شدّ انتباهي أمران تزامنا حصولهما في نفس اليوم.. الاول يتعلق بفيديو لكاميرا مراقبة تظهر عون أمن بزي مدني يعنف نادلة بمقهى في المنستير بعد خروجها من المحل رفقة اخرين على خلفية فتح المحل للمفطرين ..أما الأمر الثاني فتصريح الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع حول فتح بيوت صلاة بالثكنات يؤم فيها العسكر أئمة معتدلون لتجنيب المصلين من المنتمين الى المؤسسة الحرج عند الصلاة بأزيائهم في المساجد العامة ومحاولات الاستقطاب بداخلها. أمران يطرحان تساؤلات عدة حول الخيط الرفيع الذي يفصل بين تطبيق القانون والتعسّف وبين القناعات الذاتية والواجبات الوطنية لدى منظوري المؤسستين الامنية والعسكرية .. فأن يتحوّل الامن الوطني الى بوليس ديني على غرار ما نشاهده في السعودية فذاك امر لا يقبله المنطق ولا العقل ويرفضه الدستور الجديد للبلاد التونسية الذي يقوم على مبادئ سامية منها احترام حرية المعتقد واحترام حقوق الاخرين فامتناع الفرد عن الصيام شأن ذاتي لا يهم الدولة في شيء وهو أمر يخص علاقة العبد بخالقه أما المجاهرة بالافطار فذاك أمر مرفوض اخلاقيا لان فيه مساس بمشاعر الاخرين ولو ان هناك من يرى انه يمنح الصائم المزيد من الصبر والثبات .. لقد أخطأت الداخلية عندما أغلقت المقاهي وحدّت من فتح المطاعم وتعاظم الخطأ عندما بادر البعض من أعوانها لتطبيق التعليمات بتلك الوحشية التي شاهدناها في الوقت الذي كان بالإمكان وتونس بلد سياحي أن تفرض شروط التستر لمن يريد فتح محله كما جرت العادة منذ سنوات خلت إن السلوك الأرعن لبعض الأمنيين الذي وان بادر وزير الداخلية بتداركه واتخاذ اجراءات تأديبية في شأن المخالفين لا يعالج المسألة من أساسها ولا يبني لدولة ديمقراطية نؤسس لثوابتها في ظرف حساس ومناخ متوتر ..كما أن قرار وزير الدفاع بفتح بيوت صلاة داخل الثكنات يستوجب وقفة تأمل وإعمال نظر في كل جوانب القرار وترتيباته وانعكاساته البعيدة على المؤسسة العسكرية المجبولة على الحياد فالحكومات تتعاقب والاغلبية الحاكمة قد تتغيّر والامام المعتدل بمفهوم "ندائي" ليس هو نفس الامام المعتدل بمفهوم حزب اخر غير أن قرار فتح بيوت الصلاة لن يكون من السهل التراجع عنه.. ان الامن والجيش حارسان وفيان لكل دولة ديمقراطية يعملان في حياد تام وفقا لمبادئ الجمهورية القائمة على في بلادنا على النظام والحرية والعدالة والكرامة ، فكيف السبيل الى ضمان ديمومة ذلك الحياد يا ترى؟