الحكومة بما وعدت به فاتسعت قاعدة البطالة وتراكم الفقر وتعمق تهميش الجهات الداخلية وغابت المشاريع التي من شأنها بعث بوادر الامل لدى الشباب زادتها احتقانا العودة القوية للحلول الامنية ولسياسات القمع وللمحاكمات ضد الحركات الاحتجاجية السلمية للمعطلين عن العمل وللمطالبين بحقهم في الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء.
هذا إلى جانب اطلاق يد جماعات شبه نضامية وميليشيات تعتدي على الحريات وعلى النخب وعلى النساء وتسعى لفرض نمط عيش قروسطي بدائي على حرائر تونس وأحرارها .
هذا الوضع يؤشر على أن الحكومة المؤقتة تريد أن تصبح دائمة لذلك خانت كل الالتزامات وعلى رأسها الالتزام بأجل سنة لصياغة الدستور وانهاء عمل المجلس التأسيسي ورفضها تثبيت الهيئة العليا المستقلة للاشراف على الانتخابات وسعيها لتعيين اتباعها معدومي الكفاءة في المواقع الحساسة في الادارة والأجهزة اليومية وغيرها،اذن الوضع كما ترون على غاية من الخطورة مما يتطلب البحث الجدي عن مخرج سياسي لانقاذ ما تبقى من المرحلة الانتقالية وايصال البلد الى بر الأمان الديمقراطي.
ألا يمثل خطاب المرزوقي الذي انتقد فيه حركة «النهضة» مؤشرا على تصدّع «الترويكا»؟
«الترويكا» انتهت منذ أيامها الاولى ،منذ اللحظة التي استولى فيها رئيس الحكومة على كل الصلاحيات وحوّل حليفيه الى ديكور يتمم المشهد ،والسيد منصف المرزوقي الرئيس المؤقت كشف حقيقة معلومة للجميع غير أن ضغط «النهضة» عليه جعله يتراجع حتى عن تلك التصريحات .
وضع «الترويكا» اليوم ووضع مؤسسات الحكم دليل صارخ على حجم الأزمة المفتوحة التي تعيشها البلاد فكل يوم نسمع عن تصاريح متضاربة متناقضة بين الرئاسات الثلاث وتصريحات متناقضة بين الوزراء وكأن كل واحد منهم حكومة بذاته وهو ما جعل الرأي العام لا يتعاطى جديا مع الخطاب السياسي للحكومة ،بل وأكثر من ذلك وقف التونسيون والتونسيات على ان مصدر القرار ليس في قرطاج ولا في باردو ولا في القصبة بل هو في مونبليزير خارج المؤسسات والشرعية وممن لا صفة له ولا سلطة قانونية له. ألا ترى في ذلك تأسيسا لنظام برلماني سابق لأوانه؟
القانون المؤقت للسلط العمومية (الدستور الصغير) صيغ بطريقة جعلت من هذه المرحلة مجرد اختبار وتجربة لنظام برلماني مشبوه ،حيث نلاحظ ان السلطة التنفيذية مجسدة في الحكومة وفي رئيسها قد تغولت على بقية المؤسسات والسلط بما في ذلك السلطة التأسيسية الاصلية الوحيدة (المجلس التأسيسي) وهي تجربة أرادتها حركة «النهضة» مدخلا لاختبار قدرتها على احكام قبضتها على مؤسسات الدولة بما جعلها الان تتمسك بضرورة ان يكون النظام السياسي القادم نظاما برلمانيا ،غير أن كل القوى السياسية دون استثناء داخل المجلس التأسيسي وخارجه تفطنت لخطورة هذا التمشي الذي يؤسس لدكتاتورية جديدة وتوافقت على ضرورة أن يكون النظام السياسي القادم نظاما مختلطا تكون فيه السلطة التنفيذية برئيسين ينتخب فيها رئيس الدولة مباشرة من الشعب وله صلاحيات محددة حصرا بنص الدستور. ولعل هذا التوافق الضمني جعل حركة «النهضة» تصرح علنا من خلال رئيسها أنها سترشح واحدا من قياداتها (قد يكون السيد راشد الغنوشي) لمنصب الرئاسة اذا لم يتم الموافقة على النظام البرلماني وهو السبب الحقيقي الذي فجر غضب الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي بعد أن اكتشف أنه لن يكون مرشح «النهضة» الا اذا كان رئيسا بلا صلاحيات .
