كما كان متوقعا التجأ جزار الشعب إلى الدخول بالبلاد في نفق مظلم من خلال ارتكابه لأبشع المجازر بحق الأبرياء العزل ، هذه المجازر راح ضحيتها إلى حد اللحظة عدد هائل من الشهداء. المتابع لأحداث القصرين وتالة يخيل إليه وكأنه في غزة حيث تقمع قوات الإحتلال الصهيوني شباب الإنتفاضة بكل قسوة وبكل الوسائل بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي. هذه الجرائم حسب توقعات المحللين السياسيين هي آخر أوراق النظام المفلس الذي شارف على الهلاك. الشعب العظيم الذي يقود أضخم وأطول انتفاضة في تاريخ تونس دخل من ناحيته في مرحلة جديدة وهي مرحلة سقي الأرض بالدماء الزكية ، هذه الدماء التي بقدر ما تؤلمنا فإنها بالمقابل تؤسس لنصر مؤزر على أخطر عصابة نهب في االعالم ، لأنه لا معنى للنضال دون تقديم تضحيات جسام . تجارب الشعوب المظفرة أثبتت أن الأرض التي تروى جيدا بالدم تنبت تحطيما للأغلال وكسرا للقيود ودحرا للطواغيت. هذا الشعب حسم أمره والحمد لله وخلص إلى نتيجة نهائية لارجعة فيها مهما كانت المتغيرات والمستجدات وهي أنه لا تحرر ولا انعتاق لتونس إلا برحيل هذا الفيروس الفتاك بن علي ، لأول مرة في تاريخ تونس تحرق صورة الرئيس ويداس عليها بالأقدام هذا الشعب البطل كشف القناع من خلال هبته المباركة عن زيف شعارات وأرقام ووعود النظام الكاذبة التي صم بها الآذان والتي تهاوت أمام حركة الشارع . هذا الشعب أسقط أكذوبة الفوز بنسبة % 95 في الإنتخابات الرئيسية وأكذوبة الجنة الإقتصادية ، وأسقط ادعاء أن كل العالم تأثر بالأزمة العالمية إلا تونس وادعاء الدولة ان للتجمع أكثر من مليوني عضو. كنت أطالع قبل أيام أحد الأعداد القديمة لجريدة الشروق فقرأت عنوانا غاية في الطرافة والسخافة ( اليابان تبدي إعجابها الشديد بشخصية الرئيس بن علي وقيادته الرشيدة للبلاد ) هذا الشعب الأبي أصبح قدوة لكل الشعوب التائقة للحرية. مايجب أن نعلمه جميعا أن العصابة تعتبرالمعركة مع كل التونسيين معركة مصير ، معركة حياة أوموت لذلك يصعب ويستحيل أن تعترف بأخطائها أو تحل المشاكل العالقة بالحلول العقلانية الناجعة أو تستسلم بسهولة ولو أدى ذلك إلى إحراق البلاد بأكملها وستنفذ من أجل بقاءها في الحكم جرائم لم يقترفها حتى الإستعمار. تركيبة النظام الأمنية لا تقبل بغير القمع وسفك الدماء والنهب والفساد والكذب والتزوير والتدليس كنهج للتعامل مع الملفات السياسية والإجتماعية. آخر الأخبار تقول أن عائلة الطرابلسية توزع الأسلحة على المليشيات وتمركزهم كقناصة فوق أسطح البيوت والمباني. الشعب بدوره ليس له أي خيار إلا الإستمرار في انتفاضته الباسلة وعدم التراجع ولو خطوة إلى الوراء إن أراد تغييرا حقيقيا أو حصولا على استقلاله الثاني. يجب الإنتقال كما قال الدكتور المنصف المرزوقي إلى العصيان المدني الشامل وبكل أشكاله ، يجب مواصلة الخروج يوميا للشارع والمبيت فيه إن أمكن . يجب الإكثار من التجمعات السلمية والإعتصامات في الساحات والطرق العامة وداخل ساحات المعاهد والجامعات ومواطن الشغل. يجب إغلاق المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والأسواق لفترات زمنية متعددة . يجب تنظيم إضرابات عامة دون توقف تشمل كل القطاعات ( النقل ، التعليم ، الإتصالات ، القضاء ، الصحة ، الوظيفة العمومية ، الصحافة .....) يجب أن يمتنع الشعب عن تسديد فاتورات الماء والكهرباء والتلفزة والهاتف وأداءات صناديق النهب 26- 26 وغيرها. يجب منع البوليس والمليشيات من اعتقال واختطاف الأبرياء وأخذهم إلى الزنازين لتعذيبهم وقتلهم. يجب أن ينضم القضاة النزهاء والأطباء والمهندسون ورجال الأعمال الوطنيين والصحافيون والفنانون والأدباء والرياضيون والموظفون إلى مسيرة التغيير. يجب استقبال الجيش في المدن بالورود والتحية وزغاريد النساء حتى يقع إشعاره أن وظيفته هي حماية الوطن والمواطن. التونسيون المتواجدون بالمهاجر والمنافي مسؤوليتهم في دعم الداخل مسؤولية جسيمة أمام الله وأمام التاريخ وأمام الشعب. وأكبر عيب أن يتصدى الشعب الأعزل بصدور عارية للرصاص الحي ونحن نبقى نتفرج ، لا مجال اليوم للوقوف على الربوة. التاريخ لا يخلد في سجله الذهبي إلا المناضلين إلا المدافعين عن الحق ولا يرحم المتقاعسين المتخاذلين المتخلين عن أداء واجبهم. أعرف العديد من الإخوة والأخوات لهم ما شاء الله من الكفاءات ولا أدري ما الذي يمنعهم من خدمة القضية ، هل هو الخوف ، هل هو التثاقل إلى الأرض ، هل هو انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في مقبلات الأيام وعلى ضوئها يتحدد الموقف عملا بالمقولة ( الدنيا مع الواقف ) والله ينصر من صبح. بإمكاننا تقديم الكثير ، بإمكاننا التحرك سياسيا وإعلاميا وحقوقيا ، بإمكاننا الكتابة في المواقع وفي الصحف والمجلات ، بإمكاننا توعية الجالية بحقيقة ما يجري ، بإمكاننا تنظيم التجمعات والإعتصامات أمام القنصليات والسفارات التونسية والبرلمانات الأوروبية ، بإمكاننا الإتصال بوكالات الأنباء الدولية والاحزاب السياسية الغربية ، بإمكاننا تجنيد أنصار الحرية وحقوق الإنسان في العالم لصالح قضيتنا. الأحزاب السياسية المعارضة في الداخل يجب أن توحد مواقفها وبرامجها وتتحول من التنديد والصراخ إلى قيادة الشارع وتأطيره. البوليس الذي يقمع ويعتقل ويقتل الأبرياء نقول له لن تنفعك يوم القيامة مقولة أنا عبد مأمور ، أنت مأمور بطاعة الله وليس بسفك الدماء. شهود عيان أكدوا أن الذين يطلقون الرصاص على المتظاهرين كانوا في حالة سكر ومخدرين. الجيش المطلوب منه رفض قتل الناس والعودة للثكنات وتحمل مسؤوليته في حماية الوطن من عصابات المافيا. لا تنسو إخوتي الكرام سلاح الدعاء فهو من أهم الأسلحة في معارك الكرامة ، أكثروا من الدعاء اللهم أهلك هذه العصابة التي تسلطت على تونس شر مهلك وحطمها شرتحطيم ومزقها شر ممزق وخذها أخذ عزيز مقتدروسلط عليها سيف انتقامك وأرنا فيها يوما أغبر أسود كيوم عاد وثمود وفرعون ونمرود اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر منهم أحدا إنهم طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربنا سوط عذاب إنك لبالمرصاد.