اتحاد الفلاحين.. أضاحي العيد متوفرة والأسعار رغم ارتفاعها تبقى " معقولة "    انتشال 4 جثث آدمية واحباط عمليتي "حرقة" من صفاقس..    ذهاب نهائي ابطال افريقيا.. التشكيلة الاساسية للترجي والاهلي    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    منوبة: الاحتفاظ بصاحب كشك ومزوّده من أجل بيع حلوى تسبّبت في تسمم 11 تلميذا    قريبا: اقتناء 18 عربة قطار جديدة لشبكة تونس البحرية    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    مديرو بنوك تونسية يعربون عن استعدادهم للمساهمة في تمويل المبادرات التعليمية في تونس    الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تدعو إلى عقد مجلس وطني للمنظمة خلال سبتمبر القادم    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    قابس: نقل 15 من تلاميذ المدرسة الاعدادية ابن رشد بغنوش بعد شعورهم بالاختناق والإغماء    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    عاجل/ القصرين: توقف الدروس بهذا المعهد بعد طعن موظّف بسكّين امام المؤسسة    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصرة لفلسطين تأتي من احفاد العثمانيين:عبد السلام بوشداخ
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 02 - 2009


بسم الله الرحمان الرحيم
النصرة لفلسطين تأتي من احفاد العثمانيين
فتحية لناصر المجاهدين رحب طيب أردوغان
السلطان عبد الحميد الثاني: قطّعوا جسدي إربا إربا ولا أقتطع لليهود من أرض فلسطين، لأن الإمبراطورية العثمانية "ليست ملكي بل هي ملك المسلمين جمعيا الذين حصلوا عليها بالدماء".
الى متى يبقى خيارالسلم والحرب فوق الطاولة؟
قوات الحلف الاطلسي تدخل المنطقة العربية لتكون اللاعب الرئيسي
ماذا يمكن لفرنسا ان تفعل مع حماس
خطة أمريكية لدعم محمودعباس الرئيس المنتهية ولايته للسلطة الفلسطينية
القادة العرب بالكويت يضعون مصير المقاومة بين يدي مبارك
المتواطئ في العدوان في غزة
أي مستقبل للعلاقات الفلسطينية الداخلية
لبيك غزة ... لبيك فلسطين... حي على الجهاد
قال الله تعالى " ولا تحسبنّ الله غافلا عما يعمل الظالمون"
ياسر عبد ربه أمين سرّ اللّجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير، انتقد وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
"دون تحقيق أهدافه"، معتبرا ذلك "خطأ كبيرا".
محمد دحلان، مسئول الأجهزة الأمنية السابق عن حركة فتح بقطاع غزة قال بالحرف الواحد
"أنا سعيد جدا بهذه الضربة العسكرية الاسرائيلية ضد حماس".
عبد السلام بوشداخ
أحد مؤسسي الحركة الاسلامية بتونس
2 فيفري 2009
النصرة لفلسطين تأتي من احفاد العثمانيين : شكراً للسيد أردوغان، نقولها للمرة الألف، ومن قلب مفعم بالمرارة والاحباط من قيادات تدعي انها عربية ومسلمة، تصمت على مجازر غزة تواطأً، وتغلق المعابر في وجه ابناء القطاع المحاصرين المجوّعين.
نقول أيضاً شكراً لهؤلاء الناشطين والمحامين الذين يطاردون السفاحين الاسرائيليين الذين ارتكبوا المجازر في قطاع غزة، وخاصة مجزرة اسرة العثامين شمال القطاع، ومجزرة الشاطئ، ومجزرة اغتيال الشهيد صلاح شحادة وافراد أسرته. فهؤلاء هم العرب والمسلمون الحقيقيون، والذين تجري في عروقهم دماء العزة والكرامة والعدالة، وهي قطعاً ليست من فصيلة دماء معظم الزعماء العرب.
فمن الضروري الضغط بدايتا من اجل استقالة محمود عباس المنتهية ولايته منذ 8 جانفي 2009 وحل حكومة سلام فياض غير الشرعية وتشكيل وحدة وطنية لا تعترف بنتائج المفاوضات السرية، وتضع أمامها دحر الاحتلال عن الضفة الغربية بلا قيد أو شرط.
انسحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان غاضبا من إحدى جلسات منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا احتجاجا على عدم إعطائه الفرصة للرد على كلمة مطولة للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز برر فيها المجزرة الإسرائيلية في قطاع غزة. وكان أردوغان قد هاجم في وقت سابق العدوان الإسرائيلي على غزة، واعترض على تصنيف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية"، داعيا في الوقت نفسه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إعادة النظر في تعريف المنظمات الموجودة في الشرق الأوسط تحديدا.
و يعتبر هذا الموقف "نقطة تحول فاصلة" في تاريخ العلاقات الدولية، وأن ما حدث سينتج عنه هدم الصورة الذهنية لإسرائيل التي "لا تُقهر" سياسيا بعد أن رفض أردوغان قبول الإهانة، بل كال له بالصاع صاعين.إذن فموقف أردوغان هذا ينبئ بأن هناك عالما جديدا يتشكل على أساس وجود وجهات نظر متعددة، تسهم فيه قوى إقليمية كبرى صاعدة مثل تركيا وفنزويلا والهند، تجتمع على موقف موحد هورفض الغطرسة و الهيمنة الغربية والصهيونية.
ففي جلسة حول غزة بالمنتدى دافوس مساء يوم الخميس29 جانفي 2009، تحدث في أردوغان موجها كلامه للرئيس الإسرائيلي قائلا "ما دمت تقوم بإلقاء القنابل وتتعلل بالصواريخ و(حركة المقاومة الإسلامية) حماس، ماذا فعلت خلال مدة ستة أشهر من التهدئة غير قتل 28 فلسطينيا وقطع الكهرباء والطعام". وأضاف "نحن كبشر يجب علينا التفكير في هذه المواقف، وأؤكد على عدم وجود أي توجه غير إنساني لموقفي في دعم الناس في غزة، فأنا لست ضد السامية ولا ضد أي دين كان، وذكركم بأنكم تؤخرون المساعدات الإنسانية للهلال الأحمر التركي على المعابر".
وحول اعتقال البرلمانين والوزراء الفلسطينيين، قال أردوغان "طلبت من أولمرت إطلاق سراح البرلمانيين والوزراء, فرد قائلا آنذاك "عباس يغضب لو فعلنا هذا", فقلت له إذن أطلق الأسرى العاديين فقال: إذا تركتهم تعرض محمود عباس لأزمة ثم وجدت بعد هذا اللقاء قتل الناس بدون هوادة في غزة". كما أعرب عن دهشته من المقارنة بين قوة إسرائيل والفلسطينيين, قائلا "هل هناك أسلحة لدى الفلسطينيين مماثلة لما هو موجود لدى إسرائيل بما فيها أسلحة الدمار الشامل؟ بالطبع الجواب لا، حتى أنهم يضربون مراكز الأمم المتحدة والمدارس والمساجد بالصواريخ والقنابل".
