فلنفتح أسماعنا بصدق تجاه الشباب ونعمل جميعا على الاقتراب منهم أكثر لنستمع منهم ما يُريدون قوله لا ما نُريد أن نسمعهُ نحنُ منهم واجب الإصغاء للشباب بقلم:خالد الحداد انطلقت يوم 12 أوت الجاري الاحتفالات بالسنة الدولية للشباب لتتواصل على امتداد سنة كاملة أي إلى حدود يوم 11 أوت من السنة المقبلة، وهي الاحتفالات التي أقرّتها منظمة الأمم المتّحدة بناء على مبادرة تقدّمت بها تونس إيمانا منها بضرورة مزيد الاهتمام بالفئة الشبابيّة ودعم حضورها في مختلف المواقع وتعزيز مشاركتها في تصريف الشؤون العامة وحفز همم الشباب من كلّ أقطار العالم من أجل تكريس مبادئ التضامن والحوار والتفاهم بعيدا عن مختلف أشكال العدوانيّة والكراهية والعنف الصدام.
ومن المؤمّل أنّ تعرف مختلف الدول تظاهرات احتفالية بهذا الحدث البارز وأن تنشط مجالات الاهتمام والعناية الرسمية من قبل الحكومات والمدنيّة من قبل الجمعيات والمنظمات والأحزاب بمشاغل وتطلعات وانتظارات الشباب ، ومن المهمّ في هذا الباب التأكيد على أنّ مبادرة الرئيس زين العابدين بن علي جاءت في أعقاب السنة الوطنية للحوار مع الشباب ، هذا الحوار الذي كان حوار شاملا وواسعا ومفتوحا وانتهى بإقرار ميثاق الشباب التونسي. لقد انتهت سنة تونس للحوار مع الشباب إلى استنتاجات هامّة من أبرزها الحاجة الملحّة في عالم اليوم إلى مزيد الاقتراب من الشباب والإصغاء إلى ما يُخالجُهُ من مشاغل وهواجس وفهم طريقة تفكيره في الأشياء والموضوعات المختلفة ومساعدته على تخطّى العقبات وتجاوز الصعوبات حتّى يكون عنصرا مُفيدا للمجتمع ، عنصرا حيويّا يمتلكُ حقوقه كاملة ويجد أمامهُ البواب مفتوحة على مصرعيها ليندمج في حلقة الإنتاج والإبداع والابتكار. فبلادنا ، وعلى امتداد العشريتين الأخيرتين كانت سبّاقة في تفهم خطورة إقصاء الشباب وعدم الإصغاء إليه والاقتراب منه ، إنّ الشباب التونسي اليوم وبشهادة العديدين شباب توّاق ممتلك لآليات ووسائل عصره التكنولوجية والتقنية والاتصالية والثقافيّة وهو شباب حداثي ينزعُ إلى التنوير والأفكار النيّرة ، شباب يرفضُ الانغلاق والتعصّب ويبحث دوما عن مجالات الانفتاح على الآخر والتواصل معهُ والاستفادة من كلّ مستجدّ. لكن تسارع الأحداث على أكثر من صعيد وتقلبات الأوضاع الاقتصادية والمنطق الجديد الذي أصبح يحكم عالم اليوم والذي أوجد العديد من الصعوبات والمشاغل والتحديات في وجه الفئة الشبابية وخاصة لدى أصحاب الشهائد العليا وخريجي الجامعات في كلّ دول العالم ومن بينها تونس ، تسارع هذه الأحداث وما خلّفهُ من أوجاع مريرة كالبطالة والحاجة لدى هؤلاء وانصراف البعض من شبابنا للتطرّف أو نزوعه للسلوكات العنيفة (مثلما كشفت عن ذلك أحداث مدينة سليمان نهاية العام 2006 وبداية العام 2007 حينما وقف كلّ التونسيين مشدوهين حيارى من الغول الخطير الذي يُمكن أن ينحدر إليه جزء من شبابنا بين براثن الجماعات التكفيرية والجهاديّة) ، تسارع تلك الأحداث يجعل من الأهميّة بمكان أن يتمّ استغلال الفضاءات والأنشطة المزمع تنفيذها بمناسبة السنة الدوليّة للشباب لمزيد الاقتراب من شبابنا ومزيد الإحاطة به وتأطيره التأطير الحسن والإيجابي ومرافقته في مثل هذه المحنة عبر الإصغاء المضاعف له وفتح الطريق سالكة في وجهه للمبادرة الخاصة وخلق مواطن الشغل. إنّ الإصغاء للشباب ، بكلّ حريّة ودون محرّمات أو محظورات كما ينبّه إلى ذلك السيّد الرئيس زين العابدين بن علي، هو الطريق الثابت والوحيد لضمان اندماجه الاندماج الناجع في مسيرة التنمية في البلاد بعيدا عن كلّ أشكال الإقصاء والاستثناء أو التمييز وهو الضمانة كذلك لحماية شبابنا من الوقوع في براثن التطرّف والإرهاب والعدوانيّة وكذلك الجهل والأميّة. ومن نافلة القول فإنّ مهمّة الإنصات والإصغاء هذه ، بما فيها من تحفيز للشباب وتحسيسه بمنزلته ومكانته وظرفية بعض الأمور الاقتصادية وإطلاعه على ما يتوفّر له من فرص للمشاركة والمبادرة الخاصة ، هي مهمّة في غاية النبل والوطنية الصادقة ، وهي بهذا المعنى ليست حكرا على طرف دون آخر ، نعم هي من مسؤوليات الدولة الرئيسيّة دونما شكّ ، ولكن فإنّ سائر مكوّنات المجتمع من منظمات وجمعيات وأحزاب ونخب ومختصين وخبراء لهم هم ايضا أدوار لافتة لتحقيق هدف الإصغاء للشباب في كامل جهات البلاد بمدنها وقراها وأريافها وأحيائها الشعبية وبكلّ فئاته العاملة والمثقّفة والعاطلة عن العمل وغيرها من الشرائح المجتمعيّة. إنّها مسؤولية جسيمة ، بمثابة الواجب ، فلا ندعها تضيع ، وهي مناسبة مهمّة لمزيد رصد تطلعات شبابنا ومزيد الاقتراب منه وفهم نمط تفكيره وما يبغيه في حياته ولمستقبله، فلا ندعها تمرّ ، ومن المؤكّد أنّ في ذلك الاقتراب الصادق نفي لكلّ أنواع الحواجز والعراقيل وإزاحة لكلّ المحرّمات والمحظورات والممنوعات ، إلاّ ما يتعارضُ منها مع قيم الوطنية والمجتمع والهوية ، وبذا فهو اقتراب يُيسّرُ رسم ملامح لعلاقة جديدة مع هذا الشباب ، علاقة تستثمرُ ما تمّ انجازهُ لفائدته في الفترة المنقضية وتؤسّسُ لبناء علاقة أشدّ ارتباطا وتفاعلا إيجابيّا ليس فيها أيّ قطيعة أو سوء فهم. فلنفتح أسماعنا إلى الشباب ونعمل جميعا على الاقتراب منهم أكثر لنستمع منهم ما يُريدون قوله لا ما نُريد أن نسمعهُ نحنُ منهم.