أصبح موضوع ترحيل الشباب التونسي للجهاد في سوريا، محور اهتمام الساحة الوطنية. وقد اختلفت الآراء والمواقف في هذه المسألة، ودعا بعض المواطنين إلى تدخّل مشيخة الزيتونة. "الصباح نيوز" اتصلت بالشيخ الزيتوني مختار الجبالي رئيس الجبهة التونسية للجمعيات الإسلامية ومدرّس بجامع الزيتونة منذ 30 سنة، فأفادنا أنّ موضوع الجهاد في سوريا فيه كثير من الأخطاء والمغالطات، مضيفا : "إنّ القضية السورية متشعبة والثورة في سوريا مشروعة مثلما حدث في مصر وليبيا وتونس.. بدأت سلمية ولكن للأسف الشديد فقد تحولت إلى ثورة عسكرية بسبب الطاغية بشار الأسد فأصبحت بذلك طائفية وتورّط فيها الحرس الجمهوري الإيراني وحزب الله اللبناني وكذلك ترسانة روسيا ممّا اضطرّ الشعب العزّل لاستعمال السلاح". واضاف : "إنّ الثورة السورية ثورة عربية أصيلة ضدّ الظلم والاستبداد.. ومع ظهور عدّة أطراف أصبحت دموية وكانت بذلك الفضيحة وقتل العديد من السوريين الأبرار". وعن الشباب التونسي الذين ذهبوا للجهاد في سوريا، نفى الشيخ مختار الجبالي ما يروّجه البعض حول أنّ قوى أمريكية بصدد إرسال الشباب التونسي إلى المحرقة، مؤكّدا أنّ سوريا ليست بالمحرقة. كما قال إنّ أطرافا أخرى، تتساءل عن علاقة تونس بسوريا حتى يتوجّه أبناء الوطن إلى هناك، وفي هذا السياق أضاف : "نحن نقول لهم إنّ الأمّة الإسلامية واحدة وبعض الشباب التونسي الذين ذهبوا للجهاد في سوريا كان من منطلق غيرتهم عليها ". ومن جهة أخرى، قال الشيخ إنّ الشباب الذي ذهب إلى سوريا ذهب للمحاربة، داعيا إياهم إلى الاستئذان من أوليائهم قبل الذهاب للجهاد. كما أضاف أنّه لا يجب أن يذهبوا إلى الجهاد ويتركوا التزاماتهم وعائلتهم إن كانت في أمسّ الحاجة إليهم. وأكّد أنّ الإعلام الإيراني وإعلام بشار الأسد هم بصدد ترويج معلومات غير صحيحة عن الجهاد والجهاديين حتى يجهضوا الثورة السورية. وقال الجبالي إنّه لا يجب تجريم ذهاب الشباب التونسي للجهاد في سوريا لأنّ الجهاد فريضة إسلامية ليست محرّمة ولكن يجب أن تكون وفق ضوابط شرعية. وأضاف : "الإشكال أنّ الأمة الإسلامية تحت ضغط قانون الإرهاب الذي وضعه الطاغية بن علي وحاولوا من خلاله تجريم الجهاد". ودعا الجبالي إلى الحديث عن الجهاد في النور في وسائل الإعلام وفي المنابر الحوارية لأنّه سيحدث بذلك في الخفاء. وأضاف : "سأطلب من وزارة الدفاع الوطني بأن يقوموا بتكريم الشباب التونسي الذين ذهبوا للجهاد في سوريا عند عودتهم وأن يقع توسيمهم ووضعهم ضمن الجيش الاحتياطي للبلاد باعتبار أنهم قاموا بعمل طيب ومن بينهم كوادر ومثقفين". كما بيّن الشيخ أنّه في صورة إقصاء هؤلاء الشباب وتجريمهم يمكن أن يعود ذلك بالوباء على الشعب والوطن. أمّا عن حقيقة جهاد النكاح، فقال الشيخ : "هذه خرافة أمي سيسي وحكاية فارغة ونقول لمن يدعوا ذلك إنّ الجمال للسوريات ولا يجب ربط الجهاد والجهاديين بالنكاح فهذا لا يجوز لأنّ الجهاديين متواجدون هناك لأداء واجبهم وما يمليه عليهم دينهم". وحول حقيقة الفتيات التونسيات اللواتي ذهبن إلى سوريا للجهاد، نفى الشيخ مختار الجبالي ذلك قطعيا واعتبر المسألة بالمناورة والمغالطة الكبيرة لتصوير الجهاديين في صورة أشباح وغرائز". ودعا وسائل الإعلام التونسية إلى أن تتشبث بوطنيتها بأتمّ معنى الكلمة وأن يبتعدوا عن المفاهيم التي تروجها وسائل الإعلام الغربية عن المسلمين بأنهم بربر ومتخلفون ومتوحشون. وقال : "يجب أن تقترب وسائل الإعلام من المواطنين وأن تكون لهم رسالة بخلاف إثارة الفتنة.. وأن لا يكون إعلام ال تنتنتن...( في اشارة للاشارة الصوتية عند وجود كلام بذيء) والكلام السيء والبذيء.. لأنّ الإعلام يعتبر السلطة الأولى في البلاد ولا السلطة الرابعة وهو قادر على التأثير في المواطنين". وفي سياق آخر، قال الشيخ إنّ المسلم لا يمارس العنف إلاّ إذا كان متروك أو مبعد أو مهمّش ولذلك لا يجب إقصاء أيّ طرف في المجتمع سواء كان علماني أو إسلامي حتى لا يكون هناك استقطاب ثنائي ويشيطن كلّ طرف الآخر. وفي هذا السياق، دعا الجبالي إلى صياغة ميثاق وطني للتعايش السلمي بين الإسلاميين والعلمانيين، مطالبا هاتين الشريحتين من المجتمع بعدم التهكّم على بعضهم البعض.