الإعلام الرياضي بين الإنارة والإثارة ذلك هو محور الندوة السنوية التي نظمها نادي الصحافة ببنزرت والتي تزامنت مع احتفال هذا النادي المتألق بالذكرى 15 لتأسيسه.. هذا الملتقى الاعلامي الهام الذي رعاه بالدعم والتشجيع الأستاذ محمد الحبيب براهم والي بنزرت مهّد لافتتاح أشغاله الزميل رشيد البكّاي رئيس النادي ومهندس الندوة بالقول: «ما هي الانارة؟ وما هي الإثارة ثم ما هو الدور الموكول للصحفي الرياضي في هذين المحورين؟ هل هو عمل يغذي ويرشد وينير الدروب ويثقف ويصارح ويصدع ويقوم ويخدم المعلومة الصحيحة والخبر اليقين؟ عمل لا يجامل ولا يعادي، ولا يناور ولا يقامر ولا يغامر، يرتقي بالرياضيين والمتابعين والقرّاء إلى درجة تعلو إلى مراتب النضج والشعور بالمسؤولية والترفّع عن الشوائب؟ أم هو عمل يحتوي على كل هذه المضامين لكنه لا يخلو «من التوابل والبهارات» التي تعطي للمنافسات الرياضية نكهتها الخاصة فيعمد إلى أساليب التشويق والتحميس وإلهاب المشاعر، وإلا، فأي معنى لصحافة رتيبة لا مجال فيها للتفاعلات والمطارحات الرياضية بين طرفين.. لكن هل من المعقول أن تجنح الأقلام أو المصادح إلى تحويل مقابلة ما إلى حرب شعواء. إثر هذا التمهيد تداول الزملاء الاعلاميين الكلمة مبرزين ان الانارة مطلوبة وضرورية في حدود معناها الحضاري، والاثارة واجب لا يمكن لصحافتنا التخلي عنه». الحوار أداره بأسلوب ذكيّ لا يخلو من الطرافة والجرأة الزميل منجي النصري فاستهله السيد أحمد بوغنيم ليذكر بمناقب إعلاميين رحلوا تركوا بصمات لا تمحى في عالم صاحبة الجلالة على غرار محمد بوغنيم، ونجيب الخطاب، وعبد الحميد رقاز، ومحمد المدب وحسن عطية هؤلاء غادرونا في السنوات الأخيرة تاركين اثارا نستنير على دربها في مسيرتنا الاعلامية. أما الزميل توفيق العبيدي فقد تطرّق للحديث عن المشاكسات في الاعلام الرياضي وقال أنها ضرورية ما لم تتجاوز الخطوط الحمراء، وذكر أن هناك ترابطا وثيقا بين الانارة والاثارة.. خليفة الجبالي أشاد بالدور الريادي لنادي الصحافة ببنزرت في تنظيمه لهذا الملتقى، وقال ان الاثارة تبقى جميلة ما لم تجانب الحقيقة ولا تضحك على أذقان الناس. السيد منصف المكشر أكد على ضرورة البحث عن الطرفة مبينا ان الامتناع عن التعليق مثلا هو تعليق في حدّ ذاته لأنه صمت ولكنه صمت بليغ. المكي الجريدي، قال ان الانارة والاثارة ضروريتان في الاعلام الرياضي وغياب احداهما كالحياة بلا ربيع أو العمر بلا شباب. جمال الكرماوي تساءل عن سبب هجر الجمهور، الملاعب داعيا إلى ضرورة توفر حد أدنى من التسامح والحرية لمصلحة الجميع، ولابد أن يتحرّر الاعلامي من الضغوطات كما عليه أن يتجنب اثارة الحساسيات الجهوية. ابراهيم خصومة بيّن ان الاشكالية أعمق من هذين المفهومين، والسؤال من ينير من؟ ومن يثير من؟ الحبيب هميمة أثار عددا من المواضيع كاحتجاب صحف رياضية أسبوعية، أو عدم مشاركة الصحفي الرياضي في القرارات وغياب النكهة عن البطولة الوطنية التي تنتهي يوم بدايتها. سعيد الأسود رئيس سابق للنادي البنزرتي قال إن رسالة الاعلام الرياضي هي إنارة المسؤول وإثارة المشكلات ولكن بمصداقية وموضوعية، ودون الخضوع إلى المحاباة والاملاءات.. أما الزميل رمزي الجباري فقد اثار قضايا متعددة يواجهها الصحفي الملتزم والمسؤول والذي يتخذ الانارة مبدأ ودليلا ومن النساء تحدثت السيدة آسيا كندارة رئيسة جمعية فتيات بنزرت لتشير إلى ما تحظى به بعض الرياضات من نصيب وافر من الاعلام الرياضي في حين تناضل جمعيات صغرى أخرى في ظل غياب إعلامي شبه كامل». **ختامها شعر وختامها كان شعرا وتكريما فالزميل المنجي النصري أبى إلا أن يحيّي المدينة التي احتضنت هذا التجمع الهام من أبرز الاعلاميين ببيت شعري جاء فيه: «بنزرت جئتك عاشقا وحبّك في دمي وباسم المعلقين ها أنّي أمدحك بلساني وقلمي» أما عنصر التكريم الذي أشرف عليه السيد منصف العبيدي معتمد بنزرت الشمالية رفقة الأستاذين عمر البجاوي عضو مجلس النواب وسعيد الطاهر الأسود عضو اللجنة المركزية للتجمع فقد شمل عددا من الاعلاميين واللاعبين القدامى، والمسيرين والمدربين في لحظات مؤثرة أعادت بذاكرة الحضور إلى السنوات الأولى من الاستقلال ففي تكريم المختار بن ناصف من أول التونسيين المحترفين بأوروبا وتحديدا بفريق نيس الفرنسي في أواخر الخمسينات ومدرب المنتخب الوطني في تلك الفترة ورغم عامل السن أبى إلا أن يواكب ملتقى بنزرت للاعلام الرياضي مرفوقا بالطبيب الرياضي سليم خذر دلالة على أن العمل الاعلامي والرياضي عضوان مترابطان. * مواكبة: فؤاد المحمدي