الرائد الرسمي.. صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    القيروان: حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم    تصفيات كأس العالم 2026.. الكشف عن طاقم تحكيم مباراة تونس وغينيا الإستوائية    6 علامات تشير إلى الشخص الغبي    هام/ مجلس وزاري مضيّق حول مشروع قانون يتعلق بعطل الأمومة والأبوة    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    ذبح المواشي خارج المسالخ البلدية ممنوع منعًا باتًا بهذه الولاية    عاجل/ قتلى وجرحى من جنود الاحتلال في عمليتين نوعيتين نفّذتهما القسّام    اختفى منذ 1996: العثور على كهل داخل حفرة في منزل جاره!!    شوقي الطبيب يُعلّق اعتصامه بدار المحامي    وزير الفلاحة يفتتح واجهة ترويجية لزيت الزيتون    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    عاجل : مطار القاهرة يمنع هذه الفنانة من السفر الى دبي    دراسة : المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    العجز التجاري يتقلص بنسبة 23,5 بالمائة    تعرّف على أكبر حاجّة تونسية لهذا الموسم    عاجل/ السيطرة على حريق بمصنع طماطم في هذه الجهة    نبيل عمار يشارك في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالبحرين    الإعداد لتركيز نقاط بيع نموذجية للمواد الاستهلاكية المدعمة بكافة معتمديات ولاية تونس    منطقة سدّ نبهانة تلقت 17 ملميترا من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    أعوان أمن ملثمين و سيارة غير أمنية بدار المحامي : الداخلية توضح    تفاصيل القبض على تكفيري مفتش عنه في سليانة..    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    الخميس القادم.. اضراب عام للمحامين ووقفة احتجاجية امام قصر العدالة    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    فتح تحقيق ضد خلية تنشط في تهريب المخدرات على الحدود الغربية مالقصة ؟    مطار قرطاج: الإطاحة بوفاق إجرامي ينشط في تهريب المهاجرين الأفارقة    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    منحة استثنائية ب ''ثلاثة ملاين'' للنواب مجلس الشعب ...ما القصة ؟    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    أخبار المال والأعمال    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عشرات القتلى والجرحى جراء سقوط لوحة إعلانية ضخمة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبذة عن المرحوم الشيخ محمد صالح النيفر علم جهاد ومنارة فقه
نشر في الفجر نيوز يوم 05 - 03 - 2008

