مقال رأي في خصوص موقع الصحفي بين اخلاقيّات المهنة والصّراع السّياسي بقلم : مداني المدني. أمر صعب للغاية أن يكون لك أصدقاء و أيضا أعداء في أطراف السلطة والإدارة ، وأيضا بين أكثر الشخصيات والتيارات المعارضة والمتصارعة من أجل تلك السلطة , و أنت مجرد صحفي ..! ورغم أنه في حقيقة الأمر يعد أحد أهم صفات نجاح العمل الصحفي ،إلا أنك ستكون مجبرا على اختيار و بعناية مفرطة المفردات التي ستستخدمها في وصف موقف ما أو قرار ما أو فكر ما، حتى لا تجرح مشاعر أصدقائك المقربين من جهة ! وتتفادى شراسة وعداوة المناوئين لك من الجهة المقابلة! ليبقى شعار " الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية" هو الراعي الرسمي لعالم السخافة والرداءة عندنا! شعار آخر يجب عليك الالتزام به , وهو في الحقيقة بحاجة إلى خطط إستراتجية وميدانية كعامل مهم في نجاحه! وأيضا ضبط النفس و وضع حزام الأمان من أجل ضمان بقائه! إنه " الاحترام المتبادل"! وهذا الأخير لا يحتاج لكل تلك القواعد إذا ما تعلق الخبر أو المقال بالمواطنين البسطاء أو الرأي العام! فالرأي العام له قاعدة أخرى في التعامل معه تعرف باسم " كور وأعطي للعور "! ففي حالة التعامل مع "الأعور " يمكن لك أن تكون مهاجماً ، مشوهاً ، مفبركاً لأي تاريخ، مزوراً لأي حقيقة ، مخالفا لأي قاعدة مهما كانت! حتى وإن كانت شرعية ! لأن المواطن لا يعرف شيئا ولم يفهم شيئا ولن يفعل ولا يريد ذلك ..! وسبحان الله كما أن المؤمن مرآة أخيه فإن الصحافة مرآة السلطة والشعب معا ..! وأحسن مثال على ذلك ما يحدث الآن بين وسائل الإعلام الجزائرية بالعموم .. والدي يعكس واقع الصدام المحتدم بين عدة تيارات سياسية و اجتماعية واقتصادية !والذي يبين .الدرجة المرموقة التي وصل لها إعلامنا اليوم ! مثلا إدارة جريدتي التي أكتب بها مغرمة ب "سلال " وحكومته وترى فيها بصيص أمل نجاة المركب التي تقلنا جميعا..! ورغم ذلك لا يراها وزير إعلامه جديرة ببعض الصفحات الاشهارية المدرة للمال كما يفعل وببذخ مع جرائد أخرى تمسح به وبحكومته الأرض مسحا ! لا تستغربوا إنها "حرية التصرف " أيضا..! ملاحظة : "التيارات الاقتصادية" سميتها كذلك لتطبيق إحدى قواعد الصحافة الجزائرية..! هناك من يعتقد أنها "مافيوية"..! والآن وبعد عناء طويل ومجهود جماعي شاق وصلنا " ولله الحمد على ما أنعم " إلى مرحلة لا يثق فيها القارئ في جريدته المفضلة لكنه يقتنيها..! و وصلنا أيضا بفضل "حرية التعبير" إلى الاستمرار في معاداة أي كان في ميدان الحرب السياسية دون الخوف من الخسائر مادية! فإذا ما عاقبتك السلطة باستعمال إشهار "البايلك" تستطيع أن تبيع خطك الإعلامي في رمشة عين! فالجزائر أصبحت في ظرف وجيز من بين الدول التي تضم عدد هائلا من الأثرياء في العالم ! وهم بأمس الحاجة إلى وسيلة جاهزة مكتوب على واجهتها " للبيع "! والخلاف الهادم أصبح وبفضل "الديمقراطية" أحد أهم الأسس في الممارسة الصحفية..! حتى كاد هؤلاء الأثرياء يعلنونها صراحة "هدم تكرم "..! وبفضل التسهيلات الكثيرة التي منت بها علينا الأجهزة الأمنية بمختلف تشكيلتها في إطار "المساهمة الجماعية "! أصبح بإمكان أي كان مهما كان مستواه التعليمي والثقافي والسياسي أن يكون صحفيا مرموقا..! فقط عليه بأحد الثلاث ..! إما أن يطالب بإسقاط النظام ولا يهم لصالح من يفعل ذلك أو لماذا يريد ذلك..! أو عليه بالمواضيع الأمنية !خصوصا الدقيقة منها كالجروح التي تصيب أمراء الجهاد في الصحاري..! أو تناول مواضع المجن والدعارة وفض غشاء البكارة..! وغير ذلك فإنك والله أعلم في عالم السخافة من الغابرين ..! ألا يحق لي أن أحتفل بعد كل هذا باليوم العالمي لحرية الصحافة ؟! خصوصا و أنا أشك أنني سأفعل ذلك مرة أخرى ..!؟