بدوره، تحدث الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عرض مبررات وذرائع للعدوان الإسرائيلي على غزة وحين صفق بعض الحضور بقوة لبيريز على كلمته، بدت علامات الغضب الشديد على وجه أردوغان، فقاطع بيريز وقال بحدة : موجها كلامه للحضور: "عار عليكم أن تصفقوا على عملية أسفرت عن سقوط آلاف الأطفال والنساء على يد الجيش الإسرائيلي في غزة".
"أنتم أدرى الناس بالقتل" : وأضاف رئيس الوزراء التركي موجها كلامه هذه المرة لبيريز: "أتذكر الأطفال الذين قتلوا على الشاطئ ولم يكن هناك صواريخ تطلق منها.. عندما يتعلق الأمر بالقتل فأنتم أدرى الناس بالقتل". بينما رد عليه بيريز مشيرا إليه بأصبعهً: "كانوا سيقومون بمثل ما نقوم به لو كانت الصواريخ تسقط على إستانبول"، في إشارة إلى الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية على البلدات الإسرائيلية دون أن تحدث خسائر تذكر. واستدرك أردوغان قائلا "أذكرك أن التوراة تمنع القتل وكثير من يهود العالم شجبوا كل هذا القتل واستخدام القوة المفرط".
تدخل أمريكي! : وهنا تدخل منسق الجلسة، ديفد إيغناتيوس، كاتب العمود الشهير بصحيفة واشنطن بوست الأميركية، والمعروف بتوجهاته الداعمة لإسرائيل، ليقاطع أردوغان قائلا إن الوقت انتهى، ثم قاطعه بيديه مرة ثانية فحاول أردوغان الرد عليه بطلب عدم مقاطعته لمنحه فرصه للرد، خصوصا وأن الوقت الذي استغرقته مداخلته (12 دقيقة) لم يكن متوازنا مع الوقت الممنوح لبيريز (25 دقيقة).
عندما وجد أردوغان نفسه في موقف الممنوع من الحديث، انتفض غضبا وجمع أوراقه قائلا: "شكرا أنتم لا تتركون لي فرصة كي أتحدث.. لقد تحدثت نصف مدة بيريز فحسب.. لن أحضر إلى دافوس مرة أخرى". وبينما قام أردوغان ليغادر القاعة بدا على الرئيس الإسرائيلي الارتباك ملتفتا حوله دون أن ينطق بأي تعليق. وقف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وصفق بحرارة لأردوغان قبل أن يصافحه فيما غادر أردوغان القاعة وسط تصفيق من بعض الحضور. وعقب مغادرة أردوغان وقف موسى يتلفت يمينا ويسارا، فأشار له الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالجلوس، فأخذ مكانه في الندوة مرة أخرى.
وقد علق مراقبون أتراك على هذه الواقعة قائلين أن أردوغان وجه "صفعة عثمانية" إلى بيريز، مستندين إلى ما هو معروف في التراث العثماني، فحين يفحم شخص آخر مستندا إلى المنطق والعقل، فيقال أنه وجه إليه "صفعة عثمانية". وتم تكريم أردوغان في ندوة سبقت الجلسة التي شهدت الواقعة بالمنتدى الاقتصادي، باعتباره أفضل دبلوماسي.
"زاد الطين بلة" : وفي تعليق على الحادثة أشاد ليث شبيلات، رئيس جمعية مناهضة الصهيونية بالعاصمة الأدرنية عمان، بموقف رئيس الوزراء التركي، قائلا إن: "موقف أردوغان ينبئ بتقدم نحو المواقف المستقلة عن الإرث التركي العلماني" وانتقد حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية الندوة مع الرئيس الإسرائيلي قائلا: "كيف يسمح العرب بأن يجلس عمرو موسى هذه الجلسة مع قادة إسرائيل"، مضيفا أن جلوس عمرو موسى بعد خروج أردوغان "زاد الطين بلة"، وقال متحدثا عن الساسة والحكام العرب: "هؤلاء لا يدرون ماذا يفعلون". لا نعرف كم مسؤولا عربيا من المشاركين في منتدى دافوس صافح بيريس والوفد المرافق له، ولا نستغرب ان يكون السيد موسى الذي كان جالسا الى جانبه في الندوة نفسها قد فعل ذلك، وهو يدرك تماما، ان الدماء الطاهرة لاطفال غزة التي سفكها جيش بيريس وطائراته ما زالت طرية لم تجف بعد.
مشكلتنا ان النظام الرسمي العربي ليس متواطئا فقط، لا بل هو مشارك ايضا في العدوان الاسرائيلي، ويتضح ذلك بجلاء من خلال سلوك مندوبيه وممثليه في المحافل الدولية، واستقبالاتهم الحارة للمبعوثين الأمريكيين، دون أن يقدموا على الاحتجاج على التصريحات المنحازة بالكامل إلى المجازر الاسرائيلية. هذا وقد أشاع بعض الكتاب فكرة (تصفية أردوغان سياسيا) من قبل إسرائيل هدفها الإرهاب، والتخويف من تكرار مواقف أردوغان، ولكي تغلق الطريق الذي انفتح لفضح جرائمها وعنصريتها في غزة وغيرها. أن هذا المخطط الإسرائيلي الصهيوني "لن ينجح"، نتيجة التأييد الشعبي الجارف للجماهير والمؤسسات الرسمية المحتضنة له.
إن مواقف أردوغان من العدوان الإسرائيلي على غزة لم يعد يعبر عن موقف فردي، بل عن اتجاه عام يسري في أوصال الدولة التركية ككل، ويمثل فيها موقف دولة تركيا. وإن إسرائيل تعرف أن تركيا سائرة في هذا الاتجاه وفق إستراتيجية محددة لا تتعلق بمن هو رئيس الوزراء، وهو ما لفت إليه أردوغان حين قال إن الجميع يعرف أن تركيا لها وجود قوي بالمنطقة، وقادرة على ضمان الحفاظ على عملية السلام، وعلى الجميع أن يضعوا هذا في حساباتهم، في إشارة إلى إسرائيل.
ولا يستبعد استهداف إسرائيل لأردوغان جسديا، وقد تم استهدافه بالفعل 5 أو 6 مرات بمحاولات اغتيال خلال 3 سنوات، وهناك محاولات أخرى إعلامية للانتقاص من شخصيته أمام الرأي العام، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل لأنه يمثل النفسية التركية التي كان يتوق لها الشعب التركي و يتشوق لها وينتظرها منذ سقوط الدولة العثمانية.
