سجن سنية الدهماني .. يتواصل    رقم مفزع/ من 27 جنسية: هذا عدد الأفارقة المتواجدين في تونس..    تونس تفوز بالمرتبة الأولى في المسابقة الاسكندنافية الدولية لزيت الزيتون    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    مع الشروق .. إدانة... بنصف الحقيقة    الجم: أثناء تأدية عمله: وفاة عون «ستاغ» بصعقة كهربائية    قيس سعيّد يترأس جلسة عمل حول مشروع تنقيح هذا الفصل..    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    فقدان 23 تونسيا في'حَرْقة': ايقاف 5 متهمين من بينهم والدة المنظّم واحد المفقودين    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    الليلة: سحب عابرة ورياح قوية والحرارة تتراوح بين 16 و26 درجة    عاجل: وسائل إعلام رسمية: انتخابات الرئاسة في إيران ستجرى في 28 جوان    تنظيم أيام كندا للتوظيف بتونس يومي 19 و20 جوان المقبل    مدير عام ديوان تربية الماشية: النحل يساهم في ثلث غذاء الإنسان    والي بن عروس: فخور ب"دخلة" جماهير الترجي وأحييهم ب"عاطفة جيّاشة"    التوقعات الجوية لهذه الليلة    نابل: وفاة شاب واصابة 10 أشخاص في حادث خطير    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    عروض ثريّة للإبداعات التلمذيّة.. وتكريم لنُجوم الدراما التلفزيّة    وزيرة التجهيز تؤكد على جهود تونس في تحقيق التنمية بالجهات وتطوير الحركة الجوية بالمطارات الداخلية    الافريقي يرفض تغيير موعد الدربي    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    وزارة التربية: هذه هي الانشطة المسموح بها بالمؤسسات التربوية خارج أوقات التدريس    إضراب عن العمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالمظيلة    الهلال الأحمر الإيراني يكشف تفاصيل جديدة حول تحطّم المروحية الرئاسية    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    النادي الإفريقي: اليوم عودة التمارين إلى الحديقة .. ومعز حسن يغيب عن الدربي    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    موعد تشييع جثمان الرئيس الإيراني    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة رئيس ايران تنبأت به الفلكية ليلى عبد اللطيف قبل شهرين..وهذا ما قالته..!!    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النائب العياشي زمال ل«الصباح»: قد نضطر إلى حكومة إنقاذ وهناك من يعمل على عزل الغنوشي علنا ويدعمه سرّا
نشر في الصباح نيوز يوم 28 - 04 - 2021

قال ‬النائب ‬ورئيس ‬لجنة ‬الصحة ‬بمجلس ‬نواب ‬الشعب ‬العياشي ‬زمال ‬إن ‬‮«‬المطلوب ‬اليوم ‬جيل ‬سياسي ‬جديد ‬متحرر ‬من ‬احقاد ‬الماضي ‬ومتخفف ‬من ‬إرثه، ‬جيل ‬ينظر ‬إلى ‬المستقبل ‬في ‬دولة ‬مدنية ‬عصرية ‬ديمقراطية‮»‬.‬