نبذة عن المرحوم الشيخ محمد صالح النيفر علم جهاد ومنارة فقه : مع تعليق لابنته الاستاذة :أروى النيفر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم,,,
قال الله تعالى ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر)
{الأحزاب:23}
تفسير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قال الإمام ابن كثير مفسرا لهذه الآية
لما ذكر عز وجل عن المنافقين أنهم نقضوا العهد الذي كانوا عاهدوا الله عليه لا يولون الأدبار، وصف المؤمنين بأنهم استمروا على العهد والميثاق صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه قال بعضهم: أجله. وقال البخاري: عهده وهو يرجع إلى الأول, ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا أي وما غيروا عهد الله ولا نقضوه ولا بدلوه.
إلى أن قال:
وقال البخاري أيضاً: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبي عن ثمامة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله الآية، انفرد به البخاري من هذا الوجه، ولكن له شواهد من طرق أخر. قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: قال أنس: عمي أنس بن النضر رضي الله عنه سميت به لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فشق عليه، وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه، لئن أراني الله تعالى مشهداً فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله عز وجل ما أصنع. قال فهاب أن يقول غيرها، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فاستقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال له أنس رضي الله عنه: يا أبا عمرو أين واهاً لريح الجنة إني أجده دون أحد قال: فقاتلهم حتى قتل رضي الله عنه، قال: فوجد في جسده بضع وثمانين بين ضربة وطعنة ورمية، فقالت أخته عمتي الربيع ابنة النضر فما عرفت أخي إلا ببنانه، قال: فنزلت هذه الآية: مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه رضي الله عنهم. ورواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سليمان بن المغيرة به. ورواه النسائي أيضاً وابن جرير من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به نحوه. انتهى.
وفي التحرير والتنوير لابن عاشور:
مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {الأحزاب:23} أعقب الثناء على جميع المؤمنين الخلص على ثباتهم ويقينهم واستعدادهم للقاء العدو الكثير يومئذ وعزمهم على بذل أنفسهم ولم يقدر لهم لقاؤه كما يأتي في قوله وكفى الله المؤمنين القتال بالثناء على فريق منهم كانوا وفوا بما عاهدوا الله عليه وفاء بالعمل والنية، ليحصل بالثناء عليهم بذلك ثناء على إخوانهم الذين لم يتمكنوا من لقاء العدو يومئذ ليعلم أن صدق أولئك يؤذن بصدق هؤلاء لأن المؤمنين يد واحدة.
إلى أن قال:
وأيا ما كان وقت نزول الآية فإن المراد منها: رجال من المؤمنين ثبتوا في وجه العدو يوم أحد وهم: عثمان بن عفان، وأنس بن النضر، وطلحة بن عبيد الله، وحمزة، وسعيد بن زيد، ومصعب بن عمير. فأما أنس بن النضر وحمزة ومصعب بن عمير فقد استشهدوا يوم أحد، وأما طلحة فقد قطعت يده يومئذ وهو يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما بقيتهم فقد قاتلوا ونجوا. وسياق الآية وموقعها يقتضيان أنها نزلت بعد وقعة الخندق. وذكر القرطبي رواية البيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه فوقف ودعا له ثم تلا من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه الآية.
ومعنى صدقوا ما عاهدوا الله عليه أنهم حققوا ما عاهدوا عليه فإن العهد وعد وهو إخبار بأنه يفعل شيئا في المستقبل فإذا فعله فقد صدق. انتهى
والله أعلم
تحت هذا الركن سأضع بإذن الله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه حسب رأيي في العصر الحديث في تونس تعريفا ومساهة في رفع المظلمة عنهم
الشيخ محمد صالح النيفر علم جهاد ومنارة فقه

في الثلاثين من شعبان من عام 1414 رحل عنا احد اكبر اعلام الجهاد الاسلامي في تونس ضد المحتل الفرنسي واصدق رموز مكافحة الكفر البورقيبي البواح والظلم الصراح والاب الروحي للحركة الاسلامية التونسية المعاصرة وراعي مؤسسيها وحاضن فكرها واعرق اعلامي اسلامي بعد المرحوم الثعالبي في التاريخ التونسي الحديث : الشيخ الكبير والفارس الذي لم يترجل سيدي محمد صالح النيفر عليه رحمة الله تعالى.

* ولد الشيخ المرحوم عام 1903 ميلادية وعمل مدرسا بجامع الزيتونة المعمور اول معلم اسلامي في الدنيا بعد الثلاث التي لا تشد الرحال الا اليها .

* خاض الجهاد ضد المحتل الفرنسي ضمن الوف مؤلفة من المجاهدين من جامع الزيتونة الذين طمر بورقيبه عملهم من خلال تزويره للتاريخ الحديث لتونس .

* اسس جمعية الشبان المسلمين في خطوة تعكس ما كان عليه الفقه الزيتوني من معرفة بالواقع ووعي بالالتحام بتحدياته وفق منطقه المؤسس على العمل الجمعياتي والاعلامي والشعبي.

* واجه بورقيبه وجهالوجه امام اعيان تونس الذين جمعهم المقبور يستطلع رايهم في بعض ملامح النظام الجديد وفرنسا تهيئه لخلافتها على ارض الزيتونة فلما جاء دور المرحوم النيفر ليدلي برايه قال دون تعلثم ولا تلجلج يحدوه امله في الله وثقته في دينه العظيم غير هياب لاعيان سحرهم دجل بورقيبه او قتلهم الجبن الهالع " لا ارى نظاما يصلح لبلادنا غير النظام الاسلامي " فرد المقبور " انا لا اراهن على جواد خاسر " وكان ذلك شهورا قبل تسلم بورقيبه مقاليد الحكم في البلاد من عام 1956 .