عرفات وجارودي : و لقد نجحت إسرائيل فيما سبق في تصفية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات سياسيا عندما فرضت عليه الحصار في رام الله إثر رفضه التنازل عن القدس الشرقية في عام 2000، وانتهى الأمر بتسميمه، وفق أقوال فلسطينية. وكذلك لاحق اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل في فرنسا الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي روجيه جاردوي ردا على إنكاره رقم ال6 ملايين يهودي الذي تدعي إسرائيل أنهم قضوا نحبهم في محارق النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وانتهى الأمر إلى إصدار محكمة فرنسية عام 1998 حكما بإدانة جارودي بتهمة التشكيك في محرقة اليهود، وسجنه 9 شهور مع إيقاف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 100 فرنك فرنسي، وهو ما دعا وسائل الإعلام الفرنسية لتجنبه في السنوات التالية خشية تعرضها لاتهامات بمعاداة السامية.
منذ السلطان عبد الحميدالثاني : إن تصريحات أردوغان "ليست رد فعل انفعالي مفاجئ أو وقتي.. فتركيا منذ أكثر من عقدين، وتحديدا منذ عهد تجوت أوزال رئيس وزراء تركيا الأسبق الذي كان إسلامي التوجه، خططت لنفسها الابتعاد عن التبعية للخارج، واستهدفت العودة مجددا صوتا قويا في العالم، وهذا بدا في مواقف أخرى سابقة رافضة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط". وأن ما حدث بدافوس هو "أول حدث من نوعه في تركيا منذ مائة عام، وتحديدا منذ عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي رفض التخلي عن أرض فلسطين لليهود.. هناك بهجة تعم الشعب التركي وتأييد جارف وشامل.. أما المنتقدون فهم أصوات شاذة.. لا أحد يبالي بها".
لقد كان السلطان عبد الحميد الثاني سبق ان رفض بشدة عام 1901 طلب مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل تخصيص أرض فلسطين للم شتات اليهود في العالم مقابل إغراءات مالية لتخفيف أزمة الديون التي كانت تعاني منها سلطنته، وكان جوابه آنذاك: قطّعوا جسدي إربا إربا ولا أقطع لليهود من أرض فلسطين، لأن الإمبراطورية العثمانية "ليست ملكي بل هي ملك المسلمين جمعيا الذين حصلوا عليها بالدماء".
دعوات صريحة للحوار مع حماس : وإذا كانت هناك بعض الدعوات من دبلوماسيين فرنسيين سابقين مثل وزير الخارجية السابق "هربارت فيدرين" الذي دعا إلى إبقاء أبواب الحوارمفتوحة في التعامل مع حماس فإن الدعوة الصريحة من أجل فتح حوار فرنسي وأوربي مع حماس جاءت من "ياف لوبان ديلاميزير" الدبلوماسي الفرنسي الذي أرسله الرئيس الفرنسي سريا إلى قطاع غزة في جويلية 2008 ؛ فقد دعا "ديلاميزير" إلى فتح قنوات حوار مباشرة مع حماس؛ لأن "عزلها يمكن أن يساهم في تشددها أكثر".
أما توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية لإحلال السلام في الشرق الأوسط فقد تخل تحولا جذريا من موقفه قبل الهجوم على غزة الداعي الى إسقاط حكم حماس ولو باستخدام القوة العسكرية إذ قال في مقابلة مع صحيفة "تايمز" البريطانية نشرتها يوم السبت31 جانفي 2009 : "إنه من المهم أن نجد طريقة لدمج حماس في عملية السلام بعد أن أصبح حكمها أمرا واقعا في غزة، ولكن ذلك لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت الحركة مستعدة لفعل ذلك بالشروط المناسبة". وأضاف "إن عزل غزة وحكم حماس بالحصار لم يعطِ أي نتيجة، وإذا استمر فإنه يمكن أن يزعزع استقرار الأشخاص الذين يعملون دائما من أجل الاعتدال" في إشارة إلى محمود عباس المنتهية ولايته من رئاسة السلطة الفاسطينية وحركة فتح.
تعهد الرئيس الأمريكي الجديد وهوأول رئيس أمريكي أسود و من أصول إفريقية ومسلمة باراك حسين أوباما في خطاب تنصيبه بفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي. وقال "بالنسبة للعالم الإسلامي.. نسعى لنهج جديد للمضي قدما استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل."بخلاف عهد الرئيس جورج بوش السيء الذكر حيث هيمن التوتر على العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية لاسيما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
مطالب أمريكية من المقاومة الإسلامية حماس.. والعرب عموما ومصر بصفة أخص : لا نريد التعجل في استصدار الاحكام المسبقة على ادارة ما زالت في الايام الاولى لتوليها السلطة، ولكن المقدمات لا يمكن ان تؤدي الا الى نتائج اكثر سوءاً، ولهذا نجد لزاماً علينا ان نحذر وننبه، قبل ان تقع الكارثة ويصعب التراجع عن الأخطاء.
كيف يطالب من حركة 'حماس' الاعتراف باسرائيل في أول خطاب للرئيس الامريكي لشرح سياسته الخارجية هي احد ابرز الأمثلة على هذه المقدمة الخاطئة، خاصة ان هذه تزامنت مع الالتزام الكامل بأمن اسرائيل، ودون توجيه اي لوم لها على افشال العملية السلمية والاستمرار في الاستيطان، وخنق الاقتصاد الفلسطيني، وبناء السور العنصري العازل، وقتل الآلاف من الفلسطينيين العزل، واسر اكثر من عشرة آلاف من خيرة ابنائهم.
لماذا المساواة في التعاطف مع ضحايا الجانبين، وعدم المساواة في اللوم، وتسمية الاشياء بأسمائها دون لف او و لا دوران؟ إذ ان الفلسطينيين لا يحتلون ارض اسرائيل، ولا يرسلون طائرات 'اف 16' ومروحيات الاباتشي الامريكية الصنع لقصف الابرياء في الحرب المدمرة في غزة الشهيدة. إن عنصرية المشروع الصهيوني واستهداف تصفية الشعب الفلسطيني واستئصاله، مثلما فعل الامريكان مع الهنود الحمر في القارة الامريكية على هذا النحو يزيد من كشف وتأكيد التوجهات نحو خيار إسرائيل "الدولة اليهودية" بمفردها على أرض فلسطين التاريخية.
فإذا كانت "فلسطين أرض بلا شعب" هي أساس المشروع الاستيطاني الصهيوني، وإذا كان مسلسل مذابح وحروب الآلة العسكرية الإسرائيلية قد أثبت هذا مرارا وتكرارا، ابتداء من دير ياسين إلى صبرا وشتيلا وغيرها، بأن مشهد الحرب العدوانية على غزة الأخيرة والضربات المتتالية على أرض فلسطين أو خارجها قبل وبعد ميلاد هذه الدولة اللقيطة، ابتداء بثورة البراق (1933-1936) وصولا إلى المقاومة في غزة (2009) مرورا بمقاومة 1948، وعبر سبتمبر الأسود لسنة 1970، وخلال اجتياح وحصار بيروت وخروج قيادة منظمة التحرير من بيروت 1982، والضربات ضد انتفاضة الحجارة، وضد انتفاضة الأقصى وضد العمليات الاستشهادية، ثم ضد مقاومة غزة منذ ثلاث سنوات.
