انتظمت بالمركب الثقافي «أسد بن الفرات» بالقيروان مساء السبت 16 جانفي 2010، ندوة ثقافية بعنوان «نشاط ثقافي جهوي متعدد الالوان» أدار حوارها الاستاذ صلاح الدين بوجاه بحضور عشرات الوجوه من النخب بالجهة الثقافية بينهم الشعراء والمسرحيون والسينمائيون وجماعة الحفاظ على التراث وذلك تحت إشراف مندوبية الثقافة والمحافظة على التراث. حضور الوجوه الثقافية فعاليات الندوة كان مناسبة لتشريح جسد الثقافة المعلول بعاصمة الثقافة الاسلامية. وقد تطرق المتدخلون الى عديد المسائل العالقة وبحث سبل تطويقها داعين الى تطوير القطاع الثقافي وضرورة تجاوز المشاكل العالقة بما يساعد على تحسين «الوجه» الثقافي القيرواني. الدكتور صلاح الدين بوجاه الذي دعي لتنشيط الندوة الحوارية، بيّن في مستهل اللقاء أن التظاهرة تأتي في إطار الاستشارة الثقافية الموسعة التي تفسح مجالا لتقديم الاقتراحات والاضافات، مؤكدا على أهميتها باعتبارها من أدوات الديمقراطية، موضحا أن هدف اللقاء هو إثارة جملة من القضايا سيتم تدوينها ثم رفعها الى المجلس الوطني. الاستاذ والشاعر محمد الغزي أكد تواصل الحاضر الثقافي لمدينة القيروان مع موروثها ودعا الى مزيد العناية بالجوانب الثقافية الاخرى من التراث الذي ظلت القيروان تطوره وتنميه على امتداد العصور وهو تراث الصنائع والحرف، مشيرا في ذات الصدد الى أهمية المتاحف الاثرية لاحتوائها عديد النفائس التي يمكن أن تكون منابع تثقيف ومصدر معرفة. كما نوه الغزي من جهة ثانية بدور السياحة الثقافية وضرورة تفعيلها مؤكدا أن القيروان من المدن العربية الاسلامية القليلة التي حافظت على ملامحها القديمة ويمكن أن توظف توظيفا ذكيا يمكنها من أداء دورها ضمن الحركية السياحية في تونس الحديثة مقترحا تدويل بعض المهرجانات ودعم ميزانياتها. وفي ما يخص قطاع المسرح، دعا بعض المشاركين الى ضرورة الاسراع ببعث مركز الفنون الدرامية نظرا للخدمات الجمة التي سيضطلع بها في مجال الابداع في النشر والتوثيق وإذابة معوقات انطلاقه. الاستثمار الثقافي والدعم تدخل مندوبية الجهة في الانتاج المسرحي بالدعم وبالحضور ودعم مهرجان المسرح الحديث ليتحول الى مهرجان دولي وتحويل المركب الثقافي الى مركز ثقافي دولي ودعم دور الثقافة بعدد أكبر من العروض المدعمة هي دفعة مهمة أخرى من المقترحات المتدفقة على المسؤولين الى جانب الدعوة الى تفعيل اللجان الثقافية وتشبيبها ووجوب اضطلاع اللجنة الثقافية الجهوية بدورها في استقطاب المثقفين وخلق لجان للتخطيط والبرمجة في مختلف الفنون. كما حثت أبرز الأصوات المتدخلة على تشجيع الاستثمار الخاص في الثقافة بالجهة والدعوة الى تفعيل الخوصصة باعتبارها خيارا وطنيا وبالتالي دعوة المندوبيات الجهوية الى تدعيم هذه الشركات بشراء انتاجها وإحداث جوائز للانتاج الثقافي تشجيعا للمنتجين والفنانين وقرن العمل الثقافي بالعمل الاقتصادي. وفي نقطة المتاحف والآثار أكد الحاضرون على مزيد التعريف بمتاحف القيروان والتشجيع على زيارتها وإنشاء متحف للتراث اللامادي واستغلال المدن الأثرية المحيطة بالقيروان ووضعها على الخارطة الأثرية كالحاجب وجلولة والوسلاتية وغيرها والقيام بحفريات لإخراج المعالم المدفونة كالفسقية المربعة بالنحاسين ومدينة صبرة المنصورية الدفينة وحماية تلك المعالم من الزحف العمراني العشوائي. انفتاح وتجديد الندوة دعت بالتوازي مع ذلك الى الارتقاء بالمكتبة العمومية الجهوية بالقيروان الى مكتبة عليا متخصصة و«استكمال انجاز خريطة المواقع الأثرية» و«استنباط متاحف جديدة». ولعلّ أهم مقترح هو إشاعة ثقافة التخطيط وثقافة التكريم (عوضا عن ثقافة التحطيم) حتى يستقيم أمر الثقافة في القيروان كما يرنو له المثقفون والمسؤولون... منذ عقود، خصوصا أن الفعل الثقافي تغيّرت أساليبه في وقت نشهد فيه زخما من المهرجانات والتظاهرات الثقافية دون تجديد ولا مواكبة حقيقية، كما أفاد السيد العلاني. السيد البشير التواتي مندوب الثقافة أكد من جانبه ان المندوبية منفتحة على كل الأسرة الثقافية بالقيروان مؤكدا سعيها في كامل ربوع الولاية الى دعم العمل الثقافي دون حساب ولا حسابات. كما لفت الانتباه الى غياب عديد الوجوه الثقافية، وهو ما أفاد بشأنه المندوب بأن 200 دعوة وقع توجيهها ولعل هذا الغياب يوازي الغياب عن المشهد الثقافي مع تقديم تعلات وافرة. نقد للذات وللآخر وحوارات بين المسؤول والمثقف من الحاضرين تواصوا خلالها على وضع اليد في اليد من اجل نسج خيوط العمل الثقافي أكثر والمساهمة الحقيقية في الرفع من صرح الثقافة الوطنية.