* واصل جهاده ضد الكفر البورقيبي البواح وظلمه الصراح وله فيه وهو الفقيه الراسخ الف برهان وبرهان من الكتاب والسنة وبما يتطلبه العصر من تحول وسائل الجهاد والدعوة فكانت عينه علىسلاح العصر الفعال السلطة الاولى سلطة الاعلام فاسس صحبة المرحوم عبد القادر سلامه مجلة اسلامية سماها " المعرفة " في بداية الستينات والهجمة البورقيبيه ضد كل رموز الاسلام وشرائعه وشعائره ومؤسساته تذكرك بما يجري في هذه الايام في تونس وما بالعهد من قدم كما تقول العرب فلا سلم جامع الزيتونة ولا " السفساري " وهو اللباس التقليدي النسوي التونسي ولا الاحباس ولا الاوقاف بل ولا حتى محمد عليه السلام ذاته ولا كتابه .

* وفي اول امتحان لمجلة " المعرفة " الفتية عن مسالة اعتماد الرؤية ام الحساب في اثبات دخول الاشهر القمرية انحازت الى مسالة الرؤية فرد بورقيبه وازلامه بالاغلاق والمصادرة وباعتقال الشيخ المرحوم .

* ولما استفرغ الشيخ وزميله المرحوم بن سلامه كل جهوده من اجل اطلاق سراح لسانه أي " المعرفة " وظل مهددا مجددا بالسجن والتنكيل كماحدث في تلك الايام العصيبة في تاريخ تونس الحديث مع المعارضين من زواتنه ويوسفيين وغيرهم رحل الى الجزائر في ما يشبه النفي القسري لعله يساهم من هناك في الانتصار لدين عظيم تنتهك معالمه يوما بعد يوم على يد دعي شقي مغرور وهذا بدوره ملمح اخر من شخصية الشيخ المرحوم ينبئك بان اصالته الاسلامية لم تقف حائلا دون معاصرته الاسلامية كذلك اذ انه اختار الهجرة طلبا للحرية السانحة بممارسة الجهاد الاعلامي وغيره انتصارا لقضايا الحق والعدل والحرية .

* وظل كذلك في محنة النفي القسري ولسانه " المعرفة " مجبوبا دون وجه حق حتى عام 1972 حيث عاد الى تونس وبدا مرحلة جديدة من الجهاد الاسلامي بوسائله العصرية المناسبة وذلك من خلال واجهتين :

1 حيث احتضن شابين مملوءين عزما وهمة على تاسيس صحوة دينية في بلاد اقفرت من الاقبال على الله ومات فيها الامل فتصحرت مساجدها وفعل فيها التغريب البورقيبي فعل الساحر في المسحور فظلت الاعناق مشرئبة نحو الغرب الفاتن وهما الشيخان راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو فكان بحكم تجربته وسنه وعلمه يوجه ويرشد ويصحح ثم تطورت المشاورات خاصة بعد حادثة احد مساجد سوسه عام 1973 على شكل الطريقة التبليغية والتي اسفرت عن تدخل الشرطة بقسوة وعنف وفرقت المجموعة التي تعد حوالي 70 نفرا واعتقال قادتها واستجوابهم الثلاثي الغنوشي ومورو واحميده النيفر... تطورت العملية اذن الى لقاء ضم 40 نفرا اغلبهم من الطلبة اسفر تقويمهم على ان الطريقة التبليغية لا تجدي مع نظام شمولي في كفره وانتهاكه لكرامة الانسان فكانت اللبنة التاسيسية الاولى تنظيميا وفكريا وسياسيا للحركة الاسلامية التونسية المعاصرة تحت الارشاد الروحي والتوجيه الابوي من الشيخين المرحومين محمد الصالح النيفر وعبد القادر سلامه وبانتخاب الشيخ راشد الغنوشي اميرا للمجموعة الصغيرة وتعيين نائب له وظل الامر كذلك حتى محطة 1979 ثم محطتي ماي وجوان 1981 حيث ظهر الشيخ المرحوم محمد الصالح النيفر في الهيئة التاسيسية للحركة وعلى منبر الاعلان عن الحركة في المؤتمر الصحفي في مكتب الشيخ عبد الفتاح مورو بعمامته البيضاء الجميلة وزيه العلمي التقليدي الزيتوني التونسي كانه اسد هصور يؤازر شبابا يافعين عقدوا العزم على اعادة الاعتبار للزيتونة فحصل الوصل المطلوب بين تونس الزيتونة وتونس الحركة الاسلامية الحديثة . ثم ظل الشيخ المرحوم المرشد الروحي للحركة الجديدة والصحوة الحديثة حتى وافاه الاجل وناداه ربه اليه .

