عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    بعد لجوئها إلى دار المحامي.. الأمن ينفّذ بطاقة الجلب في حقّ المحامية سنية الدهماني    وزير الخارجية ووزير النقل العراقي يُشددان على ضرورة فتح خط جوي مباشر بين تونس والعراق    2500 أجنبي عادوا طوعيّا....رحلة جوية لإعادة 166 مهاجرا غير نظامي إلى بلدانهم    قادة المقاومة الفلسطينية خلال منتدى في تونس...وضعنا الخطوات الأولى لتحرير فلسطين    يوم تاريخي في الأمم المتحدة :فلسطين تنتصر... العالم يتحرّر    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    سليانة: الأمطار الأخيرة ضعيفة ومتوسطة وأثرها على السدود ضعيف وغير ملاحظ (رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي)    شيبوب: وزارة الصناعة بصدد التفاوض مع مصالح النقل لإعداد اتفاقية لتنفيذ الالتزامات التعاقدية لنقل الفسفاط    الاعلان عن اول نادي رعاة اعمال "بيزنس أنجلز" بنابل تحت مسمى " نيرولي انفستمنت كلوب"    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتجاه الأرض    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    فظيع : تاكسيست يحول وجهة طفل يجرده من ملابسه ويعتدى عليه بالفاحشة داخل سيارته !!    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    كيف قاومت بعض الدول الغش في الامتحانات وأين تونس من كل هذا ...؟؟!!.    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    مقرر لجنة الحقوق والحريات البرلمانية " رئاسة المجلس مازالت مترددة بخصوص تمرير مبادرة تنقيح المرسوم 54"    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس تشمل اغلبها اجانب (رئيس الجمعية التونسية لجراحة السمنة)    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    المهدية.. إفتتاح "الدورة المغاربية للرياضة العمالية والسياحة العائلية"    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    سليانة.. يحول مستودع لتخزين الغلال الى مستودع لتجميع محركات السيارات    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتّجاه الأرض    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    من الأعماق..الفنان الخالد بلقاسم بوقنة: عاش عزيزا متعففا ... ورحل في صمت !    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    البطولة العربية لألعاب القوى تحت 20 عاما : تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدبيرات الأصمّ والأعمى والأبكم في أحوال النّازلة التونسيّة
رأي
نشر في الصباح يوم 03 - 09 - 2013


بقلم: د. فرحات الدريسي *
من الرأي السديد، والسلوك القويم، والقول البليغ أن يجتنب المرء، ما وسعه، حجاج الجاهل، والحرص على إسماع من به صمم، وعلى إرجاع الأبصار إلى من كفّ بصره، وعلى إنطاق من به بكم، بمجرى الطبيعة، في أصل النّشأة، وإن أمكن تحقيق نتائج مهمّة، بمجرى الصناعة الحادثة
إذ يعسر رفع النتائج المترتّبة عن الطبيعة، ودفع آثارها كلّها، ولكن لا بأس من التذكير، إن نفعت الذكرى، بحدّ القلم الذي ليس أقلّ إنباء من واقع الإكراه بالقوّة، ولا اضعف تأثيرا من حقيقة الفعل
نريد أن نذكّر المنتسبين إلى الأحزاب، والمنظّمات، والهيئات، وما كان بها شبيها، بشيء من تجارب الأمم، ومن الآثار الباقية من القرون الخالية، لاستصحاب الحال، والعبرة، والاعتبار إذ السّعيد من اتّعظ بغيره، فضلا عن أنّها حفظت لنا، صراعات سياسيّة واجتماعيّة وثقافيّة، من طبيعة ما تعيشه تونس، في وقتنا الراهن، واختطّت لنا مسالك في الفهم، وأطلعتنا على طرائق في التدبير، وأساليب في التّفكير. ونعني، خصوصا، ما تناول منها ، ضروب الصراع على السلطة، والإكراه على إلزام الآخر بمطالبها، من شتّى الجهات المباشرة وغير المباشرة، الماديّة والمعنويّة، في الوقت ذاته
إنّنا نحيل على"كليلة ودمنة" كما استلهمها ابن المقفّع، وعلى"النمر والثعلب" كما تمثّلها سهل ابن هارون، وعلى"الصّاهل والشاحج" كما تصوّرها المعرّي، بين ذوات الأظلاف والحوافز. وإنّنا نريد أن نذكّر بأنّ اضطراب المنازل الاجتماعيّة، والأنظمة السياسية، وسوء توزيع الأدوار، وفوضى الوظائف النّظرية والعلمية، واحتداد الصراع على الغنائم، والحرص على تأبيد أشراط السلطة على البلاد والعباد، من شأنها أن تسود ما أن تتتغلّب خاصّة العامّة، بعد أن تفكّ الترابط التلازمي، في الأصل، بينها وبين عامّة العامّة من جهة، والعامّة، من جهة ثانية، فتتميّز بتفنين مغالطيّ لسلوكات الهرج والمرج، وتقعيد المواقف المذهبيّة والإيديولوجيّة المساعدة على إشاعة الخوف، وروح الاستبداد، من طريق الجدل البيزنطيّ، والرّدود، والطّعون، والنّقوض... لا الفكر ولا الرّأي، لأنّ أصحابها من الوصوليين والانتهازيين من النوابت التي لا ترقى، تكوينا، وتحصيلا، وأخلاقا، ونفوسا، وأرواحا، إلى الرتبة الإنسانيّة في سلّم الفضائل العقليّة... وأولئك هم المتصدّرون والمؤهّلون بالرّداءة في أيامنا هذه، فلا دراية لهم بالذّهنيّة المرنة، وبالعقليّة الإبداعيّة، وبالمنهجيّة التنظيميّة، لكنّهم من أحوال الاجتماع الإنساني، ومن مادّة العمران البشري، ومن صور المجتمع والدّولة
وكثيرا ما يوازي بروز خاصّة العامّة، بروز عامّة الخاصّة، ما أن تتغلّب وتفكّ عقالها من الخاصّة، وخاصّة الخاصّة، فتتأنّق، وتتجمّل، وتتصنّع، وتتطبّع، بما ليس من أصولها، فتتلف وتتلف، وتفسد، وتخرّب... وهي كذلك من توابع التغيير، والتّثوير، لأنّ الأصل في الثورة أن يتدبّرها العظماء، وأن ينفّذها الشجعان، وأن يكسبها الجبناء
لسنا في حاجة إلى التّصريح بالظاهر، ولا إلى الجهر بالعلني، ولا إلى التنصيص على نهم الغلبة، وجشع المغنم،لأنّ الواقع دامغ، والتّدبير مكشوف لفقر ذهنيّ، وعوز في الأداء، ووهم ساطع، وغباء واضح، عند أهل الفكر والنّظر، وأصحاب الرّأي الذين كثيرا ما يؤثّرون السلامة، ويلزمون الحذر، ولا يجرؤون على المواجهة المباشرة، فترتع عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات من خاصّة العامّة، وعامّة الخاصّة، حتى ترتدع، وترعوي، بفعل الواقع، وحقائق التّجربة، وشهادة التاريخ...
