لم تعد الصناعات المعملية وغير المعملية تساهم لوحدها في النسيج الصناعي في العديد من بلدان العالم، بل برزت في العشرية الأخيرة صناعات جديدة ومجالات مختلفة وقطاعات واعدة تساهم في دفع الاقتصاديات العالمية وحققت لها بفضل تطورها ونمائها قيمة مضافة تعد بالمليارات. في تونس، يبدو أن التجربة مازالت لم تتحسس بعد طريقها، كما لم يلق هذا المجال حظه لدى الحكومات المتعاقبة رغم عرضه في العديد من المناسبات ليسلط عليه الضوء هذه المرة في يوم إعلامي نظمته كونفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية للوقوف عند أهم الإشكاليات وعرض ابرز التجارب الناجحة في العالم بالأرقام والإحصائيات... فاليوم يعرف مجال صناعة القطاع السمعي البصري نموا مطردا في العديد من بلدان العالم، لتحتل تركيا المرتبة الثانية كمصدر عالمي لمنتجات هذا القطاع بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث تصدر منتوجها السمعي البصري إلى 200 دولة وتحظى بأكثر من 600 ألف مليون متفرج على منتوجها في العالم من 150 دولة وتعمل على أن تصل إلى 2000 مليون يورو من تصدير منتوجها وقد وصلت اليوم إلى 550 ألف مليون يورو. كما بلغت قيمة منتجات فرنسا من هذا القطاع ما يناهز ال 16.8 مليار يورو سنويا و8.5 مليار يورو حجم القيمة المضافة التي يحققها هذا القطاع وهو ما جعله القطاع الثاني بعد قطاع صناعة السيارات في فرنسا قبل قطاع صناعة الأدوية، حسب ما أفاد به رئيس «كونكت أريانة» عدنان بوعصيدة ل «الصباح»، مبينا أن هذه الأرقام تم استخلاصها من الدراسة التي تم إعدادها حول مدى مساهمة هذه الصناعة في إيجاد حلول اقتصادية قادرة على المساهمة في حلحلة الأزمة الخانقة التي يعيشها الاقتصاد التونسي. ومن خلال هذه الدراسة، بين كذلك الخبير الدولي في القطاع السمعي البصري يسري بوعصيدة أن الاستثمار في القطاع يمكن أن يوفر ما يقارب 200الف موطن شغل في المجال السمعي البصري كما يمكن تطوير الصناعة والانفتاح على الأسواق الخارجية والشركات الأجنبية، مشيرا إلى وجود المواصفات والجودة المطلوبة والكفاءات التونسية القادرة على منافسة السوق التركية واللبنانية والفرنسية... ما يتطلبه القطاع في تونس واليوم تنشط ما يقارب ال 12 شركة في صناعة القطاع السمعي البصري في تونس، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بالبلدان العالمية، وهذه الشركات الصغيرة لا تشغل سوى ال 130 شخص يشتغلون على منتجات بسيطة وخفيفة لبعض القنوات التلفزية مثل الأفلام الوثائقية والتحقيقات في حين تصل عدد المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تنشط في نفس القطاع في فرنسا إلى 3728 مؤسسة ويشغلون اليوم ما يناهز ال 390 ألف موطن شغل مباشر. ويرى العديد من المتدخلين في هذا المجال أن ابرز الإشكاليات والصعوبات التي تواجه هذا القطاع الواعد في تونس هو الإطار التشريعي والترتيبي الذي لابد من تحييده عن المسار الثقافي باتجاه المجال الصناعي واعتباره صناعة واعدة لما له من قدرة على تعبئة موارد للمساهمة في اقتصاد البلاد، كما يعد عدم ايلاء الدولة الأهمية اللازمة لهذه الصناعة من ابرز المشاكل، فضلا عن النقص في تكوين الكفاءات التونسية في هذا المجال. والمطلوب اليوم من الدولة أن تتبنى هذه الصناعة مثل ما سبق وان اهتمت بمشروع التطور التكنولوجي حتى أحدثت قطبا تكنولوجيا مهما يعد الأبرز إفريقيا وسرعان ما تطور ومكنها من إحداث أقطاب تكنولوجية فرعية، وذلك بوضع إطار قانوني تشريعي لهذا القطاع