كل هذا يقدم العدو الصهيوني على انه عملةواحدة ذات وجهين: اولا وجه عنصري الإسرائيلي، وثانيا استمرار إيمان وتلاحم وصمود أهل فلسطين و ما غزة إلا جزء لا يتجزأ من فلسطين، ولأن المقاومة ليست حماس والفصائل الأخرى فقط بل العالم الاسلامي من ورائهم.
ان انهاء الحرب على 'الارهاب' دون انهاء الارهاب الاسرائيلي المستمر منذ ستين عاماً وبحماية امريكية، سيؤدي الى ظهور 'ارهاب' عربي اسلامي جديد اكثر خطورة وشراسة، لأن هؤلاء الاطفال الذين فقدوا اشقاءهم وامهاتهم وآباءهم، وشاهدوا الطائرات الاسرائيلية تطلق حممها فوق رؤوسهم، هؤلاء سيكونون أكثر شراسة في انتقامهم المشروع والمبرر في كل الشرائع الالهية والوضعية، اذا ما استمروا مشردين دون أمل ودون مستقبل.
إن مجازر غزة لم تدمر ثقافة السلام والاعتدال فحسب، بل أحيت ثقافة المقاومة بشكل أكثر قوة على طول العالم الاسلامي وعرضه، وكشفت السقوط الاخلاقي الغربي، والأمريكي بشكل عام في أبشع صوره وأشكاله، وإذا لم يعِ الرئيس الأمريكي الجديد وطاقمه هذه الحقيقة الناصعة فإن كل نواياه المعلنة حول اصلاح صورة بلاده البشعة جداً في العالم الاسلامي ستذهب سدى.
طلب أوباما من: حماس الاعتراف بإسرائيل. نبذ العنف (المقاومة المسلحة)، ومن بينها إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية أليست دفاعا عن النفس فلسطينيا. ثم القبول باتفاقيات السلام الموقعة بين السلطة الفلسطينية المنتهية و المنحلة إذ انها سلطة فاقدة السلطة والسيادة على ارض لا أمن لها ولا حدود وإسرائيل الدولة وليدة زنا المدللة من قبل المجتمع الدولي الموهوم.
مقابل الانسحاب الكامل من غزة مشروط بإيقاف إطلاق الصواريخ. مع احتفاظ إسرائيل بحقها الكامل في الدفاع عن نفسها ثم فتح المعابر لإدخال المساعدات لسكان غزة، على أن تخضع هذه المعابر لآلية مراقبة "مناسبة" يشارك فيها المجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية...
مع بدء "عهد جديد" من الزعامة الأمريكية لأول رئيس أمريكي أسود من أصول إفريقية ومسلمة باراك حسين أوباما تتواصل فيه محاربة "التطرف والإرهاب" طلب من مصر الاستمرار في دورهاالحامي لحدود العدو الصهيوني قصد تحقيق الاستسلام الدائم، وذلك بعد أن شكر أوباما القاهرة على جهودها في التوصل للهدنة الحالية، والتي أدت لوقف الحرب بعد 22 يوما من اندلاعها واستخدام خبرتها الاستخباراتية و زعامتها الانبطاحية بوضع أسسا لسلام دائم بالمنطقة، ووقف تهريب الأسلحة إلى غزة ومحاصرتها إقتصاديا.
كما طلب من الدول العربية دعم السلطة الفلسطينية بقيادة رئيسها محمود عباس المنتهية ولايته، ورئيس وزرائه سلام فياض المكلف مؤقتا بتسيير الاعمال الذي ليس له شرعية من لدن المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب. الالتزام بالمبادرة العربية للسلام التي تدعو لتوقيع اتفاق إستسلام شامل من كافة الدول العربية لصالح إسرائيل. المساعدة على تحويل حلم قيام الدولتين إسرائيل العظمى وفلسطين المقزّمة إلى واقع. القيام بخطوات إقامة علاقات مع إسرائيل. محاربة التطرف "الذي يهدد الجميع"، ووقف الدعم المقدم لمنظمات المقاومة"المتطرفة".
وكتب الأمير الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات السعودية، في مقال نشره موقع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية يوم الجمعة 24 جانفي 2009 على شبكة الإنترنت قال فيه: "إن إسرائيل أوشكت على قتل احتمالات السلام بهجومها على قطاع غزة، وإذا لم تتخذ الحكومة الأمريكية الجديدة خطوات فعالة لمنع مزيد من المعاناة والقتل للفلسطينيين فإن عملية السلام والعلاقات الأمريكية السعودية واستقرار المنطقة ككل في خطر"، واتهم واشنطن بأنها "ساهمت في قتل الأبرياء في غزة".
واعتبر الأمير السعودي أنه "إذا أرادت الولايات المتحدة الاستمرار في أداء دور قيادي في الشرق الأوسط والمحافظة على تحالفاتها الاإستراتيجية، ولا سيما علاقتها مع السعودية، فإنه يتعين عليها أن تعدل تعديلا جذرياً من سياساتها تجاه إسرائيل وفلسطين".
كما عيّن اوباما مهندس السلام بأيرلندا الشمالية.. صاحب التقرير الشهير الذي حمل اسمه في 2001، والذي طالب الاحتلال الإسرائيلي بتجميد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة..
"الرجل المتوازن.. غير المنحاز للإسرائيليين أو الفلسطينيين". هكذا يوصف الدبلوماسي المخضرم جورج ج.ميتشل (75 عاما) الذي عينه الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما مبوعثا للسلام في الشرق الأوسط، والذي أجمع الخبراء أن أوباما بتعيينه في هذا المنصب يبعث رسالة مفادها: "أنا مستعد لحل القضية الفلسطينية".
يأتي هذا التعيين في الوقت الذي رأى فيه محلل إسرائيلي أن ميتشل سيكون "مشكلة تواجه أي حكومة يمينية إسرائيلية قد تفرزها الانتخابات القادمة.. وسيجعلها تشعر أن واشنطن لم تعد بيتها، بعكس ما تشعر به حكومتا شارون وأولمرت.. كما أن حكومة أولمرت لا تعتبره صديقا".
وهكذا يشعر المسلمون بالغضب حيال الولايات المتحدة الامريكية وإدارتها بشكل خاص بسبب الحروب التي قادتها في العراق وأفغانستان وإنشاء معتقل جوانتانامو والذى يحتجز فيه المئات من المشتبه في انتمائاتهم الاسلامية دون محاكمة والانتهاكات التي تتم بداخله .