وارجع ‬زمال ‬طبيعة ‬الصراع ‬بين ‬راسي ‬السلطة ‬التنفيذية ‬إلى ‬طبيعة ‬توزيع ‬الصلاحيات ‬والى ‬مأزق ‬نظام ‬الحُكم ‬ولا ‬يتعلّق ‬بالأشخاص ‬ولا ‬ب ‬‮«‬نكران ‬الجميل‮»‬ ‬أو ‬‮«‬الغدر‮»‬. ‬إنه ‬مأزق ‬منظومة ‬حُكم.‬
ودعا ‬المتحدث ‬في ‬حوار ‬ل»الصباح‮»‬ ‬إلى ‬حكومة ‬إنقاذ، ‬ذات ‬أهداف ‬واضحة ‬وجدول ‬مضبوط ‬لانجازها ‬في ‬مدة ‬زمنية ‬مُحدّدة ‬لتنفيذ ‬الإصلاحات ‬الكُبرى ‬وإنقاذ ‬المالية ‬العمومية ‬وتجنيب ‬البلاد ‬الإفلاس.‬
وحول ‬التخوفات ‬من ‬ميلاد ‬ديكتاتورية ‬جديدة ‬اعتبر ‬الزمال ‬ان ‬‮«‬قيس ‬سعيد ‬ليس ‬بن ‬علي، ‬الفروق ‬بينهما ‬كثيرة، ‬ولا ‬سبيل ‬لعودة ‬الاستبداد، ‬لقد ‬بدأنا ‬مسار ‬الديمقراطية ‬والحرية ‬ولا ‬تنازل ‬على ‬ذلك‮»‬.‬
وفيما ‬يلي ‬والحوار:‬
*‬بداية ‬كيف ‬تقيمون ‬الوضع ‬العام ‬في ‬البلاد ‬في ‬ظل ‬أزمة ‬سياسية ‬حادة ‬وصحية ‬مقلقة ‬واقتصادية ‬منهارة؟
الوضع ‬لا ‬يخفى ‬على ‬احد ‬وهو ‬حقيقة ‬كارثي. ‬بعد ‬عشر ‬سنوات ‬من ‬الثورة ‬وبعد ‬ثلاث ‬انتخابات ‬وتعاقب ‬الحكومات ‬والرؤساء ‬والوزراء، ‬فإن ‬أقصى ‬ما ‬يتمناه ‬التونسيون ‬هو ‬العودة ‬إلى ‬المؤشرات ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية ‬لسنة ‬2010.‬
وما ‬دُمنا ‬لم ‬نُحقّق ‬شيئا ‬من ‬‮«‬مطالب‮»‬ ‬التونسيين ‬التي ‬ثاروا ‬من ‬أجلها، ‬فإني ‬اعتقد ‬أننا ‬فشلنا ‬فشلا ‬ذريعا ‬ولا ‬بدّ ‬من ‬وقفة ‬حازمة ‬ومُراجعة ‬جوهرية ‬لكامل ‬المسار ‬الذي ‬انطلق ‬منذ ‬2011.‬
*‬ماذا ‬عن ‬السياسي؟
سياسيا ‬بانت ‬حدود ‬النظام ‬السياسي ‬وعجزه ‬على ‬ضمان ‬السير ‬العادي ‬لدواليب ‬الدولة، ‬كما ‬كشفت ‬نتائج ‬انتخابات ‬2019، ‬حدود ‬نظام ‬الاقتراع ‬بل ‬وعجز ‬كامل ‬المنظومة ‬القانونية ‬التي ‬انبنى ‬عليها ‬المسار ‬برمته، ‬لذلك ‬لا ‬بد ‬من ‬مُراجعة ‬مرسوم ‬الأحزاب ‬والجمعيات ‬والإعلام. ‬كما ‬يتوجب ‬التفكير ‬في ‬جدوى ‬كل ‬هذه ‬الهيئات ‬الدستورية ‬وتكلفتها ‬السياسية ‬والمادية.‬
لقد ‬كُنّا ‬نُطمئن ‬الناس ‬أننا ‬سننطلق ‬في ‬مسار ‬‮«‬الإقلاع ‬الاقتصادي‮»‬ ‬بعد ‬نجاحنا ‬في ‬المسار ‬الدستوري ‬والسياسي. ‬ولكن ‬ذلك ‬تأخر ‬كثيرا، ‬بل ‬إن ‬الاطمئنان ‬والابتهاج ‬بنجاح ‬‮«‬التجربة ‬الديمقراطية‮»‬ ‬التونسية ‬بدأ ‬يضعُف. ‬وما ‬العزوف ‬على ‬المشاركة ‬وانعدام ‬الثقة ‬في ‬الأحزاب ‬وفي ‬الديمقراطية ‬و»هيمنة ‬الشعبوية‮»‬ ‬إلا ‬علامات ‬على ‬عُمق ‬هذه ‬الأزمة.‬
*‬ولكن ‬تونس ‬من ‬أهم ‬الديمقراطيات ‬في ‬المنطقة؟
نعم ‬صحيح ‬ولكن ‬الديمقراطية ‬والفقر ‬لا ‬يتعايشان ‬فارتفاع ‬الأسعار ‬ومعدلات ‬البطالة ‬والفقر ‬والانقطاع ‬المدرسي ‬علاوة ‬على ‬الجريمة ‬والعُنف ‬كُلّها ‬مظاهر ‬سلبية ‬تُقلقُ ‬التونسيين. ‬وإذا ‬انضاف ‬إليها ‬الوضع ‬الوبائي ‬المُخيف ‬والمخاطر ‬التي ‬تتهدّدُ ‬الموسم ‬الدراسي، ‬فإن ‬‮«‬حصيلة ‬الديمقراطية‮»‬ ‬هزيلة. ‬وطالما ‬إن ‬أوضاع ‬التونسيين ‬المادية ‬لم ‬تتحسّن، ‬وطالما ‬لم ‬تنجح ‬الديمقراطية ‬في ‬جلب ‬الّرفاه ‬والكرامة ‬للتونسيين ‬فإنها ‬ستكون ‬ناقصة ‬ومُهدّدة.‬
