16 ألف طن من النفايات الاستشفائية سنويا... وأساليب معالجتها مازالت غير محكمة تونس الصباح مثلت النفايات الاستشفائية منذ عديد السنوات عبئا ثقيلا وخطيرا لا على القطاع الصحي فحسب، بل على المحيط بشكل عام. ونظرا لخصوصية هذا النوع من النفايات، كان لابد من التعامل معها من حيث اتلافها وجمعها وحرقها أساليب خاصة تتسم بدقة التعامل، وسد الباب أمام كل المخاطر التي قد تحصل بسبب التعامل غير الدقيق معها. ومن هذه المنطلقات كان لابد أن تخضع النفايات الصحية إلى مراقبة دقيقة، وجمع مواز بعيدا عن خلطها بالنفايات الاخرى المنزلية أو الصناعية والتجارية، كما يجب أن توجه إلى مصبات خاصة بعيدة عن العمران، ودون أن تصل اليها أيادي المواطنين، وتخضع إلى دفنها أو حرقها بأساليب دقيقة لتفادي تسرب جراثيمها ومؤثراتها إلى المحيط. فماذا عن قيمة النفايات الاستشفائية في تونس؟ كيف يجري التعامل معها داخل المؤسسات الصحية أو خارجها؟ وماذا عن تطور قيمة هذه النفايات بشكل عام؟ 16 ألف طن من النفايات سنويا إن التزايد السكاني بالمناطق الحضرية، والتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته تونس خلال السنوات الاخيرة، سايره تطور في الخدمات الصحية كما وكيفا مما أفرز تنوعا في النفايات الاستشفائية وارتفاعا في كمياتها حيث يشار إلى أن قيمتها قد بلغت 16 ألف طنا في السنة. وسعيا لتأمين الوقاية من الاخطار الصحية التي يمكن أن تنجر عن هذه النفايات، تم إعداد خطة وطنية للتصرف في النفايات الصحية، قامت بإعدادها وزارتا البيئة والتنمية المستديمة والصحة العمومية. وتقوم هذه الخطة على جملة من المحاور تتمثل في الاتي: إجراء طلب عروض للتصرف في النفايات بالمؤسسات الصحية المتواجدة بإقليم تونس. تحسين عمليات التصرف في النفايات وذلك باقتناء التجهيزات والمعدات الملائمة، وتجهيز الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية بأماكن لخزن النفايات. إعداد دليل فني توجيهي لتنظيم عمليات التصرف في النفايات. اعداد وتنفيذ برنامج متكامل للتكوين في مجال التصرف في نفايات الانشطة الصحية. لكن هذه الخطة وما جاء فيها من أبواب لتطبيقها على أرض الواقع تتطلب وقتا، خاصة أذا ما أشرنا إلى أنها تفتقد أولا لبنية أساسية خاصة داخل المؤسسات الاستشفائية وخارجها أيضا، وعلى مستوى المعدات الحديثة للحفظ والتصرف في هذه النفايات ونقلها. كما نعتقد أن مسألة النفايات لا تتصل بالمؤسسات الصحية الموجودة باقليم تونس الكبرى فقط، بل أيضا في المؤسسات الصحية داخل المدن الكبرى، وربما أيضا الخطر لا يكمن هنا أو هناك، بل على وجه الخصوص في المستشفيات الجهوية والمحلية التي مازالت تطرح نفاياتها، وتتخلص منها بطرق عشوائية وداخل المصبات العامة. ولهذا نعتقد أن مسألة الاهتمام بالنفايات الاستشفائية لابد أن تأخذ بعدا وطنيا، ويرسى من أجلها برنامج متكامل يخضع لجملة إجراءات وأساليب دقيقة في تطبيقه. خطة لاحتواء النفايات الاستشفائية نظرا لما تمت الاشارة إليه آنفا، وعملا على احتواء هذه النفايات ومعرفة المخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها، وأيضا نظرا لان موضوع هذه النفايات ومعالجتها كان مطروحا منذ سنوات. فقد بدأ العمل على إيجاد حل نهائي لها طبقا للاساليب المعتمدة عصريا في طرق معالجتها. ومن هذه المنطلقات تم اصدار القرارات والاوامر من أجلها وهي كالاتي: إصدار الامر عدد 2745 لسنة 2008 بتاريخ 28 جويلية الفارط المتعلق بضبط شروط وطرق التصرف في نفايات الانشطة الصحية. إعداد كراس الشروط المتعلق بجمع ونقل ومعالجة وإزالة نفايات الانشطة الصحية بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية المتواجدة بإقليم تونس. وسيتم عما قريب عرضه على اللجنة العليا للصفقات للمصادقة عليه واتمام مراحل نشر طلب العروض خلال سنة 2009 القادمة. إعداد دليل فني لتنظيم عمليات جمع وفرز وتكييف وخزن ونقل ومعالجة النفايات الصحية. الشروع في تنفيذ برنامج تكويني وتحسيسي للتصرف الرشيد والسليم في نفايات الانشطة الصحية داخل الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة. اعداد الدراسات الاولية (دراسة التشخيص، دراسة الجدوى) لمشروع النهوض بالتصرف في نفايات الانشطة الصحية بإقليم تونس وولاية مدنين. مواصلة إعداد دراسة تكميلية للمشروع المذكور بالوسط التونسي (سوسة، المنستير، القيروان، والمهدية)، ومنطقة الجنوب الشرقي التي تشمل (صفاقس، قابس، مدنين وتطاوين) لعرضها على الصندوق العالمي للبيئة للمساعدة على تمويل هذه المشاريع خلال سنة 2009. هذه هي الخطة العملية التي وضعتها وزارتا الصحة العمومية والبيئة بشأن النفايات الاستشفائية بدءا من تجميعها بالمؤسسات الصحية ووصولا الى خزنها ونقلها وفرزها ومعالجتها، والملاحظ أن هذه النفايات قد تطور حجمها اليومي والشهري. وفي اعتقادنا أن الضرورة تبقى ملحة لاتخاذ اجراءات استباقية على مستوى حفظها في انتظار تطبيق بقية المراحل الخاصة بالتصرف فيها من خلال الخطة المشار إليها.