في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" اعتبر بشّار الأسد أنّ هجوم تنظيم "داعش" على مدينة تدمر بريف حمص جاء بمثابة رد على تقدّم القوات السورية في حلب وكان الهدف منه هو تقويض انتصار الجيش السوري في حلب. لم يكتف بشّار الأسد بما فعله بالشعب السوري من قتل وتنكيل وتشريد وترويع وتدمير وحرق وبراميل متفجّرة وصواريخ متطايرة وأشلاء جثث متناثرة ومشاهد "قيامية" ،كما وصفها أحد النّاشطين السوريين، لأجل تركيع الشعب السّوري. بل زاد على ذلك بأن تقمّص مع صنيعته داعش دور التمثيل : التمثيل على الشعب السوري وعلى كلّ العالم. فالممثّلون،عادة، يتقمّصون الأدوار لكي يمرّروا الحقيقة للنّاس وينفّسون عنهم. أمّا بشّار وزمرته وداعش فهم يتقمّصون ويتبادلون الأدوار من أجل حجب الحقيقة على الشعب السوري ثمّ القضاء عليه إمّا قتلا أو تشريدا أو همّا وكمدا ! تمثيل تشيب لهوله الولدان ! تصوّروا أيها السادة : بعد أن ثار الشعب عليه في ثورة سلمية واضحة وضوح الشمس في كبد السماء. وبعد أن تيقّن بأن نظامه آيل إلى السّقوط لا محالة. لم يجد من حيلة تنجّيه إلاّ أن يبعث أو يساهم مع غيره من شياطين الإنس الإقليميين والدوليين في بعث كيان غريب(داعش) يتصنّع معارضة النّظام حتّى يحسب على المعارضين للنظام. ثمّ يقوم هذا الكيان بمجازر رهيبة في حقّ الشعب السوري. ثمّ يصوّر ويسوّق للعالم أن المعارضين للنّظام يقتّل بعضهم بعضا وليسوا جديرين بجلب احترام العالم لهم. ثمّ يبدأ النظام بعد ذلك في التسويق لنفسه (لدى النظام العالمي) بأنّه المخلّص المرتقب من حركة داعش. ففي سبيل التشبّث بالسلطة يسمح بشّار لنفسه ببعث كيان أشدّ منه فتكا وظلما(ظاهريا) بالشعب السوري لكي يرضى المجتمع الدولي بظلمه هو عوضا عن داعش! بشّار هذا اسمه مشتقّ من كلمة بشر. ورغم ذلك فقد أثبت للعالم أنّه لا يمتّ للبشرية ولا الإنسانية بأية صلة. فلقد اقترف هذا المجرم جرائم نادرا ما سبقه إليها أحد. فكلّ الجرائم التي اقترفها أغلب مجرمي الحرب على امتداد التاريخ كانت في حقّ شعوب غير شعوبهم. أمّا بشّار هذا فقد زاد عليهم بأن اقترف هذه الجرائم ضدّ شعبه. إضافة إلى ذلك فقد منع هذا المجرم النّاس من تصوّر حدّ للإجرام البشري. فكلّما تصوّر الناس أو تخيّلوا أنّ هناك حدّا لهذا الإجرام البشري إلاّ وكذّب وخيّب بشّار ظنّهم وأتى بأبشع منه. فقد تفنّن في ابتكار أساليب جديدة للإجرام لا تخطر على شياطين الإنس كما الشأن في ابتكار تنظيم داعش. هذه الأعمال لترتق في بشاعتها وفظاعتها إلى درجة الكفر والجحود. فلا غرابة إذن أن يكون مصير القاتل في الدّار الآخرة هو نفس مصير الكافر. فالكفر هو الجحود. جحود نعم الله ومحاولة حجبها ومنعها عن البشرية بأن تعيشها وتحياها كما أرادها الله لها. وفي هذه الحالة لا فرق بين شارون وناتنياهو وبوتين وبشّار الأسد وخامنئي وحسن نصر الله. فكلّهم قتلة وسفّاحون كما يدلّ على ذلك تاريخهم الأسود وكلّهم قد تجمّعوا واتحدوا على حجب الحرّية بالحديد والنّار على الشعب السوري. الحرّية التي فرضها الله وأقرّها من فوق سبع سماوات للبشرية قاطبة. في سياق متصل شاهدت مناظرة تلفزيونية بين الكاتب والمفكر الفرنسي alain soral وخصمه الكاتب اليساري القومي daniel conversano . فقد شنّ هذا الأخير هجوما عنصريا على العرب ولم يستطع alain soral تحمّل ذلك وتوجّه إلى daniel وكال له عدّة لكمات. فهذا الكاتب الفرنسي النّبيل لم يتحمّل الإهانات ضدّ العرب وفار وثار الدم في عروقه وغضب وردّ الفعل بصفة آنية وعنيفة. بينما بقي أغلب حكّام العرب ومعهم القومجيون والحداثيون المغرمون بالحداثة يتابعون مجزرة حلب وهم بين متفرج بدم بارد وبين متفرّج حاقد وشامت. للمشهد خلاصتان : الأولى أنّ العالم بدأ يتوحّد على أساس الانتماء للقيم والمبادئ وليس للجغرافيا. والثانية أنّ الحرية والعزّة والكرامة كلّ لا يتجزّأ لكل النّاس. فليس من المعقول ولا من المقبول أن نناضل من أجل فرض الحرية والعزّة والكرامة في تونس ونتغافل عن كل هذه المعاني ونعمل على حجبها عن الشعب السوري. منجي المازني