كثرت المطالب الداعية الى تصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها من بينها حملة «اكبس»،فكيف ترون ذلك؟
نادوا ب «اكبس»التي من نتيجتها المباشرة أن عينت حكومة الجبالي عناصر عديدة من وجوه نظام بن علي في مواقع أساسية قيادية في الدولة والإدارة على غرار تعيين الشاذلي العياري المناشد والمداح لبن علي على رأس أهم مؤسسة مالية في الدولة والعديد من الوجوه في الساحة الاعلامية وفي مفاصل الادارة، وقد توّج ذلك اجتماع السيد حمادي الجبالي بسوسة بأعداد كبيرة من قادة مسؤولي النظام السابق وأركانه مع العشرات من رجال الاعمال وهو ما يؤكد أن حملة «اكبس» تتعلق بشيء آخر وهو «الكبس» على حرية الاعلام و«الكبس» على الحق النقابي و«الكبس» على لقمة عيش الكادحين و«الكبس» على «الشهرية»المتدهورة و«الكبس» على النساء و«الكبس» على الحريات ،فكما ترون «اكبس» أحد عناوين الثورة المضادة .
لم توجهوا الدعوة في مؤتمركم لا لحركة «النهضة» ولا لحركة «نداء تونس» ،هل وراء ذلك موقف؟
نحن في مؤتمرنا وجهنا الدعوة لكل الاحزاب السياسية والقوى المدنية التي لها معنا قواسم مشتركة ولوفي حدودها الدنيا لذلك استدعينا أصدقائنا فقط .
ما موقفكم من اقصاء التجمعيين من ناحية وتنصيب البعض منهم في مناصب هامة بالدولة من ناحية أخرى ؟
هذه المسألة نتناولها مبدئيا حيث وقع حل «التجمع» بحكم قضائي ولم يعد قانونيا موجودا وعليه فان العناصر التي كانت تنتمي اليه يمكن تقسيمها الى قسمين ويشملان كل من تعلقت به قضية أوجريمة أو فساد أوقتل أو تعذيب وهؤلاء القضاء وحده دون غيره مؤهل لمساءلتهم وعقابهم وإقصائهم...أما البقية وانطلاقا من مبدإ جوهري يؤمن به حزبنا والقائم على رفضنا للعقاب الجماعي ولمنطق وثقافة الالغاء والاجتثاث فان كل التونسيين والتونسيات متساوون وأحرار في أن ينتسبوا لأي حزب أو يشاركوا في انتخابات أو يقاطعوها،هذا على المستوى المبدئي. أما الدعوة الاخيرة من طرف حركة «النهضة» فهي تدل على نفاق سياسي حيث اعتمدت هذه الحركة على جزء منهم في حملتها الانتخابية الأخيرة وضمت في صفوفها أعدادا منهم ،ويقابل مسؤولوها الكبار العديد من أركان حزب «التجمع» المحلّ ،اذ تم في الأيام الأخيرة لقاء بين السيد حمادي الجبالي وحامد القروي والهادي البكوش ...