و نحن نحيي يجري صمود غزة المدهش والأسطوري ومهما تكن نتائج المفاوضات والمتفاوضين و المتآمرين على الشعب الفلسطيني عموماً وبشعب غزة خصوصاً. لكن الأهم سيبقى في أن غزة قد دحضت النظريات الأميركية في إسقاط القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني من خارطة الصراع.
ومرة جديدة ينبض قلب مئات آلاف المدنيين في العالم العربي وكل العالم، مع أطفال فلسطين ومع مقاوميها ومع صمودهما البطولي في وجه آلة الموت الاسرائيلية - الأميركية. هذه غزة عنوان عزّة وعنوان صمود وبقاء، وتلك أنظمة عربية مصفّحة ضد أحلام المواطن، كما السكك الحديدية منذ عشرات السنين ممّدة في نفس المواضع.. هذه غزة تذبح من البر والبحر والسماء، وتلك جيوش عربية نراها مدجّجة بالعتاد والسلاح، أثناء المظاهرات والمسيرات وأثناء التظاهر، وثكنات مزروعة في الإحياء والقرى والمدن والأرياف والمزارع، وعساكر وضباط ونياشين ونجوم ذهبية مرصّعة على الأكتاف، وكليات حربية وخططا عسكرية وأسلحة عصرية وطائرات ودبابات منذ عشرات السنوات رابضة في نفس الأماكن..
وبديهي أنه في خضم هذه الملحمة التي دامت استمرت 23 يوما على التوالي، سقط جزء كبير من حاجز الكراهية والانقسام الذي جهد الأميركيون لإقامته بين الفلسطينيين، وبين الأمة الاسلامية من السنّة والشيعة وغيرهم وبين الحقائق والحقوق من جهة، والمزاعم والأوهام من جهة ثانية.
حسب الدكتور جيمس زغبي و هو رئيس المعهد العربي الامريكي أنه ليس هناك من حل سوى تماجد الدولتين جنبا الى جنب .كما يعتقد الدكتور ويليام كوانت وهو مهندس السلام في كامب ديفد فهو يرى أنه ليس أمام الرئيس الأمريكي الا إحياء فكرة حل الدولتين لانه لا يوجد بديل آخر و أن الديملوماسية هي فن الممكن للوصول الى خل سلمي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي. أما البروفسور آلون بن مائير الاستاذ بجامعة نيويورك يرى ان الرئيس أوباما يمكنه إظهار ما يسمى بالودّ الصارم.
ففي الوقت الذي تظهر إدارة الرئيس أوباما الالتزام بالأمن القومي يشدد على ضرورة إنهاء الاحتلال الاسرائيلي و المضي في طريق حلّ الدولتين بالتخلي عن 99 بالمائة من الضفة الغربية و قطاع غزة بأكمله من اجل توفير مقومات الحياة لدولة فلسطينية لها مقومات الحياة إقتصاديا و سياسيا وأمنيا متصلة جغرافيا و هي تعيش في أمن وسلام الى جانب دولة إسرائيل.
يعتقد الدكتور ويليام كوانت، مهندس عملية السلام المصرية الإسرائيلية في كامب ديفيد، بأن الظرف التاريخي الذي وصل فيه أوباما لسدّة الرئاسة والمِصداقية التي يتمتّع بها بين الأمريكيين وفي أنحاء العالم، تمنحه القوّة على الوفاء بما وعد به، ولكن هناك عوامِل تعترض سبيله، حتى لو صدقت نيّته في السعي لتحقيق هدف تسوية سلمية تقوم على فِكرة دولتين على أرض فلسطين التاريخية:"تمكّنت إسرائيل خلال عشَرات السِّنين من توسيع نِطاق المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، بحيث لم يعُد هناك الكثير من الأرض التي يُمكن التَّفاوض عليها لإقامة دولة فلسطينية لها مقوِّمات البَقاء والاتِّصال الجغرافي، وسيصعُب تكريس الأمر الواقع من أي جهود أمريكية لتحقيق حلّ الدولتين، لأن ذلك سيقتضي ترحيل حوالي مائة وخمسين ألف مستوطن يهودي إلى داخل إسرائيل، وهو أمر يصعُب على حكومات إسرائيل الائتلافية الهشّة النهوض به، وسيزداد الأمر صعوبة إذا جاءت الانتخابات الإسرائيلية بَعد قُرابة أسبوعين برئيس وزراء يميني متشدّد، مثل بنيامين نتانياهو، ومما يزيد الطِّين بلّة، هو تراجُع التأييد الشعبي، على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لفكرة الحلّ السِّلمي القائم على تنازُلات متبادَلة، خاصة بعد الحرب الأخيرة في غزة".
ويتّفق البروفيسور بن مائير مع الدكتور كوانت في الصعوبات العملية التي ستواجه التخلّي عن أراضي الضفّة، التي تعُجّ بالمستوطنين، ولكنه يقول:"نعم، هناك صعوبات جمّة تتعلّق بانسحاب عدد قد يصل إلى مائة وخمسين ألف مستوطن يهودي من الضفة الغربية، ولكن هذا أمر وارِد إذا صدقت النَّوايا وتوفّرت الزعامة القوية على الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، وإذا أظهر أوباما قُدرته على استخدام الودّ الصّارم مع إسرائيل".
وخلص بن مائير إلى أنه بوسع أوباما مُمارسة قدر ملائِم من الضّغط على إسرائيل، لإقناع الإسرائيليين بأن الوقت قد حان لاتِّخاذ القرارات الصَّعبة والتاريخية، لكي يتمكَّنوا من العَيش في سلام في الشرق الأوسط. ولا يشعُر البروفيسور بن مائير بأن سيناريو وصول نتانياهو لمنصِب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يحتِّم تراجُع قُدرة أوباما على تحقيق هدف حلّ الدولتين، ويسترجع من الماضي حقيقة أن مناحم بيجين، اليميني المتشدد، هو الذي وافق على التخلّي عن سيناء مُقابل السلام مع مصر، وأن اليميني المتشدّد آرييل شارون، هو الذي أدرك ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من غزّة، وحتى لو فاز نتانياهو، فلن يقْوى على تشكيل حكومة ائتلافية، بدون حزب العمل وحزب كاديما، المساندَيْن للمُضي قدُما في عملية السلام.
أمام هذا العدوان الغاشم على غزة رمز العزة والعفة والصدق والصمود يتمنى نازي صهيوني جديد أن تستخدم تل أبيب السلاح النووي لإبادة غزة وشعبها، على غرار ما فعلته الإدارة الأميركية في الاستخدام المجرم وغير المبرّر للقنبلة الذرية ضد كل من «هيروشيما» و«ناكازاكي» في اليابان عام 1945!
