في ظلّ صخب الحياة اليومية، تُعلو أصواتٌ حزينةٌ من أرجاء تونس، تُحذّر من كارثةٍ مُحدقةٍ، كارثةُ العطش. تُطلّ علينا من مختلف أنحاء البلاد، من تطاوين الغنية بالكنوز الطبيعية إلى قلعة الأندلس الخصبة، ومن أهالي الشمال الغربي المُعطشين إلى سكان صفاقس المُحاصرين بالمياه الحمراء. تطاوين: جنةٌ عطشى: تُعاني ولاية تطاوين، تلك الجوهرة المُتألقة في صحراء تونس، من مفارقةٍ مُحيرةٍ، فبينما تُخفي باطن أرضها مخزونًا هائلًا من المياه الجوفية النقية، وتُزخر باحتياطياتٍ ضخمةٍ من النفط والغاز، يُعاني أهلها من انقطاعٍ متكرّرٍ للمياه الصالحة للشرب. قلعة الأندلس: أرضٌ خصبةٌ يحاصرها العطش: في قلعة الأندلس، تلك الأرض المُباركة التي كانت تُزهرُ خضرةً ونماءً، تبدّل المشهدُ ليُصبح قاحلاً يابسًا. تُحرم أراضيها الخصبة من قطرة ماءٍ، بينما تُصرف مياه وادي مجردة، شريان الحياة في المنطقة، باتجاه البحر دون رحمةٍ أو شفقةٍ. الشمال الغربي: صرخةٌ تُغرقها المياه المُهدورة: يُعاني أهالي الشمال الغربي من قلةٍ مُزمنةٍ في مياه الشرب، بينما تُستخدم هذه المياه لريّ مناطقٍ أخرى، تاركين إياهم يُصارعون العطش ويُناشدون دون جدوى. صفاقس: مياهٌ حمراءٌ تُهدّد الصحة: يُعاني العديد من سكان صفاقس من مياهٍ حمراءٍ غير صالحةٍ للاستخدام، تُهدّد صحتهم وتُعيق حياتهم اليومية. تُضاف هذه المعاناة إلى قائمةٍ طويلةٍ من التحديات التي تواجهها تلك المدينة العريقة. وتبعا لما أسلفنا ذكره وتبيانه، ندعو السلطات المحلية والجهوية، المنتخبة حديثًا، الاستماع لمطالب المواطنين وتوفير حلولٍ جذريةٍ لأزمة العطش، لا سيما أنه يتم إهدار المياه في بعض المناطق بينما تُحرم مناطق أخرى منها وهذا ظلمٌ فادحٌ لا يمكن السكوت عليه. دعوة نابعة من الحرص على الوطن ومصلحته، وكذلك لسحب البساط من المناوئين والمساومين الذي يستغلون الوضع لإثارة الفوضى أو زعزعة استقرار البلاد. الماء هو ثروةٌ وطنيةٌ لا يجوز التفريط فيها، ولابد على الجميع، حكومةً وشعبًا، التكاتف والتعاون لتوفير المياه الصالحة للشرب لجميع التونسيين، دون استثناء، لكي نُحوّل صرخة العطش إلى نشيدٍ للحياة. وللحديث بقية..