*‬تقييمك ‬للوضع ‬يدفعني ‬للتساؤل ‬من ‬تراه ‬يتحمل ‬وزر ‬هذه ‬الأزمة؟
الجميع ‬يتحمّل ‬مسؤولية ‬هذه ‬الوضعية ‬لا ‬استثني ‬منهم ‬أحدا، ‬كل ‬الطبقة ‬السياسية ‬والأحزاب ‬والمنظمات ‬والنقابات.‬
هنا ‬المسؤوليات ‬تتفاوت ‬بحسب ‬الأحجام ‬والأدوار ‬لكن ‬الجميع ‬مُذنبون. ‬في ‬السياسة ‬العبرة ‬بالنتائج، ‬والحصيلة ‬مثلما ‬أسلفت ‬سلبية ‬جدا.‬
كما ‬انخرطت ‬النّخب ‬على ‬مُختلف ‬مشاربها ‬وانتماءاتها ‬في ‬صراعات ‬وتجاذبات ‬‮«‬حوّلت‮»‬ ‬وجهة ‬الثورة ‬نحو ‬قضايا ‬لا ‬تهمّ ‬التونسيين. ‬وانخرط ‬الكثيرون ‬في ‬تصفية ‬حسابات ‬وصراعات ‬إيديولوجية ‬قديمة، ‬وسادت ‬لدى ‬النّخب ‬والأحزاب ‬وحتى ‬الجمعيات ‬قيم ‬هجينة، ‬قائمة ‬على ‬البحث ‬على ‬المصلحة ‬الذاتية ‬ومنطق ‬الغنيمة ‬والانتهازية ‬ومحاربة ‬الكفاءات.‬
والمطلوب ‬اليوم ‬جيل ‬سياسي ‬جديد ‬متحرر ‬من ‬احقاد ‬الماضي ‬ومتخفف ‬من ‬إرثه، ‬جيل ‬ينظر ‬إلى ‬المستقبل ‬في ‬دولة ‬مدنية ‬عصرية ‬ديمقراطية.‬
* ‬كيف ‬يمكن ‬تجاوز ‬هذا ‬الوضع ‬المهزوز؟
- ‬الوضعية ‬صعبة ‬جدا، ‬ومن ‬السذاجة ‬الاعتقاد ‬أن ‬طرفا ‬ما ‬يُمكنه ‬حلّ ‬معضلات ‬تونس ‬وتجاوز ‬هذه ‬المرحلة ‬الصعبة. ‬لذلك ‬ليس ‬هناك ‬من ‬حلّ ‬ف»إما ‬أن ‬نتعلّم ‬كيف ‬نعيش ‬معا ‬كالأخوة، ‬أو ‬نهلك ‬معا ‬كالحمقى‮»‬. ‬البقاء ‬في ‬هذه ‬الوضعية ‬غير ‬مُمكن ‬ولكن ‬‮«‬الاتفاق‮»‬ ‬على ‬حلّ ‬جماعي ‬صعب ‬أيضا. ‬لكن ‬علينا ‬ان ‬نتمسّك ‬بالحُلم ‬وان ‬نؤمن ‬بقدرة ‬التونسيين ‬على ‬ابتكار ‬الحلول ‬في ‬اللحظات ‬الصعبة.‬
*‬يبقى ‬السؤال ‬الأهم.. ‬ما ‬الحل؟
شخصيا ‬أعتقد ‬ان ‬الحلّ ‬يكمن ‬في ‬حكومة ‬إنقاذ ‬وطني ‬تتكوّن ‬من ‬سياسيين. ‬رغم ‬إيماني ‬بكون ‬الوضع ‬الحالي ‬لا ‬يتحمّل ‬‮«‬ترف‮»‬ ‬الدخول ‬في ‬مسار ‬آخر ‬لتشكيل ‬حكومة ‬جديدة. ‬فدخولنا ‬في ‬مسار ‬تغيير ‬الحكومة ‬قد ‬يستغرق ‬أشهرا ‬طويلة ‬لا ‬تتحمّل ‬نتائجه ‬البلاد ‬وهي ‬في ‬هذه ‬الوضعية ‬الحرجة.‬
ولكني ‬اعتقد ‬أننا ‬سنضطرّ ‬للذهاب ‬إلى ‬حكومة ‬إنقاذ ‬سياسية. ‬يُمكن ‬تعديل ‬وتعزيز ‬حكومة ‬السيد ‬هشام ‬مشيشي ‬بكفاءات ‬سياسية ‬لتجاوز ‬مشكلة ‬التحوير ‬الوزاري، ‬ولتجنّب ‬خلق ‬وضعية ‬فراغ ‬وعدم ‬استقرار ‬سياسية.‬
حكومة ‬جديدة؟ ‬ماهي ‬ملامحها ‬وماهي ‬أهدافها؟
نعم.. ‬حكومة ‬إنقاذ، ‬ذات ‬أهداف ‬واضحة ‬وجدول ‬مضبوط ‬لانجازها ‬في ‬مدة ‬زمنية ‬مُحدّدة ‬لتنفيذ ‬الإصلاحات ‬الكُبرى ‬وإنقاذ ‬المالية ‬العمومية ‬وتجنيب ‬البلاد ‬الإفلاس، ‬وثمة ‬مؤشرات ‬على ‬‮«‬توافقات‮»‬ ‬بين ‬الحكومة ‬واتحاد ‬الشغل ‬والأعراف ‬على ‬بعض ‬المحاور ‬الكُبرى، ‬وهي ‬‮«‬مبادئ‮»‬ ‬سيتم ‬البناء ‬عليها ‬في ‬مفاوضات ‬الوفد ‬الحكومي ‬مع ‬صندوق ‬النقد ‬الدولي. ‬في ‬كل ‬الأحوال ‬لن ‬يكون ‬ذلك ‬كافيا ‬إلا ‬إذا ‬كانت ‬الحكومة ‬مدعومة ‬من ‬مختلف ‬القوى ‬السياسية ‬والمنظمات ‬المهنية.‬
