في الوقت الذي يحتفل فيه العالم اليوم السبت الثالث من مايو/ آيار باليوم العالمي لحرية الصحافة، حذرت منظمات حقوقية دولية من تحول منطقة الشرق الوسط إلى "مقبرة للحريات" بعد الانتهاكات العديدة التي تعرض الصحفيون في العديد من دول المنطقة. ويأتي الاحتفال في الوقت الذي قررت فيه محكمة جنح العجوزة فى جلستها المنعقدة اليوم السبت تأجيل نظرالاستئناف المقدم من أربعة رؤساء تحرير صحف خاصة ضد الحكم الصادر بحبسهم لمدة عام وغرامة 20 ألف جنيه لكل منهم لجلسة 7 يونيو القادم وذلك للاطلاع وتقديم المستندات والمذكرات. وكانت المحكمة قضت فى شهر سبتمبر من العام الماضى بالحبس لمدة سنة وغرامة 20 ألف جنيه على كل من ابراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة الدستور، وعادل حمودة رئيس تحرير صحيفة الفجر، ووائل الابراشى رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة آنذاك، وعبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة الكرامة سابقا، لاتهامهم بسب وقذف الرئيس حسنى مبارك وعدد من رموز الدولة فضلا عن نشر شائعات وأخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام والاضرار بمصالح الدولة . وتمت إدانة الأربعة رؤساء تحرير بموجب المادة 188 من قانون العقوبات المصري والتي تنص على معاقبة بالسجن لمدة عام و غرامة لا تزيد عن 20000 جنيها مصريا لكل من: "نشر بسوء قصد أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام". ويرى العديد من المراقبين أن هذه القضية, بالإضافة إلى العديد من القضايا مرفوعة ضد صحفيين مصريين, بمثابة محاولة لإسكاتهم عن توجيه انتقادات لرئيس الجمهورية و رموز الحكومة و الحزب الحاكم. كما يتزامن الاحتفال باليوم العالمي للصحافة، مع إطلاق مصور قناة "الجزيرة" القطرية سامي محمد الحاج من معتقل جوانتانامو بعد حوالي ست سنوات قضاها في هذا المعتقل الأمريكي سيء السمعة. وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" وصفت في تقريرها السنوي لسنة 2007، الشرق الأوسط ب "مقبرة للحريات"، ورأت أن الصحافة الحرة "كلمة أجنبية" في ظل الديكتاتوريات التي تحكم المنطقة وتحكم خناقها على وسائل الإعلام سواء بالترهيب أو بالترغيب. وشددت على أن لا حرية صحافة نمت دون ديموقراطية ومن دون بناء مؤسسات ديموقراطية تحترم الفرد وحريته. كما أعربت منظمة "فريدوم هاوس" التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، في تقرير لها نشر الأسبوع الماضي، عن قلقها من درجة العنف والمضايقات الجسدية التي يتعرض لها صحفيون في دول كثيرة، مشيرة إلى حرية الصحافة شهدت تراجعا بارزا عام 2007 للعام السادس على التوالي. وصنف التقرير الدول ضمن ثلاثة تصنيفات أولها الدول التي تتمتع بحرية الصحافة "اللون الأخضر" وثانيها الدول التي تكون فيها حرية الصحافة جزئية "الأصفر" وأخيرا الدول التي لايوجد فيها أي حرية صحفية "الرمادي"، كما يتضح من الخريطة المرفقة . وبحسب التقرير السنوي للمنظمة فإن الدول التي "يمكن وصفها بالحرة يبلغ عددها 90 وتمثل 46% فقط من سكان العالم" . وأوضح التقرير أنه "رغم أن الرقم السابق لم يتغير عن عام 2006، الا أن عدداً كبيراً من الدول التي صنفت من قبل على انها حرة نسبيا أو غير حرة، شهد تراجعا كبيرا عن الديموقراطية عام 2007." وفي الوقت الذي أبقى فيه تقرير المنظمة العراق والصومال أخطر دولتين لممارسة مهنة الصحافة، إلا أنه أشار إلى المخاوف من أعمال العنف ضد الصحافة في المكسيك وروسيا والفيليبين وسريلانكا وباكستان. يوم حرية الصحافة في هذه الأثناء، يحتفل العالم اليوم