يتحدث الكثير من المختصين على ان منظومة الإعلام التونسي التي تشكلت في عهد بن علي تتطلب معجزة حقيقية من اجل إصلاحها ، لان تورطها في تثبيت حكم الطاغية لم يكن نتيجة تطفل وانتهازية تتخللها المصالح المتبادلة ويحكمها المد والجزر وإنما كانت نتيجة تطويع واستعمال رهيب ، وعملت منظومة بن علي ورأس حربتها وكالة الاتصال الخارجي على تجفيف منابع المصداقية من الساحة الإعلامية ، ويصعب ان لم يكن من المستحيل على صحفيين تربوا في ظل الخنوع والاستسلام التام امام جرائم بالجملة اقترفها النظام السابق ،اقتصادية وسياسة وثقافية ، في حق الإنسان وفي حق الأرض والمقدرات ، بمشاركة ومباركة هؤلاء يصعب عليهم أن يشكلوا المشهد الإعلامي بما يتماشى وثورة الحرية والكرامة . فعندما نشاهد كمية التحامل من صحفيين امثال معز بن غربية ونوفل الورتاني والغلظة الناشز الدخيلة على التقاليد الإعلامية تجاه كل الضيوف الذين يمتون لثورة 14 جانفي بصلة ، ثم نشاهد نعومتهم وسلاستهم وابتساماتهم وحفاوتهم بل وحيائهم الذي فاق حياء العذارى امام المخلوع بن علي وقيادات الثورة المضادة ، نقتنع بل ويقتنع كل تونسي حر يخشى على ثورته من المخاطر والانزلاق ان حاجة تونس الى البدائل الإعلامية باتت اليوم بمثابت حاجة الكائنات الى الماء والهواء.