كان عشاق الفن الرابع على موعد مساء أول أمس مع مسرحية «قصر الشوك» بقاعة الفن الرابع بالعاصمة وهي من إخراج الفنان نعمان حمدة وتمثيل كل من عبد المنعم شويات وغازي الزغباني ونور الدين بوسالمي وجميلة الشيحي وأمينة دشراوي. تتنزل المسرحية في إطار المسرح الذهني إذ تنقل دوافع الموت السريري لتمثل مراوحة تجسم الحياة والموت والخيال والواقع.. «قصر الشوك» عنوان المسرحية بدا وكأنه العنوان الوحيد الذي يمكن أن يسند لهذا العمل الفني لما في كلمة شوك من وجع وآلام وانعكاس مباشر على جميع الفقرات، ذلك أن المسرحية تروي واقعا أليما يدركه كل من أمضى بعض الليالي في أروقة المستشفيات.. مسرحية تروي آلاما دفينة لامرأة تبحث عن حبها المفقود في سنوات العمل بين قاعات العمليات وغرف الانعاش.. وآلام المريض المنسية التي عادة ما تصبح أمرا عاديا بمرور الوقت وآلام الممرض الذي لا يمكن أن يتجاوز مهنته.. آلام اخت أصبحت تبحث عن نفسها بعد موت أختها التوأم لتصبح الحياة عندها مزيجا من الأحاسيس المتناقضة، عزة النفس واحتقارها، حدود الانا والهي.. وآلام الرجل الطبيب الذي فقد شعلة حبه لزوجته بين المشرط والمقص.. أحداث يسهل أن تتصورها وتتأملها لكن يصعب أداؤها على الركح، وهو أمر يحسب للمخرج والممثلين، وكل محبي الفن المسرحي يدركون جيدا الفرق بين التخيل الروائي وتوظيف الاحداث على خشبة المسرح، وقد حدث أن تدخل توفيق الحكيم رائد المسرح الذهني في العالم العربي وطلب وقف عرض إحدى مسرحياته من الاستمرار لأن الآداء لم يقنعه ولم ينقل أفكاره بشكل يتوافق مع المضمون.. كما تجدر الإشارة إلى أن مسرحية «قصر الشوك» تعد من بين التجارب المتميزة عن بقية الأعمال المسرحية خاصة منها تلك التي أعدت ما بعد ثورة 14جانفي، لاسيما أنها تتطرق الى مسألة في غاية الأهمية ألا وهي الغوص في عمق الذات البشرية وخفاياها والكشف عن معاناة محجوبة خلف ستار الزمان وأشرعة النسيان..كل هذا يزيده الصوت والاضاءة بعدا جماليا وعمقا في طرح مشاكل عديدة تحملك الى دوامة من الأحاسيس والآلام..