بقلم: عبد السلام لصيلع (1) الدكتور محمد فاضل الجمالي في ذكراه الثامنة عشرة في هذه الأيام تمرّ الذكرى الثامنة عشرة لوفاة الدكتور محمد فاضل الجمالي المفكر التربوي والسياسي العربي والدّولي المعروف والكاتب صاحب المؤلفات الكثيرة.. كان صديق تونس دافع عن قضيتها وعن قضايا كلّ أقطار المغرب العربي ضدّ الاستعمار في جميع المحافل العربية والدولية عندما كان وزيرا لخارجية العراق ما بين 1946 ،1952، ورئيسا لمجلس النوّاب العراقي عام 1952، ورئيسا لوزراء العراق من 1953 الى 1954. وكان في عام 1945 من المساهمين في تأسيس منظمة الأممالمتحدة ووقع على ميثاقها باسم العراق في سان فرانسيسكو، وترأس الوفد العراقي الى الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعاتها وكذلك في اجتماعات جامعة الدول العربية حتى سنة 1958 وهي السنة التي قام فيها عبد الكريم قاسم بانقلاب عسكري في العراق، فحكم على الدكتور محمد فاضل الجمالي بالإعدام. لكن بعد ثلاث سنوات من السجن وبعد التدخلات الدولية لفائدته، أفرج عنه ليلة 14 جويلية 1961 وفي عام 1962 جاء الى تونس واختار الإقامة والعيش فيها، لاجئا سياسيا. ومكافأة له على ما قدمه من خدمات كبيرة لتونس قبل الاستقلال وبعده، احتضنته معزّزا مكرما وعُيّن للتدريس في الجامعة التونسية تكريما له وتبجيلا واعترافا بفضائله على الشعب التونسي.. وكانت تجمعه صداقة قوية بالزعيم الحبيب بورقيبة وبمختلف الزعماء التونسيين الكبار منذ أربعينات القرن الماضي. وفي تونس وجد الدكتور محمد فاضل الجمالي الترحيب والرعاية والإهتمام وبالاضافة الى عمله الجامعي كان يحاضر في دور الثقافة والنوادي الثقافية والأدبية وفي شتى المنابر العلمية والمعرفية في كامل مناطق الجمهورية.. وتفرّغ للتدريس الجامعي والمشاركة بمحاضراته في الملتقيات والندوات وتأليف الكتب وقد جعلت منه تونس مفكرا تربويا، كما كان حاضرا بمقالاته القيّمة في الصحافة التونسية ومن خلال آرائه وأفكاره وخبراته وتجاربه في شؤون التربية والتعليم وفي الشؤون العربية والدولية. وكان الدكتور محمد فاضل الجمالي يرحمه الله رحمة واسعة إنسانا فاضلا بأتم معنى الكلمة، كان يتمتع بالتواضع والأخلاق العالية واللّطف والبشاشة والكرم، حيث كان بيته في قمّرت مفتوحا لأصدقائه وزوّاره من الأساتذة والطلبة والمثقفين والصحافيين وغيرهم كان رفقة زوجته الكندية الأصل يرحبان ترحيبا كبيرا بضيوفهما ويخصصان لهم أوقاتا طويلة للحديث والنقاش في مختلف المواضيع. وكانت تجمعني به علاقة متينة، وكنت أزوره كلّ مساء يوم سبت، وأحيانا عندما أغيب عنه مدّة طويلة كان يأتي بنفسه إلى منزلي، يسأل عني ويستفسر لائما بلطف عن سبب هذا الغياب. وكنا نتجوّل معا، مشيا على الأقدام، رغم شيخوخته، في غابة قمرت، وفي المساء نتوجه الى المرسى الشاطيء ليشتري جرائده ومجلاته المفضلة باللغتين العربية والأنقليزية.. وخلال السير ذهابا وإيابا ودائما على الأقدام. يحدثني عن ذكرياته وسيرته الذاتية ومشواره