إنّه ليس مجرّد حلم من جانب فاشي صغيربل هو ثمرة مشروع صهيوني بات أخطر اليوم، بعدما أصبح مشروعاً أميركيّاً متكاملاً يشارك فيه أيضاً «عرب الاعتدال» ممّن بلغ بهم التواطؤ حدّ الشراكة في الجريمة لا مجرّد السكوت عن ارتكابها!
لكن حلم ليبرمان في إبادة شعب فلسطين لن يكون أكثر من نوايا شريرة، لن تلبث أن تسقط وبأبشع صورة ومصير أمام براءة أطفال غزة وبطولات شعبها . إن المظاهرات والمسيرات المليونية التي خرجت على مدى الأسابيع الفارطة، ما كان لها أن تتم لولا الحاضنة الإسلامية والإنسانية القوية التي يعيش وسطها الشعب والقضية الفلسطينية العادلة ، مظاهرات عبّرت عن سخطها وكفرها بالأنظمة العربية والإسلامية أكثر ممّا عبرت عن تأييدها لأهل غزة ، فالمتظاهرون صبّوا جام غضبهم على أنظمة عربية وإسلامية تتفاخر بلعب دور الوسيط .
بارجة فرنسية الى قطاع غزة : في الوقت الذي لازال فيه سكان قطاع غزة يلملمون جراحهم وفي الوقت الذي تكرٌس فيه كل قوى الخير والسلام جهودها لاغاثة السكان المدنيين وفك الحصار الجائرعنهم، أقدمت فرنسا على إرسال بارجة حربية الى المنطقة معززة بمروحيات لمنع ما أسمته تهريب السلاح الى قطاع غزة.
كنا نأمل ان ترسل فرنسا بواخر محملة بالمؤن والمواد الاغاثية والأدوية لسكان يعانون ويلات الحصار والعدوان و ها هي تسترجع الموقع الاستعماري التي كانت عليه سابقا لتنتصر للمعتدي وهي خطوة في الاتجاه المعاكس لما يجب ان يخضع له المعتدي من مساءلة على جرائمه ضد الأنسانية و استعماله للأسلحة المحرمة دوليا ضد المدنيين العزل.
و إننا نعتبر هذا القرار انخراطا بعد الوقت من جانب الحكومة الفرنسية في سياسة المحافظين الجدد التي لم تلاق الا الفشل الذريع في المنطقة . ونطالبها بالعدول عنه وتجنب استفزاز مشاعر العرب والمسلمين في هذا الظرف بالذات وهي التي تعد ما يقارب الستة ملايين من المسلمين على أراضيها.
إن الأنظمة العربية التي شاخت من زمن، ما عادت ترى ولا تسمع، سوى مصالحها الشخصية وتاريخ القمم التي بدأت منذ عام 1946بانعقاد قمة أنشاص الطارئة لمناصرة القضية الفلسطينية، وتوقفت القمة العربية عشر سنوات تقريبًا لِتُعْقَدَ قمة بيروت الطارئة عام 56 لِدَعْمِ مصر ضد العدوان الثلاثي، وبعد 12 عامًا عُقِدَتْ قمة الخرطوم عام 67؛ حيث دعتْ إلى إزالة آثار العدوان الصهيوني بعد ما عُرف ب"النكسة"، واللاءات الثلاث، وهي: لا صلح، ولا تفاوض مع الكيان الصهيوني، ولا اعتراف به.
وجاءت قمة الجزائر التي عُقِدَتْ في نوفمبر من عام 73 عقب انتصار السادس من أكتوبر ، ثم "قمة بغداد"- عام 78- والتي كانت بداية ظهور الانقسام العربي؛ حيث علَّقت القمة عضوية مصر، وتم مقاطعتها بعد توقيعها اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وتم نقل مقر الجامعة العربية من مصر، وبعد 11 عاما عادتْ مصر إلى عضوية الجامعة العربية.
ومن القمم المثيرة قمة القاهرة عام 90، التي أدانت العدوان العراقي على الكويت، وأكدتْ سيادة الكويت، وشجبت التهديدات العراقية للدول الخليجية؛ حيث وصف المراقبون القمة بأنها جاءت بضوءٍ أَخْضَرَ من البيت الأبيض.
وتستمر قمم الخذلان العربية منذ التسعينات، مُوَاصِلَةً قراراتها الداعمة على الورق- فقط- للقضية الفلسطينية، حتى جاء المشهد العربي المنقسم بين قمة الرياض و قمة الدوحة في الدوحة، والقمة التشاورية على هامش القمة الاقتصادية في الكويت؛ لتضيع قضايا الوطن العربي، وتصاب القضية الفلسطينية بالخذلان.
خطة أمريكية لدعم عباس : ذكر مسئولون أمريكيون من الادارة السابقة أن الولايات المتحدة تأمل في استخدام إعادة الإعمار في غزة لمساعدة السلطة الفلسطينية على استعادة حضورها ونفوذها فيما أسموه "معقل حركة حماس". وقال مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لم يذكر اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية إن "الولايات المتحدة تدرس سبل استخدام إعادة الإعمار في قطاع غزة في دعم الرئيس عباس".
وأضاف "لا نريد بالتأكيد أن تستفيد حماس من برنامج إعادة الإعمار ولا نريد أن يذهب أي جزء من هذه الأموال إلى حماس أو عبرها".
ظلم ذوي القربى أشد مرارة : ذكرت مصادر صحفية أن السلطات المصرية استدعت القيادات الأمنية الفارة من قطاع غزة ومن حركة فتح والمتواجدة في مصر والأردن وفي الضفة الغربية ودعتهم للحضور إلى القاهرة من أجل التنسيق حول ما يجب اتخاذه للسيطرة على الوضع في قطاع غزة عند انهيار سلطة حماس.
كما طالب سياسيون ونشطاء حقوقيون ومساجين سياسيون سابقين بتونس السلطة الفلسطينية في رام الله بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين في سجون الضفة الغربية. وقال الموقعون على هذه العريضة "إننا لا نرى أي مبرر لسجن المقاومين بالتزامن مع العدوان الصهيوني وفي ظل حاجة الوطن لكل أبنائه". مضيفين "إنّ سبق معايشتنا لظلم الاعتقال الجائر وظلمة الزنازين يدفعنا لمناشدة جميع إخوتنا الفلسطينيين أن لا يضيفوا لظلم العدو.. ظلم ذوي القربى".
ووزّعت العريضة المذكورة في مواقع تونسية على شبكة الانترنيت ووقّع عليها قياديون ونشطاء من حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والحزب الديمقراطي التقدمي ومحامون ومدافعون عن حقوق الإنسان.
نقلت مصادر فلسطينية عن أن ياسر عبد ربه أمين سرّ اللّجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير، مساعد الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس انتقد في لقاء مغلق مع صحفيين وقف العدوان الإسرائيلي "دون تحقيق أهدافه"، معتبرا ذلك "خطأ كبيرا"، وأن "بقاء حماس في السلطة حتى الآن هو أمر سيئ لنا جميعاً".