هذا ‬الاتفاق ‬الوطني ‬الشامل ‬في ‬سياق ‬هُدنة ‬سياسية ‬واجتماعية، ‬فيه ‬أيضا ‬مراجعة ‬للقانون ‬الانتخابي ‬ولمراسيم ‬الجمعيات ‬والأحزاب ‬والإعلام ‬وسبر ‬الآراء، ‬ويُمكنُ ‬أن ‬ينتهي ‬إلى ‬تحديد ‬لموعد ‬انتخابات ‬تشريعية ‬سابقة ‬لأوانها.‬
* ‬عاشت ‬تونس ‬على ‬وقع ‬سلسلة ‬من ‬التسريبات ‬التي ‬مست ‬محيط ‬الرئيس ‬من ‬تدخل ‬للسفارة ‬الفرنسية ‬في ‬تعيين ‬رئيس ‬حكومة ‬أو ‬عبر ‬الإشارة ‬إلى ‬جهات ‬أجنبية ‬بالوقوف ‬وراء ‬فوز ‬الرئيس ‬برئاسية ‬2019، ‬كيف ‬تقرأ ‬هذه ‬التسريبات؟
- ‬أخلاقيا ‬هذه ‬التسريبات ‬مُدانة ‬بكلّ ‬شدّة ‬وهي ‬تزيد ‬في ‬توتير ‬الأجواء ‬السياسية ‬وفي ‬ترذيل ‬العمل ‬السياسي ‬وتعميق ‬انعدام ‬الثقة ‬في ‬السياسيين ‬والأحزاب ‬وفي ‬المؤسسات.‬
واللجوء ‬إلى ‬هذه ‬السلوكات ‬يعكس ‬‮«‬الفقر ‬القيمي‮»‬ ‬والأخلاقي ‬لدى ‬نوعية ‬من ‬‮«‬النّخب‮»‬ ‬التي ‬لا ‬تُراعي ‬معايير ‬العمل ‬السياسي ‬ولا ‬تحترم ‬المؤسسات. ‬فمن ‬له ‬ملفات ‬تُدينُ ‬غيره ‬وخصومه ‬فعليه ‬أن ‬يتقدّم ‬بها ‬إلى ‬القضاء ‬لا ‬ان ‬يقوم ‬بنشرها ‬على ‬مواقع ‬التواصل ‬الاجتماعي.‬
استعمال ‬المنصات ‬الاجتماعية ‬بشكل ‬عبثي ‬يزيد ‬في ‬تعميق ‬الأزمة ‬القيمية ‬والأخلاقية ‬ولا ‬يخدم ‬الديمقراطية ‬ولا ‬يُساهم ‬أصلا ‬في ‬محاربة ‬التجاوزات ‬والفساد. ‬يجب ‬ان ‬نؤمن ‬بالمؤسسات. ‬وأن ‬نثق ‬بالقضاء. ‬هذا ‬دون ‬ان ‬أنسى ‬ان ‬تسجيل ‬شخص ‬آخر ‬بطريقة ‬سرية ‬ودون ‬إذنه ‬أمر ‬غريب ‬على ‬أخلاقنا ‬وقيمنا ‬الدينية ‬والاجتماعية.‬
*‬ولكنها ‬تأتي ‬في ‬سياق ‬صراع ‬سياسي؟
نعم ‬هي ‬كذلك، ‬وفي ‬إطار ‬صراع ‬سياسي ‬مُحتدم ‬بين ‬المؤسسات ‬عامة ‬وبين ‬حركة ‬النهضة ‬وحلفاءها ‬من ‬جهة ‬وبين ‬الرئيس ‬وأنصاره ‬من ‬جهة ‬ثانية.‬
وشخصيا ‬أعتقد ‬ان ‬التونسيين ‬لا ‬علاقة ‬لهم ‬بهذا ‬الصراع ‬وهو ‬مُضرٌّ ‬بهم ‬وبمصالحهم.‬
هي ‬عملية ‬إلهاء ‬عن ‬جوهر ‬القضايا ‬والمشاكل ‬الحقيقية ‬للتونسيين ‬غلاء ‬وفقر ‬وصعوبات ‬مادية ‬ووباء. ‬ولا ‬تزيد ‬التسريبات ‬إلا ‬في ‬دفعهم ‬نحو ‬العزوف ‬على ‬المشاركة ‬في ‬العملية ‬السياسية ‬وفي ‬الإيمان ‬بالديمقراطية ‬وتُنفّرهم ‬من ‬السياسة ‬والسياسيين.‬
* ‬لا ‬يزال ‬البرلمان ‬يعيش ‬تحت ‬وقع ‬الترذيل ‬والاستهانة ‬بدوره ‬إلى ‬درجة ‬أن ‬بعض ‬النواب ‬طالبوا ‬بحله ‬والعودة ‬مجددا ‬إلى ‬الشعب ‬ما ‬رأيك ‬في ‬مثل ‬هذه ‬الدعوة؟
