معهد الإحصاء: ارتفاع مؤشر أسعار العقارات المبنية ب3.5 %    موكب خاشع لتابين وتوديع فقيد صفاقس المنصف حماخم    كفاءة متميزة د. توفيق العيلاوي سفير الثقافة التونسية في هولاندا    تحديد السعر المرجعي للتمور لموسم 2025/2024    جريمة شنيعة: العثور على نجل مسؤول سابق مقتولا في شقته..!    الجزائر: نسبة التصويت في الانتخابات الرئاسية 4.56% بعد ساعتين على فتح مراكز الاقتراع    العودة المدرسية 2024 /2025: اكثر من 3700 اطار طبي وشبه طبي سيؤمنون برامح الصحة المدرسية    ألفارو موراتا يختار بر الوالدين على حساب الحياة الزوجية    بداية من الأسبوع القادم..بشرى سارة لهؤولاء..    الالعاب البارلمبية باريس 2024 - التونسية رجاء الجبالي تحرز فضية دفع الجلة لفئة اف 40    تصفيات كأس افريقيا للأمم : المنتخب التونسي من أجل الانتصار الثاني وتعزيز صدراته للمجموعة الأولى    معهد الإحصاء: نعمل على معالجة عطب فني يتعلق بالنفاذ إلى صفحة الإحصائيات    قريبا..إطلاق مشروع لدعم الصحفيين لإنشاء مؤسساتهم الإعلامية الخاصة    11 جريحا في حادث اصطدام بين حافلة وسيارة..#خبر_عاجل    الحدود الليبية التونسية احباط عملية تهريب كمية كبيرة من السجائر    سليانة: وزير التربية يؤدي زيارة إلى عدد من المؤسسات التربوية    القصرين: حجز حوالي 5 أطنان من المواد الغذائية المدعّمة بمستودع عشوائي    كرة اليد: مباريات السبت من الجولة الثانية للبطولة    المدينة في حداد : اليوم صفاقس تودع منصف خماخم اليوم    السعودية تستثمر 5.3 مليار دولار في إفريقيا    وزارة الصناعة تنطلق في إعداد دراسة لتشخيص قطاع الصناعات الغذائية    70 مليار دينار لضمان الأمن المائي لتونس    المعهد الوطني للاحصاء يؤكد عمله على معالجة عطب فني ظرفي يتعلق بالنفاذ الى صفحة الاحصائيات حسب المحور    قيمتها تفوق المليار.. مصالح الحرس الديواني تحجز كميات هامة من البضائع المهربة    سياسات مقاومة الهجرة غير النظامية اثر سلبا على دخل عدد من البحارة التونسيين (المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية)    عاجل/ تهديد بوجود قنبلة على متن طائرة هندية هبطت اضطراريا في تركيا    زلزال بقوة 5 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    أبل تعتزم إطلاق ميزة اكتشاف انقطاع النفس أثناء النوم في ساعاتها الذكية    جلسة عمل حول دليل إجراءات إسناد وصرف المنحة الشهرية لدعم الشركات الأهلية المحلية والجهوية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الزهراء : ايقافات بالجملة لعدة عناصر اجرامية على متن القطار    الإتحاد المنستيري يفوز على سكك الحديد الصفاقسي في مباراة ودية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 6 سبتمبر 2024..    هل طقطقة الرقبة لها عواقب خطيرة ؟    مصر : زوج ينهي حياة زوجته في الشارع !    بعد اتهامه بالتحرش.. إقالة وزير حقوق الإنسان في البرازيل    مسؤولة أممية تزور ليبيا "لتنشيط العملية السياسية"    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية تكرّم الرياضيين التونسيين المتوجين في أولمبياد باريس 2024    عين دراهم: حريق بغابة الحمايزية بحمام بورقيبة    النادي الإفريقي يعلن عن انطلاق بيع اشتراكات موسم 2024-2025    وزير الصحة يدعو إلى زيادة وتيرة التزود بالأدوية لتلبية حاجيات المواطنين    وزير الصحّة يشدد على ضمان استمراريّة التزوّد بالأدوية    فوائد لغوية    من الأعماق .. إلى الممثلة الكبيرة الراقية لمياء العمري !    