هذا الى جانب التعيينات في مواقع أساسية في الدولة والادارة،وبعد ذلك وفي اطار ازدواجية الخطاب وتحويل العديد من التونسيين الى رهائن وترويج ثقافة الخوف تطرح مشروع قانون الاقصاء. وكل هذا في اطار حملة «اكبس»،فالتجمعي الجيد هو من دخل تحت جبّة «النهضة» وغيره تجمعي فاسد وجب اقصاؤه،فأي نفاق سياسي هذا؟
كيف يتراءى لكم وضع الاعلام ؟
شهد الاعلام ولا يزال هجمة منهجية على حريته هدفها وضع اليد على هذا القطاع وتسخيره لخدمة حزب الحكومة وهو مؤشر قوي ومدخل خطير للدكتاتورية والاستبداد،وتحويل الاعلاميين الى رهائن مُسلطة عليهم ما أسمته حكومة الالتفاف على الثورة بالقائمة السوداء التي تناور بها في محاولة لإرهاب الاعلاميين وإخضاعهم(نفس سياسات عبد الوهاب عبد الله)فهذه الجماعات(الحكومة)بالنسبة لها الاعلامي الجيد هو الاعلامي الذي يطبّل لها أما الاعلامي المستقل فهو فاسد وعدو.
كثر الحديث عن تجنيد العديد من الشباب التونسي للجهاد ،ما تعليقكم؟
لقد فوجئت بمشاهدة البعض من الشباب الذين نِبتُهم في قضايا قانون الارهاب سابقا على شاشات التلفاز السوري بعد القبض عليهم من طرف السلط السورية. ان تجنيد الشباب التونسي وإرساله الى سوريا جريمة دولية وجب ملاحقة القائمين بها لأنه يدخل في باب صناعة الارهاب وتشويه سمعة تونس والقتال نيابة عن الامريكان والصهاينة وهي نفس الاطراف التي بتعليمات أمريكية صهيونية أرسلت الشباب العربي الى أفغانستان في السابق ،فعاد معبئا بأفكار التطرف والأحزمة الناسفة وتحول الى قوة ارهاب وتدمير داخلي ،لذلك فعلى قوى المجتمع المدني التحرك السريع بفضح كل من يقفون وراء هذه الحملات واتخاذ الاجراءات اللازمة في مقاضاتها داخليا ودوليا حماية لشبابنا.
تضاربت الأنباء حول المصادر المالية لتعويض المساجين السياسيين والتي ذهب البعض الى أنها مصادر مشبوهة ،فان صح ذلك فما هو موقفكم منه؟
تعويض المساجين السياسيين اولا هو جبر للضرر في بعده المعنوي برد الاعتبار للضحايا حتى لا يعاد ما مورس ضدهم وهو جبر مادي يقف عند حدود ارجاع الحال إلى ما كان عليه وتوفير مستلزمات عيش كريم لهم. أما ما زاد عن ذلك فيصبح من باب النضال بمقابل وهي مسألة مرفوضة، وإذا أصبحت التسريبات حول اعتزام الحكومة وحركة «النهضة» توفير أموال للتعويض من مصاد ر خارجية (قطر) ومن صفقات تعقد مع رجال أعمال فاسدين ،فأرى أن ذلك يشكل اهانة مضاعفة للمساجين السياسيين ولتونس ،ذلك أن التوجه لدول أجنبية في هذه المسألة فيه مسّ من كرامة التونسيين والتونسيات ،والتوجه لرجال أعمال فاسدين اهانة لسنوات الجمر والعذاب والألم التي عاناها ضحايا الاستبداد والقهر بان أصبح تاريخهم مطية للفاسدين الذين يشترون نظافتهم بمالهم الفاسد.
عموما ارجو أن تكون هذه المسألة خارج منطق الغنيمة وأن تطرح في اطار رد اعتبار وطني لكل ضحايا الاستبداد والدكتاتورية تحدده هيئة مستقلة خارج لعبة التجاذبات السياسية والحسابات البنكية الآتية من فساد النفط.
كلمة الختام
تونس أخرى ممكنة،تونس الحرية والتقدم ممكنة،تونس التعددية ممكنة،تونس مائة وردة تنفتح ممكنة،بشرط توحد القوى التقدمية الثورية وتوحد بنات وأبناء تونس حول مشروع الجمهورية المدنية الديمقراطية الاجتماعية.
فنحن الآن في منعرج حاسم وليس لنا من خيار إلا الوحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.