تونس الشروق : حالة الاستثراء الواسع التي عاشتها عائلات بن علي والطرابلسي والماطري وشيبوب مازالت تكشف خيوطها وملابساتها، حالة مسّت كل القطاعات والميادين والمجالات دون استثناء أو تمييز. قطاع الاتصالات والاعلامية والذي تقول الدولة في عهد بن علي إنها وفّرت له مزايا عديدة لم يسلم هو الآخر من اجتياح «العائلة الحاكمة»، وتقدّم «الشروق» اليوم صورة عن هذا «الاجتياح» في انتظار انكشاف حقائق أخرى. السيد ساسي جرجير أحد المختصين في قطاع الاعلامية، جاء ل «الشروق» محملا بوثائق ومستندات تؤكّد تعرّض مؤسسته الخاصة الى عملية تحيّل «مُدهشة» تورّط فيها بالتزييف والخداع والتهديد كل من صهر الرئيس السابق بن علي (محمد صخر الماطري) ووالده المنصف الماطري، كما قدّم السيد جرجير معطيات هامة جدا عن سياسة منظمة أشرف عليها كل من «المنجي صفرة» (مستشار الشؤون الاقتصادية للرئيس السابق) والوزير ور.م.ع. اتصالات تونس سابقا «منتصر وايلي». وحيث تثبت المستندات التي تم تقديمها بعد الى القضاء أنه وقع تأسيس شركة «Solas et Mathieu» (شركة ذات مسؤولية محدودة) وأن السيد جرجير مُساهم في هذه الشركة بنسبة 50٪ الى جانب مساهمين آخرين هم أساسا منصف الماطري (وليس محمد صخر الماطري). ومن الوثائق المقدّمة فقد تم لاحقا اجبار المعني تحت الضغوطات والتهديد على بيع الحصص التي يمتلكها الى فهد محمد صخر الماطري وذلك بمقتضى عقد إحالة حصص مؤرّخ بتاريخ 14 جوان 2003 ومعرّف بالامضاء بتاريخ 15 ماي 1997 والحال أن الشريك هو والد صخر الماطري (منصف الماطري). امضاء عقد بيع غير قانوني تحت التهديد ولم يتضمن عقد الاحالة (وهو غير قانوني) بتاتا لثمن البيع وهو ما يتعارض مع ركن أساسي لعقد البيع وهو تحديد الثمن، كما لم يقع تسليم المعني (أي السيد ساسي جرجير) أي مقابل نظير تفويته في خصصه وأجبر على السكوت عن حقّه تحت طائلة الغضب والتهديد. تلاعب وضغوطات ومن غرائب هذا الملف ان صخر الماطري لم يكن مكتسبا لصفة الشريك عند ابرام عقد الاحالة باعتبار أن الشركاء هم ساسي جرجير ومحمد المنصف الماطري وحياة التارزي (شقيقة المنصف) ويقول السيد سامي جرجير انه اضطرّ الى امضاء العقد (غير القانوني) تحت طائلة التهديد والاكراه حيث أن الماطري استغل علاقة المصاهرة التي تجمعه برئيس الدولة السابق لتهديده بالانتقام منه والاعتداء عليه وعلى عائلته واخراجه من الشركة بالقوّة إذا لم يُمض على العقد المشار إليه. ومن المنتظر أن يعالج القضاء هذا الملف بما فيه من تحايل على القانون وتدليس الوثائق والتهديد. تقصي الحقائق وفساد غريب الى جانب ذلك، صرّح الرئيس السابق للغرفة الوطنية للاعلامية أنه تقدم بنص شكاية الى رئيس لجنة تقصي الحقائق في الفساد والرشوة عارضا جملة من الوقائع التي تثبت تورّط منتصر والي (بصفته الوزارية وبصفته على رأس اتصالات تونس) والمنجي صفرة (بصفته مستشارا لدى الرئيس السابق مكلفا بالشؤون الاقتصادية) في خدمة أصهار الرئيس بن علي متجاوزين بذلك الضوابط القانونية للصفقات العمومية. يقول السيد ساسي جرجير: «بعد خبرة بعشر سنوات في قطاع الاعلامية بعثت سنة 1984 شركة تحت اسم الشركة العالمية للاعلامية وكانت من أولى الشركات المختصة في بيع معدات الاعلامية وصناعة البرمجيات. وفي سنة 1996، تم انتخابي رئيسا للغرفة الوطنية للاعلامية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة. وفي سنة 1997 تم بعث كتابة الدولة للاعلامية، وكنا تعاملنا مع أول كاتب دولة السيد محمد بن أحمد بكل شفافية ونظمنا في هاته الفترة منتدى دولي لصناعة البرمجيات والشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. ويواصل: «بعد سنة تم تعيين السيد منتصر وايلي ولم نكن نعلم انه يخدم مصالح خاصة لأقارب الرئيس السابق وأول قرار أخذه بعث خلية لمتابعة الصفقات ومراقبة توريد المعدات الاعلامية وأصبح «يصول ويجول» ومتع أصدقاءه بأغلب الصفقات العمومية وبصفتي رئيسا للغرفة الوطنية للاعلامية لم أكن موافقا على هاته التجاوزات وتمت انذاك مراقبتي مراقبة اقتصادية عميقة من طرف فريق كونه منتصر وايلي ويظم ممثلين عن وزارة التجارة ووزارة الصناعة وكتابة الدولة