فتح باب الترشح للإنتاج والإنتاج المشترك للأعمال المسرحية والفنيّة    القيروان: عاصمة الأغالبة تستعد لاستقبال زوارها في ذكرى المولد النبوي الشريف بأنشطة دينية متنوعة وتنشيط سياحي وحرفي ثري    الفيلم التونسي "ماء العين" يشارك في مهرجان لندن السينمائي    الدورة الاولى للايام الثقافية الدولية من 24 الى 27 اكتوبر القادم    العثور على مخطوطات ومصاحف قديمة بالقيروان ستحدث ثورة في الفقه الحنفي    كينيا : وفاة 17 تلميذا في حريق بمدرسة    إرتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون في تونس إلى 4،8 مليار دينار    كيف سيكون طقس الجمعة؟    كانوا يعبدون شجر الأيك...ما قصة أصحاب الأيكة؟    اشتهروا بغير اسمهم الأول علماء وأسماء... ! اشتهر كثير من العلماء بغير اسمهم الأول ، ولا يعرف كثير من الناس أسماءهم الحقيقية ، ومنهم :    مع المتقاعدين..الهادي بن عبد السلام المدلل ...التقاعد ... علمني حسن توظيف الوقت !    جريدة الزمن التونسي    عاجل : حضور تونسي متميز بمهرجان البندقية السينمائي الدولي    ذكرى المولد النبوي الشريف يوم 15 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكامل والتقاطع الفكري بين الهويتين الأمازيغية والعربية واقتراح تغيير تسمية المغرب العربي بالمغرب الكبير! 3-3
نشر في الصباح يوم 03 - 03 - 2013

- في الجزء الثاني من مقاله قدم الكاتب استعراضا سريعا لأهم توجهات السياسة المتّبعة حول الملف البربري وفي الجزء الثالث والاخير يقول:
إن هذا الموقف السلبي من سلطات الاستقلال بالفضاء المغاربي، كان وراء أدق وأخطرالمواقف المتشنجة لبعض القوى الأمازيغية في الداخل والخارج. ولعل أبرزتلك المواقف بعد استقلال الجزائرمباشرة سنة 1962، عندما قامت الصحافة البربرية بالإعلان في باريس عن استقلال ذاتي لمنطقة القبائل ونادت بتشكيل حكومة مؤقتة يومئذ سعيا منها حتى لا يتعرض البربرمستقبلا إلى أي ظلم واحتقاروهيمنة من الحكومات الوطنية. كما ناشد أعضاء هذه الحكومة "الافتراضية" المؤقتة من باريس، إنشاء حكم برلماني وطالبت الأمم المتحدة بتنظيم استفتاء بشأن تقرير المصير ! وهوموقف مدان حضاريا وبكل المقاييس السياسية والأخلاقية والتاريخية، وعدّ ذلك من الأخطاء الفادحة جدا في جدلية البناء الوطني المغاربي، الذي وجب أن يحتضن كل شرائحه الاثنية، كما نادت جمعيات بربرية بفرنسا وأمريكا وبريطانيا من القيادات السياسية الأمازيغية، تأكيد إنشاء الدولة البربرية الواحدة وكونغرس بربري أيضا ! والواقع أن الخطاب الأمازيغي ليس نقيضا للعروبة أوهوندّ لها وكلامها يكمل أحدها للآخر؛ وعلينا أن نناهض كل المقولات والأطروحات التي تغذي صراعا خفيا ومفتعلا بين الهويتين الأمازيغية والعربية وتعمل على بث التفرقة والحقد بينهما. وهنا أعرج على بعض الأمثلة من عناوين المقالات المنشورة في الصحف المغاربية والعربية والتي تعكس التوجه السلبي والهجومي ضد مبدإ التوافق والتجانس عبر اتخاذ مواقف التحدي للرأي العام المغاربي في ثوابته وقناعاته، ولا يسعنا إلا التأكيد أن مثل هذه الخروقات سوف تسيء حقا للجميع، كما نادى بذلك الناشط الأمازيغي الليبي مؤخرا فتحي بن خليفة، ساعيا إلى تجييش المشاعرالأمازيغية ضد العرب بل إنه نادى بفصل الأمازيغ "الجبالية" عن صلب المجتمع الليبي وأنه لا حرج لديه بإقامة علاقات مع اسرائيل، وهو ما يبرر كيف تم انتخابه رئيسا للكونغرس الأمازيغي العالمي بمباركة من أطراف مؤثرة على المشهد الثقافي المتوسطي.