2 وعاود مرة اخرى ضمن مرحلته الجهادية الجديدة المفعمة بروح الشباب الاسلامي المعاصر الحالم باسلمة الحداثة اصدار لسانه " المعرفة " الذي ظل ملجما عقدا كاملا من الزمن بعد ان اخرسه الصلف البورقيبي فكانت المعرفة بحق باعثة الصحوة الاسلامية في مطلع السبعينات حتى عاودتها المحن مع موقفها الاسلامي الاصيل من وحدة جربه بين تونس وليبيا انتصارا لوحدة الشعبين المسلمين ولما لم يكن بورقيبه المتفرنس حتى النخاع يومها متحمسا لوحدة عربية ولا اسلامية ولا حتى تونسية حيث فجر المفهوم العائلي والقبلي لصالح المواطنة المرتهنة للدولة المركزية ... اغلق المجلة مرة اخرى واعتقل الشيخ المرحوم . وكان ذلك عام 1974 .

* كما نال الشيخ المرحوم نصيبه من الاعتقال والتعذيب رغم كبر سنه اما علو قدره فامر لا يكفر بورقيبه وازلامه بشئ كفرهم به ومن ذلك اعتقاله صحبة بعض اخوانه وتلاميذه يومي الخامس والسادس من شهر ديسمبر من عام 1979 .

* مما يؤثر عن الشيخ المرحوم فيما يرويه عنه انجب تلاميذه الشيخ راشد الغنوشي الذي لا يكاد ينفض عن مجلس حتى يذكره بخير ويثني عليه بما هو اهله ويعلمنا من ادبه وحلمه وفقهه ... انه كان مثالا للاخوة الكريمة حتى مع تلاميذه ففي حادثتي اعتقاله والتحقيق معه مثلا بمناسبة رفض السطلة لموقف لسانه " المعرفة " من مسالة الرؤية ومسالة الوحدة كان الشيخ المرحوم لا يعلم الموضوع ولا ما كتب عنه اصلا فلما ووجه من لدن الزبانية بالمقال اعترف وتحمل المسؤولية عنه كاملة وكانه هو الذي فكر وكتب وقال لهم تماما كما واجه بورقيبه عام 1956 وهو في عز طغيانه " كل ما يكتبه الغنوشي واحميده النيفر والجورشي وهم الثلاثي الذين تداولوا على رئاسة التحرير اتحمل مسؤوليته بالكامل " فسقط في ايدي الزبانية وكانوا في الحقيقة يهدفون الى دق اسفين اثم في علاقة الشيخ المرحوم باعتباره زيتونيا كبيرا وبين الشباب الاسلامي المعاصر. ولما افرج عنه وهم الشباب بمقابلته ظنوا انه سيعاتبهم او ان يطلب منهم اعلامه على الاقل في المستقبل بكل ما يسطرونه حتى يستعد لمواجهة التحقيق البوليسي ففوجئوا اذ استقبلهم ببشاشة الاب الحنون وحلم الوالد الكريم وشفقة المعلم المخلص ولم يشر اليهم لا تلميحا ولا تصريحا بما يفيد انه غاضب .

* ومما يرويه الشيخ راشد كذلك في هذا الصدد انه كان وهو يتلو البيان التاسيسي للحركة ويرد على اسئلة الصحفيين يوم السادس من جوان من عام 1981 يشعر بارتعاشة في يديه لفرط الرهبة من حضور الشيخ المعلم والمربي الكبير ذي الثقافة الزيتونية التي قد يبدو للوهلة الاولى ان الشيخ لا يسمح بحداثة اسلامية تتبنى الديمقراطية وتولي المراة لسائر السلطات والولايات والاعتراف بالاحزاب الشيوعية وسائر مظاهر التجديد في الحركة الاسلامية التونسية المعاصرة مما هو معروف غير ان الامر مغاير تماما فالمرحوم جمع حقا بين كل مناقب الجهاد الاسلامي المعاصرة أي بين النص والمقصد والواقع .