وسن قوانين جديدة وواضحة وتشجيعية تحيد بهذه الصناعة الواعدة من الجانب الثقافي فقط إلى المجال الصناعي لتصبح صناعة ذات قيمة مضافة تساهم في النسيج الاقتصادي مثل بقية القطاعات الاقتصادية عبر استقطاب استثمارات جديدة وتركيز مدينة صناعية في القطاع السمعي البصري على غرار البلدان العالمية مثل هوليود وبلدان الشرق الأوسط والبلدان الأوروبية. فحسب التوقعات فان صناعة قطاع السمعي البصري يمكن أن توفر في ما بين 80 و90 ألف موطن شغل في ظرف 10 سنوات قادمة وتساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية في البلاد في كل القطاعات الاقتصادية تقريبا من نقل وسياحة وتجارة وغيرها من الأنشطة المرتبطة بها. كما من الضروري سن إجراءات تحفيزية لدفع الاستثمار في هذه الصناعة واستقطاب مشاريع أجنبية للاستثمار في هذه الصناعة خاصة أن تونس تتميز بمزايا تفاضلية من خلال موقعها الجغرافي والطبيعة الخاصة التي تتميز بها وهي من أهم العوامل التي تستقطب العديد من المستثمرين في هذا القطاع الواعد، وفي ذات السياق أشار رئيس «كونكت» في حديثه ل «الصباح» إلى أن تونس كانت قد استقطبت استثمارا من شركة فرنسية خلال سنة 2013 أرادت أن تتمركز في جهة بنزرت في مجال صناعة الصور المتحركة لكن لقي هذا المشروع صعوبات كبيرة تتعلق بالإجراءات الديوانية وخاصة نقص الكفاءات التونسية الفنية في مجال الصور المتحركة مما اضطر بها إلى العدول عن التفكير في الاستثمار في بلادنا. وهذه الصعوبات وغيرها من الإشكاليات التي تعرقل نمو وتطور هذه الصناعة يمكن في الحقيقة التغلب عليها إذا ما تبنتها الدولة واعتنت بها كقطاع واعد وجديد وذو قيمة مضافة، من شانه أن يغير في المشهد الاقتصادي المحلي نحو الأفضل، ويحقق نتائج ايجابية يمكن أن نلمسها على المدى المتوسط والطويل لترتقي بذلك هذه الصناعة إلى مستوى البلدان العالمية... وفاء بن محمد قريبا مجلة السينما لتنظيم القطاع في تونس ستكون « مجلة السينما » التي ستتوج أعمال لجنة إصلاح قطاع السينما والفنون السمعية البصرية التي انطلقت منذ جانفي 2017 ركيزة البناء الجديد لقطاع السينما والفنون السمعية البصرية في تونس. وقد تم التوصل إلى عدة مقترحات انبثقت عن الأعمال الأولى للجنة الإصلاح التي شارك فيها ائتلاف الجمعيات والنقابات السينمائية. مقترحات هدفها تقديم رؤية جديدة ومجددة لقطاع السينما والفنون السمعية البصرية في تونس انطلاقا من مقترحات المهنيين والمعنيين بالشأن السينمائي والتي ستشكل قاعدة إصدار مجلة السينما التي ستنظم القطاع. ويشمل المشروع الإصلاحي إعطاء دور للمركز الوطني للسينما والصورة الذي يشكل المؤسسة المرجع لمشروع النهوض بالسينما التونسية بمختلف مكوناتها خاصة وانه يسمح بالخروج من بوتقة سلطة الوزارة ومركزية القرار وخاصة وانه سيهتم بأغلب مشاغل القطاع من الدعم الى تنظيم القطاع الى المكتبة السينمائية. كما يشمل المشروع الاصلاحي احداثات جديدة من بينها « السينماتاك » التي ستنتقل الى مدينة الثقافة بالإضافة الى المكتبة السينمائية التي انطلق الاعداد لها.. وستحتوي مجلة السينما على7 ابواب رئيسية تضم القوانين المنظمة للقطاع ومن بينها بالخصوص السجل الوطني للسينما التونسية الذي سيمكن بالخصوص من توحيد المعلومة والمتدخلين في القطاع والمركز الوطني للسينما والصورة بالإضافة الى ابواب تعنى بالحالة الاجتماعية والمهنية للمهنيين وبالإنتاج والتوزيع فضلا عن التكوين ونشر الثقافة السينمائية وصندوق تنمية السينما الوطنية.