أصيب نحو 13 شخصا عصر الثلاثاء الماضي بينهم أطفال وشبان وكهول وعريس في ليلة زفافه بجروح متفاوتة الخطورة استوجبت الاحتفاظ ببعضهم على ذمة الرعاية الطبية، إثر اصطدام بين سيارة تقل عريسا (أجنبية) وسيارة نقل ريفي وذلك على مستوى الطريق الفاصلة بين القيروان ونصر اللّه قرب طريق رقادة. وقد تدخل أعوان الاسعاف لنقل الجرحى بمن فيهم العريس الذي تواصلت إقامته تحت العناية الطبية هو وثلاثة من أقاربه بينما تولى أعوان حرس المرور التحقيق في حيثيات الحادث. وحسب المعطيات الأولية التي استقتها «الشروق» من بعض الأقارب ومن مصادر مطلعة فإن العريس الشاب (في العقد الثالث) يعمل ويقيم بالخارج عاد مؤخرا الى مسقط رأسه بإحدى قرى منطقة عبيدة (جنوبالقيروان) لإتمام إجراءات زفافه المقرر مساء أول أمس الثلاثاء. وفي الوقت الذي توجهت فيه العروس الى «الحلاقة»، استعدادا لليلة العمر، توجه العريس ظهرا على متن سيارته نحو «الحمام» بمدينة القيروان في انتظار أن يمرّ على العروس ليصحبها الى حفل الزفاف. في الأثناء رغبت فتاتان (في العقد الثاني) ووالدتهما وطفلة (15 سنة) من الحاضرين بمنزل والديه التوجه برفقته الى منازلهن بمدينة القيروان قصد الاستعداد للحفل. بعد مغادرته المنزل في اتجاه المدينة وعلى مشارف منطقة رقادة (نحو 10 كلم جنوبالقيروان) وبينما كان العريس يسير وسط الحقول الخضراء يمني النفس بليلته السعيدة، فاجأته سيارة نقل ريفي قادمة في الاتجاه المقابل متجهة جنوبالمدينة وتقل تسعة ركاب بينهم السائق. وذكر شهود عيان أنه وقع تصادم بين سيارة النقل الريفي وسيارة العريس مما أدى الى إصابة جميع ركاب العربتين بجروح متفاوتة الخطورة أشدها خطورة كانت لدى العريس وأقاربه. وقد تدخلت سيارات الاسعاف لنقل الجرحى الى وحدة مستشفى الأغالبة للجراحة والاستعجالي حيث تمّ تقديم الاسعافات الأولية للجرحى والاحتفاظ بالعريس الذي أصيب بكسور وإصابات طفيفة على مستوى رأسه وقريباته بينهما اثنتان في حالة حرجة وتمّ توزيعهم على أقسام مختلفة من المستشفى والاحتفاظ بهم تحت العناية المركزة بينما سمح لبقية المصابين بمغادرة المستشفى بعد تمتعهم بالاسعافات والكشوفات الطبية. أقارب العريس وعوض التحول الى قاعة الأفراح فقد تحولوا الى المستشفى للاطمئنان على ابنهم الذي وجد نفسه في قسم جراحة العظام. وذكر بعض الأقارب أن العروس انقطعت عن عمليات التزيين لدى «الحلاقة» وتوجهت لزيارة عريسها في المستشفى والاطمئنان على صحته على أمل مواصلة مراسم الزفاف في وقت لاحق بعد تعافي المصابين. وقد سحب الحادث علامات الفرح والبهجة من العروسين والأقارب و«قلبها الى بكاء وقلق». وقد تدخل أعوان المرور لإجراء التحقيقات اللازمة لتحديد ملابسات الحادث ومسؤوليته كل طرف. نزيف متواصل... هل من حلول؟ حادث سيارة العريس يأتي في سياق سلسلة حوادث المرور التي وصفت بالكارثية نظرا لنتائجها الوخيمة وخسائرها البشرية، فهذا الحادث الذي ومن حسن الحظ لم تسجل فيه حالات وفيات يأتي ضمن سلسلة حوادث قاتلة راح ضحيتها في أسبوع واحد بولاية القيروان وحدها أكثر من 10 قتلى في أكثر من نقطة على طرقات ولاية تشهد تدفقا كبيرا للعربات يوميا نظرا لموقعها الاستراتيجي المنفتح على ست مداخل رئيسية تتدفق منها نحو 20 ألف عربة يوميا. ومن خلال نظرة متأنية لأسباب الحوادث تبدو السرعة المفرطة وعدم الالتزام بقواعد السير وعدم الانتباه أثناء السياقة بسبب حالات السكر على إيقاع حفلات الأعراس أو لأسباب أخرى، هي أبرز عناوين وأسباب الحوادث التي تكلف المجموعة الوطنية خسائر بشرية ومادية طائلة فضلا عن الفواجع والأحزان والتيتم. تكرّر الحوادث خصوصا على نفس الطريق وأهمها الباطن ورقادة يستدعي طرح التساؤلات عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة لهذه الكوارث التي تحتاج الى التشخيص المتأني والصريح للوصول الى الحلول، وذلك بمراجعة حالة الطرقات من حيث الجودة والاتساع، وتوزيع اشارات المرور ونصب الرادارات وإعادة توزيع الدوريات المرورية من جهة وتكثيف الحملات التحسيسية عبر مختلف الوسائل الاعلامية المباشرة والوسائطية (التلفزة خصوصا). وهذا العمل يجب أن تضطلع به الجمعيات المرورية ومرصد المرور فضلا عن تدخل السلط الجهوية والوطنية لتحسين بنية الطرقات وتنظيم لقاءات منتظمة مع الأطراف المتدخلة من الحماية المدنية والمرور الى (حرس وشرطة) والتجهيز والجمعيات والبلدية لتدارس مسألة المرور بشكل موسع سعيا الى تقليص عدد ضحايا حوادث المرور المتواترة وذلك تكريسا لمجهودات الدولة انطلاقا من «العطلة الآمنة» التي تحتاج الى تفعيل يومي «من أجل حماية المواطن» وعدم الاقتصار على يوم الافتتاح ثم انتظار النتائج بعد شهرين.. النزيف متواصل على الطريق.. لا بد من حلول.