عقدت أمس نقابة القضاة التونسيين جلستها العامة السنوية بمدينة العلوم بالعاصمة. وقد خصصت لتلاوة التقرير المالي والأدبي الى جانب إثارة موضوع الهيئة المؤقتة التي ستحلّ محلّ المجلس الأعلى للقضاء ومسألة إعفاء القضاة من مهامهم. وفي هذا الإطار أفادت رئيسة النقابة روضة العبيدي أن القضاء يعيش ظرفية صعبة زاد عليها غياب الإطار العام الذي ينظم باب السلطة القضائية بالدستور والقانون الأساسي للقضاة مؤكدة أن ذلك فتح الباب للتجاذبات السياسية. وأضافت رئيسة النقابة أن من أولويات المجلس الوطني التأسيسي سنّ قانون الهيئة المؤقتة نظرا لأهميتها مشيرة الى أنه رغم تقديم عدّة مشاريع للمجلس التأسيسي قصد المساهمة في توفير أرضية ينطلق منها المجلس فإن موضوع الهيئة لم ير النور الى حدّ اليوم والقضاة على أبواب حركة قضائية. وقالت القاضية روضة العبيدي إن تأخر سنّ قانون الهيئة سيكون له تأثير على الحركة القضائية الى جانب أنه انتج وضعية غير واضحة ومريحة بالنسبة للقضاة معلنة أن نقابة القضاة بعد مفاوضات صعبة وطويلة تمكنت من إمضاء اتفاق مع وزير العدل حول تركيبة الهيئة المؤقتة المذكورة. وأوضحت القاضية روضة العبيدي أنه تم الاتفاق مع وزارة العدل على أن تتكون الهيئة المؤقتة من قضاة فقط وهنا صفق القضاة الحاضرون بحرارة... وقالت القاضية روضة العبيدي إن ما تطمح إليه نقابة القضاة هو تحقيق استقلالية القضاء قائلة «إنه من غير المعقول أن يتحكم في المسار المهني للقاضي من نقلة وتأديب وترقية غير القاضي» مضيفة أن نقابة القضاة أصبحت تمضي على الاتفاقيات مع وزير العدل رأسا برأس. أما بالنسبة الى مسألة الاعفاءات فقد أكدت رئيسة النقابة أن النقابة رفضت ذلك باعتباره لا يوفر ضمانات الدفاع الى جانب أن الإعفاء يهضم حق الشعب التونسي من خلال عدم كشف الحقيقة والمحاسبة ويهضم حق القضاة في معرفة تاريخ القضاء وكيف تورط في منظومة الفساد وبالتالي استخلاص الدروس من ذلك... وأضافت رئيسة النقابة أن الوزارة استمعت مؤخرا الى 24 قاضيا معفيا موضحة أن هناك مفارقة إذ أن النقابة اتفقت مع وزارة العدل على الاستماع الى جميع المعفيين بلا استثناء حتى يتمكن الجميع من الردّ على الاتهامات الموجهة إليهم. وفي نفس السياق أشارت القاضية روضة العبيدي الى أن النقابة توصلت الى اتفاق مع سلطة الإشراف مفاده أن النقابة في حالة إطلاعها على الملفات يمكنها أن تطلب تصحيح الإجراءات وإن كان هناك ملف لا يرتقي الى الإعفاء فإنها ستطلب التراجع عن القرار مضيفة أنه إذا ثبت تورط قاض في الفساد فإنها ستطلب فتح تحقيق ومحاسبته جزائيا... من جهته أفاد الكاتب العام للنقابة عصام الأحمر أن القضاء تعرض الى عملية سطو وتسييس مشيرا الى أن النقابة توصلت الى الاتفاق مع الوزارة على تكريس هيئة منتخبة متكونة من القضاة وبعيدة عن التجاذبات السياسية موضحا أن مشروع قانون الهيئة المؤقتة الذي قدمته النقابة تضمن أخطاء تكتيكية باعتباره تضمن 96 فصلا تحدث البعض منها عن شروط الانتخاب وكيفية الطعن والاعتراض قائلا «إن النقابة اكتفت بمحورين هما كيفية الانتخاب والترشح وقد تراجعت عن بعض الفصول المتعلّقة بالإجراءات». وأكد القاضي عصام الأحمر أن تركيبة الهيئة المؤقتة ستتكون من 6 قضاة منتخبين و5 معيّنين من أصحاب الوظائف الإدارية السامية بالسلطة القضائية على غرار الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ومدير المصالح العدلية مدير القضاء العدلي. أما بالنسبة الى ما توصلت إليه نقابة القضاة من مكاسب واتفاقات مع وزارة العدل فقد أفاد الكاتب العام عصام الأحمر أن النقابة استطاعت توفير عدّة مكاسب على غرار مسألة الترقية وضرورة احترام ضوابط الاستناد للخطط الوظيفية المبنية على الكفاءة والمسار المهني ثم الأقدمية الى جانب الحصول على بعض المنح والترفيع في البعض الآخر على غرار منحة الترخيص والسكن والمنحة الثلاثية المقدرة ب500 دينار والمنحة القضائية المتراوحة بين (300 و400 دينار). وأضاف الكاتب العام للنقابة أنه سيتم التفاوض مع وزارة العدل خلال هذه الفترة على مسألة حماية المحاكم طالبا أن يتلقى مستقبلا أمن المحاكم التعليمات من قبل رئيس المحكمة ووكيل جمهوريتها الى جانب دخول المتقاضين للمحكمة بعد الاستظهار ببطاقة التعريف وتسجيل هويتهم وتجهيز المحاكم بكاميراوات مراقبة. أما التقرير المالي للنقابة فقد قال القاضي لطفي رويس «إن أموال النقابة متأتية من تبرّعات القضاة وبيع الانخراطات إذ أن موارد النقابة متواضعة وهي تحافظ على استقلاليتها المالية الشفافة...». وأضاف القاضي لطفي رويس أن موارد النقابة قدرت ب 11 ألف دينار أما مصاريفها فقدرت ب 9 آلاف دينار خلال سنة 2011 2012. أما مداخلات القضاة فقد ارتكزت أساسا على الامتعاض من مسألة الإعفاءات حيث أفاد القاضي سفيان العرابي أن النقابة أمضت بعض الاتفاقات مع بعض مسؤولي وزارة العدل لا تتوفر فيهم المصداقية متطرقا الى مسألة اللجنة التي ستتولى إعادة النظر في ملفات القضاة المعفيين معتبرا إياها غير واضحة. من جهته أفاد القاضي محمد المسعي أن مسألة إعفاء 82 قاضيا باطلة قانونا وهناك انحراف في الإجراءات الى جانب وجود خروقات قانونية مضيفا أن الوضعية من الناحية الإنسانية مدمرة وأن الاعفاء اغتيال معنوي لهم قائلا إن هناك من بين المعفيين من رفع قضايا عدلية على النقابة التي تبقى مستعدة للدفاع عنه. وقال القاضي محمد المسعي أن هناك تخاذلا وخيانة من قبل المجتمع المدني والأحزاب التي لازمت الصمت تجاه ما يتعرض له القضاء. من جهة أخرى عبّر بعض القضاة عن رفضهم لمسألة الإضراب معتبرينه «مهزلة» إذ أن القضاء سلطة ويجب أن يتعامل بندية مع بقية السلط.