لم نعد في حاجة لا إلى تدبيرات حركة النّهضة الخرقاء، وعنادها، ومكابرتها، واستئثارها بالسلطة لأنّنا نعلم، تاريخيا، وواقعيّا، أنّ الحساب آن، بل إنّا نراه، تقديرا، قريبا جدّا، وسريعا، ولا إلى تدبيرات المعارضة العمياء، بغفلتها عن حاصل الواقع، وموازين القوى الدّاخليّة والخارجيّة، فضلا عن اختلاف الميول والأهواء التي هي مواطن ضعفها والمستحصلة مما يبدو من عناصر قوّتها، آنيا، ولا إلى نوايا الجماعات البكماء، وهواجسها الاستيهاميّة، ومقاصدها الجزئيّة والعرضيّة، بستار الواقعيّة الجديدة والنفعيّة والواقعيّة...
وإنّنا نعتبر أنّ تدبيرات حركة النهضة بخطوطها الحمر، متطرّفة، ورديئة، وركيكة، وبليدة، ووضعيّة، كما أنّ تدبيرات المعارضة متطرّفة، ومغشوشة، ومغلوطة، ووهميّة، وظنيّة، ثمّ إنّ تربّص الجماعات والفئات البكماء، خائبة، وهزيلة، وساذجة، من أمارات الخيبة والنكوص، ومن مطالب النفوس الحقيرة والدّنيئة، إن لم نقل إنّها أعلق بالأدوار المسرحيّة الباهتة، وأدخل في المضحكات المبكيات...
لم يعد من سبيل متاحة لحلّ النازلة التونسيّة سوى العودة الفوريّة، دون إضاعة وقت في التشغيب، والإيغال في عنكبوت الصراع المبكّر، إلى توجّه سبق أن اقترحه السيّد حمادي الجبالي، إن كان الرأي رأيه، وبصرف النّظر عن حدود حسن نيّته، أو فضاءات دهائه وحيلته، وأسبابها الموضوعيّة والذّاتيّة، والحزبيّة والجهويّة، والفئويّة، فتلك قضيّة أخرى لها أجلها، ولها كتابها...
لم التمسّك بمبادرة السيّد حمادي الجبالي؟
إنّها تظلّ المسلكيّة الوحيدة الجامعة بين الأخرس والأعمى والأبكم، قانونيا، وأخلاقيّا، وإجرائيّا، دون غالب ومغلوب، والتي يمكن أن تجنّب تونس من ثالوث الدمار الوطني من صمم، وبكم، وعمى، لأنّ عودته إلى رئاسة الحكومة تضمن التزاما بحال تنظيم السّلط، وتنصف حركة النهضة، وترسم حدّا من توافق، سبق العمل به، واعتماده، مثلما ترسم مصداقيّة لتوزيع المقاعد داخل تركيبة المجلس التأسيسي، فضلا عن صون مبدأ الانتخاب وشرعيّة النتائج، على النحو الذي سارت عليه وآلت إليه.
ولن يكون آنذاك لحركة النهضة، قانونيّا وأخلاقيا، منفذ للتراجع من داخلها، ومن خارجها، عن توافق قد يرقى إلى حال الإجماع الذي سبق أن تحقّق في شأن تلك المبادرة، فلها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت. علينا تطبيقها بحذافيرها دون تردّد أو تأويل، وهو أمر سيخلّصنا من المشاكل المستتبعة والتي لا نرغب فيها، ولا نريد تكرارها
وأمّا شأن المجلس التأسيسي فيستدعي الحسم والضّبط والتّقييد، والتّحديد، قانونيّا وأخلاقيّا، بصورة من الصور المتداولة، على أن ينفرط عقده يوم 23 أكتوبر 2013
وكذلك يتأهّل الأصمّ لدبيب السماع، ويستعين الأعمى برنين العصا البيضاء، ويستأنس الأبكم بالحركة العضويّة وإصلاح المنطق
ولئن كان العدل أساس الملك، والظّلم مؤذن بخرابه، فإنّ الشّعب سريع الحساب، والويل كلّ الويل للطّاغية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.