وللتأكيد على سلامة التوجه الوفاقي بين الهويتين، أتوقف حول مدى عمق تقديري لهذا الإهداء الرائع للباحث التيجاني بولعوالي في كتابه: "الإسلام والأمازيغية"، عندما أهدى كتابه إلى : "أبي الأمازيغي الذي تعرّب وإلى والدتي العربية التي تمزّغت !"
ألا يعكس هذا الإهداء أحد أوجه التفاعل الحقيقي والتزاوج الثقافي والفكري البناء لكلا الهويتين طوال تاريخنا المشترك ؟ وعليه فإن الأمازيغيين والعروبيين مطالبون بتجذيرهاته الهوية المنفتحة على الآخروالمعتدلة والمتفاعلة وإدراجها في سلوكنا وتفكيرنا ومناهجنا المدرسية ووسائل إعلامنا خاصة أن رصيدنا النضالي قد وحّدنا حقا ويشهد لنا الجميع بذلك، إذ ماهية هويّتنا ظلت ناصعة وفاعلة على أساس أن الأخلاق هي الإرث الحقيقي للجميع، وهوسر بقاء الإنسان المغاربي أمازيغيا كان أوعروبيا وفيا لتراثه النضالي ولإسلامه النقي والتلقائي. وكما ذكرالباحث التيجاني بولعوالي أن "الشعب الأمازيغي استطاع أن يصمد ويحفرفي ذاكرة التاريخ بإبائه وماضيه وكرمه، وهو خلوق وكريم ونبيل ويؤمن بالمبادئ التي يحاسب من أجل نيلها وإثباتها..."
ذلك أن المواطنة ليست مفهوما فضفاضا بل هي محتوى مرتبط أصلا بأرض ووطن ودولة وجنسية وقومية، وأن القومية الحقيقية هي هذا الانتماء للخصوصيات الحضارية المشتركة والتي تستمد شرعية وجودها من الدين واللغة والتقاليد، وكلها تم تفاعلها ضمن كينونة تسمى إما الهوية العربية أو الهوية الأمازيغية. ولا سبيل لتوحيد الهوية عبر فرقعة هذه المكونات من أجل هوية واحدة وثابتة، بل الأجدى والأبقى أن تكون لدينا هوية مغاربية تنتظم فيها كل الخصوصيات المميزة لكل واحدة منها، وإن الهوية الوطنية وجب أن تشكل حجر الزاوية في تكوين الأفراد والشعوب والجماعات على أن يكون فيها انسجام وتوافق وتكامل بينها، إذ الهدف من ذلك هو عدم ذوبان الهوية المغاربية بشقيها في هوية أوروبية أو أمريكية، أوالارتماء في أحضانها أوالاستنجاد بها لدعم مساراتها ضد التوجه العربي للأغلبية التي تنادي بأنها عربية-إسلامية ! لقد استوجبت لوجود هوية ثقافية وحضارية اندماجية، عدم سيطرة اتنية معينة على الأخرى، ويومئذ باستطاعتنا أن ندافع عن كل الخصوصيات اللغوية والوجدانية لكل فريق ونضع بذلك حدا فاصلا للتهميش الثقافي والخطاب القومي وطمس الهوية للطرف الأمازيغي والذي مورس على جزء فاعل وحيوي من مجتمعنا، على أن يكون اللقاء بين الهويتين حضاريا وليس عرقيا مع التأكيد على أن الدراسات العلمية تثبت أن الإسلام قد أدى دورالحامي للهوية العربية والبربرية في نفس الوقت بالجزائروتعزّز ذلك الدور عبر مطالب جمعية العلماء الجزائريين قبل الاستقلال وبعده، كما أبرزت المعارضة الفكرية للنخبة الجزائرية قوة دفع وتفاعل حقيقي مع مطالب التعريب للحفاظ على سلامة الهوية الوطنية وهذا ما أكده الباحث د. المنصف ونّاس من أن معركة التعريب كانت جزءا أساسيا من النضال الوطني للحفاظ على الهوية.