للاعلامية والديوانة التونسية وذلك بشهادة السيد منذر الزنايدي الذي لم يكن موافقا على هذه التجاوزات. وسنة 1999 تم بعث البرنامج 21 21 لتكوين أصحاب الشهائد العليا في ميدان الاعلامية وللتصرف بطريقته الخاصة ولمصالحه الخاصة وذلك بشهادة المدير السابق للمركز الوطني للاعلامية (عبد المجيد ميلاد) الذي تمت اقالته واقالة منتصر وايلي لكن تم تعيينه سفيرا بايطاليا». ويضيف المعني في معرض مراسلته للجنة تقصي الحقائق «سنة 2002 رجع مرة أخرى كاتب دولة للاعلامية، ورجعت حليمة الى عادتها القديمة وهاته المرة بتجاوزات أخرى وذلك بتجميع شراء البرمجيات وتمت التجاوزات حتى في بنود كراس الشروط وذلك بشهادة المدير العام السابق للبنك التونسي الاماراتي (الشاذلي عيسى) الذي كان يرأس لجنة الفرز وكنت مشاركا في طلب العروض هذا مع شركة فرنسية لها خبرة طويلة وجهزت الاتحاد الدولي للبنوك والتجاري بنك وتعهد المدير العام لهاته الشركة الفرنسية Delta Bank ببعث شركة في تونس وتصنيع البرمجيات البنكية ببلادنا وتشغيل 50 مجازا في الاعلامية ولكن منتصر وايلي تدخل بجميع نفوذه وأهدى الصفقة لأصحابه سليم زروق ومنذر بن عياد الذين ليست لهم أي تجربة في صناعة منظومات البنوك والدليل وأنه الى يومنا هذا جميع هاته البنوك تعاني صعوبات كبيرة والشركة التي أمثلها انتصبت في المغرب وتشغل الآن أكثر من 120 مهندس اعلامية وخبراء في قطاع البنوك». ويتساءل صاحب العريضة: «هل يمكن تشغيل شبابنا أصحاب الشهائد العليا بهاته التجاوزات لمصالح شخصية؟». قمّة المعلومات ويقول المعني: «في سنة 2005 تمت عدة تجاوزات لاعداد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات أعلنتها خلال اجتماعات لجنة القطاع الخاص وكانت هذه اللجنة يرأسها صديقه منذر بن عياد فكان منه عندما شاركت في طلب عروض دولي بوزارة التربية القومية (عدد 7028/24) لشراء معدات اعلامية وكان عرضي الافضل بشهادة السيدة فريال الباجي المدير العام السابقة بوزارة التربية لكنه تدخل عن طريق اللجنة العليا للصفقات وحذف عرضي وكنت كاتبت الرئيس السابق بن علي عن طريق المسؤول السابق للاعلامية بالقصر الرئاسي (كريم الشتيوي) ولكن تعرض منجي صفرة ولم تصل الرسالة الى المعني بالأمر (تجدون نسخة من هاته الرسالة بتاريخ 14 جويلية 2005). ومن بين التجاوزات وباقتراح من منتصر وايلي تقرر أيضا سنة 2005 تجميع شراء الحواسيب وآلات الطباعة لجميع الوزارات والمؤسسات العمومية والغاية منها منافسة أخرى غير شريفة لتنفيع صديقه منذر بن عياد بأكبر عدد ممكن من الحواسيب ناهيك وأن هذا الطلب للعروض يتمتع به العشر الشركات الاولى على 700 شركة بالجمهورية التونسية وبهاته الطريقة تمر الآن أغلب الشركات بصعوبات كبرى وسببها الرئيسي قرارات منتصر وايلي. مواجهة شرسة ويذكر السيد جرجير أنه ومن بين تجاوزات منتصر وايلي غير المباشرة مشروع بعث منظومة للتصرف في المستشفيات: قمت بشراكة مع عدة مهندسين وخبراء مختصين في قطاع الصحة وصممنا برمجيات بأحدث التقنيات وتوصلنا لبيعها بالمستشفيات القابونية (Gabon) بشراكة مع شركة تونسية مختصة في تصدير البرمجيات (www.ginformatique.com) وأصبحت هاته المنظومة مفخرة للذكاء التونسي في الخارج لكن لا يمكن تصديرها لدول افريقية أخرى الا عندما تكون موجودة بالمستشفيات التونسية واقترحت على السيد منذر الزنايدي وضعها مجانا بالمستشفى الجديد ببن عروس ووافق لكن المدير العام لمركز الاعلامية بوزارة الصحة (صديق منتصر وايلي) تعرض بطريقة شرسة لأنه يدافع على منظومة موردة من اسبانيا INDRA ممثلة بتونس من طرف بلحسن الطرابلسي وبسعر خيالي. وينتهي السيد ساسي جرجير بالقول: «آخر تجاوزات منتصر وايلي سنة 2006 عند انتخاب وتجديد الغرف والجامعات بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة إذ تم انتخابي بالاجماع رئيسا للغرفة الوطنية للاعلامية وكان طلب المهنيين رآستي للجامعة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات لكن طلب من منتصر وايلي اتصل الهادي الجيلاني بجميع رؤساء الغرف وأجبرهم على عدم انتخابي ومنذ ذلك التاريخ قدمت استقالتي وابتعدت نهائيا عن هاته المنظمة».