- ‬حتى ‬نوضح ‬للجميع ‬، ‬ليس ‬هناك ‬آلية ‬دستورية ‬يُمكن ‬إن ‬تحلّ ‬مجلس ‬نواب ‬الشعب. ‬لذلك ‬لا ‬بدّ ‬من ‬‮«‬حوار‮»‬ ‬يُمكن ‬أن ‬يقود ‬إلى ‬نتائج ‬منها ‬المرور ‬إلى ‬انتخابات ‬مُبكّرة. ‬علما ‬وأن ‬أية ‬انتخابات ‬بنفس ‬المنظومة ‬ونفس ‬نظام ‬الاقتراع ‬لن ‬تقود ‬إلا ‬إلى ‬نفس ‬المشهد ‬السياسي ‬ولن ‬تُنتج ‬إلا ‬برلمانا ‬على ‬نفس ‬الصورة. ‬لا ‬بدّ ‬من ‬حزمة ‬إجراءات ‬ومراجعة ‬للمراسيم ‬وهذا ‬لن ‬يتحقّق ‬إلا ‬إذا ‬جلس ‬الفاعلون ‬السياسيون ‬وصاغوا ‬فيما ‬بينهم ‬‮«‬منظومة ‬جديدة‮»‬.‬
ماذا ‬عن ‬ترذيل ‬المجلس ‬اليوم؟
في ‬الحقيقة ‬اصبحت ‬شبه ‬متأكّد ‬أن ‬هناك ‬نوايا ‬لتعطيل ‬عمل ‬المجلس ‬وخاصة ‬لترذيل ‬صورته ‬والإساءة ‬لدور ‬النواب.‬
فليس ‬كل ‬النواب ‬متشابهين. ‬ثمة ‬نواب ‬يعملون ‬بجدية ‬ويشاركون ‬في ‬عمل ‬اللجان ‬ويتقدمون ‬بمقترحات ‬ويُمارسون ‬أدوارهم ‬الرقابية ‬والتشريعية. ‬نحن ‬في ‬لجنة ‬الصحة ‬عملنا ‬بجدّ ‬وكانت ‬أصواتنا ‬عالية ‬في ‬محاربة ‬كورونا ‬وقمنا ‬بالضغط ‬على ‬السلطة ‬التنفيذية ‬وكان ‬تدخلنا ‬حاسما ‬في ‬التسريع ‬بتركيز ‬منظومة ‬التسجيل ‬الالكتروني ‬وتنويع ‬التلقيحات ‬وذلّلنا ‬كل ‬الصعوبات ‬القانونية ‬للانضمام ‬لاتفاقية ‬الكوفاكس. ‬ونستعد ‬لنعرض ‬على ‬الجلسة ‬العامة ‬خمس ‬مشاريع ‬قوانين ‬منها ‬قانون ‬المسؤولية ‬الطبية. ‬كذلك ‬لجنة ‬مكافحة ‬الفساد ‬التي ‬قامت ‬بمهام ‬رقابية ‬كبيرة ‬وكشفت ‬ملفات ‬فساد ‬خطيرة ‬وغيرها ‬من ‬اللجان.‬
ولكن ‬في ‬المقابل ‬هناك ‬نواب ‬‮«‬مشاغبون»؟
للأسف ‬بعض ‬النواب ‬الباحثين ‬على ‬الإثارة ‬لا ‬يهتمون ‬الا ‬بنسب ‬المشاهدة ‬على ‬‮«‬اللايف‮»‬ ‬يُسيؤون ‬للبرلمان ‬ولا ‬يُقدمون ‬شيئا ‬نافعا ‬للتونسيين.‬
* ‬على ‬ذكر ‬البرلمان ‬ما ‬تقييمك ‬للسباق ‬القائم ‬نحو ‬سحب ‬الثقة ‬من ‬رئيس ‬البرلمان ‬وهل ‬الإطاحة ‬براشد ‬الغنوشي ‬من ‬شانها ‬إنهاء ‬فوضى ‬باردو؟
كما ‬تعلمون ‬فشلت ‬المُحاولة ‬الأولى ‬لسحب ‬الثقة ‬من ‬رئيس ‬البرلمان. ‬وهنالك ‬أيضا ‬هذه ‬المُدّة ‬عملية ‬تجميع ‬التواقيع ‬الضرورية ‬لتجديد ‬لائحة ‬سحب ‬الثقة ‬منه ‬للمرّة ‬الثانية. ‬لا ‬بدّ ‬من ‬النظر ‬للمسألة ‬اليوم ‬في ‬إطار ‬أشمل ‬وأوسع ‬من ‬البرلمان.‬
وجود ‬راشد ‬الغنوشي ‬رئيسا ‬للمجلس ‬صار ‬حجر ‬الزاوية ‬في ‬تموقعات ‬سياسية ‬أكبر، ‬في ‬علاقة ‬بالصراع ‬مع ‬رئيس ‬الجمهورية ‬وفي ‬علاقة ‬أيضا ‬بالحكومة. ‬لذلك ‬فإن ‬منطلقات ‬‮«‬خصوم‮»‬ ‬راشد ‬الغنوشي ‬مختلفة ‬وتصحّ ‬عليهم ‬الآية ‬الكريمة ‬‮«‬تحسبُهم ‬جميعا ‬وقُلوبهم ‬شتى‮»‬.‬
فهناك ‬من ‬هو ‬في ‬الظاهر ‬يُريد ‬عزل ‬الغنوشي ‬وهو ‬‮«‬في ‬الحقيقة‮»‬ ‬مع ‬بقاء ‬‮«‬الشيخ‮»‬ ‬في ‬منصبه ‬لأن ‬ذلك ‬يمنحه ‬شرعية ‬ويُبرّرُ ‬له ‬أفعاله ‬ويُعفيه ‬من ‬المسؤولية، ‬هناك ‬أيضا ‬من ‬يستغل ‬تواجد ‬الغنوشي ‬في ‬رئاسة ‬المجلس ‬للتموقع ‬السياسي ‬خاصة ‬في ‬علاقة ‬بالحكومة، ‬وهناك ‬من ‬يرغبُ ‬في ‬بقاء ‬الغنوشي ‬ليواصل ‬تسجيل ‬نقاط ‬سياسية ‬فقط.‬