إن الأخلاق هو الإرث الحقيقي لسرّ بناء واستمرارالإنسان الأمازيغي، وأن التنمية الحقيقية للأمازيعية تبدأ من تنمية الإنسان على أساس التبادل والاعتراف بالحقوق والواجبات بين الدولة والشعب، وأضيف هنا أيضا بينهم وبين القوميين المغاربيين، حيث نادينا برفض افتعال الصراع بين الفريقين، ولو حصل، فهومؤشربائس ومرفوض، خاصة أن المجتمع المغاربي اليوم يطمح للوصول إلى مرحلة الوحدة الثقافية باحترام الأمازيغية والعربية واللغة والدين ووحدة الوطن والتاريخ المشترك وخصوصا عندما أقرت السلطة المغربية والجزائرية الاعتراف باللغة الأمازيغية كعنصرجوهري في الكينونة والهوية الوطنية ومنحت الأمازيغيّين أحقّية البث الإعلامي المباشر باللغة الأمازيغية وتعليمها للنشء، ونشرالكتب والصحف باللغة الأمازيغية، وهذا ما يعدّ اختراقا ذكيا ضدّ جدارالصمت واللامبالاة الذي تواصل حتى وقت قريب جدا . كما أثبت في الدستورالجزائري الاعتراف الرسمي من أن الأمازيغية هي لغة وطنية وأن الجزائر وطن العرب والبرابرة وليس فقط عربي-إسلامي!
لقد آن الوقت اليوم السعي إلى إثراء هويتنا الوطنية أمام هذا الزلزال الرهيب الذي تعرفه معظم الهويات في العالم، نتيجة تداعيات العولمة الثقافية الرهيبة، حيث أصبح المنطق الاستعلائي الهجومي والممارس ضد مختلف هويات العالم وهويتنا بصفة مباشرة هي القاعدة وقد ساهم ذلك في التطاول على الثوابت الدينية والعقائدية والفكرية وتحقيرها عبركل الوسائل السمعية البصرية والأقمارالصناعية والتي احتوت على الكثيرمن التضليل والتزييف، ونشرالرعب والخوف والحذر من الفئات والجماعات التي تقف صامدة للدفاع عن هويتها الثقافية وتراثها وذاكرتها الاتنية، أمازيغية كانت أومغاربية عربية-إسلامية وهذه رسالة جديدة وجب أن تؤديها النخب المدركة بدورها في تعميق الوعي بذاتنا وبالتالي بهويتنا.
في الختام أدعوالقيادات السياسية الجديدة في تونس وليبيا إنشاء لجنة خبراء متركبة من علماء اجتماعيين ومؤرخين وانثروبولوجيين عرفوا بالنزاهة والعلم لدراسة ملف الأمازيغ وتقديم اقتراحات عملية لتعميق الوفاق الوطني الأمازيغي التونسي الليبي وبناء الثقة بيننا جميعا والاعتراف بالحقوق اللغوية والأدبية لكل الأمازيغيين والتكفيرعن الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في حقهم منذ الاستقلال السياسي لبلداننا. كما أني أناشد القيادات الأمازيغية بليبيا خاصة، عدم الانزلاق وراء التوظيف الإيديولوجي المشط ورفع الأعلام الأمازيغية بل الأعلام الرسمية على المباني الحكومية، كما فعل أمازيغيو تونس بالجنوب، عندما أنزلوا العلم الوطني ليتم تعويضه بعلم أمازيغي، والذي لو تواصل مثل هذا التحدي والهجوم على رموز شعاراتنا القومية، فسيلحق الضرربقسم مهم من شعبنا ويقطع الطريق عليهم للمساهمة في بناء الديمقراطية وإقرارالتوافق الفكري الذي ينشده المخلصون من شعبنا.
أستاذ جامعي ومؤرخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.