دراسة تكشف...الفوضى ... ثقافة مرورية في تونس !    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    اتحاد الفلاحة: لوبيات القطاع سيطروا على الميدان    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    صفاقس: الشركة الجهوية للنقل تتسلم 10 حافلات مزدوجة جديدة    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    حالة الطقس اليوم الجمعة    فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد في الانتخابات الرئاسية    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    النظر في مقترح العفو في جرائم الشيك دون رصيد    أولا وأخيرا...شباك خالية    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قصص العشاق .. فيروز وعاصي الرحباني : الحب...الحلم... والإنكسار!
نشر في الشروق يوم 04 - 08 - 2018

ما أروع فيروز !وما أروع أغانيها !وما أعذب صوتها !وما أجمل قصة حبها رغم نهايتها التراجيدية...فلقد كانت العلاقة بينها وبين عاصي الرحباني مثل التراجيديا الإغريقية !
وفيروز هي أيقونة الغناء العربي ومطربة لبنانية ذائعة الصيت...بلا منازع !
ولقد ساهمت بالتعاون مع الأخوين الرحباني في إحداث ثورة كبيرة في الموسيقى العربية... وما زالت أغانيها تحتل المراتب الأولى في مختلف بلدان الوطن العربي.
ويمتد إرث فيروز الموسيقي إلى أكثر من 800 أغنية وتبقى إطلالاتها الأهم في مهرجان بعلبك الدولي ومهرجان دمشق الدولي علامة فارقة في مسيرتها ومسيرة هذه المهرجانات، ولقد أدَّت فيروز أيضاً على مسارح تونس و نيو يورك وسان فرانسيسكو وباريس ولندن ومونتريال...و بصمتها في التاريخ الموسيقي والمجتمعات العربية أكسبها لقبها الشهير "السفيرة إلى النجوم".
ومع فيروز وعاصي الرحباني نحط الرحال اليوم ...لننبش في قصة حب وعمل وحلم وإنكسار مؤلمة الأطوار... لقد كان عاصي هو كل الدنيا لفيروز، لقد عرفت الشهرة عبرهُ، وعرفت أيضًا الحب عبره، كان حبهما يفوق ما نعرفه، إلى حُب التفاصيل..وإليكم الظلال والتفاصيل.... !
* البداية
عاصي الرحباني، الذي خرج للدنيا في 4 ماي 1923، هو واحد من ثنائية «الأخوين رحباني» مع أخيه منصور، وزوج الفنانة فيروز، واللذيّن لازما بعضهما عملًا، وحُبًّا، وزواجًا.
يقول أحد القريبين من الرحابنة عن فيروز – بحسب صحيفة الشرق الأوسط- «لها شخصية مزاجية وطبع قاس. ليست سهلة المراس، لكنها كانت صبورة وطيعة جدا مع زوجها عاصي، خاصة حين يتعلق الأمر بالعمل والغناء.
هنا كانت فيروز تسلس قيادتها للرجل الذي عمل على نحت موهبتها، وجعل منها أيقونة في أعين جمهورها، ليس فقط بالعمل على الصوت والأداء، ولكن بتحديد كيفية ظهورها، ومتى تتكلم أو تحتجب».
لم يكن ذلك يتم بتعمدٍ من عاصي ولكن بطريقة عفوية، فهو كان المسؤول عن كل شيء، وصناعة تلك النجمة كان يقع على عاتقه، يصفه ذلك القريب أن «له شخصية صعبة ومولعة بإتقان التفاصيل لذلك فكل الذين يعملون معه، ومنهم فيروز، كان عليهم تحمله. لكن على فيروز كان يقع العبء الأكبر، لأنها النجمة الأولى في الأعمال التي كان يقدمها الأخوان رحباني. ومن هنا جاءت قسوته معها».
في نهاية السبعينيات، وعندما وصلت نجومية فيروز إلى أوجّها بدأت تتمرّد على عاصي، وأصبحت لها آراءها الفنيّة، حتى أنها بدأت تقوم بأشياء يرفضها عاصي، ذاك الذي كانت تُسلم له كل صغيرة وكبيرة تتعلق بها، لكن حدث ما كان بمثابة إنذارٍ بقرب النهاية.
* النهاية
بدأ الفصل الأخير من حياته في عام 1972، عندما أصيب بنزيفِ دماغي، وكان يتم حينها التحضير لمسرحية «المحطة»، وبمرض عاصي، غاب رُكن التلحين في المسرحية، لذا سنحت الفرصة أمام الابن زياد الصغير ذي ال 17 عامًا حينها، للتلحين من كلمات عمه منصور، فكانت «سألوني الناس» بصوت فيروز، والتي جسدت حالة مرض عاصي وغيابه لأول مرةٍ عن عملٍ لهما في مقطع «ولأول مرّة ما بنكون سوا».
