في عملية عد لأعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أجراها عدد من الصحفيين الحاضرين في آخر اجتماعات الهيئة الخميس الماضي بلغ عدد الحاضرين50 عضوا فقط من بين نحو150 يكونونها. وهو ما يدعو إلى التساؤل: "أين ذهبوا؟ هل يتحمل الوضع السياسي في البلاد الآن غياباتهم التي تكررت وتجاوزت خلال الشهرين الأخيرين الحدود المعقولة؟ وهل يشعر هؤلاء في قرارة أنفسهم حينما يخلون بواجب الحضور والمشاركة الفعلية في أشغال الهيئة وقرارتها دون أسباب قاهرة بالتقصير في أداء المسؤولية في وقت تحتاجهم فيه البلاد كثيرا؟ وما تأثير تلك الغيابات على عمل الهيئة. ولئن يرى بعض أعضاء الهيئة أن هذه الغيابات لم تكن ملفتة للانتباه ولا تشكل عرقلة لعمل الهيئة, فإن هناك آخرين يعارضون بشدة تكرر الغيابات ويرون أن غياب أي عضو من أعضاء مجلس الهيئة خلال اجتماعاتها هو غياب لصوت من أصواتها. يذهب آخرون إلى أبعد من ذلك ويقولون إن أي غياب له انعكاسات سيئة جدا على مستوى نقاش مشاريع قوانين ومراسيم هامة ومصيرية في تاريخ البلاد.. وقبل تسجيل انسحاب أعضاء حزب النهضة من الهيئة كان عدد أعضائها نحو155 وهم يمثلون أحزابا سياسية وهيئات وجمعات ومنظمات تمثل المجتمع المدني والجهات وأهالي الشهداء إضافة إلى الشخصيات الوطنية المستقلة.
تبريرات
ويبرر البعض غيابات أعضاء الهيئة بالتزاماتهم المهنية السابقة والتزاماتهم الحزبية المتعددة وبغيرها من الأعذار التي يتعتبرونها قاهرة ولا تقتضي التأجيل.. فكيف باستطاعة أستاذ جامعي على سبيل المثال التغيب عن امتحانات طلبته لأي سبب كان.. وهل بإمكان ممثل حزب سياسي التضحية بيومين في الأسبوع من عمر أنشطته الحزبية في وقت مصيري حساس في سبيل الهيئة؟ "إذا اقتضى الأمر ذلك يصبح الحضور اجباريا" هذا ما أكده العضو الدكتور علي المحجوبي.. ويعتبر أن جلسة يوم غد على سبيل المثال جلسة على غاية من الأهمية فهي مبرمجة للمصادقة على مشروع قانون الأحزاب ولا شك أنها ستشهد حضورا لافتا. وقال إن الغيابات المسجلة في صفوف أعضاء الهيئة لا تعتبر كثيرة وهي لا تؤثر سلبا على سير الأشغال وتعود هذه الغيابات في مجملها لظروف خاصة.. لكن المتغيبين يتداركون الأمر خلال اللحظات المهمة ويسجلون حضورهم بالمستوى المطلوب والمرضي عند التصويت على مشاريع القوانين.. لأنه لا يمكن التصويت عليها إلا إذا اكتمل النصاب.. لكن في المقابل يذهب محدثنا إلى أن هناك شخصيات في الهيئة يناهز عددها العشرة لم تحضر الاجتماعات ولم لمرة واحدة.. وفي نفس السياق قالت العضوة صوفية الهمامي إن العديد من الشخصيات الوطنية المستقلة يتغيبون عن إجتماعات الهيئة نظرا لارتباط الكثير منهم بالامتحانات الجامعية كما تسجل غيابا في صفوف ممثلي بعض الجمعيات والهيئات الناشطة في المجتمع المدني نظرا لتزامن أنشطتهم مع أنشطة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والالنتقال الديمقراطي.. وتؤكد الهمامي من منطلق التجربة الانعكاسات السيئة لتكرر الغيابات على مستوى نقاش مشاريع القوانين والمراسيم إذ لا يوجد التفاعل المطلوب في النقاش بقدر ما يلاحظ تواتر الاختلافات والتجاذبات. وتحول الغيابات دون اكتمال النصاب للمصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم.. كما برز في اكثر من مناسبة احتجاج بعض الأعضاء على المصادقة على مشاريع قوانين ومراسيم دون حضورهم ودون استشارتهم. وبينت صوفية الهمامي أن مستوى عمل الهيئة لا يروق للعديد من المواطنين بالجهات واكدت أن الكثير منهم اتصلوا بها وأبلغوها عدم رضاهم عن أدائها واحتجاجهم عن أسلوبها اللين في التعامل مع الحكومة.
حلول
حلول عملية قدمها العضو الدكتور فوزي الشرفي لمشكلة الغيابات داخل الهيئة العليا لتحقيق أهدف الثورة تتمثل في تمرير ورقة حضور. وبين أن من لا يلتزم بالحضور ويكرر التغيب ثلاث مرات دون الاستظهار بما يبرر غيابه يشطب اسمه من الهيئة. وقال ان العمل المناط بعهدة أعضاء الهيئة كبير جدا وعلى غاية من الأهمية في مرحلة تاريخية حساسة ومصيرية ومن لا يتحل بالمسؤولية عليه الانسحاب. وبين أن الاعضاء يحرصون على الحضور في الاجتماعات المهمة كالتي يشرف عليها الوزير الأول في الحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي لكن العديد منهم يتغيبون عن الجلسات العادية الأخرى. وبالإضافة إلى ورقة الحضور اقترح الدكتور الشرفي ضبط جدول الأعمال طيلة شهرأوشهرين بدقة حتى يكون الأعضاء على بينة بالبرنامج.. وتجنبا لتعطيل سير البرنامج تخصص الهيئة جلسة اسبوعية لتداول المستجدات الوطنية ونقاشها.