أصدرت لجنة حماية الصحفيين تقريرا قاسيا عن أوضاع الحريات الصحفية في تونس نشرته على موقعها الاكتروني يوم الثلاثاء 23 سبتمبر الجاري. واكتشفت الدراسة أن أوضاع الحريات الصحفية بتونس في حالة سيئة. وكان جويل كامبانا الذي يشغل منصب منسق برامج متقدم في لجنة حماية الصحفيين والمسؤول عن قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التقى نهاية يونيو الماضي وبداية يوليو مجموعة من الفاعلين على الساحة الاعلامية في تونس. إلا أنه لم يتمكن من الالتقاء بأي مسؤول حكومي للتحدث عن وجهة نظر السلطات الحكومية. وقدم كمبانا عدة شواهد على مزاعمه من بينها الأساليب التي تعتمدها السلطات لمحاصرة الصحفيين والصحف التي تنتقد الأداء الحكومي. وتعرض كامبانا في الوثيقة لقضية الصحفي سليم بوخذير الذي حوكم خلال شهر ديسمبر 2006 بالسجن لمدة سنة قبل أن يتم اخلاء سبيله خلال شهر يوليو الماضي. واعتبر التقرير أن محاكمة بوخذير كانت كيدية بسبب انتقاده الشديد لرموز الدولة. في حين تؤكد السلطات بأن اعتقال بوخذير لا علاقه له بعمله الصحفي. وحسب التقرير الذي صدر تحت عنوان "الظالم المبتسم" فإن السلطات التونسية ترفض بشدة توجيه النقد إلى السلطات الحكومية وجاء فيه "ولا توجه الصحافة المطبوعة أية انتقادات للرئيس، وهي مصابة بالشلل جراء الرقابة الذاتية. أما الأصوات القليلة التي تظهر على شبكة الإنترنت والمنشورات الأجنبية والصحف الأسبوعية محدودة الانتشار التابعة للمعارضة، فعادة ما تتعرض للمضايقات والتهميش من قبل السلطات التونسية". وختم التقرير بأنه في الوقت الذي تم استخدام القانون لملاحقة الصحفيين منذ سنوات عديدة "إلا أن السلطات تفضّل استخدام أساليب غير ظاهرة للسيطرة على الأصوات الناقدة". وبحسب التقرير، ترفض الحكومة إصدار تراخيص للصحف المكتوبة المعارضة ووسائل البث وتتحكم في توزيع الامويل الحكومي والإشهار لفائدة المنشورات الموالية للنظام. وفي الختام، وحسب التقرير "تتعرض الصحف الجريئة للمصادرة من قبل الشرطة، وتعمد الحكومة إلى حجب المواقع الإخبارية الناقدة على شبكة الإنترنت، مثل المواقع التابعة لجماعات حقوق الإنسان الدولية، وموقع نشر أفلام الفيديو الشهير يوتيوب". وفي حديثه عن تقرير لجنة حماية الصحفيين، عبّر ناجي الباغوري، الأمين العام للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، لمغاربية عن استغرابه "لغياب أي إشارة حول نقابة الصحافيين التونسيين خاصة وأن كامبانا كان له لقاء بأعضائها خلال جولته بتونس وتم تطارح العديد من القضايا التي تهم الشأن الاعلامي". وقال البغوري في منتدى الشهر الماضي "لا يمكننا تصور أي تطور للتعددية والديمقراطية في بلدنا ما دامت السلطات تسعى إلى فرض الإشراف والمراقبة. إن هذا يعيق إمكانية الانتقال إلى صحافة حرة ومستقلة ومتعددة كما هو الحال في المجتمعات الديمقراطية". وتابع بالقول "من الصعب توصيف الوضع الإعلامي في تونس بمثل هذه الرمادية وذلك على الأقل لسببين اثنين.. أولا أن هناك إرادة سياسية لتطوير المشهد الإعلامي في تونس وهذا في حد ذاته مكسب هام لا بد من تثمينه. ثانيا: لدينا في تونس تشريعات هامة تحافظ على حرية الإعلام". وفي تقرير لجنة حماية الصحفيين، سُئل مدير دار الصباح رؤوف شيخ روحه عن السبب الذي يدفع صحفه، والتي تتضمن صحيفة 'الصباح' اليومية والتي يصل توزيعها إلى 40.000 نسخة يوميا، إلى عدم تناول الفساد الحكومي أو انتقاد كبار المسؤولين الرسميين، وجّه الانتقاد إلى القانون التونسي. وقال "يوجد في تونس قانون للصحافة ولا يمكنك أن تتجاوز القانون". وأضاف أنه بموجب القانون لا يمكننا الإساءة إلى الرئيس. تونس ليست أوروبا، بل هي بلد عربي وإسلامي ... نحن نتقدم خطوة بعد خطوة وأنا أعتقد أن الصحافة تسير في الاتجاه الصحيح".