كما كشف عبد ربه أن "قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله قررت اتخاذ إجراءات قاسية جداً لإحباط أي محاولة من حماس لإثارة اضطرابات في الضفة الغربية"، متابعاً: "لا مكان لزعران حماس في الضفة الغربية، ولن نسمح بأن تحوّل الضفة إلى جمهورية إسلامية أخرى".
وقال مراقبون إن وعيد عبد ربّه تجسّد فعلا بقيام أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بحملة اعتقالات في أوساط أنصار حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ومناصريهما في الضفة. وقالت ذات المصادر إن عبد ربه وافق على نشر تصريحاته مع عدم ذكر اسمه والاكتفاء بالإشارة إليه بأنه "مسؤول فلسطيني رفيع المستوى"، ما أثار استغراب الصحفيين الحاضرين.
وعلّق متابع للشأن الفلسطيني ب"أن عبد ربه كان في كلامه هذا ينطق باسم طرف سياسي انحسرت شعبيته بعد أن كان خسر الانتخابات التشريعية في 2005، وجاءت نهاية 2008 دون الظفر بوعد بوش بخصوص الدولة الفلسطينية، لتُفْقده آخر ما تبقى له من مصداقية وتُبَيّن خسران نهجه التفاوضي دون الاستناد إلى أي من عناصر القوة، ثم جاءت أحداث غزة لتنحره سياسيا".
وأضاف "طبيعي أن يأسف عبد ربّه على وقف العدوان لأن بنهايته تبخّرت آخر آمال له في القضاء على حماس". وسجّلت أطراف فلسطينية سيل التصريحات التي أصدرها ياسر عبد ربه بالذات بمجرّد توقّف العدوان مباشرة ومبادرته إلى اتهام حماس باغتيال نشطاء من فتح خلال الهجوم الإسرائيلي ومصادرتها أسلحة لمقاومين من الحركة. وعزت ذلك إلى كون عبد ربه "هو المخوّل من قبل سلطة عباس بمعاضدة حملة عربية أشمل مقررة من أطراف في "محور الاعتدال العربي"، لحرمان حركة حماس من استثمار صمودها وانتصارها سياسيا".
وأفاد المصدر أن من بين هؤلاء رشيد أبو شباك والمشهراوي وأبو الزعيم المقيم في القاهرة. وكشف عن أن بعض هذه العناصر ستتوجه إلى مدينة العريش بإيعاز من مصر للبقاء هناك ومتابعة الأحداث.
كما ذكرت هذه المصادر أن دحلان أجرى اتصالا مع أحد كبار المسؤولين في المخابرات العامة المصرية لينقل رسالة إلى عمر سليمان مفادها أنه أجرى اتصالات مع مسؤولين في الولايات المتحدة ومع بريطانيا وفرنسا وكذلك مع مدير المخابرات الأردنية ، وأنه على استعداد للقيام بمبادرة لإنقاذ قطاع غزة. دحلان وصل سراً إلى القاهرة بعد جولة قام بها في إحدى الدول الأوروبية، وقد رفض مقابلة الصحفيين لكنه أبلغ مسؤولاً أمنياً مصرياً أنه يتوقع أن يشهد القطاع حالة من الفوضى وأن تخرج الناس إلى الشوارع لإسقاط سلطة حماس.
وأكدت المصادر حدوث لقاء سري جمع قائد كتيبة "كركيل" التابعة لجيش الاحتلال الصهيوني مع عدد من ضباط المخابرات الحربية المصرية العاملين عند معبر كرم أبو سالم بهدف التنسيق بين الوحدات العسكرية الصهيونية والجانب المصري أثناء العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش العدو ضد قطاع غزة.
كما اكدت مصادر فلسطينية يوم الاحد 25 جانفي 2009 على تفاقم الصراع داخل حركة 'فتح' على خلفية الحرب الاسرائيلية التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة وموقف الحركة والسلطة من تلك الحرب. اذ اقدم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح هاني الحسن على اصدار بيان صحافي وجه فيه انتقادات حادة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وهنئ حركة حماس بانتصارها في قطاع . وقالت المصادر ان اللجنة المركزية منقسمة الى معسكرين.
وان معسكر المرحوم ياسرعرفات الذي يضم هاني الحسن وفاروق القدومي واحمد قريع وغيرهم من اعضاء المركزية يطالب بالتعامل مع حركة حماس على قاعدة انتصارها في صد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، في حين يرفض معسكر عباس ذلك المطلب الامر الذي دفع بالحسن لاخراج الصراع داخل اللجنة المركزية للعلن، ومنتقدا اداء السلطة وحكومة تسيير الاعمال برئاسة الدكتور سلام فياض خلال الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة. كما اشار هاني الحسن من عمان الى أن السلطة وحكومتها 'لم ترسل مساعدات إلى أهالي قطاع غزة، وإلى المقاومة الفلسطينية التي تصدت للعدوان'. وشدد الحسن على ان حكومة تسيير الاعمال برام الله غير شرعية، مطالبا السلطة باحتضان المقاومة لتحرير فلسطين، ومهنئا 'حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في تصديها للعدوان والنصر الذي حققته في دحر الاحتلال الصهيوني عن قطاع غزة'. وأن لا خيار 'أمامنا سوى المقاومة للدفاع عن شعبنا وأرضنا'، منتقداً سياسة عباس وفياض 'بالاستمرار في المفاوضات مع العدو الصهيوني' والتي وصفها 'بالعبثية التي لا تحقق شيئاً لشعبنا سوى التراجع والتنازل عن حقوقه التي لن تعود إلا بالمقاومة والتصدي لهذا العدو الغاصب'.
ووجه الحسن في بيان صحافي التحية إلى أجنحة المقاومة التي تصدت للعدوان، متمنياً لهم التوفيق في الحفاظ على الجبهة الداخلية والحفاظ على سلامة الشعب الفلسطيني من أي عدوان قد يقع عليه. وجاء بيان الحسن المنتقد للسلطة في ظل تزايد الاصوات المنتقدة لادائها خلال الحرب الاسرائيلية على غزة.
قمة الكويت و المصالحة العربية : غزة تذبح على قارعة الطريق، أمام معالي السيادة والفخامة والجلالة والسمو، وأصحاب القصور والمناصب.. هذه غزة وأولك أطفال صغار غزة يتحدّون أزيز الطائرات وأمطار القنابل، ويحرقون أمام الشاشات وعلى مرأى من هدير المدافع، مناشير الاستسلام والتآمر.. وعبّر الرئيس حسني مبارك عن ذلك بكل وضوح في لقائه مع ساركوزي "إنه في كل الأحوال ما ينبغي لحماس أن تخرج منتصرة". كما عبرت عنه ليفني إذ قالت: إن المعركة ليست بين الفلسطينيين وإسرائيل ولا بين هذه والعرب وإنما هي بين معسكر الاعتدال ومعسكر الإرهاب بقيادة حماس.