* وشاء الله تعالى ان يتطور الامر في تاريخ تونس الحديث بعد الانقلاب الاسود المشؤوم في نوفمبر عام 1987 في اتجاه مزيد من التضييق على مساحات الحرية والتدين وبعد حوالي خمس سنوت من حرب ضروس على كل مظاهر التدين وفق خطة تجفيف منابع التدين. مات الشيخ المرحوم محمد الصالح النيفر كمدا بعد ان فرضت عليه رقابة بوليسية مشددة في بيته وبعد ان فارقه تلاميذه بعضهم الى السجن وبعضهم الى النفي القسري الذي ذاق هو نفسه مرارة علقمه وبعضهم الى الموت البطئ او الى الموت المعجل وكانه يختار الرفيق الاعلى سبحانه بعد ما اكفهرت بلاد في وجهه الكريم كان في يوما ما فارسها المغوار بين عرصات العلم في الزيتونة او في ردهات الاعلام الاسلامي الاصيل او في وغى الجهاد ضد المحتل الفرنسي ثم ضد وكيله المحلي ثم تبعه اخوه المرحوم بن سلامه وبالاخوه وسائر من معهم .

فالى روح ابي صحوتنا الاسلامية وراعي حركتنا ومرشدنا الاول المرحوم سيدي محمد الصالح النيفر الف سلام من الله وسلام والى ارواح كل مشايخنا ومؤدبينا اجمعين نقول علمتمونا الا ننحني للاعاصير والا نجزع امام الاساطيل والا نتهاوى تحت اقدام الجبابرة والطغاة معتصمين بحبل الله القويم املين دوما في وعده الحق مجاهدين على درب كرامة الانسان وتحريره من كل العبوديات مهما استحكمت بقوة السحر او بقوة النار ... فقروا عيونا فنحن بفضل الله على الدرب حتى نلقاكم ونلقى الله تعالى والموعد كما علمتمونا على ضفاف الحوض والجائزة شربة ماء زلال من اكرم مخلوق واحنى يد وابتسامة من ازهر ثغر على صاحبه افضل الصلاة والسلام .
قر عينا ياسيدي فتلاميذك نجباء وتونس في بؤبؤ العين نذود عنها ما دامت فينا عين تطرف وقلب يخفق .
منقول من مدونة : تونس المستقبل :
http://tunesienzukunft.maktoobblog.com/
تعليق واحد
في 28,شباط,2008 - 03:41 مساءً, أروى النيفر كتبها ...
بسم الله الرحمان الرحيم
أشكر للأخ الفاضل مشاعره النبيلة تجاه أبي رحمه الله الذي قدره فأحسن تقديره.
ولكن إحقاقا للحق ورفعا للالتباس أريد أن أصحح بعض الوقائع التي ذكرها الأخ فيما يتعلق ببعض الجوانب.
* هجرته إلى الجزائر لم تكن نفيا قسريا كما ذكر وإنما كانت من تلقاء نفسه نتيجة التضييق على حريته.
* أما اعتقاله فكان على مرتين الأولى للتحقيق والمساءلة لم تدم إلا ساعات والثانية دامت من الغروب إلى منتصف النهار الموالي لم يتعرض أثناءها لأي نوع من أنواع الإهانة والتعذيب سواء لفظيا أم جسديا.
* كذلك ينبغي مراجعة التواريخ.
ولمزيد التأكد أحيل الأخ الكريم على الكتاب الذي ألفته عن أبي في طبعتين
- الأولى بعنوان "الشيخ محمد الصالح النيفر: حياته وآثاره" صدرت عن دار لبنان 2005.
-الثانية في أربعة أجزاء:
* 1- حياة مقاومة
* 2- رؤى ومواقف
* 3- محاضرات وأدبيات
* 4- الأسرة الإسلامية
وأجدد شكري من جديد للأخ على ما أبداه من اهتمام بوالدي. والسلام
منقول من مدونة : تونس المستقبل :
http://tunesienzukunft.maktoobblog.com/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.