الحياتي والمهني الطويل ، وعن العراق والعرب واليهود والعالم.. وخاصة عن الصهيونية وما أحدثته من مصائب للعرب والمسلمين والبشرية... كنت أستفيد كثيرا منه ومن أحاديثه ومن كتبه التي ألف أغلبها في تونس، وقد أجريت خلال زياراته المنتظمة إليه عشرات الحوارات الصحفية ما بين 1981 و1997. رمن عادة الدكتور محمد فاضل الجمالي الثابتة أنه كان في كلّ فصل صيف يذهب الى لندن وجينيف لشؤون عائلية وخاصة. وتمحورت كتبه حول شؤون العراقوفلسطين والأمّة العربية والإسلام والتربية والتعليم، وهي قائمة طويلة نذكر منها على سبيل المثال هذه العناوين: دعوة العراق للإتحاد العربي دعوة الى الاسلام. العراق بين الأمس واليوم. وجهة التربية والتعليم في العالم العربي وخاصة العراق. ذكريات وعبر من العدوان الصهيوني وأثره في الواقع العربي. مذكرة العراق عن قضية فلسطين. آفاق التربية الحديثة في البلاد النامية. الأمة العربية.. الى أين؟ فلتشرق الشمس من جديد على الأمة العربية. دروس من تفوق اليابان في حقل التربية والتعليم. مواقف وعبر في سياستنا الدولية. نحو تربية مؤمنة. خبرات وآراء في الدراسة الجامعية. دور التربية والتعليم في تعريف الإنسان بحقوقه وواجباته.. ومن أجمل كتبه وهي في الحقيقة كلها جميلة ومفيدة كتاب بعنوان «دفاعا عن العربية»، ومن المفروض أن يقرأ هذا الكتاب كلّ المهتمين باللغة العربية من أهل التربية والتعليم والثقافة والأدب والإعلام والسياسة... هذا الكتاب صدر في تونس سنة 1996 كتب الأستاذ الشاذلي القليبي تقديما رائعا له، مما جاء فيه، تعميما للفائدة،: «.. ومن أهم ما يتناوله الكتاب الجدليّة القائمة في كل قطر عربي بين الفصحى والدارجة، وكيف يمكن أن تفيد هذه الجدلية لهجاتنا العامّية في سائر أنحاء الوطني العربي. وكذلك لابد من إشارة خاصة الى تأملات الأستاذ الجمالي في مفهوم الثقافة، وهل هي مجرّد معلومات تكتسب، أم هي مناخ شمولي تندرج فيه مقومات الحياة الإنسانية، المادية منها والفكرية والروحية. وفي أثناء تحليلاته النافذة للقضايا التي يبحثها يتطرق المؤلف لجملة من المواضيع الحية، مثل دور الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية في تنمية المعرفة بالفصحى، وأحيانا لإشاعة جملة من الألحان والرّطنات يتعذر بعدُ مقاومتها وتصحيحها. كما يحذر الكاتب من عادة منتشرة في أوساط الشبان، وهي مزج العربية بلغة أجنبية: الفرنسية في بلاد المغرب الكبير، والإنجليزية في المشرق العربي. والأستاذ الجمالي محق في التنبيه الى خطورة هذه الظاهرة السلبية، لأنها تهدّد نسيج اللّغة العربية وسلامة الفكر العربي من ورائها. واستقامة اللغة الوطنية مرآة لاستقامة السلوك الفردي وأصالة الفكر الحضاري. ومن رأي فاضل الجمالي أن مسؤولية المجامع تتجه في هذه الحقبة الى السهر على سلامة العربية من التشويه وإلى الاجتهاد في إذكاء حيوية الفصحى وتقريب الشقة بينها وبين اللّهجات المتداولة ولأهمية المسؤولية التي تضطلع بها المجامع العربية، لابدّ من ايجاد آلية تنسيق بينها. كما أنه ينبغي التعريف بحصيلة ما تتفق عليه، حتى تعمّ الفائدة..». وكان الدكتور محمد الفاضل الجمالي ولد سنة 1903 في الكاظمية ببغداد، وفي صائفة 1997 انتقل الى جوار ربه في سنّ الرابعة والتسعين ودفن بمقبرة سيدي عبد العزيز بالمرسى حسب وصيته، بعدما عاش في ربوع تونس الخضراء 35 سنة، محترما ومعزّزا ومكرما.. والغريب والعجيب والمؤلم أنه في خلال 18 سنة التي مضت منذ وفاته الى اليوم لم أقرأ ولم أسمع كلمة عن المرحوم محمد الفاضل الجمالي في صحيفة أو إذاعة.. باستثناء كتاب ألفه عدد من الباحثين العرب عنوانه «محمد فاضل الجمالي جهاد في سبيل العراق والعروبة والإسلام»، صدر بعد رحيله مباشرة.. لذلك أكتب عنه هذه السطور في ذاكرة الثامنة عشرة.. من منطلق الوفاء لرجل عظيم عرفته وتعاملت معه، ساعد بلادي في أوقات الشدّة ونفعها في سنوات البناء. (2) «انزياح الدّوائر».. رواية جديدة لحمّودة الشريف كريّم في 286 صفحة من الحجم المتوسط صدرت رواية جديدة للرورائي والقاصّ والناقد حمّودة الشريف كريّم عنوانها «انزياح الدّوائر»، وفي تقديمه للرواية، كتب الدكتور محمد البدوي: «إن رواية حمّودة الشريف كريّم عمل فني يستبطن الذات البشرية ويحاول فكّ أسرارها من خلال رحلة في حياة شخصيات وسلوكها. وهذه السّير مسكونة بجملة من التأملات في الحياة والموت والكتابة باعتبارها عملية خلق ودنيا موازية ليحاة الناس الاجتماعية، وهذه التأملات تمثل صدى للنسيج النصّي أجاز للسّارد الخالق أن يزيح دوائر الزمان والمكان الذي وإن يدا مرجعيا يحيل على القيروان ومدن تونسية أخرى كبنزرت فإنه يمتد في المكان كامتداد أحداث الرواية في الزمان». وسبق للأستاذ حمودة الشريف كريّم أن أصدر روايتين هما: «زوابع الأقدار» و«الأرض الجائعة»، بالاضافة الى مجموعتين قصصيتين هما: «جمجمة فارغة« و«القطّ الأسود».. وفي النقد نشر كتابا عنوانه «المتنبي شاعر الفنّ والحياة».. كما صدرت له مجموعة من قصص الأطفال. (3) «البطاقة».. مجموعة قصصيّة جديدة لساسي حمام تصدر قريبا مجموعة قصصية جديدة للقاص ساسي حمام عنوانها «البطاقة»، وهي حاليا تحت الطبع. وله تحت الطبع أيضا في طبعة ثانية مجموعته القصصية الأولى «لاهثون معي» التي صدرت سنة 1982. وقد ترجمت مؤخرا الى اللغة الفرنسية... وستصدر المجموعة في كتاب واحد باللغتين العربية والفرنسية. وسبق لساسي حمام، بالاضافة الى ذلك، أن أصدر سنة 1994 مجموعة قصصية ثانية تحمل عنوان «قطع الغيار». (4) كلمات من ذهب يقول أفلاطون: «أضعف الناس من ضعف عن كتمان سرّه وأقواهم من قوي على غضبه. وأصبرهم من ستر فاقته». (5) أنا البحر... يقول حافظ إبراهيم في قصيدته «العربية تشكو»: أنا البحر في أحشائه الدّرّ كامنٌ فهل سألوا الغوّاص عن صَدَفاتِي فلا تَكِلُونِي للزمان فإنني أخاف عليكم أن تَحين وفاتي أرى لرجال الغرب عزّا ومَنْعَةٍ وكم عزّ أقوام بعزّ لُغَاتِ أَيُطْرِبُكُمْ من جانب الغرب نَاعِبٌ ينادي بِوَأْدِيَ في ربيع حياتِي؟