*‬ولكن ‬بعضهم ‬يروج ‬لوجود ‬خليفة ‬لرشاد ‬الغنوشي ‬في ‬حال ‬الاطاحة ‬به؟
لا، ‬ليس ‬هناك ‬اي ‬اتفاق ‬على ‬‮«‬خليفة‮»‬ ‬الغنوشي ‬في ‬رئاسة ‬المجلس ‬وفي ‬الحقيقة ‬قلة ‬هم ‬من ‬يُريدون ‬فعلا ‬تغيير ‬رئيس ‬المجلس ‬حرصا ‬على ‬تجويد ‬أدائه ‬وتحسين ‬عمله، ‬لان ‬البرلمان ‬هو ‬جوهر ‬العملية ‬السياسية ‬بحسب ‬الدستور ‬الحالي.‬
التوازنات ‬السياسية ‬اليوم ‬وتغيّر ‬‮«‬تموقعات‮»‬ ‬النواب ‬ومواقف ‬الكُتل ‬والأحزاب ‬لن ‬تؤدي ‬في ‬تقديري ‬الى ‬نجاح ‬المساعي ‬في ‬سحب ‬الثقة ‬من ‬رئيس ‬المجلس. ‬رغم ‬أن ‬حملة ‬التواقيع ‬قاربت ‬أكثر ‬من ‬مرّة ‬النصاب ‬اللازم ‬لذلك.‬
وفي ‬كل ‬الأحوال ‬فإن ‬الفوضى ‬في ‬قصر ‬باردو ‬ستتواصل، ‬ببقاء ‬راشد ‬الغنوشي ‬رئيسا ‬للمجلس ‬أو ‬بدونه.‬
من ‬المُمكن ‬أن ‬غيابه ‬سيُخفّف ‬من ‬التوتر ‬ولكني ‬أعتقد ‬أن ‬ثمة ‬من ‬هو ‬حريص ‬على ‬إفشال ‬عمل ‬المجلس. ‬ثمة ‬نواب ‬لا ‬يحضرون ‬أعمال ‬اللجان ‬ولم ‬يُساهموا ‬في ‬نقاش ‬أي ‬قانون ‬ولا ‬يهتمون ‬بغير ‬‮«‬اللايف‮»‬ ‬والتسريبات ‬وتدوينات ‬الفايسبوك.‬
* ‬كيف ‬تقيمون ‬أداء ‬كتلتكم ‬الكتلة ‬الوطنية؟
- ‬نحن ‬كُتلة ‬تقنية ‬وصغيرة. ‬منحنا ‬الثقة ‬للحكومة ‬ونُساندُها ‬مساندة ‬نقدية. ‬الزملاء ‬في ‬الكتلة ‬يُشاركون ‬بشكل ‬فعّال ‬ودوري ‬في ‬عمل ‬اللجان ‬ولهم ‬إسهامات ‬قيّمة. ‬نحن ‬نواب ‬جدّيّون ‬وعمليّون، ‬لا ‬نبحث ‬على ‬‮«‬الإثارة‮»‬ ‬ولذلك ‬لا ‬نتصدّر ‬عناوين ‬المواقع ‬الباحثة ‬على ‬‮«‬البوز‮»‬. ‬في ‬الجملة ‬نحن ‬‮«‬راضون‮»‬ ‬على ‬عملنا ‬ونحرص ‬دائما ‬على ‬تطويره ‬بشكل ‬ننفعُ ‬فيه ‬التونسيين ‬الذين ‬وضعوا ‬فينا ‬ثقتهم.‬
* ‬كثر ‬التنازع ‬حول ‬الصلاحيات ‬بين ‬رأسي ‬السلطة ‬التنفيذية ‬هل ‬هذا ‬مؤشر ‬ديمقراطي ‬أم ‬استبدادي؟
- ‬لا ‬هذا ‬ولا ‬ذاك. ‬الأمر ‬يعود ‬إلى ‬طبيعة ‬توزيع ‬الصلاحيات ‬والى ‬مأزق ‬نظام ‬الحُكم ‬الذي ‬اخترناه. ‬لقد ‬تكرّر ‬الصراع ‬على ‬الصلاحيات ‬مع ‬حكومات ‬الحبيب ‬الصيد ‬ويوسف ‬الشاهد ‬وهشام ‬مشيشي. ‬وهذا ‬دليل ‬على ‬كون ‬المُشكل ‬لا ‬يتعلّق ‬بالأشخاص ‬ولا ‬ب ‬‮«‬نكران ‬الجميل‮»‬ ‬أو ‬‮«‬الغدر‮»‬. ‬إنه ‬مأزق ‬منظومة ‬حُكم.‬
ولا ‬يجبُ ‬أيضا ‬أن ‬ننسى ‬كوننا ‬نتدرّبُ ‬جميعا ‬على ‬الديمقراطية، ‬ونحن ‬حديثو ‬عهد ‬بها، ‬وبعض ‬تقاليد ‬الاستبداد ‬مازالت ‬تظهر ‬لدى ‬البعض ‬منّا ‬أحيانا، ‬مثل ‬الرغبة ‬في ‬الهيمنة ‬على ‬السلطات ‬أو ‬الاستئثار ‬بالصلاحيات، ‬والحال ‬أن ‬الديمقراطية ‬هي ‬منظومة ‬حُكم ‬تقوم ‬على ‬التشاركية، ‬وخاصة ‬القدرة ‬على ‬إقامة ‬التسويات ‬الضرورية ‬واللازمة ‬للحفاظ ‬على ‬استقرار ‬المؤسسات ‬وعلى ‬السلم ‬الاجتماعي.‬
تونس ‬اليوم ‬وفي ‬وضعيتها ‬الحالية ‬لا ‬تتحمّل ‬هذا ‬التنازع، ‬وأتمنى ‬شخصيا ‬ان ‬يقوم ‬الرئيسان ‬بكل ‬ماهو ‬ضروري ‬ولازم ‬لتجاوز ‬هذه ‬‮«‬الأزمة‮»‬ ‬بينهما، ‬حتى ‬يعملا ‬معا ‬من ‬اجل ‬تجاوز ‬هذه ‬المرحلة ‬الصعبة.‬
