يطرح الأجل المحدد لاجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة صعوبات سياسية عديدة تتجاوز الحسم القانوني في المسألة. فهل سيكون لقاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالأحزاب السياسية غدا مدخلا الى إيجاد حلول توافقية تذلل الصعوبات؟ تونس «الشروق»: وعلى اثر وفاة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم 25 جويلية الجاري وتسلم محمد الناصر مسؤولية القائم بمهام رئيس الجمهورية فإن فترة توليه مهام رئاسة الجمهورية وفقا للفصل 84 من الدستور أدناها 45 يوما وأقصاها 90 يوما بما يعني أن نهاية هذه الفترة وفقا للآجال الدستورية ستكون يوم 21 أكتوبر القادم. وهو الأجل الذي يتوجب فيه دستوريا أن يكون لتونس رئيس منتخب. تحديات لهيئة الانتخابات وتبعا لهذا المستجد الاستثنائي اجتمع مجلس هيئة الانتخابات يوم الخميس الماضي. ودرس 4 فرضيات لإجراء الانتخابات الرئاسية تراوحت بين 8 سبتمبر و 15 سبتمبر و22 سبتمبر و 29 سبتمبر. حيث تم استبعاد الفرضيتين الأخيرتين لكونهما يخرقان الآجال الدستورية اذا ماتم اللجوء الى دورة ثانية واستحال تقديمها الى يوم 8 سبتمبر نظرا الى ان هذا الخيار يستوجب فتح باب الترشحات للانتخابات الرئاسية اليوم الاثنين فتم وفق هذا المعطى إقرار يوم 15 سبتمبر موعدا للانتخابات الرئاسية المبكرة. من الناحية القانونية فإن موعد 15 سبتمبر لاجراء الانتخابات الرئاسية وفق عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي في تصريحه ل››الشروق››هو أقل المواعيد تأثيرا في الروزنامة الانتخابية وهو لا يخلو من صعوبات لاسيما أن يوم الصمت الانتخابي للانتخابات الرئاسية يتزامن مع الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية. وأوضح البرينصي أن هناك من طالب بإجراء الانتخابات التشريعية و الرئاسية بشكل متزامن في هذا الظرف الاستثنائي وذلك غير ممكن لاسيما ان الديمقراطية التونسية في طور الانتقال ومن حق الناخبين حرية الاختيار لافتا النظرالى أن موعد 15 سبتمبر لاجراء الانتخابات الرئاسية هو الاكثر منطقية. حيث من المرجح أن تتم مراجعة الروزنامة التشريعية بما يتلاءم مع اجرائها دون تداخل مع الموعد الدستوري وذلك اثر اللقاء المبرمج مع الاحزاب السياسية يوم غد الثلاثاء. صعوبات سياسية واذ تبدو من الناحية القانونية عملية اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد (15 سبتمبر) منطقية الى حد ما ،اذا ماتم اختصار آجال الطعون واصدار بعض الاوامر الترتيبية فإن الاستقراء السياسي لها يطرح العديد من الصعوبات. فعلى ضوء الروزنامة الجديدة يكون تاريخ 2 أوت القادم (بعد 4 ايام من اليوم) هو مفتتح ايداع ترشحات الانتخابات الرئاسية التي تغلق فترها يوم 9 أوت القادم طارحا على المترشحين تحديات سياسية جمة ابرزها جمع التزكيات . حيث يقضي القانون الانتخابي في فصله 41 على كل مترشح بجمع تزكية 10 اعضاء من مجلس نواب الشعب أو 10 آلاف تزكية من الناخبين المرسمين والموزعين على الاقل على 10 دوائر انتخابية. حيث لا يقل عدد المزكين في كل دائرة عن 500 ناخب مزكي او تزكية 40 رئيس بلدية علاوة على تأمين مبلغ 10 آلاف دينار في الخزينة العامة لا تسترجع الا في حال الحصول على 3 في المائة على الاقل من الاصوات المصرح بها. وصعوبة جمع التزكيات الشعبية تفرض أمرا واقعا يتعين معه ترشيد الترشحات للانتخابات الرئاسية بناء على توافقات سياسية واسعة مفترضة تقضي بتقديم أقل ترشحات ممكنة لشخصيات تحظى بتوافقات واسعة داخل المشهد السياسي، غير أن هذا المعطى لم تتضح معالمه بعد في علاقة بعدم استقرار المشهد السياسي وعدم قيام تحالفات سياسية واضحة قبل الانتخابات غير أن هذا الطرح السياسي يصطدم بأمر دستوري يضبط آجالا من المستوجب احترامها. وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي و الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في مجمل تصريحه ل››الشروق›› أن أغلب المترشحين هم اساسا منضوون في اللعبة الديمقراطية وعلى علم مسبق بمختلف الاكراهات الدستورية المحتمل وقوعها. حيث أن التشكيلات السياسية والمستقلين أعدوا العدة في رأيه لهذا الموعد وما من صعوبة تنتظرهم في التنافس الانتخابي على رئاسة الجمهورية. وتابع العبيدي بالقول إنه لو تم الشغور النهائي في منصب رئاسة الجمهورية في منتصف العهدة الرئاسية لكانت الامور سيئة نظرا الى ان مختلف التشكيلات السياسية ليست مهيأة منطقيا لخوض انتخابات رئاسية مبكرة أما ان يقع تقديم موعدها من 17 نوفمبر الى 15 سبتمبر فليس في ذلك صعوبات كبرى طالما انه من المفترض بالمترشحين أن يكونوا قد استعدوا جيدا لهذه المنافسة. وفي المحصلة مهما كان حجم الصعوبات السياسية التي يمكن ان يتعلل بها المترشحون فإن الاطار الدستوري حدد الآجال بدقة. ولم يتبق للمترشحين سوى احترامها تبعا لهذا الظرف الاستثنائي لانجاح مسار الانتقال الديمقراطي. فهل يفرض هذا الواقع الاستثنائي على التشكيلات السياسية توافقات جديدة ؟ 15 سبتمبر موعد نهائي للرئاسية أوضح نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أن اللقاء الذي سيجمعهم بالاحزاب غدا سيكوaن مناسبة لاطلاعهم على الروزنامة الانتخابية الجديدة التي وقع تضمين موعد الانتخابات الرئاسية فيها يوم 15 سبتمبر القادم وفرصة لتوضيح إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية استعدادا لفترة قبول الترشحات التي ستكون وفق الرزنامة بداية من 2 إلى 9 أوت ، مذكرا بأن الهيئة قد نشرت نماذج للتزكيات الشعبية وتزكيات نواب مجلس الشعب ورؤساء البلديات على الموقع الالكتروني للهيئة.