السبت، باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث تم في هذا اليوم التذكير بالانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة والصحفيون في مختلف دول العالم، من مراقبة، تغريم، إيقاف، إغلاق وسائل النشر، بينما يتعرض الصحفيون، والمحررون، والناشرون للمضايقات، والاعتداء والاعتقال، وحتى القتل. وكانت منظمة اليونسكو دعت في الثالث من مايو 1991 من العاصمة الناميبية، فيندهوك، إلى دعم حرية الصحافة، وأصدرت بيانا بهذا الشأن، حمل اسم "بيان فيندهوك" أعتبر الرقابة على الصحافة خرقا سافرا لحقوق الإنسان. ودافع البيان عن حرية الصحافة وعن حق كل صحفى في العمل دون خوف وفي كل أرجاء العالم. وفي العشرين من ديسمبر سنة 1993صادقت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على اعتبار الثالث من مايو من كل سنة يوما للاحتفال بحرية الصحافة. وتعد هذه المناسبة فرصة للاحتفال بحرية الصحافة وتقييم مدى ممارسة هذه الحرية حول العالم وتكريم وتقدير الصحفيين الذين قضوا وهم يتقصّون الحقيقة. ويرى محللون إن الوضع العالمي للصحافة يزداد سوءا يوما بعد يوم، وضحايا هذه المهنة يتساقطون بالعشرات كل عام. ومنذ مطلع العام الحالي قتل 28 صحفيا على الأقل خلال ممارستهم مهنتهم في 17 بلدا مقابل 34 للفترة عينها من العام الماضي، بحسب منظمة "الحملة الدولية لشعار حماية الصحفي" المعنية بالدفاع عن الصحفيين في مناطق النزاع أو العنف. وتصدرت المكسيك خلال هذه الفترة قائمة الدول الأكثر خطرا على الصحفيين "ستة صحفيين قتلوا فيها" يليها العراق "خمسة"، فباكستان "ثلاثة"، فروسيا "اثنان". كما قتل منذ مطلع العام صحافي واحد في كل من الهند والفلبين وبنما وقطاع غزة وبوليفيا وكولومبيا وأوغندا وهندوراس والبرازيل والنيجر والنيبال وأفغانستان والصومال، بحسب المنظمة الحقوقية ومقرها جنيف. تحذير دولي في غضون ذلك، أعلنت الأممالمتحدة أن الاعتداءات على حرية الصحافة ولاسيما مقتل الصحفيين خلال أدائهم واجبهم المهني هي أمر غير مقبول. وقالت المتحدثة باسم الأممالمتحدة في جنيف ماري هوزي أمس الجمعة، عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة: إن الأممالمتحدة تعتبر الحق في معلومة حرة ومستقلة أحد أسس الديمقراطية". وأضافت أن الأممالمتحدة "لا يسعها إلا أن تعرب بأشد العبارات عن أسفها لمجمل الأنشطة المعادية لوسائل الإعلام ولاسيما عدد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين قتلوا أو جرحوا خلال ممارستهم مهنتهم". وتابعت "مثل هذه الأفعال غير مقبولة، ليس فقط لأنها تنتهك الحقوق الأساسية للأفراد وإنما أيضا لأنها تعيق حرية نقل المعلومات الصحيحة والجديرة بالثقة والتي تعتبر أساس الحكم الصالح والديمقراطية". من جانبه، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بيانا قال فيه: "في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، وفي هذه السنة التي نحتفل فيها بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أدعو المجتمعات كافة ألا تدّخر وسعا في تقديم مرتكبي هذه الاعتداءات على الصحفيين للمحاكمة". وأعتبر بأن "وسائط الإعلام الحرة والمأمونة والمستقلة هي إحدى الأسس التي يقوم عليها السلام والديموقراطية" وإن "الاعتداء على حرية الصحافة هو اعتداء على القانون الدولي، وعلى الإنسانية، وعلى الحرية ذاتها، أي على كل ما تدافع عنه الأممالمتحدة. ونبه مون إلى أنه "عندما تتدفق المعلومات بحرية، تتوافر للمواطنين الأدوات التي تمكنهم من التحكم بمجرى حياتهم. وعندما يُكبح تدفق المعلومات، سواء كان لأسباب سياسية أو تكنولوجية، تعوق قدرتنا على العمل".