* ‬ألا ‬ترون ‬أن ‬غياب ‬المحكمة ‬الدستورية ‬زاد ‬في ‬تعقيد ‬الخلاف ‬السياسي ‬بعد ‬إن ‬تحول ‬الرئيس ‬إلى ‬المؤول ‬الوحيد ‬للفصول ‬الدستورية ‬وتفصيله ‬على ‬المقاس؟
- ‬نعم ‬غياب ‬المحكمة ‬الدستورية ‬كان ‬له ‬عظيم ‬الأثر ‬في ‬إطالة ‬عُمر ‬هذه ‬الأزمة. ‬وفي ‬الحقيقة ‬هذا ‬التأخّر ‬في ‬تركيز ‬المحكمة ‬غير ‬مُبرّر، ‬ويعكس ‬غلبة ‬‮«‬الحسابات ‬السياسية‮»‬ ‬الضيقة ‬على ‬المصلحة ‬الوطنية. ‬ليس ‬هناك ‬من ‬حلّ ‬لتجاوز ‬هذا ‬المأزق ‬والحيلولة ‬دون ‬الدخول ‬في ‬مآزق ‬أخرى ‬غير ‬تركيز ‬المحكمة ‬الدستورية. ‬وأدعو ‬بهذه ‬المناسبة ‬كافة ‬الأطراف ‬والفاعلين ‬السياسيين ‬الى ‬القيام ‬بكل ‬التنازلات ‬الضرورية ‬لتركيز ‬المحكمة ‬في ‬أقرب ‬الآجال.‬
* ‬اثار ‬موقف ‬رئيس ‬الجمهورية ‬مؤخرا ‬بتنصيب ‬نفسه ‬القائد ‬الأعلى ‬للقوات ‬العسكرية ‬والأمنية ‬قلقا ‬لدى ‬عموم ‬المتابعين ‬للشأن ‬العام ‬كيف ‬تقرؤون ‬هذا ‬التأويل ‬للنص ‬الدستوري ‬الذي ‬اعتمده ‬سعيد؟
مبدئيا ‬من ‬حقّ ‬رئيس ‬الجمهورية ‬أن ‬يكون ‬له ‬تأويله ‬الخاص ‬لنصوص ‬الدستور، ‬خاصة ‬في ‬ظلّ ‬غياب ‬محكمة ‬دستورية. ‬لكن ‬ليس ‬من ‬حقّه ‬الاستئثار ‬بحق ‬التأويل. ‬بل ‬عليه ‬أن ‬يعمل ‬على ‬توسيع ‬الاستشارات ‬اللازمة ‬حتى ‬يستقرّ ‬‮«‬الرأي ‬الجمعي‮»‬ ‬على ‬تأويل ‬يقبلُ ‬به ‬الجميع.‬
استشهد ‬السيد ‬رئيس ‬الجمهورية ‬بالفصل ‬77 ‬من ‬دستور ‬سنة ‬2014 ‬الذي ‬جاء ‬فيه ‬‮«‬يتولى ‬رئيس ‬الجمهورية… ‬القيادة ‬العليا ‬للقوات ‬المسلحة… ‬وأسهب ‬في ‬‮«‬تبيان ‬معنى ‬‮«‬القوات ‬المسلحة‮»‬ ‬وتحدث ‬على ‬‮«‬آلية ‬الإطلاق‮»‬ ‬واكتفى ‬بالمعنى ‬اللغوي ‬الظاهر ‬ليصل ‬إلى ‬استخلاص ‬ان ‬القوات ‬المسلحة ‬تعني ‬ضرورة ‬كل ‬من ‬‮«‬يحمل ‬سلاحا‮»‬ ‬فشملت ‬بذلك ‬القوات ‬العسكرية ‬والامنية ‬وحتى ‬الديوانية.‬
لكن ‬السيد ‬الرئيس ‬تجاهل ‬الفصل ‬17 ‬الذي ‬يقول: ‬‮«‬تحتكر ‬الدولة ‬إنشاء ‬القوات ‬المسلحة، ‬وقوات ‬الأمن ‬الداخلي، ‬ويكون ‬ذلك ‬بمقتضى ‬القانون ‬ولخدمة ‬الصالح ‬العام‮»‬. ‬وتجاهل ‬الفصل ‬18 ‬وفيه ‬‮«‬الجيش ‬الوطني ‬جيش ‬جمهوري ‬وهو ‬قوة ‬عسكرية ‬مسلحة ‬قائمة ‬على ‬الانضباط، ‬مؤلفة ‬ومنظمة ‬هيكليا ‬طبق ‬القانون، ‬ويضطلع ‬بواجب ‬الدفاع ‬عن ‬الوطن ‬واستقلاله ‬ووحدة ‬ترابه، ‬وهو ‬ملزم ‬بالحياد ‬التام. ‬ويدعم ‬الجيش ‬الوطني ‬السلطات ‬المدنية ‬وفق ‬ما ‬يضبطه ‬القانون‮»‬. ‬كما ‬أغفل ‬الفصل ‬19الذي ‬يؤكد ‬أن ‬‮«‬الأمن ‬الوطني ‬أمن ‬جمهوري، ‬قواته ‬مكلفة ‬بحفظ ‬الأمن ‬والنظام ‬العام ‬وحماية ‬الأفراد ‬والمؤسسات ‬والممتلكات ‬وإنفاذ ‬القانون، ‬في ‬كنف ‬احترام ‬الحريات ‬وفي ‬إطار ‬الحياد ‬التامّ.‬‮»‬