فكيف يمكن قراءة مشاركة خالد مشعل وقادة فصائل المقاومة الأخرى في قمة الدوحة في مقابل مشاركة أبو مازن في قمة الكويت بعد رفضه المشاركة إلى جانب مشعل في قمة الدوحة، وفي ظل رفض تيار برلماني وشعبي كويتي دعوة أبو مازن إلى قمة الكويت لتواطئه مع إسرائيل ضد أهله في غزة؟
كيف يمكن قراءة تحركات ليفني العصبية التي هرعت بالذهاب إلى واشنطن للإستنجاد في آواخر أيام إدارة بوش لتوقيع مذكرة تفاهم أمريكية إسرائيلية لضمان منع تهريب السلاح إلى غزة من خلال إيران وعبر مصر؟
أليس هذا اعترافا إسرائيليا بالفشل عسكريا و بالحاجة إلى مزيد من التقييد للقدرة العسكرية، بعد أن فشلت الآلة العسكرية في تصفية الوجود العسكري والسياسي للمقاومة الاسلامية حماس و من معها؟
كيف يمكن قراءة تصريحات ليفني وأولمرت عن رفض التفاوض مع حماس وعن رفض العدو الصهيوني أن تدير حماس إعادة إعمار غزة؟ ألا يكون هذا دليل إضافي على أن المقاومة الاسلامية ما زالت متمكّنة من الساحة ، وتمثل طرفا سياسيا فاعلا و أساسي في حسابات ما بعد الحرب؟
كيف نقرأ تصريحات متتالية لأردوغان داعيا خلال الحرب وما بعدها الداعي لعدم محاربة شرعية حماس؛ لأنها فازت بواسطة انتخابات ديمقراطية، والداعي إلى ضرورة إيصال صوتها إلى المحافل الدولية. ولقد سبق ان قال طيب أردوغان - في حوار أجرته معه صحيفة الحياة اللندنية ونشرته يوم الأحد 25 جانفي 2009 أن الدول العربية والإسلامية بحاجة إلى السلام فيما بينها أكثر منه مع إسرائيل، مضيفا أنهم الآن بحاجة إلى وقفة مع النفس وتحقيق الوحدة، فهم الآن غير متصالحين مع بعضهم حتى في هذه الفترة التي يجب أن يقفوا خلالها موقفا موحدا تجاه قضية غزة.
وأشار أردوغان إلى أن جامعة الدول العربية منقسمة على نفسها، وفشلت فى عقد قمة عربية طارئة لبحث العدوان الذي تعرضت له غزة، كما هو حال منظمة المؤتمر الإسلامي التي عجزت هي الأخرى عن ترتيب قمة لها في هذه الأزمة فى موقف غير مفهوم أو مبرر، على حد قوله. وعقدت مجموعات من الزعماء العرب ثلاث قمم تشاورية خلال الأسبوع الأخير للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهي تحركات سلطت الضوء على انقساماتهم.
إن البعض من القادة العرب مع الاسف الشديد تمنوا انتصار إسرائيل في الحرب التي خاضتها ضد قطاع غزة رمز العزة والكرامة الإسلامية، انهم ليسوا سوى "عباد الكراسي" ولكن الحق انتصر، وأن العبرة من النهاية ونتائج هذه الحرب المدمرة على فلسطين وماغزة إلا جزء لا يتجزء منها إذ أن ما يهم بعض الحكام العرب هو العرش الجالسين عليه الذي يعبدونه من دون الله، ومن أجل ذلك يؤيدون الصهاينة ويمدون أيديهم بالتأييد لإسرائيل، ولا يؤيدون إخوانهم في غزة .
المصلحة المشتركة بين مصر و حماس : إن مصر التي كبلت نفسها باتفاقية كامب ديفيد، واتفاقية المعابرلسنة 2005 هذه الاتفاقية لم يقع إقراراها من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني، وقد انتهت صلوحيتها عام 2006، وأنه ما كان ينبغي على مصر أن تجعل نفسها إلى جانب الاحتلال الصهيوني، فالمعابر ينبغي أن تكون مفتوحة أمام حركة العباد والبضائع. إذ أن السلوك المصري ترك انطباعا سلبيا لدى المصريين، خاصة وأن فتح المعابر ليس له علاقة بالمخاوف المصرية من هجرة الفلسطينيين إلى سيناء. إذ أن تساهل مصر مع إسرائيل في قضية فتح المعابرمن الجانب الاسرائيلي هو الذي نقل مشكلة قطاع غزة إلى معبر رفح، وجعل مصر موضع اتهامات ومزايدات كثيرة.
والعجيب أن ما حدث خلال الحرب هو عودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة، كما لا توجد أي صعوبات اقتصادية قد يسببها فتح المعابر، فالعكس هو الصحيح؛ حيث إنه يحقق مكاسب اقتصادية جمة للمصريين، والفلسطينيون أعلنوا استعدادهم لشراء كل ما يحتاجونه من غاز وماء وغذاء بالمال، علاوة على أن هذه الحركة تنشط ميناءي العريش والإسكندرية بدلا من الموانئ الإسرائيلية. و من ثمّ فإن الموقف المصري من عدم فتح معبر رفع المصري غير سليم، سواء من الناحية القانونية أو العملية.
إن هؤلاء الحكام الذين خذلوا اخوانهم في غزة لم يصلوا للحكم عبر الانتخابات فهم في واد وشعوبهم في واد آخر، فإننا ندعوهم أن يتقوا الله في شعوبهم و يتذكروا أن دوام الحال من المحال وليتذكروا يوم يلاقوا ربهم وبما هم مجيبون يوم القيامة. وهؤلاء الحكام الذين أرادوا أن تفشل حماس باءوا بخزيهم وماتوا بغيظهم، كما قال الله عز وجل في سورة آل عمران : {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (آل عمران - 119).
إن التّحدّي الأكبر الذي ينتظر المقاومة في فلسطين المحتلة حتّى تنتصر على العدوان العسكريّ ولو بقدر في حربها المفروضة عليها ليس بعيد المنال، إلاّ أنّه لا بدّ لها أن تحقّق انتصارا أكبر وثباتا أعظم على العدوان السّياسي العالمي الذي يحاك حولها بعد 21 يوما من حرب قذرة لم تحقّق أهدافها، فالصّمود الصّمود الصّمود، وإنّكم على ذلك بعون الله تعالى بعونه لقادرون. نسأل الله لنا ولهم الثّبات و التمكين.
باريس في 2 فيفري 2009
عبد السّلام بوشداخ - أحد مؤسسي الحركة الاسلامية بتونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.