بعد فترة من الخلافات، وصل الزوجان إلى قرار الانفصال، وبالفعل انفصلت فيروز عن عاصي في 1978، وعاش عاصي المريض في رعاية بعض أقربائه، وكانت تلك هي نهاية عبق الرحابنة في أغاني فيروز، بدأت بعدها رحلة الابن زياد في تولي مهام التلحين لوالدته، لكنها غنت بين المرحلتين لعدد من الكتاب والملحنين بينهم زكي نصيف وفليمون وهبي، لكن النقاد يصفون مرحلة زياد، بأنها بعثت الحيوية مرة أخرى إلى فيروز، وأخرجت تلك المرأة الحرة المتمردة، الأكثر صلابة في مواجهة الرجل، وكانت أقدر على مواكبة الجيل الجديد الذي ما كان ليسمع أغاني فيروز مع الرحابنة بنفس الشغف.
في 21 جوان 1986، كانت آخر سطور في حياة عاصي، عندما وافته المنيّة، وغاب عن العالم، وألحانه، وفيروز.
لكن الفراغ الذي سببه لفيروز كان أكبر من خلافاتهما والانفصال ، لقد كان عاصي ببساطةٍ كل شيءٍ لفيروز.
تقول في حوارٍ تلفزي : «يمكن لما مرض عاصي، بلشّت أحس بإشيا كتيرة، مش كلها بقدر قولها، وبهالطريق بلشّت أحس بالخوف أكتر، فيه كذا خوف يعني، فيه الخوف من أنه لما بيقدم الواحد عمل جديد، أنه يحبه الناس، هيدا طبيعي، وبعدين الطريق اللي مشيت فيه بعدين لما مرض عاصي، صرت أحس بخوف عليّ وعلى حالي وعلى شغلنا».
وفي حفلٍ لفيروز بعد موت عاصي، كانت تُغني أغنية «سألوني الناس» مرة أخرى، ويُقال إنه عندما وصلت لمقطع «بيعز عليِّ أغني يا حبيبي، ولأول مرّة ما بنكون سوا» بكت فيروز، رُبما كان عاصي ملازمًا لها بروحه في كل أغانيها، أو رُبما لأن تلك الأغنية خاصة كانت له، لكن سخرية القدر جعلت منها واقعًا.
وتضيف تقول: «غيابه تعبني، وحسسني بكل الإشيا اللي كان حملها عني، شي أكيد، وأنا كل ما أغني بمطرح، أكيد بيكون هو موجود، موجود مش بس بالغنيّة موجود شخصُه، وبفتكر يعني أني عم بعمُل إشيا متل ما هو بيحبها» ثُم صمتت قليلًا محاولة قتل دمعةٍ وجدت الطريق لجفنيها، لكنها غلبت كبرياء فيروز وغالبتها، فبكت.
كان عاصي هو كل الدنيا لفيروز، عرفت الشهرة عبرهُ، وعرفت أيضًا الحب عبره، كان حبهما يفوق ما نعرفه، إلى حُب التفاصيل، حتى في حُزنه الصعب كما تقول هي «حزن عاصي أكبر من مرضه وأخطر»، لكنها تعود وتقول: «لا رجل له دمعة بجمال دمعة عاصي»، حتى أن حبها كبر ليشمل ما يحب هو أيضًا تقول في فيلم «كانت حكاية» الذي يحكي حياتهما «حبيت صور عاصي ومطارحه، دخلت علي وما عاد فيي اطلع منها، صارت هيي عالمي. كانت حياته قصيرة، بس ملياني شغل وتعب، ما كان يرتاح لا ليل ولا نهار، زيارته عَ الدني كانت قصيرة زرع جمال، تركلنا جمال كتير وفلّ بكير».
مؤكد أن موت عاصي سبب كسرًا داخل روح فيروز لا يُمكن جبره، لأنها ما عرفت الحزن إلا بعده، تقول «الإنسان لما بيشوف حلم عم يتحقق وفجأةً بينكسر هالحلم، بيحزن، وشي بداخله بينزف، وما بيوقف.. عاصي هو اللي كان، وبعدو ما راح يكون.. عيلتنا متل التراجيديا الإغريقية، الفرح فيها شي موقت، والحزن والألم هو الأساس، وفرحنا الموقت كان الحلم. والحزن كان الحقيقة. بس ما كنت أعرف هالشي.. ما كنت أعرف إنه الإنسان إذا ضحك، راح يبكي ألف دمعة مقابل هالضحكة».
وصدق نزار قباني حين قال عن عاصي الرحباني : «هو الذي شجَّعنا على أن نذهب لمواعيدنا، فذهبنا.. وهو الذي علمنا أن نكتُبَ على ضفائرَ حبيباتنا، فكتبنا».
نعم هكذا قال نزار عن عاصي في قصيدة كتبها عنه ...من لسانِ «قبّاني» إلى روْحِ «رحباني»، ، وصدق في ما قال، فلقد عزف لنا عاصي الحب على لسان فيروزته، سيدة ألحانه، وقلبه معًا.
... ورغم كل الأحزان...فإن صوت فيروز سيبقى ذلك الصوت الممتلئ بالدفء والحنان !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.