وهذه ‬الفصول ‬الثلاثة ‬يجب ‬ان ‬تتناغم ‬مع ‬ما ‬ورد ‬في ‬الفصل ‬ال77 ‬المذكور ‬سابقا ‬لان ‬الدستور ‬يجب ‬ان ‬يؤول ‬في ‬‮«‬كليته‮»‬ ‬بحسب ‬ما ‬ينص ‬عليه ‬الفصل ‬146 ‬الذي ‬يقول ‬صراحة ‬‮«‬تُفسَّر ‬أحكام ‬الدستور ‬ويؤوّل ‬بعضها ‬البعض ‬كوحدة ‬منسجمة‮»‬ ‬وهو ‬ما ‬يعني ‬أن ‬عبارة ‬تولّي ‬‮«‬القيادة ‬العليا ‬للقوات ‬المسلحة‮»‬ ‬يعني ‬القوات ‬العسكرية ‬فقط ‬ولا ‬تشمل ‬قوات ‬الأمن ‬وأن ‬كانت ‬مسلحة.‬
ولذلك ‬فرّق ‬الفصل ‬السابع ‬عشر ‬بين ‬إنشاء ‬القوات ‬المسلحة ‬من ‬جهة ‬وإنشاء ‬قوات ‬الأمن ‬الداخلي ‬من ‬جهة ‬ثانية، ‬ثم ‬زاد ‬الفصل ‬الثامن ‬عشر ‬في ‬ذلك، ‬فقد ‬خص ‬به ‬‮«‬الجيش ‬الوطني‮»‬ ‬ثم ‬توسع ‬في ‬الحديث ‬على ‬‮«‬دعم ‬الجيش ‬الوطني ‬للسلطات ‬المدنية‮»‬. ‬أما ‬الفصل ‬التاسع ‬عشر ‬فقد ‬أفرد ‬‮«‬للأمن ‬الوطني‮»‬.‬
كما ‬اعتمد ‬السيد ‬الرئيس ‬في ‬تأويله ‬القانون ‬عدد ‬17 ‬لسنة ‬1982 ‬المؤرخ ‬في ‬6 ‬أوت ‬1982 ‬والذي ‬يتعلق ‬بضبط ‬القانون ‬الأساسي ‬العام ‬لقوات ‬الداخلي.‬
يتوجب ‬التذكير ‬بعلوية ‬الدستور، ‬فهو ‬في ‬أعلى ‬هرم ‬ترتيب ‬النصوص ‬القانونية. ‬والقانون ‬عدد ‬17 ‬لسنة ‬1982 ‬سابق ‬لدستور ‬2014، ‬ولا ‬بد ‬من ‬مراجعته. ‬لقد ‬تم ‬انتخاب ‬السيد ‬الرئيس ‬بموجب ‬‮«‬الدستور‮»‬ ‬الحالي، ‬وهو ‬مؤتمن ‬على ‬حمايته ‬والعمل ‬به. ‬ومن ‬الممكن ‬ان ‬للسيد ‬الرئيس ‬قراءات ‬تختلف ‬مع ‬‮«‬قراءات‮»‬ ‬غيره ‬للنصوص ‬الدستورية، ‬وهذا ‬أمر ‬محمود، ‬ولكن ‬الافضل ‬ونحن ‬‮«‬نتعلم ‬الديمقراطية‮»‬ ‬ان ‬نجنح ‬الى ‬‮«‬التشاركية‮»‬ ‬في ‬القراءة ‬والتأويل. ‬ففي ‬ظل ‬غياب ‬محكمة ‬دستورية ‬يقبل ‬الجميع ‬بتأويلها ‬للدستور ‬يصبح ‬الحرص ‬على ‬‮«‬المغالبة ‬الدستورية‮»‬ ‬سببا ‬في ‬الفرقة ‬لا ‬مدخلا ‬للاتفاق. ‬كما ‬يمكن ‬للرئيس ‬إذا ‬كان ‬لا ‬يقبل ‬ببعض ‬النصوص ‬الدستورية ‬او ‬القوانين ‬ان ‬يتقدم ‬بمبادرات ‬تشريعية ‬لتنقيحها، ‬ويضمن ‬له ‬الدستور ‬نفسه ‬آليات ‬مناسبة ‬لذلك.‬
* ‬ألا ‬تخشون ‬ان ‬يؤسس ‬سعيد ‬منطلقات ‬لعودة ‬الاستبداد ‬سيما ‬وان ‬بن ‬علي ‬حكم ‬البلاد ‬بيد ‬من ‬حديد ‬عبر ‬قنواته ‬الأمنية ‬بالأساس؟
قيس ‬سعيد ‬ليس ‬بن ‬علي. ‬الفروق ‬بينهما ‬كثيرة. ‬ولا ‬سبيل ‬لعودة ‬الاستبداد، ‬لقد ‬بدأنا ‬مسار ‬الديمقراطية ‬والحرية ‬ولا ‬تنازل ‬على ‬ذلك. ‬لن ‬يسمح ‬التونسيون ‬بمثل ‬هذه ‬الرّدّة ‬التاريخية. ‬كما ‬أن ‬المؤسسة ‬العسكرية ‬والأمنية ‬تُساهمان ‬في ‬حماية ‬الدولة ‬ومؤسساتها ‬وتجربتها ‬الديمقراطية. ‬ولقد ‬برهن ‬الأمن ‬في ‬أكثر ‬من ‬مناسبة ‬على ‬كونه ‬أمنا ‬جمهوريا، ‬ويُساهم ‬في ‬الحرب ‬على ‬الإرهاب ‬والجريمة ‬في ‬احترام ‬لمؤسسات ‬الدولة ‬الشرعية، ‬ومثله ‬الجيش ‬الوطني. ‬لذلك ‬لا ‬مُبرّر ‬للخوف ‬من ‬عودة ‬الاستبداد.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.